تعرف علي المواعيد المتبقية لانتخابات مجلس النواب 2025 بمراحلها المختلفة    صيدلة سيناء فرع القنطرة تحصل على الاعتماد من هيئة ضمان الجودة    عيار 21 يسجل 5565 جنيها .. تعرف علي سعر الذهب اليوم الخميس 27-11-2025    وزير بريطاني: يجب فتح جميع معابر قطاع غزة    شوط أول سلبي بين البنك الأهلي وبورفؤاد في كأس مصر    تشغيل محطة طاقة نووية الأبرز، السيسي يصدر قرارين جمهورين مهمين    وزير الثقافة يكلّف غادة جبارة قائمًا بأعمال رئيس أكاديمية الفنون    هيئة الرعاية الصحية توقع 7 مذكرات تفاهم لتعزيز الشراكات وتطوير الخدمات    دوري أبطال إفريقيا - الأهلي بالزي الأساسي أمام الجيش الملكي    مفتي الجمهورية ومدير مكتبة الإسكندرية يبحثان توسيع التعاون في التوثيق والتراث والبحث العلمي    مبادرة "جميلة يا بلدى" بالغردقة تناقش علاقة أخلاق المسلم بالبيئة والصحة    محافظ الأقصر يشهد انطلاق فعاليات أسبوع الخير أولى.. صور    «فاكسيرا» تضع خارطة طريق لمواجهة فصل الشتاء    انخفاض الحرارة غدا.. وأمطار على بعض المناطق والصغرى بالقاهرة 16 درجة    نتنياهو يعقد اجتماعا أمنيا طارئا لبحث التطورات على الساحة اللبنانية    مدبولي: دور الرئيس السيسي في وقف الحرب على غزة محل إشادة دولية واسعة    توزيع جوائز الفائزين بمسابقة أجمل صوت فى تلاوة القرآن الكريم بالوادى الجديد    الأزهر: التحرش بالأطفال جريمة منحطة حرمتها جميع الأديان والشرائع    إعلان نتائج بطولة الملاكمة بالدورة الرياضية للجامعات والمعاهد العليا دورة الشهيد الرفاعي "53"    رئيس المجلس الوطني للإعلام بالإمارات يزور عادل إمام.. والزعيم يغيب عن الصورة    عقدة ستالين: ذات ممزقة بين الماضى والحاضر!    توجيهات مزعومة للجنة الدراما تثير جدلا واسعا قبل موسم رمضان 2026    غلق وتشميع 4 معامل تحاليل ومركزين للجلدية في حملة مكبرة ببني سويف    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    أسوان تحصد جائزتين بالملتقى الدولى للرعاية الصحية    بعثة منتخب سيدات اليد تغادر إلى هولندا لخوض لبطولة العالم    «إعلام الأزهر» تطلق مؤتمرها الدولي السادس    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    روسيا تصدر أحكاما بالسجن مدى الحياة بحق 8 أشخاص بشأن الهجوم على جسر رئيسي في القرم    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    وزير الشباب والرياضة يستقبل سفير دولة قطر لبحث التعاون المشترك    وزير الري يعرض المسودة النهائية لهيكلة روابط مستخدمي المياه    لتعاطيهم المخدرات.. إنهاء خدمة 9 عاملين بالوحدة المحلية وإدارة شباب بكوم أمبو    كأس مصر| البنك الأهلي في اختبار حاسم أمام بور فؤاد بحثًا عن عبور آمن لدور ال16    الليلة: نادى الفيوم يعرض فيلم "فيها ايه يعنى" ضمن مهرجان المحافظة السينمائى    عادل فتحي نائبا.. عمومية المقاولون العرب تنتخب مجلس إدارة جديد برئاسة محسن صلاح    عشرات القتلى و279 مفقودًا في حريق الأبراج العملاقة ب هونغ كونغ    مرصد الأزهر يحذر من تفاقم الظواهر السلبية داخل المدارس ويدعو إلى تأهيل المعلمين    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    ارتفاع حصيلة الفيضانات وانزلاقات التربة في إندونيسيا إلى 19 قتيلا    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب7 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    3 قرارات جديدة لإزالة تعديات على أملاك بنك ناصر الاجتماعى    جامعة بنها ضمن الأفضل عربيًّا في تصنيف التايمز البريطاني    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وهم الشورى.... الشورى الخادعة
نشر في المصريون يوم 28 - 12 - 2009

أرأيتم لصا يسرق فى الحرم أثناء مناسك الحج والأدهى من ذلك أن يبرر ذلك ويقدم له الأسانيد والحجج على شاشات التلفاز أمام العالم ، فيبرر ذلك لنفسه أنها مصلحة المسلمين آخذ من أموال أغنيائهم لفقرائهم .
أى مصلحة هذه ، وأي إسلام هذا الذي تدعيه .... ! ؟
الشورى مبدأ شرعي من مبادئ الإسلام الكبرى ، ومنهجية عمل إسلامية لتنظيم جهود الجموع البشرية العاملة فى أى مستوى من مستويات العمل بداية من فريق العمل المكون من بضعة أفراد وحتى أجهزة صناعة القرار على مستوى الدول والتجمعات الإقليمية والدولية ، يستمد مشروعيته من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة.
وفى والفكرالإدارى الحديث يأخذ عدة أشكال
الشكل الاول : الشورى على أفكار ، أطروحات ، برامج عمل
فتصبح الشورى هنا منهاج عمل يسمح بفتح باب وتوسعة المشاركة في الادارة لصناعة واختيار أفضل الرؤى وبرامج العمل والقرارات من خلال مرحلتين الأولى يتم فيها إفساح المجال لعرض وتنقيح كافة الأفكار والآراء، ووجهات النظر المطروحة في الموضوع محل النقاش حتى يصل الأمر أنه لم يعد هناك ما يمكن عرضه ، وأن جميع المعنيين بالتصويت على علم بكل ما تم طرحه
لتأتى المرحلة الثانية والتي يتم فيها تجميع وتنظيم وتبويب الأفكار التى تم طرحها وصياغاتها فى عدة خيارات محددة يتفق أصحاب الحق فى التصويت أنها هي كل الخيارات الممكنة مع حقهم فى إضافة أية خيارات أخرى فى سياق ما طرح من أفكار
ثم تأتى المرحلة الثالثة والنهائية بالتصويت على هذه الخيارات ليتم اختيار أكثرها أصواتا من قبل أصحاب الحق فى التصويت على سبيل المثال أعضاء الجمعية العمومية.
وبمرور الوقت وتطور الفكر الادارى تحولت الشورى من مجرد منهج عمل إلى مبدأ وأصل إداري معتبر فى الفكر الادارى الحديث .
يستمد شرعيته من الأبحاث العلمية والتجربة الميدانية للكثير من الشركات والمؤسسات ومؤسسات المجتمع المدني متنوعة الأديان والثقافات والتي أثبتت التميز الكبير وفرص النمو والنجاح والإنجاز المستمرة فى ظل الإدارات التشاورية بدلا من الإدارات الفردية المغلقة ( راجع تطوير الجهاز البشرى على طريقة تويوتا جيفرى كيه لايكر الدار العربية للعلوم ناشرون2007 طريقة تويوتا جيفرى كيه لايكر ، ديفيدب ماير / ترجمة وطباعة جرير الطبعة ط الأولى 2009 ) .
الشكل الثاني : الشورى على أشخاص
فتصبح الشورى هنا منهاج عمل يسمح بفتح باب وتوسعة المشاركة في الادارة باختيار أفضل الأشخاص المناسبين لإدارة وقيادة العمل خلال مراحله المختلفة ، والتي تتطلب فى كل مرحلة من مراحلها الأشخاص المناسبين لها ، من خلال إفساح المجال لاختيار الأفراد المؤهلين لتحمل المسئولية خلال المرحلة ، بما يمتلكونه من مقومات شخصية أخلاقية ومهنية بالإضافة إلى ما يطرحونه من أفكار وبرامج عمل .
وفى نظام الحكم الرشيد هو فلسفة للحكم وصنع القرار ، وفى نفس الوقت هي العمود الفقري لفكرة وممارسة الديمقراطية ، حيث تمثل الممارسة الديمقراطية فى اختيار
ممثلين عن الشعب ومنحهم شرعية الحكم وصناعة القرار عبر أراء الجماهير والتي
تمثل صكوك لشرعية حكمهم ، فهذه الصكوك هي محصلة لمجموعة من الأفكار والتصورات والآراء التى ترجمت إلى قرارات اختيار لشخص هو أفضل وأقرب المرشحين للتعبير عنه .
وقد قرر الإسلام مبدأ ومنهجية الشورى فى كتابه الكريم )و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم و مما رزقناهم ينفقون( سورة الشورى-آية 38
(فأعف عنهم و استغفر لهم و شاورهم في الأمر ) سورة آل عمران -آية 159
وقد تركت الشريعة الغراء آليات تطبيق الشورى وتحديد وسائلها وأدواتها لاجتهاد أهل كل عصر وفق ما توصل إليه الفكر الانسانى من أفكار ونظم وتكنولوجيا اتصال وآليات عمل .
يمكن ان تساهم فى تطبيق المبدأ الاساسى بسرعة وسهولة ودقة .
وقد اختلف فقهاء الإسلام فى مدى إلزام الشورى وهل هي ملزمة أم معلمة ، وقسموها إلى شورى واستشارة ، وهذا الأمر يحتاج إلى تفصيل ليس هذا بمحله الآن ولمن أراد التوسع فى هذا الامريمكن الرجوع إلى المصنف الموسوعي الكبير فقه الشورى والاستشارة
د / توفيق الشوى .
فلسفة الشورى بمعنى لماذا الشورى ؟ ما هي الفوائد التى يمكن ان تحققها الشورى ؟
تحقق الشورى العديد من الفوائد فى عدة اتجاهات على مستوى مهنية وجودة القرارات والإعمال التى يمكن ان تتم ، وعلى مستوى القيادة وشرعيتها ، والمؤسسة وقوتها ومكانتها فى المجتمع ، ونظرة وثقة وتعاطي المجتمع معها ، والأفراد العاملين ورضاهم عن المؤسسة وتفاعلهم معها ، والتي يمكن إيجاز أهمها فى التالي :
تعدد وتنوع العقول والخبرات المشاركة فى صنع القرار مما يعزز من فرص جودته
توسعة باب المشاركة فى صنع القرار مما يعمق الاتصال والتواصل بين القيادة والأفراد
التحول إلى العمل المؤسسي الذي تعلوا فيه قوانين ومصلحة المؤسسة على أفرادها
تعزز مبدأ تكافؤ الفرص فى الإدارة والقيادة
القضاء على الاستبداد والتسلط الفردي المؤدى إلى الهلاك
الوقاية من مخاطر خطيئة الفكر الجمعي الذي يفرض نفسه عبر بعض الاشخاص
أصحاب السلطة والنفوذ والحيثيات التاريخية المختلفة.
إحساس الأفراد بذاتهم واحترام الادارة لهم وتعزيز مستوى رضا وانتماء
وعطاء العاملين
مخاطر غياب الشورى الحقيقية على البيئة الوظيفية
أجمل ثم أفصل ، أجمل بما توصل إليه الكواكبي الذي كرس جزءا كبيرا من حياته يجوب بلاد المسلمين للوقوف على حقيقة واقعهم وانحطاطه وأسبابه ، مما أعده من أساليب البحث العلمي الذي اجتمعت فيه الدراسة الميدانية إلى جوار الدراسة النظرية المعمقة ، حيث قال
( كل يذهب مذهبا فى سبب الانحطاط وفى ما هو الدواء ، وقد تمحص عندي أصل هذا الداء هو الإستبداد السياسي ، ودواؤه بالشورى الدستورية ) أشير إلى أن الكواكبي مات شهيدا مسموما مضحيا فى سبيل دعوته ورسالته ( طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد الكواكبي بيروت مؤسسة ناصر الثقافية ط 1980 ).
والآن أفصل بعض الشيء فى مخاطر غياب الشورى على القيادة والعاملين والمؤسسة بشكل عام
التخلي عن المؤسسية لحساب القيادة الفردية المطلقة ( الادارة الاستبدادية )
غياب الشورى يعنى تقليل عدد المشاركين في الادارة وصناعة القرار مما يقلل من جودتها نظرا لتعدد وتنوع مجالات العمل وارتباطها بعضها ببعض وحاجتها المستمرة لمتخصصين يشاركون في الادارة وصناعة القرار.
مركزية الادارة وجمود وتقادم ربما بطيء وتعقد العمل
ضعف مشاركة الأفراد يقلل من إحساسهم بالمسئولية والانتماء للمؤسسة
حرمان الأفراد من التعبير عن أفكارهم وآراؤهم ومن ثم ضعف حافز يتهم ومشاركتهم وتفاعلهم إلى الحد الأدنى الواجب فعله
محدودية فرص الإبداع والابتكار بالمؤسسة
حرمان المؤسسة من الاستفادة بعقول وأفكار العاملين بها
تقليدية وضعف الأداء والإنتاج
ضعف قدرة المؤسسة على مواجهة التحديات والأزمات التي تحتاج لتكاتف جميع جهود العاملين بالمؤسسة
فتح قنوات ذاتية لإبداء الآراء بشكل غير رسمي وانتشار الجيوب والآفات والصراعات الإدارية.
ولكن يبقى السؤال الأهم هو كيف تتم ممارسة الشورى لتحقق فلسفتها وأهدافها التى شرعت من أجلها ؟
واقع الأمر أن الجميع يؤمن ويعتقد بالشورى ، وينوى العمل بها النية من أمر الله تعالى وليس للعبد علاقة بها ، إنما الأمر الذي يعنينا هو ما يطرح من أقوال وما يتخذ من أعمال ولكن ذلك لا يكفى لسببين
الاول : يتعلق بطبيعة الأفراد أنفسهم خاصة فى ظل تعدد وتنوع وتطور الأفكار والتوجهات ونظريات وبرامج العمل ،والتي ربما لا يستطيع البعض إدراكها ، كما أن الإنسان بطبيعته عدو لما يجهل وربما يظل أسير أفكاره التى تربى ونشأ وكبر وشاب عليها ومن الصعب على الكثير تفهم الأفكار الأخرى خاصة الجديد والمبتكر منه مما يعده البعض من باب التطرف والشذوذ ، وربما يكن هو الأقرب للحقيقة .
والبعض قد تربى على الفردية والاستبداد ورضع لبنه ونشأ على لحمه لأسباب متعددة
يتعلق بعضها بطبيعة النشأة وظروفها خاصة فى ظل مجتمعات ربما لم تذق طعم الحرية الحقيقية والمشاركة فى صناعة قرارها منذ نشأت وحتى الآن .
وربما بفعل البدع والخرافات التى ادخلها الصوفية على الفكر الاسلامى مثل فكرة الشيخ والمريد الذي يسير خلف شيخه ويعتقد أن فى مجرد سؤاله أو الاستفسار منه يعد خروجا على منهجه وخلل فى عبادته ، وقد تسربت هذه الفكرة فى مساحات كبيرة من العقل المسلم الحالى وخاصة عقول الكثير من الشباب ممن تعرفوا على الإسلام وتربوا عليه عبر التنظيمات ، والتي مهدت الجو النفسي عندهم لتقديس ( بمعنى افتراض صحة أفكاره وقراراته على الإطلاق واستحالة خطؤه خاصة وانه صاحب سبق وابتلاءات تؤكد ربانيته ) بعض الاشخاص للعديد من الاعتبارات ربما السبق فى الدعوة والإصلاح وربما لكبر السن أو الابتلاء أو العلم ...الخ فأصبح يجمد عقله عن التفكير ليصبح بلا رأى ،وبشكل طبيعي لم يعد له إلا أن يقبل ويحب ويستمتع بممارسة الاستبداد عليه وإذا ما طلب منه يوما المشاركة برأيه ، سارع بأن الرأي ما ألمح أو أشار إليه الشيخ وربما تجسدت فيه
قول مساعدي ملكة سبأ حين قالوا لها (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ) النمل 33
والبعض الكثير ربما تسرب إلى نفسه امتلاك الحقيقة وإنفراده بالاصطفاء للعمل للإصلاح
وأنه أنسب وأقدر الناس على ذلك العمل وهذه المسئولية فيمارس أقصى أشكال الاستبداد
الثاني : هو طبيعة معرفة الأفراد بمفهوم وفلسفة الشورى وما تحتاجه من آليات وإجراءات تضمن سلامة وجودة تطبيقها ، بالتأكيد هي غائبة عن الواقع بسبب التخلف الإداري العام والخاص الذي تعيشه مجتمعاتنا العربية، ناهيك عن أن الفقه والفكر الاسلامى لم يقدم حتى الآن آليات علمية عملية لتطبيق الشورى فى المجالات والمستويات المختلفة لصنع القرار على الأقل فى واقعنا المعاصر.
كما توجد العديد من الأسباب الأخرى التى قد يمارسها البعض تحايلا على مبدأ الشورى
وهم القدرات الذاتية الخارقة والمعرفة بكل شيء ومن ثم عدم الثقة في العاملين معه وربما عدم احترامهم
ضيق الأفق الذهني عامة والمهني خاصة
ضعف النفس وفساد الأخلاق
الضعف المهني والخوف من بروز وصعود آخرين منافسين له على القيادة
ضعف الرقابة والمتابعة وتساهل العاملين فى حقوقهم بالمشاركة فى الادارة والقيادة
فى هذا السياق يعد الحديث عن الشورى من باب العبث العلمي والعملي ، أشبه بمن يدعى
استخدام احدث وسائل المواصلات العالمية من السيارات موديل 2010 ، ثم يأتي بهيكل مشابه لها من الصفيح أو البلاستيك ويضعه على عربة حنطور ، ويقول هاأنا ذا استخدم أحدث سيارة فى العالم .
وبمزيد من التفصيل نبين فكرة وفلسفة الشورى التى تقوم على دعامتين أساسيتين هما :
تكوين رأى واضح ومحدد فى شخص ما من بين عدة أشخاص ، أو برنامج ما
من بين عدة برامج ما .
حرية تكوين هذا الرأي والإدلاء به، ودقة وأمانة تجميع أراء المجموع وتبويبها
وأي عور أو خلل فى هاتين الدعامتين ينسف فكرة الشورى من الأساس ويحولها
إلى وهم وشيء غير حقيقيي بالمرة ، بل ويعد إهدار لحقوق المشاركين بل واستغفالهم
وسرقة لأصواتهم وتوقيعاتهم ، باسم الشورى .
لا تعنينا النية هنا فالنية من أمر الله تعالى ، إنما الذي يعنيا الممارسات العملية على أرض الواقع .
وكلتا الدعامتين تحتاجا إلى العديد من السياسات والمحددات والمعايير والإجراءات التى يجب تحديدها سلفا ، وتعريف الجميع بها ليكونوا جميعا شركاء وأمناء فى المحافظة على تطبيقها على وجهها الصحيح .
متى تغيب الشورى وتتحول إلى وهم وأداة للتحايل ؟
وبالمثال العملي من أرض الواقع يتضح المقال
عندما لا تتاح الفرص للمنتخبين معرفة كافة الأفراد المرشحين بل وسؤالهم ومناقشتهم والبحث فى أغوار أفكارهم وبرامجهم ، بطبيعة الحال سيميلون إلى اختيار الأكثر ظهورا وبروزا أمامهم.
عندما يغيب تقرير أداء المجلس السابق موضحا فيه نتائج أعمالهم وملاحظات الجمعية العمومية عليها والتوصيات الخاصة باختيار أفراد المجلس القادم.
عندما يطرح بعض القادة وأصحاب الراى فى المؤسسة رأيهم فى بعض الأشخاص
على الملأ مما يعد من سبيل الدعاية والترويج لهم والضغط والتأثير الناعم على قرار الأفراد ، خاصة وان القادة ليسوا أناس عاديين .
عندما يلمح بعض القادة والمسئولين ببعض الإشارات والتلميحات السلبية تجاه بعض المرشحين مما يعد من قبيل التأثير على توجهات وإرادة الناخبين تأثيرا ناعما ولكته بالغ القوة فى المؤسسات التى تتعرض لظروف خاصة لا يسمح فيها للناخبين التعرف على مرشحيهم .
تتاح الفرصة للبعض بالتواصل مع المرشحين بينما يحرم البعض الآخر منها
عندما يتم إبراز البعض وإخفاء وحصار البعض الآخر
عندما يؤخذ الناخبون والمرشحين بغتة ، فى استكمال معرفتهم وتصوراتهم عن الإفراد المرشحين والتعرف عليهم ومناقشتهم عن قرب.
عندما لا تتوافر السياسات والمحددات والمعايير والإجراءات التى يجب تحديدها سلفا ، وتعريف الجميع بها ليكونوا جميعا شركاء وأمناء فى المحافظة على تطبيق الشورى على وجهها الصحيح
عندما تختزل عملية الشورى فى مجرد توزيع بطاقات وجمع وتبويب الأصوات
عندما تعرض بعض المعلومات والحقائق ويتم إخفاء جزء آخر من بقية هذه الحقائق
عندما يتم الالتفاف حول رأي معين ودعمه ومحاولة كسب تأييد بعض الأفراد له بشكل منفرد.
والاهم من ذلك كله عندما تغيب خطة وأهداف المرحلة وتوصيف الأفراد الملائمين لها
عملا بمبدأ أن لكل مرحلة رجالها فما هي المرحلة وما هي طبيعة رجالها ؟ .
عندما يتم ذلك نكون بحق أمام نوع جديد من الاستبداد الاحترافي استبداد ناعم غير مألوف
تستخدم فى صناعته مواد خام شرعية ، أشد خطرا من الاستبداد الذي تمارسه الأنظمة
الفاسدة بطبيعتها وتكوينها ، فالخطير فى الأمر عندما يمارسه من يعدون من رموز العمل الإصلاحي الديني.
والسؤال الآن : ما هي الأسباب التى أدت إلى الوصول إلى هذه المرحلة ؟
وكيف تتم مواجهة هذا الاستبداد ؟
لاشك أن أى انحطاط مصدره نفوسنا نحن التى استسلمت للأمر الواقع ، والتي أهملت المعرفة واكتفت بالحد الأدنى منها لصناعة جنود وصفوف من عساكر الصف
يحشدون وساقون إلى حيث ما لا يدرون ، وتركت التناصح وركنت وأذعنت
للاستبداد ، وتركت رياح الفساد تهب بآفاتها من ميكروبات التقرب والتزلف
لمراكز وقوى الاستبداد ، والتي ولا شك فى أنها مقيضة للقيم ، ومفسدة للدين
قاسمة للوحدة ، ووالله ما أهون استبداد الحكام أمام استبداد الأشقاء ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ، بطيعة الحال الأمر يحتاج إلى اليقظة والايجابية و المزيد من العلم والمعرفة والحوار الهادئ الذي تؤيده الأسانيد والحجج العلمية والشرعية والأصوات المخلصة القوية
د / ابراهيم الديب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.