«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأكراد.. شعب عريق بلا دولة!
يتحدثون بلغة مختلفة ويتميزون بكرم الضيافة والبساطة
نشر في محيط يوم 25 - 04 - 2013

الأكراد شعب نشأ من رحم 4 بلدان هي العراق وإيران وتركيا وسوريا، لكنهم أمة كبيرة بلا دولة، تسعى بكل ما أوتيت من قوة كي تأخذ حقها في أن تصبح دولة معترف بها ولها حقوق ووجود سياسي مثل أي دولة، لكن أمامها جولة أخرى من جوالات الإصرار كي يرفرف علم كردستان ليقول للعالم أنه دولة مستقلة وليست إقليم كما يصفه البعض.
إلى ذلك، لم تكن كردستان بلدًا مستقلاً ذا حدود سياسية معينة في يوم من الأيام؛ حيث تتوزع كردستان بصورة رئيسية في ثلاث دول هي العراق وإيران وتركيا مع قسم صغير يقع في سوريا، فيما يوجد عدد من الكرد في دول أخرى أهمها أرمينيا وكذلك في أذربيجان وباكستان وبلوشستان وأفغانستان.
إحصاءات
قدَّرت الإحصاءات عددهم بحوالي 55 مليون نسمة، وتزداد كثافتهم في تركيا وإيران وسوريا والعراق، كذلك يوجد عدد منهم في دول كثيرة في أوربا وأمريكا الشمالية وأستراليا وإفريقيا، موزعين بنسبة 46% في تركيا، و31% في إيران، و18% في العراق، و5% في أرمينيا وسوريا.
وأتفق أغلب الباحثين على أن الأكراد ينتمون إلى المجموعة الهندوأوربية، وأنهم أحفاد قبائل الميديين التي هاجرت في مطلع الألف الثانية قبل الميلاد، واستطاعت أن تنشر نفوذها بين السكان الأقدمين، وربما استطاعت إذابتهم لتتشكل تركيبة سكانية جديدة عرفت فيما بعدُ بالكرد.
والدين الإسلامي هو دين الأغلبية الساحقة في كردستان بنسبة 70%، والكرد في غالبيتهم العظمى سنيون شوافع، ويوجد بينهم القليل من الشيعة يرتكزون في جنوب كردستان، أما المسيحيون من الأكراد فهم من الكاثوليك والكلدانيين والأشوريين والسريان ويتحدثون اللغة الأرامية.
أما الأكراد اليهود فهاجروا ما بين عامي 1949 و1950 إلى إسرائيل، أستراليا والولايات المتحدة.
ويعد صلاح الدين الأيوبي -محرر القدس- أحد أهم الشخصيات في التاريخ الكردي، الذي تعود جذوره إلى منطقة حرير شمال غرب أربيل، كما إن شيخ الإسلام ابن تيمية كردي الأصل, وكذلك ابن الأثير، وابن النديم وغيرهم من العلماء والقادة.
والقضية الكردية اليوم بين أحزاب سياسية تسعى للحكم وحركات وتشكيلات عسكرية تسعى للاستقلال، فالجيش التركي يلاحق حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، وإقليم كردستان العراق يسعى للانفصال التام عن العراق، وفي المنتصف يقف أكراد سوريا وإيران مطالبين بحقوقهم.
معاناة بطعم الأمل
ألاعيب السياسة وأفعال الساسة شرَّدت هذا الشعب الكردي ومزقت أحلامه، ثم جاء الاستعمار فبذر بذور العصبية للعرق، ونادى بالقومية الكردية.
ووفقا لمركز التأصل للدراسات والبحوث ، ما زلت المشكلة الكردية قائمة حتى اليوم والحلول مُوزَّعة بين أكثر من أربع دول، والشعب الكردي بينهم لا حيلة له ولا قوة.
بدأت مشكلة الأكراد في العصور المتأخرة حيث عاش الأكراد في إقليم كردستان وكان كيانًا واحدًا في ظل إمارات مستقلة، لكن نظرًا لاختلاف المعتقد بين الشاه إسماعيل الصفوي المطبق على حكم الإقليم وبين الشعب الكردي السني حدثت الفُرقة، ودخل الأكراد في متاهة لم يخرجوا منها حتى الآن.
وقد سعى الأكراد إلى من يخلِّصهم من الحكم الصفوي؛ ولذلك فقد قامت الدولة العثمانية الخصم الأكبر للصفويين، بإقناع أمراء الأكراد ورؤساء العشائر وحكام المقاطعات بالانقلاب على حكم الشاه، وعليه قامت عدة مدن كردية بالتمرد والثورة على الشاه، كديار بكر، وبدليس، وكركوك، وأردبيل.
ثم تفاقمت المشكلة الكردية بمجيء عام 1514م عند اصطدام الدولتين الصفوية والعثمانية في معركة جالديرن، والتي كان من نتائجها تقسيم كردستان إلى دولتين الأولى عثمانية والثانية صفوية.
وفي عام 1515م حدث اتفاق بين السلطان العثماني وأمراء الأكراد يتضمن اعتراف الدولة العثمانية بسيادة تلك الإمارات على كردستان، وبقاء الحكم الوراثي فيها، وفق مجموعة من الشروط. ثم تبع ذلك عدة معاهدات بين الدولة الصفوية والعثمانية بشأن هذا الإقليم.
ثم ازدادت المشكلة الكردية تعقيدًا ببروز الدور الاستعماري للدولة الغربية، حيث سعت هذه الدول إلى تقسيم الشعوب العربية والإسلامية إلى أقليات دينية وعرقية؛ بهدف إضعاف القوى الإسلامية وتفتيت قواها، فسعت في بادئ الأمر إلى تقسيم إقليم كردستان إلى أربع مقاطعات وزعتها على أربع دول، ثم هي الآن تسعى في تأجيج نار الطائفية والعنصرية عن طريق الدعوة إلى القومية الكردية.
حتى بات كثير من الأكراد لا يدعون إلا لوحدته الكردية، بجمع الأكراد في وطن واحد، تاركين بذلك الدعوة إلى الوحدة الإسلامية؛ وما دفعهم لهذا إلا كثرة ما لاقَوْه من ظلمٍ من كافة الدول المحيطة بهم.
فلقد اعتبر الكرد أنهم تعرضوا للاضطهاد والتنكيل والشرذمة على يد شركائهم في المنطقة، وهو شعور توجه أولاً نحو الفرس في الدولة الإيرانية ونحو الترك في الدولة العثمانية، لكن الأمر اتسع بعد الحرب العالمية الأولى ليشمل كل الدول الأربع التي توزع عليها الكرد، وبدأت منذ ذلك الحين معالم علاقة متوترة ومتشككة، وأحيانًا عدائية ودموية بين الكرد وهذه الدول، حتى باتت القضية الكردية جزءًا محوريًّا من أسباب التوتر في المنطقة منذ نحو تسعين عامًا.
حلول متعنتة
وحول أسباب التعنت في المشكلة الكردية يشير باسيل نيكتين قنصل روسيا السابق بإيران إلى أسباب التطاحن والصراع الواقع في إقليم كردستان، وسر تمسك الدول المحيطة به بقسمٍ منه، فيقول في كتابه (الكرد): "منطقة الكردستان لها أهمية جغرافية واقتصادية كبرى، فهي إحدى الصلات بين الشرق والغرب، وفيها تتفجر ينابيع غزيرة من النفط الحيوي للعالم..."، كذلك فإن المنطقة غنية بالمعادن والموارد الطبيعية.
بالإضافة إلى سعي الدول الاستعمارية الكبرى في تأجيج الصراعات المذهبية، والنعرات العصبية، وإحياء القوميات لزعزعة الأمن في هذه المنطقة.
ويرى خبراء ومحللون أن خوف دول كتركيا والعراق من التهديدات الكردية في حال اعترافها باستقلال الأجزاء الكردية، كذلك فإن لبعض الدول كإيران أطماعًا توسعية، يقف حائل أمام حل المشكلة الكردية.
كما عمدت بعض الدول إلى استغلال الأزمة الكردية لمصالح خاصة بها؛ فإيران على سبيل المثال كانت تدعم الحركة الكردية العراقية لإشغال النظام العراقي، فلما تعارضت مصالحها مع أكراد العراق أوقفت الدعم، بل هي الآن في حالة صدام وتشاحن معها.
وكذلك فعلت العراق بأكراد إيران بعد الثورة الإيرانية، حيث أمدتهم بالسلاح لمواجهة السلطة الجديدة، وفي الوقت ذاته كانت في مواجهة مع أكراد العراق. وكانت سوريا تستقبل أكراد العراق وتتعاطف معهم، بينما تمتنع عن تلبية بعض الحقوق لأكراد سوريا، بما فيها منح عشرات الآلاف منهم الجنسية.
وسعت دول كأمريكا إلى إعاقة أية اتفاقات بين الأكراد ودول كالعراق لحل مشكلتهم، وقديمًا ساندت أوربا أتاتورك وأعاقت عملية الاستقلال التي مهدت لها معاهدة "سيفر1920م"؛ لرغبة أوربا في إبراز مصطفى كمال أتاتورك كبطل؛ لدعمه في حربه على الإسلام والخلافة الإسلامية في تركيا مقر الخلافة. لذا لم يكن من مصلحتهم إضعافه بتمكين الأكراد من الحصول على استقلالهم.
الموقف الدولي
هناك مواقف دولية نحو القضية الكردية، حيث نجح ممثل الأكراد شريف باشا في إدخال ثلاثة بنود تتعلق بالقضية الكردية في «معاهدة سيفر» التي أبرمها الحلفاء بباريس في أغسطس 1920م، وقد كرس ذلك عملية تدويل القضية الكردية بصورة رسمية، رغم أن الدولة العثمانية حاولت مرارًا أن تصف القضية الكردية بأنها قضية داخلية تستطيع الدولة حلها.
وكان من الممكن أن تصبح معاهدة سيفر محطة مهمة في تاريخ القضية الكردية، حيث نصت على تحقيق حل المشكلة الكردية على مراحل، وإذا اجتاز الأكراد هذه المراحل - وطالبوا بالاستقلال، ورأت دول الحلفاء أهلية الأكراد لذلك - يصبح الاستقلال أمرًا واقعيًّا، وعلى الحكومة التركية الاعتراف بذلك. لكن كان رد تركيا على المعاهدة عنيفًا، ووصف كمال أتاتورك المعاهدة بأنها بمثابة حكم الإعدام على تركيا، وحاول بمختلف الوسائل وضع العراقيل لمنع تطبيق المعاهدة.
وهكذا لم تر معاهدة سيفر النور؛ بسبب صعود نجم مصطفى أتاتورك والحركة الكمالية، وتوسيع مناطق نفوذها، وكذلك لرغبة أوروبا في إبراز مصطفى كمال كبطل؛ لدعمه في حربه على الإسلام والخلافة الإسلامية في تركيا مقر الخلافة؛ لذا لم يكن من مصلحتهم إضعافه بتمكين الأكراد من الحصول على استقلالهم.
لكل ذلك لم يمر عام ونصف العام على توقيع «معاهدة سيفر» حتى طرحت فكرة إعادة النظر فيها، وجاءت هذه المواقف من قبل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، واتخذ المجلس الأعلى للحلفاء قرارًا بهذا الشأن يوم (25 من يناير 1921م)، إضافة إلى توجيه الدعوة إلى وفد حكومة أنقرة لحضور المؤتمر القادم، الأمر الذي دلّ على اعتراف الحلفاء بالواقع الجديد في تركيا.
وفي فبراير 1921م عقد مؤتمر بلندن في لبحث المشاكل العالقة، ومن ضمنها المشكلة الكردية، حيث اعتزم الحلفاء إعطاء تنازلات مهمة في هذه القضية، لكن الحكومة التركية أصرت على أن المسألة يمكن حلها داخليًّا، لا سيما وأن الأكراد لهم الرغبة في العيش مع إخوانهم الأتراك حسبما زعمت آنذاك.
وأثناء انعقاد مؤتمر لندن، عقدت حكومة أنقرة عددًا من الاتفاقيات الدولية التي كرست الشرعية الدولية القانونية للنظام الجديد في تركيا، ثم قامت الحكومة الجديدة بإلغاء جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمتها حكومة الأستانة ومن ضمنها معاهدة سيفر. كل ذلك أدى إلى تعزيز مكانة الحكومة التركية الجديدة، وبذلك فشل مؤتمر لندن؛ لتوجه ضربة إضافية للآمال القومية الكردية.
إلى ذلك، جاءت فكرة عقد معاهدة لوزان بعد تنفيذ المسرحية التي خططت لها المخابرات الإنجليزية من أجل هدم الإسلام، والقضاء على الخلافة الإسلامية بإبراز اليهودي الحقود مصطفى كمال أتاتورك كبطل مغوار استطاع إنقاذ شرف الدولة العثمانية من الحلفاء واليونان الذين احتلوا أزمير بتمكين من بريطانيا عام 1920م، وتوغلوا في الأناضول؛ فقام مصطفى كمال باستثارة روح الجهاد في الأتراك، وخدعهم برفع القرآن، ورد اليونانيين على أعقابهم، وتراجعت أمامه قوات الحلفاء بدون أن يستعمل أسلحته، وأخلت له المواقع؛ وعندها بزغ نجم مصطفى كمال في العالم الإسلامي كله، ولُقِّب بالغازي، ومدحه الشعراء، وأشاد به الخطباء.
ونصت معاهدة لوزان الموقعة في (24 من يوليو 1924م) على أن تتعهد أنقرة بمنح سكان تركيا الحماية التامة والكاملة، ومنح الحريات دون تمييز، من غير أن ترد أية إشارة للأكراد فيها، كما لم تجرِ الإشارة إلى معاهدة سيفر، وعدَّ الأكراد هذه المعاهدة ضربةً قاسية ضد مستقبلهم ومحطمة لآمالهم.
عملت بريطانيا بعد المعاهدة على إلحاق جنوب إقليم كردستان -والمعروف بولاية الموصل- بالعراق، بينما اعتبر الأتراك أن بقاء أكراد الموصل خارج نطاق سيطرتهم يمهد السبيل أمامهم لإثارة أكراد تركيا؛ لذا طالبوا بضم ولاية الموصل إلى أراضي تركيا.
وصلت المفاوضات لطريق مسدود؛ فأحالت بريطانيا القضية إلى عصبة الأمم التي أمرت بتشكيل لجنة لبحث القضية؛ وذلك من أجل استنفاد الوقت، وخلق أوضاع جديدة على أرض الواقع؛ حتى لا تعود الولاية لتركيا، وهذه هي طريقة الاحتلال دائمًا.
قامت هذه اللجنة باستطلاع آراء أهل الموصل في القضية؛ فمنهم من كان يريد الرجوع إلى الحكم التركي بدافع الدين الإسلامي، ورفض حكم الإنجليز غير المسلمين، بينما كانت الأقليات المسيحية واليهودية تصر على عدم العودة للحكم التركي، أمَّا الأكراد الذين يؤلِّفون ثلاثة أخماس الولاية فكانوا ضد الحكم العربي والتركي، وكان كبار الملاَّك منهم هم الطبقة الوحيدة المؤيدة للحكومة العربية، وترى تبعية الولاية لحكومة بغداد.
الثورة الكردية
في ذلك الوقت قامت ثورة كردية بزعامة الشيخ سعيد بيران في مارس 1925م ضد السلطات التركية، واتهمت تركيا الحكومة البريطانية بتحريض الأكراد على الثورة، ورغم عدم وجود أدلة على ذلك، إلا أن الثابت أن بريطانيا قد قابلت الثورة بارتياح.
بداية من عام 1931م بدأ الأكراد في القيام بالثورة ضد الدولة الإيرانية والعراقية والتركية؛ وذلك بقياد عائلة البارزانيين الذين ظهروا على مسرح الأحداث منذ 1908م، والذين عُرِفوا بالسيادة والقيادة الدينية والعسكرية، وكان من أبرزهم الشيخ عبد السلام الذي قاد الأكراد لمقاومة القوانين الجديدة التي فرضها نظام تركيا الفتاة العلماني.
وأعلن الثورة المسلحة ضدهم حتى تمَّ الصلح عام 1909م، ولكن السلطات التركية قامت بعد ذلك بإعدامه عام 1914م؛ لتقدمه بمطالب كردية خاصة بجمع الضرائب بما يوافق الشريعة الإسلامية، وإنفاقها في إصلاح المرافق في كردستان، وطلب تعيين مفتيين على المذهب الشافعي، وطلب اعتماد التعليم في كردستان باللغة الكردية، وكذلك لرفضه إرسال متطوعين للقتال مع الجيش التركي في الحرب العالمية الأولى, وكان منهم الشيخ أحمد البارزاني الذي اتصف بالقسوة حتى مع الأكراد.
ثم ظهر المُلا مصطفى البارزاني على مسرح الأحداث من هذا الوقت ولفترة طويلة خاض فيها معارك كثيرة، وأعلن التمرد على الحكومة العراقية، وتنقَّل بين العراق وتركيا وروسيا، وحُدِّدَت إقامته لمدة عشر سنوات في الناصرية، ثم السليمانية، ثم فرَّ من منفاه؛ ليتزعم الحركة الثورية الكردية، ويؤسس الحزب الديمقراطي الكردستاني.
دعَّم مصطفى البارزاني قواته بعد ذلك، ودخل في معارك كثيرة مع الجيش العراقي مستعينًا بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة التي كانت ضد العراق، ومستعينًا كذلك بإمدادات عسكرية كبيرة من إيران التي كانت تعادي العراق، ولكن من يعتمد على الولايات المتحدة لا بد أن يخسر في النهاية؛ إذ قامت أمريكا برعاية اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران في 6 من مارس 1975م عن طريق وزير خارجيتها اليهودي الشهير هنري كيسنجر.
ومن ثَمَّ سحبت إيران الشاه أسلحتها، وتركت الأكراد فريسةً لهجوم عراقي كاسح أسفر عن هزيمة تامة لقوات البارزاني، وانتهاء الثورة الكردية بقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في هذا الوقت تمامًا، ولجوء البارزاني إلى إيران، وقد نشأت بعد هذه الهزيمة تيارات سياسية مختلفة انبثق عنها أحزاب جديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.