وزير التنمية المحلية يوجه المحافظات بتطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة بكل قوة وحزم    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    أكاديمية الشرطة تواصل تنظيم ورش العمل التدريبية لطلبة الجامعات المصرية والكوادر الشبابية بوزارة الشباب والرياضة    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    أسعار الذهب فى مصر.. عيار 21 يسجل 3100    «عايزة رجالة».. دعوات لمقاطعة البيض بالأقصر بعد ارتفاعه ل180 جنيها: «بلاها لمدة أسبوع» (صور)    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة المصرية    محافظ بني سويف يتابع انتظام العمل بسوق السيارات شرق النيل    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة.. وبلينكن يرد    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة، وبلينكن يرد    مصدر رفيع المستوى: مصر حذرت مرارا من تداعيات عزم إسرائيل اقتحام رفح    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    سكاي: سن محمد صلاح قد يكون عائقًا أمام انتقاله للدوري السعودي    اسكواش - نوران ل في الجول: الإصابة لم تعطلني وتفكيري سيختلف في بطولة العالم.. وموقف الأولمبياد    أول تعليق من كلوب على إهدار صلاح ونونيز للفرص السهلة    الهدوء يسود انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالقاهرة    القبض على لصوص الكابلات الكهربائية وبطاريات السيارات بعدد من المحافظات    معمولي سحر وفكيت البامبرز.. ماذا قال قات.ل صغيرة مدينة نصر في مسرح الجريمة؟    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    محامية حليمة بولند تكشف كواليس حبسها    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    الصحة: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    انتداب الطب الشرعي لمعاينة جثث 4 أشخاص قتلوا على يد مسجل خطر في أسيوط    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    احتجت على سياسة بايدن.. أسباب استقالة هالة غريط المتحدثة العربية باسم البيت الأبيض    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقه السياسة
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 06 - 2010

كل مالدينا في الكتاب والسنة عن الحكم والسياسة مبدآن أساسيان‏:‏ الأول قول الله تعالي وأمرهم شوري بينهم وأمره للرسول‏:‏ وشاورهم في الأمر بما يعني أن تطبيق الشريعة يتلخص في الشوري‏,‏ والمبدأ الثاني في الحديث الشريف‏:‏ أنتم أعلم بشئون دنياكم‏. بما يعني أن المسلمين لهم الحرية في تنظيم شئون حياتهم وفق مصلحتهم ومايتفق مع طبيعة كل عصر‏.‏
ومعني ذلك أن رفض بعض الحركات الإسلامية للديمقراطية الحديثة موقف يتعارض مع روح الإسلام ولايستند علي دليل في الكتاب والسنة‏,‏ لأن نظام الحكم في العصر الحاضر قائم علي الديمقراطية الحديثة بمؤسساتها وأساليب ممارستها اليوم‏,‏ ولم تعد مقصورة علي الغرب‏,‏ ولكنها إرث للإنسانية كلها‏,‏ وإذا كانت الشوري في القرون الماضية تعني حصرها في دائرة ضيقة هم أهل الحل والعقد فقد كان ذلك نتاج هذه العصور‏,‏ بينما أنتج العصر الحديث أساليب للشوري تعطي للشعوب الحق في المشاركة في الحكم‏,‏ بالانتخاب الحر‏,‏ وبالدستور وبضمان ممارسة الحريات والفصل بين السلطات والمشكلة الآن في المجتمعات العربية تتمثل في عودة المكبوت الاجتماعي والسياسي في العقل العربي نتيجة لما تعرض له من نكسات وإحباط‏,‏ كما يقول المفكر المغربي محمد عابد الجابري‏,‏ ويقصد بذلك عودة روح القبيلة و الطائفية التطرف الديني الي الساحة العربية بصورة لم يتوقعها أحد من قبل‏.‏ لقد عاد المكبوت ليحاول صياغة حاضرنا مشابها لماضينا‏.‏
وفي تاريخ الحكم والسياسة في العالم الإسلامي كانت سلطة الحاكم في الدولة الإسلامية في جميع العصور بعد الخلفاء الراشدين سلطة مطلقة في كل مايتعلق بالشريعة في شئون المجتمع‏,‏ وحتي أحكام القضاء في العصر العباسي كان يصدرها الخليفة وكان دور القضاة مقصورا علي اقتراح الأحكام‏,‏ ولم يكن للرعية من الأمر شيء‏.‏ وكان فقه السياسة دائما في الدولة الإسلامية قائما علي أن طاعة الحاكم من طاعة الله‏,‏ ولذلك يجب أن يطاع في كل أمر إلا إذا أمر بمعصيته‏,‏ وهكذا كانت السلطة المطلقة للحاكم والطاعة المطلقة من المحكومين تطبيقا للشريعة واعتبار الخليفة سلطان الله وممثله علي الأرض‏(!!)‏ وأما حرية الإنسان التي قررها الإسلام والتي تعني رفض استبداد الحكام فكان يتم توظيفها مع المباديء الإسلامية الأخري لتبرير وتمجيد الاستبداد وإضفاء الشرعية عليه حتي بلغ الأمر الي حد القول بأن الخليفة يتصف بصفات الله وأهمها التوحيد والعدل وألا يكون له شريك في الملك وهو ليس كسائر البشر‏,‏ وكما قال الجاحظ في كتابه أخلاق الملوك‏:‏ ليس أخلاق الملوك كأخلاق العامة‏..‏ فإن للملك البهاء والعز والتفرد وله طاعة أهل المملكة‏..‏
هذا النموذج للحكم الفردي الذي يدعي البعض الآن أنه كان مثاليا في الصلاح وتطبيق الشريعة‏,‏ نجده هو الأصل وليس الاستثناء‏..‏ فهو في الدولة الأموية‏,‏ والدولة العباسية‏,‏ كما نجده بصورة أكبر وأشد في عصر النفوذ العثماني‏,‏ وفي العصر البويهي‏,‏ والعصر السلجوقي‏,‏ وكلها صور مستنسخة من النموذج الإمبراطوري الفارسي الذي ورث العرب حضارته ولم يستبعدوا منه شيئا غير الشرك بالله‏.‏
ولذلك نجد الجاحظ يعبر عن فقه السياسة في الإسلام بقوله إن الحاكم ليس كسائر البشر والذنب الذي يرتكبه ليس كالذنب الذي يرتكبه السوقة لأن الملك في منزلة بين الله وبين العباد‏,‏ فكل شيء من أمر الملك حسن في الرضا والسخط‏,‏ والأخذ والمنع‏,‏ وفي السراء والضراء‏,‏ وهكذا تبدو المماثلة بين الله والخليفة متغلغلة في اللاشعور السياسي في العقل العربي‏.‏ ويؤكد ذلك مايقوله الماوردي في كتابه نصيحة الملوك إن الله اصطفي الملائكة‏,‏ واصطفي الرسل‏,‏ ثم اصطفي الملوك من بين الناس‏,‏ فكان الملك هو الآلة التي يديرها الله لتنفيذ مشيئته‏,‏ وهذا أيضا ما يؤكد عليه أبو بكر الطرطوشي من أكبر فقهاء عصره في كتابه سراج الملوك من ضرورة وجود السلطان في الأرض‏,‏ وأول واجباته أن ينزل نفسه مع الله منزلة فهذا طريق الطبيعة الشرعي‏,‏ وحتي الفارابي نجده في كتابه السياسة المدنية يشرح المماثلة بين الله والسلطان‏,‏ فيقول إن الدولة في نظامها تماثل نظام الكون‏,‏ فالله في الكون هو المبدأ الأول ويأتي بعده بالترتيب الملائكة‏,‏ ثم الأفلاك والأجرام السماوية‏,‏ ثم الأشياء المادية في الأرض‏,‏ وآخر الموجودات رتبة هي المادة الخام غير المشكلة‏,‏ ونفس الترتيب نجده في الدولة الملك هوالمبدأ الأول‏,‏ وبعده في المرتبة يأتي الصحابة‏,‏ ثم خاصة الخاصة‏,‏ ثم الخاصة‏,‏ وفي الآخر يأتي عامة الناس وهم يمثلون المواد غيرالمشكلة في الطبيعة‏,‏ أما طائفة الإسماعيلية فإن فقه السياسة عندهم قائم علي تأليه الإمام الحاكم بصورة صريحة‏.‏
ينتهي الجابري من استعراض نظم الحكم في الدولة الإسلامية في مختلف العصور الي أن المستقر في اللاشعور السياسي حتي في العصر الحديث هو الحاكم المستبد العادل لافرق في ذلك بين السنة والشيعة‏,‏ أو بين الحنابلة والأشعرية والمعتزلة‏,‏ أو بين المتكلمين والفلاسفة‏,‏ أو بين الاتجاهات الفكرية المعاصرة بمختلف أسمائها‏,‏ فهذا هو نموذج الحاكم المثالي في الدولة الإسلامية‏,‏ وهونموذج لكل قائد أو أمير من أمراء الجماعات‏,‏ والدليل علي ذلك أن الجماعات المعاصرة تفرض علي أتباعها آداء اليمين علي المصحف علي السمع والطاعة لأمر الجماعة‏,‏ وبعضها يبيح قتل من يخرج علي طاعة الأمير فأين هذا من الديمقراطية الحديثة التي يؤدي فيها الحاكم اليمين علي الخضوع للدستور والقانون؟
المزيد من مقالات رجب البنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.