زعيم «إخوان الجزائر» الجديد رجل معارض، يرفض المشاركة مع السلطة، ويتبنى طرح الخروج إلى المعارضة وممارسة الضغط على السلطة بالوسائل السلمية لتوسيع الحريات السياسية والمدنية. ففي أحدث انتخابات لحركة مجتمع السلم «إخوان الجزائر» تم اختيار الشكل الجديد للتعامل مع السلطة، حيث تغلب تيار المعارضة على تيار المشاركة في السلطة، وكأن هذا إنذار للسلطة وبداية لتقوية روح المعارضة في الشارع الجزائري. وأسفرت نتيجة انتخابات أكبر حزب إسلامي في الجزائر عن فوز عبد الرزاق مقري ب 165 صوتا على عبد الرحمن سعيدي رئيس مجلس الشورى ب 67 صوتا. معركة استقطاب وشهدت كواليس الانتخابات معركة استقطاب بين مرشحين بارزين هما عبدالرحمن سعيدي الذي يمثل مدرسة التعاون مع السلطة، وعبدالرزاق مقري الذي يرى أن «الوضع الطبيعي للحركة الوجود في المعارضة». وبعد عبد الرحمن سعيدي رئيس مجلس شورى الحركة وعبد الرزاق مقري نائب الرئيس لخلافة الشيخ أبو جرة سلطاني، فاز المقري بقيادة الحزب، وتمكن من إقناع 1400 مندوب يشاركون في المؤتمر الذي افتتح أشغاله الخميس الماضي، بالعاصمة الجزائرية واختتم أمس. وجاء أول تصريح لعبد الرزاق مقري بعد فوزه وكأنه بداية صريحة للصراع مع السلطة الجزائرية، حيث قال لموقع «العربية نت» :"إن الحركة حسمت موقفها في عدم المشاركة في الحكومة، بسبب إخلال السلطة في الجزائر بالتزاماتها بشان احترامنا رادة الشعب واطلاق الحريات السياسية والمدنية، وهذا لا يشجعنا على الاستمرار في خيار المشاركة". وبعد خسارة عبد الرحمن سعيدي، قال وكأنه ينذر الحزب من المساهمة في نزع الاستقرار من الجزائر، حيث قال ل«العربية نت» :"إن الحركة تتحمل مسئولية سياسية كبيرة في استقرار الجزائر، باعتبارها أكبر فصيل إسلامي في البلاد، وهو ما يستدعي منا طرح مواقفنا وخياراتنا بهدوء بعيدا عن أي انفعال سياسي". وفي الوقت الذي عرف مقري بالمعارضة القوية للسلطة كان عبد الرحمن سعدي يُعرف بأنه رجل مهادن، يدعمه تيار المشاركة والحفاظ على خط الحركة باتجاه دعم تواجدها في مؤسسات الدولة والانفتاح على السلطة والمشاركة في الحكومة. وشارك في مؤتمر الحركة الخامس نائب رئيس «حركة النهضة» التونسية عبدالفتاح مورو ورئيس «جبهة العمل الإسلامي» الأردنية حمزة منصور ورئيس «حزب التواصل» الموريتاني جميل منصور والداعية الموريتاني محمد الشهير حسن ولد الددو الذي كان وراء «الصلح» بين الحركة و»جبهة التغيير». كما حضر ممثلون عن حزب «العدالة والتنمية» وحركة «العدل والإحسان» المغربيين وحزب «السعادة» التركي و «العدالة والبناء» الليبي. ومن المقرر أن يتم فى وقت لاحق من مساء اليوم انتخاب رئيس مجلس شورى الحركة الجديد الذي يضم 244 صوتا والذي تم انتخاب أعضائه أمس بمشاركة 1400 عضو فى جميع الولاياتالجزائرية البالغة 48 ولاية . الحركة والسلطة وتشارك حركة مجتمع السلم المعروفة ب "حمس" في الحكومة منذ عام 1994، لكنها قررت في يونيو 2012 فك الارتباط مع السلطة وعدم المشاركة في الحكومة، احتجاجا على ظروف ونتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو 2012. وجاءت انتخابات الحركة في ظل ظروف داخلية صعبة، تتصل بالمتغيرات السياسية المتسارعة في البلاد، نتيجة تحول حركة مجتمع السلم من شريك في الحكومة إلى حزب معارض، ورهانات تعديل الدستور والانتخابات الرئاسية المقبلة في أبريل/نيسان 2014، إضافة إلى تداعيات مرض الرئيس بوتفليقة. وسعت الحركة في غضون ذلك إلى إعطاء زخم إعلامي وسياسي ضخم لمؤتمرها الخامس، حيث حضر المؤتمر عدة شخصيات سياسية ودعوية من قيادات أحزاب سياسية أجنبية، كالعدالة والتنمية من المغرب وحركة النهضة من تونس والعدالة والتنمية من تركيا، والأردن وسوريا، إضافة إلى شخصيات فكرية إسلامية تعيش في أمريكا وأوروبا . وكان المتحدث الإعلامي باسم الحركة فاروق أبو سراج الذهب صرح بأن الحركة تحاول خلال مؤتمرها المقبل تكريس صورة لحزب إسلامي وطني وديمقراطي، وكذا الاستمرار والصمود في خيار المعارضة الإيجابية الهادئة، وتجنب استعمال العنف تحت أي مبرر، والشراكة السياسية مع كل الأطراف الفاعلة في البلاد. وتحاول حركة مجتمع السلم إظهار انفتاح كبير في تعاطيها مع المجتمع السياسي والمدني في الجزائر، مستفيدة من رصيدها في المشاركة في الحكومة على مدار عقدين. إعفاء «سلطاني» وقال أبو جرة سلطانى الذي تولى قيادة الحركة عام 2003 بعد وفاة مؤسسها الراحل محفوظ نحناح ثم أعيد انتخابه فى مؤتمر نظمه العام 2008، في كلمة مطولة أخيرة له وزعت على الصحفيين: "ولئن كان إخواني شرفوني سنة 2003، برفعي فوق أكتافهم لأخدم وطني من موقع القيادة السياسية، فإنني ألتمس منهم اليوم إكرامي بإعفاء كامل أجد فيه فرصة أكبر أتفرغ فيها لأخدم ما هو أوسع من الحركة". وأضاف سلطاني: "أتحمل شخصياً المسئولية المعنوية كاملة عن كل ما حدث من سلبيات بين آب (أغسطس) 2003 ونيسان (أبريل) 2013 (المدة التي تقلد فيها منصب رئيس الحركة)، وجاهز للمساءلة والحساب أمام المؤتمر وأمام مؤسسات الحركة المخولة غداً". وبدا أن قرار سلطاني عدم الترشح لولاية أخرى أعفاه من «عتاب» المؤتمرين فيما يخص موجة الانشقاق الثلاثية التي شهدها الحزب في فترة قيادته، بعد أن فرخ حزب «جبهة التغيير» و «تجمع أمل الجزائر» و «حركة البناء الوطني». مقري في سطور وعبد الرزاق مقري (23 أكتوبر 1960) مفكر سياسي جزائري و برلماني سابق، ونائب رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية التي أسسها الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله الذي كان الأب الروحي لفكر الاخوان المسلمين داخل الجزائر. وهو كذلك مدير مركز البصيرة للبحوث والاستشارات والخدمات التعلّمية ، و يقال أن للدكتور عبد الرزاق مقري دور رئيسي في فك هذا الارتباط الذي استمر بين حمس و النظام لأكثر من 15 سنة. وهو في الأصل حامل لدكتوراه في الطب - مهنته الأصلية- و التي زاولها في مسقط رأسه - المسيلة – حتى عام 1997 ، العام الذي تم انتخابه فيه عضوا في البرلمان الجزائري والذي استمر فيه حتى 2007 رافضا اعادة الترشح مرة اخرى حسب ما صرح به في الصحف حينه. وخلال السنوات العشر من نيابته في البرلمان تقلد منصب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني و كذا رئيس الكتلة البرلمانية لحزبه. بعد خروجه من البرلمان برز أكثر كنائب لرئيس حركة مجتمع السلم وذلك بعد أن تم تجديد انتخابه في هذا المنصب لمدة خمس سنوات جديدة خلال المؤتمر الوطني للحركة سنة 2008. يعرف عنه في ولايته المسيلة أنه كان اماما خطيبا لصلوات الجمعة في عدة مساجد في الولاية خاصة نهاية الثمانيات و بداية التسعينات .. و قبل ذلك عرف بنشاطه الطلابي و الدعوي الكبير في ولايات الشرق الجزائري أيام دراسته الجامعية في مدينة سطيف، ضمن إطار ما سمي حينها في الجزائر بالصحوة الاسلامية. وبعد تأسيس حركة المجتمع الاسلامي حماس سنة 1991 (حمس لاحقا ) من قبل الشيخ محفوظ نحناح و رفيق دربه الشيخ محمد بوسليماني تم ضم الدكتور عبد الرزاق مقري الى المكتب التنفيذي الوطني للحركة و استمر فيه الى غاية وفاة الشيخ المؤسس ثم استمر فيه كذلك بعده كنائب لرئيس الحركة الذي خلف المؤسس - أبو جرة سلطاني . اما عن نشاط الدكتور الفكري و الثقافي فمن أبرز ذلك تاسيسه لمركز البصيرة للبحوث والاستشارات والخدمات التعليمية والذي يديره حاليا والدكتور هو مدير تحرير الدوريات المتخصصة و المحكّمة الصادرة عن المركز أيضا، و هي دراسات اقتصادية، دراسات استراتيجية، دراسات إسلامية، دراسات قانونية، دراسات اجتماعية، دراسات أدبية. أما عن نشاطه الدولي ، فان للدكتور مقري ظهور بارز في دعم القضية الفلسطينية وقد يكون أكثر المغاربيين نشاطا وتحركا في هذا الاتجاه وهو عضو في مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية التي يرأسها الشيخ يوسف القرضاوي كما أنه أمين عام فرع الجزائر . وقد كان من رواد أسطول الحرية الشهير الذي اعترضته القوات الاسرائيلية وقتلت عددا من ركابه ، ذكر بينهم الدكتور مقري وبعدها تم نفي الخبر . وبعد المنع الاسرائيلي لأسطول الحرية من دخول المياه الاقليمية لغزة ، سنحت للدكتور مقري فرص اخرى لدخول غزة أبرزها كان مع قافلة شريان الحياة 5 والتي ترأسها النائب البريطاني المناصر للقضايا العربية جورج غالاوي . وكان الدكتور خلال هذه القافلة رئيسا لوفد المغرب العربي ، وأيضا قافلة أميال من الابتسامات التي صادفت احتفال الفلسطينيين هناك بذكرى ربع قرن من انطلاقة حركة حماس و كذا الاحتفال بما اعتبرته حماس نصرا عسكريا في معركة حجارة السجيل (عمود السحاب - حسب التسمية الاسرائيلية ). وقد كرمه خلال احدى زياراته لغزة إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة بالجنسية الفلسطينية رفقة جميع المشاركين في أسطول الحرية نظير جهودهم في كسر الحصار عن غزة.