جمعتني الصدفة بعدد من ابناء تهامة في "مقيل" احد الاصدقاء في صنعاء، ودار حديث مطول بشان الحراك التهامي، وما يعتريه من غموض على الاقل بالنسبة لي على اعتبار اني مقيم في القاهرة، وبعيد من المشهد التهامي بتفاصيله. وفي النقاش عرفت الكثير عن المآسي التي يتعرض لها ابناء تهامة تحت ما يسمى "الحراك" في ظل تجاهل متعمد لقضيتهم، وهمومهم بل وعذابهم اليومي، التي صبروا عليه كثيرا ولم يجدوا اذنا صاغية لهم، ولمطالبهم المشروعة، وكان اكثر ما يحز في نفوس من التقيتهم في المقيل الصاق العديد من التهم بالحراك، وهو منها براء والهدف منها اجهاض سلمية حراكهم الذي بداء منذ عام تقريبا، ومحاولة تشويه صورتهم مجتمعيا وأمام القيادة السياسية، وجل ما يطالبوا به واضح ويتمثل بالعدالة وإرجاع الحقوق التي يرون انها سلبت منهم دون وجه حق، والكرامة التي يستبيحها من هم من خارج المحافظة التهامية وبقوة السلاح واستخدام العنف المفرط ضدهم كما يقولون.
وما أساءني شخصيا تلك المشاهد المصورة والدامية التي استعرضها هؤلاء لبعض من افراد الحراك، وهم مضرجين بدمائهم بفعل الاعيرة النارية التي تجاوزت كل حدود الانسانية، ولا زال مشهد من بترت ساقه لم تفارقني حتى هذه اللحظة.
عندما سألت ما السلاح الذي استخدم ليحدث هذه الفجوة الكبيرة في رجل هذا المصاب؟ كان الرد بلوعة ان هذا رصاص من سلاح "اثنا عشر سبعة"؛ يعني المسألة ليست بالغاز او الذخيرة الحية من الرشاش الآلي، بل الإفراط في التعامل مع الحراك التهامي بلغ أبعد من هذا، وبأسلحة يفترض انها محرمة ضد الافراد، وما زاد الحديث مرارة هو أنه لم يحاسب أحد على مثل هذا العمل اللا انساني، ولم يقدم احد للمساءلة..
يا إلهي ما أقسى الانسان على اخيه الانسان.. وأين يتم ذلك؟ في تهامة.. الحديدة تحديدا؛ موطن المسالمين والمتحضرين، وما زاد من مرارة الامر ان ما يجري في الحديده يواجه بمزيد من العنف والقسوة ضد الحراكيين، لا لشيء، فقط لأنهم من ابناء تهامة، مستضعفين في نظر الآخرين.
هكذا كانت كلمات اصدقاء المقيل يعتصرهم الألم لما آلت إليه الأوضاع في تهامة، ولا أخفيكم أن الألم والحزن يلازمنا ايضا؛ ليس تعاطفا فحسب، بل من ازدواجية التعاطي مع المشهد الحراكي في تهامة، ولم أجد ما اعبر به عن حزني سوى نقل ما رأيت وسمعت عبر هذا المنبر الإعلامي عله يواسي اخواننا في تهامة، او تجد صاغيا ومستوعبا لما يدور في المحافظة المسالمة، فالأوضاع لن تقف عند هذا الحد قد تأخذ منحى اخر اذا لم يتدارك الراعي لرعيته ويصغي لمطالب ابناء تهامة الاوفياء ويجد طريقا لإيقاف كرة الثلج قبل ان تكبر وعندها تصبح الحلول غير مجدية.
وأوجه نداءً صادقا لمن يهمهم تهامة وأبنائها أن يشاهدوا ويسمعوا لاستغاثات البسطاء من هؤلاء الذي وصفهم الرسول الأعظم بأنهم ارق قلوبا والين افئدة، وليس كل ما يقال عن الحراك التهامي صحيحا، فقد اثرت سؤالا عمن يقف وراء الحراك وهل من دعم يتلقوه.. ؟ فكانت الاجابة قوية وواضحة أن الظلم هو من حرك الناس ودفعهم للخروج والمطالبة بإنصافهم، وأن معظم من في الحراك هم ايضا من كان في الساحات، وثاروا كغيرهم في الساحات الأخرى، ولكن من سؤ حظهم انهم تهاميون وهذا حالهم فهل يعقل هذا؟.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه