الجميعان لمحيط : المعارضة تقوي النظام .. ونعيش زمن حكم الجبر الكتاني : لا طاعة لحاكم في معصية الله الزمر : الإخوان أخطأوا .. لكن بديل الإسلاميين هم عملاء "الأمريكان"
كتبت – شيماء عيسى مفكرون وناشطون إسلاميون، جاءوا من أقطار العالم ليشهدوا مؤتمرا حول الرؤية الإسلامية لثورات الربيع وتحديات المستقبل . المؤتمر برعاية منتدى المفكرين الإسلاميين بالكويت، وانطلق أمس ولمدة يومين في فندق موفنبيك مدينة الإنتاج الإعلامي . حملت أوراق المشاركين بالمؤتمر والمتداخلين هموما حقيقية من سيل الاتهامات الموجهة للمشروع الإسلامي السياسي، ومحاولات ضربه من الداخل والخارج . كما جرى استعراض لمدى تحقق مقاصد الشريعة من خلال الثورات، ومن المعلوم أن الإسلام يأمر بما نادت به من حرية وعدالة وكرامة للإنسان، لكن الحكام على اختلاف العصور أساءوا في تطبيق شرع الله كما ينبغي وصرفوا شعوبهم لأحوالهم المعيشية البائسة حتى لا يفكروا في الثورة عليهم أو الإطاحة بعروشهم . وقد استعرض المؤتمر في جلساته الممتدة أمس تجارب الإسلاميين مع السياسة حول العالم بما لها وما عليها . وأكد عبدالرحمن الجميعان، أمين عام منتدى المفكرين الإسلاميين في جلسة "تحديات المشروع الإسلامي" أننا ندور في رحى سقوط الحكم الجبري بالعالم الإسلامي وتأسيس دولة الخلافة . وقد علمنا الرسول كيف تقوم الأمم على العبودية المطلقة لله ، وكانت العقيدة في مكة تقوم على توحيد الله وإصلاح الأرض معا، أي الدين والدولة، وانطلق المشروع الإسلامي ليؤمن لثلة المؤمنين الأولين إمكانات إقامة دولتهم . تحمل سورتي "الأنعام" و"الأعراف" تفاصيل دولة الإسلام كما يورد الجميعان، ففي الأولى المقاصد الكلية وفي الثانية التفصيلات . من جانبه قال الداعية المغربي حسن الكتاني أن سقوط الخلافة العثمانية كانت مصيبة على عالمنا، فبعده جرت اتفاقية سايكس بيكو التي فرقت الدولة الإسلامية لأقاليم وإمارات صغيرة متناحرة فيما بينها، وحكمت بقوانين وضعية وتباعدت عن شرع الله، وزاد الدين بلة حضور علماء السوء الذين زينوا للحكام ما صنعوا . وانتقد الكتاني من يقولون بأن رسول الإسلام (ص) جاء بالشريعة فقط وترك السياسة، ومنهم الشيخ علي عبدالرازق في كتابه "الأصول وأصول الحكم" وانبرى للرد عليه علماء كالخضر التونسي ومصطفى صبري وغيرهما. ويرى الكتاني أن الإسلام وضع خطوطا عريضة للحكم وترك لأهل كل زمان ومكان أن يستنبطوا كيفية تطبيق الأصول العامة بما يوافقهم، ولكن المسلمين تركوا الأمر للتجارب وتركوه للحاكم ، فأخطأ حاكم وأصاب آخر، وذلك لغياب المؤسسات التي توجه الحكام. "الحكم لله وليس للشعب" قاعدة أصولية عند المسلمين، بمعنى أنه لا يمكن لشعب أن يحكم نفسه بما يخالف صريح شرع الله، ثم إن الدين يأمر بالعدل والمساواة كقاعدة ثانية، فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، وليس باللون ولا الجنس ، كما أن تقويم الحاكم من صفات المجتمع الإسلامي ونتذكر قولة أبي بكر أني وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسن يساندوه وإن أساء يقومونه. وطاعة الحاكم إذا أمر بالمحكوم هي من القواعد الإسلامية، حسبما أكد الكتاني، فلا يتصور وجود نظام قوي دون عدل من الحكام وطاعة من المحكومين لهم وشورى بين الناس، وقال عمر رضي الله عنه "لا إسلام بلا جماعة ولا جماعة بلا أمير ولا أمير بلا طاعة" ، لكن الطاعة ليست لظالم ولا معطل لشرع الله . وللشورى أهمية كبرى في تنظيم جماعة المسلمين، وترتكز كل دولة قوية عليها، حتى أن سورة قرآنية كاملة لها هذا الاسم ، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "لا خير في أمر أبرم من غير شورى" ، ونحن أولى من الشعوب الغربية التي منعت الحاكم من الاستبداد عبر مبدأ الشورى . أخيرا أكد طارق الزمر، القيادي الجهادي ، أن المؤامرات الغربية وجهت نحو المشروع السياسي الإسلامي بالأساس، ولا زال التفكير التآمري الغربي مصوبا حربته تجاهنا بشكل واضح، وذلك على مدى زمان بعيد منذ الكشوف الجغرافية والحروب الاستعمارية وحروب العولمة . كما أن هناك تحديات داخلية وذاتية أيضا، وهذه أخطر من المؤامرات الخارجية لأنها هي البيئة التي تدعم كل المخططات. وهزيمة المسلمين دائما تأتي من الداخل . وأضاف الزمر : لويس التاسع كتب عن أهمية عمليات التغرييب لتفكيك الأمة وهزيمتها . وهم يعلمون أن المشروع الإسلامي هو المنافس الحقيقي لهم عالميا . وتعيش مصر كما يرى الزمر محاولة لإفشال المشروع السياسي الإسلامي ، وتنفق المليارات في سبيل ذلك . وللحق فقد سنحت للنموذج السياسي الإسلامي فرصة تاريخية بعد الثورات العربية . واعتبر الزمر أن الشيخ كشك كان أكثر الدعاة الذين جأروا بشجاعة ضد الظلم وكان يتمنى أن يرى ثمار الثورات الآن، وقد استقل سيارة أجرة ووجد السائق يستمع لإحدى خطب الشيخ الشهير بل ويحفظها نصا . والغرب يعلم أنه لو أقيم مشروع مقاومة إسلامي فإنه سيغير خارطة العالم كله وليس العالم العربي كله ، وبالتالي فهو يدعم كل السبل لكبحها ، ومن هنا وجب التضحية لتحقيق هذا النموذج وتحويله لنموذج حكم قوي منافح لمحاولات الغرب إذلال شعوبنا اقتصاديا حتى لا تفكر يوما بالاستقلال . التحديات الاقتصادية أيضا ملمح أساسي برز بعد ثورات مصر وتونس، ورأى الزمر أن الغرب له دور بإزكاء هذا التردي الاقتصادي . ونظام مبارك كان حريصا على إفقار هذا الشعب حتى لا يفكر باستبداد النظام. أخيرا تحدث الزمر عما أسماه بعمليات التغريب والعلمنة التي تجري بالمنطقة العربية ليل نهار، وينفق فيها أموالا طائلة من أجهزة المخابرات العالمية وغيرها، ومن تجليات ذلك أنظمة التعليم التغريبية التي كرسها الاستعمار في المنطقة .وهناك مؤسسات تعمل وفق تفكير علماني محض وتابعة للدولة وتعمل ضد المشروع الإسلامي وحضارته . وأشار أيضا أن العالم الإسلامي هو الذي علم الغرب ركيزة الحكم الرشيد، بعد أن كانوا يعيشون في إقطاعيات ويعتبرون أن الحاكم يملك ويحكم ، ولم يعرفوا أنه يعمل خادما لشعبه . ودعا للتأسيس العلمي للبناء السياسي الإسلامي . يذكر أن الدكتور ممدوح اسماعيل في مداخلته أشار إلى أن نخب سياسية مناهضة للمشروع الإسلامي شاركت بشكل أساسي بالثورات وبالتالي فهي تريد أن تجني ثمار حركتها . وتساءل هل تنقسم الحركة الإسلامية بعد الثورات كما جرى بحزب النهضة والسلفيين بتونس وكما جرى بسوريا بين السلفيين والجيش السوري الحر ؟!. وأشار الداعية الأزهري هاشم إسلام أن الأزهر كان أول مؤسسة رسمية تعانق طموحات المصريين في رفض الطغيان ، وأنه حاليا يتعرض لمؤامرة. أما الباحث حسام أبوالبخاري فأكد أن الدولة الحالية علمانية بقبعة إسلامية، ولابد من الاشتباك مع هذا الواقع. وفي معرض رده على تساؤلات "محيط" قال الدكتور عبدالرحمن الجميعان أن المعارضة يحق لها نقد الحاكم في أي بلد إسلامي ، وكان ذلك يحدث بجلاء زمن الخليفة العادل عمر بن الخطاب، واعتبر أنها تعد دعامة أساسية في أي نظام قوي . وأبدى الجميعان استحسانه لاقتراح تقدمت به الشبكة لإجراء نسخة غربية من المنتدى للوصول بصوت المفكرين في القضايا الملحة لشعوب العالم، بالإضافة للتفاعل مع الأحداث الملحة اليومية للمسلمين على مستوى الشارع وخارج الغرف المغلقة. وردا على تساؤل الشبكة عن تقارب السنة والشيعة، والخوف من أطماع إيران ، فقد أكد الجميعان أننا لابد أن نفرق بين إيران كدولة صاحبة مشروع حقيقي ينبغي الحذر منه، وبين الشيعة الذين يمثلون غالبية شعبها ولابد من مد جسور التواصل معهم . وبحسبه، فنحن حتى الآن لم نصدر خطابا دعويا حقيقيا للشيعة، فكله خطاب استفزازي يركز على سب الصحابة وتحريف المصحف ، وهي أمور نعلم أنه ليس جميع الشيعة متورطون فيها. أخيرا أكد الجميعان أن التقارب بين السنة والشيعة صعب بل مستحيل لخلافات بأصول الدين، لكن يمكن التعايش معهم وهذا هو ما نحتاج إليه. من جانبه أجاب الزمر على التساؤلات الموجهة إليه، وحملت إجابته أن الإخوان يخطئون في الحكم وخاصة في تعاملهم مع التيارات الإسلامية رغم أنها تمثل صمام أمان لأي نظام يريد الاستقرار في مصر، ورأى من جانب آخر أنه لو سقط المشروع الإسلامي سنعيش الحكم الاستبدادي الأمريكاني