"أدرس التحالف مع جبهة الإنقاذ الوطني، عقب عودتي لمصر خلال أسابيع مقبلة، وأتوقع قدوم استثمارات إلى مصر إذا رحل الإخوان المسلمين"... جاءت تلك الكلمات على لسان الفريق أحمد شفيق - المرشح الرئاسي السابق- في أحد التصريحات الإعلامية، والتي أضاف خلالها أنه في حال عودته إلى القاهرة سيقود حزب "الحركة الوطنية" الذي أسسه مؤيدون له، كما أعلن خوضه الانتخابات الرئاسية المقبلة، إذا تم الدعوة لانتخابات مبكرة. وأعقبت تلك التصريحات ردود فعل واسعة ومتباينة في الشارع السياسي وخاصة داخل جبهة الإنقاذ فبعض القوي السياسية رحبت بهذا الطرح والبعض الآخر رفضه؛ بسبب انتماء شفيق للنظام السابق، واعتبروا أن تلك الدعوة يمكن أن تشق صفوف المعارضة.
فهل سيعود شفيق بالفعل إلى القاهرة، أم أنه مجرد تصريح؟ وهل ستقبل الجبهة انضمامه إليها، وفي حالة القبول ما حجم الاستفادة والضرر من ذلك؟ مجرد تصريح منذ اللحظة التي غادر فيها الفريق أحمد شفيق البلاد إلى الإمارات، وكل الشواهد تؤكد أنه لن يعود إلى مصر قبل إصدار أحكام نهائية بشأن القضايا المتهم فيها، وأبرزها قضية أرض الطيارين وغيرها من القضايا الموجهة ضده.
ولكن بعد تبرئته من القضاء المصري – مؤخراً- في قضية أرض الطيارين، فضلاً عن تصريحه الأخير، زادت الاحتمالات مجدداً بعودته إلى مصر في الأيام القليلة القادمة.
ولكن يرى آخرون أن كلام شفيق مجرد تصريح ولا يمكن له أن يعود إلى مصر، إما لوجود بعض القضايا ضده أو لتخوفه من ملاحقته من قبل جماعة الإخوان المسلمين، وبغض النظر عن الخوض في تلك التفاصيل، يجب طرح فكرة العودة بأنها واقع كي نضع تصورات تخدم العمل البحثي فيما بعد سواء نجحت في صدق تنبؤاتها أو لم تنجح. ردود الفعل بعد إعلان الفريق أحمد شفيق نيته العودة إلى مصر، وعزمه على الانضمام إلى جبهة الإنقاذ الوطني، تباينت ردود الأفعال فيما بين مؤيد ومعارض.
فرفض "جورج إسحاق"، القيادي بالجبهة والعضو المؤسّس لحزب الدستور، انضمام شفيق إلى الجبهة، وقال: "إنه على من يريد الانضمام أن يتقدم بطلب ويتم مناقشته واتخاذ القرار بالقبول أو الرفض، ولا أتوقع أن ينضم شفيق للجبهة؛ لأنه يعتبر من الفلول، والجبهة تعبر عن الثورة ولا يجوز انضمام فلول لها".
فيما أبدى صلاح حسب الله، وكيل حزب المؤتمر العضو بالجبهة، ترحيباً برغبة شفيق، لكنه شدد على ضرورة الانضمام وفقاً للموافقة الجماعية من الجبهة.
وقال حسب الله: "بعيداً عما يثيره الإخوان من اتهامات ضد أحمد شفيق، فهو شخصية لها ثقل سياسي ولا يمكن الاستهانة بها".
ومن خلال متابعة ردود الأفعال، نجد أن معظمها يدور حول فكرة رفض انضمام شفيق للجبهة وخاصة من جانب القيادات العليا للجبهة مثل حمدين صباحي والبرادعي.
خسارة ومكسب وفي هذا الإطار يتراوح تفسيران يتعلقان بتداعيات انضمام شفيق للجبهة في حالة اتفاق الجبهة على قبول انضمامه على الانتخابات البرلمانية القادمة، أحدهما يرى بأن انضمامه سيتسبب في خسارة كبيرة للجبهة؛ لأن الإخوان ستستغل ذلك استغلالاً سيئاً في توصيل رسالة سلبية عن الجبهة.
في حين يذهب التفسير الآخر إلى أن انضمامه سيعتبر مكسباً للجبهة، بل سيسهم في تحقيق الهدف الذي تسعى من أجله وهو مواجهة سياسات الإخوان.
ويؤكد أنصار هذا الاتجاه على أن انضمامه يعد إضافة لجبهة الإنقاذ ولأي كيان سياسي آخر، وخاصة؛ لأن قطاعاً عريضاً يؤيده في الشارع، وظهر ذلك بوضوح بعد حصوله على المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية السابقة.
يُذكر أن جبهة الإنقاذ الوطني، هي تكتل سياسي تشكّل في 22 نوفمبر 2012 بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري محمد مرسي، وتتشكل من 35 حزباً سياسياً وحركة سياسية وثورية، وجميعها ذات أيدلوجيات ليبرالية ويسارية.
وتعدّ هذه الجبهة من أبرز قوى المعارضة للنظام الحالي ولجماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم فأي اهتزاز لها يعدّ مكسباً للجماعة ولتيار الإسلام السياسي بصفه عامة.
ولذايمكن القول بأنه رغم الكتلة التصويتية التي حصل عليها شفيق في الانتخابات الرئاسية السابقة، بيد أن انضمامه للجبهة بشكل علني سيفقدها قوتها في الانتخابات البرلمانية القادمة، ولكن إذا تم الانضمام إليها بشكل سري، فمن المتوقع أن يحصل كل من الجبهة وأنصار الفريق شفيق -ممثلاً في الأحزاب الداعمة له- على أغلبية الأصوات خلال الفترة القادمة حيال أي قرارات أو انتخابات تشهدها البلاد، وخاصة بعد تراجع شعبية جماعة الإخوان المسلمين في الفترة الأخيرة.