تعد أمراض القلب السبب الرئيسي للوفاة بين الرجال والنساء في جميع أنحاء العالم، وتعتبر أمراض الشريان التاجي من أكثر أمراض القلب خطورة وانتشاراً.
هذا ما أكده اليوم عدد من كبار أطباء القلب خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد لمناقشة أمراض الشريان التاجي في مصر، والتي تعد السبب الأول للوفاة بين المصريين، وبهذه المناسبة تم الكشف عن استخدام مستشفي وادي النيل دعامة جديدة ومبتكرة لعلاج أمراض الشريان التاجية.
كما تم مناقشة أهم وأحدث تقنيات القسطرة العلاجية المستخدمة في علاج انسداد وضيق الشرايين التاجية، ومن بينها دعامة "ABSORB Bioresorbable Vascular Scaffold (BVS"من إنتاج شركة"Abbott".
وفي هذا الصدد، أكد د. حازم عبد المحسن خميس رئيس قسم القلب، أن أمراض شرايين القلب هي السبب الأول والرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم، حيث يتخطى عدد الوفيات السنوية الناتجة عن تلك الأمراض أي مرض آخر يسبب الوفاة. ففي عام 2008 وحده، توفى 17.3 مليون شخص في العالم بسبب أمراض شرايين القلب، وهو ما يمثل 30% من إجمالي عدد الوفيات في العالم. ومن بين هذا العدد الكبير، كانت أمراض الشريان التاجي هي السبب الرئيسي لوفاة 7.3 مليون شخص، بينما كانت جلطات القلب سبباً في وفاة 6.2 مليون شخص.
كما استعرض د. أحمد عبد العزيز رئيس وحدة قسطرة القلب بمستشفى وادي النيل، الإحصائيات الخاصة بمصر في هذا الصدد، حيث يقول "من المتوقع أن تكون أمراض الشرايين التاجية هي السبب الرئيسي للوفاة في الدول النامية بحلول عام 2020"
وفي مصر بالتحديد، تعد أمراض الشرايين التاجية السبب الرئيسي للوفاة بين المواطنين، فطبقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية الخاصة بمصر، فإنّ المعدلات القياسية للوفاة طبقا للعمر والخاصة بأمراض الشرايين التاجية هي الأعلى على الإطلاق، حيث تبلغ 303 حالة وفاة لكل 100.000 نسمة.
وإذا ما قارنا ذلك مع المعدلات القياسية الإجمالية للوفاة طبقا للعمر في مصر وهي 805 حالة لكل 100.000 نسمة، نجد أن أمراض الشرايين التاجية تتسبب في حوالي 40% من إجمالي حالات الوفاة على المستوى المحلي. إن التفسير الوحيد لهذه الأرقام الخطيرة هو الانتشار الواسع للعوامل المسببة لأمراض الشرايين التاجية في مصر مثل ضغط الدم، السكر، السمنة وارتفاع مستوى الكولسترول"
وناقش الأطباء أيضا العلاجات المتاحة لأمراض الشرايين التاجية بشكل عام، مع التركيز على دعامة "ABSORB "لمتطورة لعلاج انسداد وضيق الشرايين التاجية التي يتدفق فيها الدم للقلب. وتمثل الدعامة التي كانت مستشفى وادي النيل أول من استخدمها في مصر تطوراً جذرياً في علاج أمراض القلب، حيث وصفها الأطباء المشاركون في المؤتمر بأنها الجيل الرابع للقسطرة العلاجية على المستوى العالمي.
ويتضمن الأسلوب العلاجي الجديد غرس أول دعامة دوائية حيوية قابلة للذوبان والامتصاص في الجسم، في الشريان المصاب بالضيق أو الانسداد لتوسيعه، بما يتيح للدم المحمل بالأكسجين التدفق للقلب بصورة طبيعية.
وبالرغم من أن هذه الدعامة تشبه الدعامات المعدنية في أهدافها العلاجية، إلا أن هناك اختلافا جوهريا بين الأسلوبين، فالدعامة المعدنية تبقى بشكل دائم في الشريان المصاب، مما يجعل الشريان محاطا من الداخل بشبكة معدنية دائمة أشبه بالقفص، أما دعامة "ABSORB ".فإنها تذوب تدريجيا ويقوم الجسم بامتصاصها خلال فترة عامين، تاركة الشريان مفتوحا ويعمل بصورة طبيعية دون أن يكون للدعامة أي أثر بعد ذلك.
كما تحدث د.حازم خميس- رئيس قسم القلب بمستشفى وادي النيل عن التقنية الجديدة بقوله" تعتبر الدعامة الجديدة بحق خطوة إيجابية كبيرة في مستقبل علاج أمراض الشرايين التاجية. لقد استخدمناها في 20 عملية قسطرة بمستشفى وادي النيل، وبعد متابعة الحالات بصورة دقيقة، تؤكد النتائج التي رصدناها أن مستقبل هذه الدعامة مبشر للغاية.
ومن ناحية أخرى وبالرغم من ندرة البيانات والمعلومات الموثقة عن أمراض الشرايين التاجية ومعدلات حدوث وانتشار أمراض شرايين القلب في الدول النامية، إلا أن هذه الدعامة ستمثل أملاً جديداً لملايين البشر في مكافحة أمراض الشرايين التاجية.
وقد حصلت "ABSORB "على لقب "الثورة الرابعة" للدعامات العلاجية، اعترافا من الأطباء بتطورها وأسلوبها المبتكر في علاج انسداد الشريان التاجي. وتمثل هذه الدعامة أحدث الأدوات المستخدمة في القسطرة العلاجية، انطلاقا من الجيل الأول والتي كانت قسطرة بالونيّه تستخدم في توسيع الشرايين، ثم الجيل الثاني الذي استخدم دعامة معدنية دائمة لتوسيع الشرايين، تلاه الجيل الثالث الذي استخدم دعامة معدنية دوائية يتم إطلاق جرعات منها بشكل تدريجي لضمان عدم انسداد أو تضيّق الشريان مرة أخرى.
وقد مرت الدعامة ببرنامج مكثف للبحوث والتطوير على مدار 11 عاما، وبعد أن أثبتت الأبحاث والتجارب الإكلينيكية سلامتها وفعاليتها، تم تجربتها على البشر في نيوزيلندا لأول مرة عام 2006، ثم زاد عدد المرضى المشاركين في الدراسات الإكلينيكية ليصل إلى حوالي 1200 مريض، مع متابعة المرضى حتى 5 سنوات بعد عملية القسطرة.
وقد وافق الاتحاد الأوروبي عام 2011 على استخدام الدعامة في ضوء نتائج التجارب الإكلينيكية السابقة، وتم إطلاق الدعامة رسميا للتسويق التجاري بشكل كامل في سبتمبر 2012.
أمراض الشرايين
أمراض الشريان التاجي هي مشكلة صحية تصيب الشرايين التي تُغذي القلب بالدم، حيث يضيق الشريان و يُصاب بالانسداد متأثرا بالترسبات المتكونة على جداره الداخلي.
وتتكون هذه الترسبات من الدهون والكوليسترول والكالسيوم ومواد أخرى تتجمع على جدار الشريان الداخلي. وبمرور الوقت، تتسبب تلك الترسبات في ضيق الشرايين وضعف مرونتها وتصلبها، مما يقلل تدفق الدم المُحمّل بالأكسجين والمتجه لعضلة القلب.
كما يمكن أيضاً أن تتفجر هذه الترسبات وتنشأ جلطة دموية على سطحها. ومع ضعف تدفق الدم في الشريان نتيجة ضيقه أو انسداده، تبدأ آلام الصدر في الظهور وقد تحدث أزمة قلبية.
علامات وأعراض
من الأعراض الشائعة لأمراض الشرايين التاجية الشعور بألم في الصدر وضيق في التنفس. وتنشأ هذه الأعراض نتيجة نقص إمدادات الدم التي تصل للقلب. وإذا كان نقص إمدادات الدم بسيطا أو معتدلا، فلن يشعر المريض بأية أعراض عندما لا يبذل أي مجهود.
كما يشعر المريض بثقل في الصدر عندما يبذل مجهوداًغير اعتيادي أو عند تعرضه لضغوط حياتية. ومن الأعراض الأخرى الدالة على المرض آلام الفك والذراعين، حرقة في الصدر، الغثيان، القيء، والعرق الغزير، كما تظهر أعراض أخرى واضحة على السيدات مثل الغثيان.
عوامل الخطر
تزداد مخاطر الإصابة بأمراض الشرايين التاجية عندما تجتمع العديد من عوامل الخطر المؤدية للمرض لدى الشخص. وبعض عوامل الخطر يمكن التحكم فيها من خلال النظام الغذائي والتمارين الرياضية وتغيير نمط الحياة، وتتمثل في ارتفاع الكوليسترول وضغط الدم والسمنة والتدخين ومرض السكر.
ومن العوامل الأخرى التي لا يمكن التحكم فيها التقدم في العمر، الجنس والتاريخ المرضي للعائلة. وبشكل عام يتعرض الرجال لأمراض الشرايين التاجية أكثر من السيدات، ولكن تزداد مخاطر إصابة السيدات بالمرض بعد سن اليأس (توقف الطمث).
التشخيص حتى يتمكن الطبيب من تشخيص أمراض الشرايين التاجية، عليه تقييم الأعراض وعوامل الخطر والقيام بكشف طبي شامل مع استخدام الاختبارات التشخيصية والإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات.
البدائل العلاجية
إن التشخيص المبكر والبدائل العلاجية المتطورة يمكنها المساعدة في تقليل معدلات الوفاة الناتجة عن أمراض الشريان التاجي. وقبل أن يقرر الطبيب أفضل البدائل العلاجية المناسبة للمريض، فإنه يضع في اعتباره العمر ونمط الحياة والتاريخ المرضي للشخص كعوامل رئيسية محددة لخطة العلاج.
وتتضمن البدائل العلاجية المتاحة لأمراض الشريان التاجي تغيير نمط الحياة، إلى جانب استخدام العقاقير والتدابير الطبية الأخرى ومنها جراحات زراعة الشرايين التاجية (جراحات القلب المفتوح)، وطرق جراحية أقل تدخلا مثل قسطرة القلب التي تتضمن توسيع الشرايين وتركيب الدعامات.
وبالنسبة للحالات التي يصلح معها إجراء عمليات القسطرة القلبية، يقرر طبيب القسطرة إما تركيب دعامة القلب المعدنية أو دعامة القلب المعدنية الدوائية، لفتح الشريان في منطقة التضيّق لإعادة تدفق الدم بصورة طبيعية للقلب مرة أخرى.
أما الدعامة المعدنية فهي عبارة عن أنبوبة شبكية دقيقة للغاية تُستخدم في فتح الشريان المسدود أو المنطقة المصابة بالتضيّق من الشريان وإعادة تدفق الدم به وصولا للقلب. وتعمل الدعامة المعدنية الدوائية بطريقة مشابهة للدعامة المعدنية، بالإضافة لقيامها بإطلاق كميات محددة من الدواء بما يعمل على منع الشريان من الانسداد مرة أخرى. وكلا النوعين مصنوع من المعدن، وبمجرد غرسهما في الشريان، فإنها يبقيان في جسم المريض إلى الأبد.