لم يعد الربيع العربي بالنسبة لسائق الشاحنة، خالد الإيراني، "ربيعا" بل "خريف" تساقطت معه كل السبل إلى الرزق والعيش الكريم. فالحركة من سورية وإليها متوقفة تقريبا، أما الحركة إلى مصر وليبيا فهي أيضا متأثرة بحالة "عدم الاستقرار"، أما العراق فما تزال الرحلات إليها محفوفة بالمخاطر، فيما سائقو شاحنات الدول الأخرى ومنها الخليجية "أكلوا الأخضر واليابس"، وباتوا يسيطرون على حركة النقل مع هذه الدول، وفقا للغد الأردنية.
خالد، الذي يعمل كسائق شاحنة منذ 25 عاما، لم يعد عمله كما كان في السابق "أيام العز"، فقد باتت أحوال القطاع في العقود الأخيرة تتدهور عاما بعد عام، وبات دخله من "نقلاته" لا يفي بالحد الأدنى من متطلبات أسرته، مشيرا الى أن الوضع بات يسوء أكثر مع "الربيع العربي في الدول المجاورة".
في التسعينيات كان خالد يملك "شاحنة ونصف"، وفق تعبيره؛ حيث يملك شاحنته التي يعمل عليها وشريكا في ملكية شاحنة أخرى، إلا أنه اليوم لا يملك حتى الشاحنة التي يعمل عليها؛ حيث أنه قام ببيعها ويعمل عليها حاليا لصالح شركة نقل، ويكتفي بدخل لا يتجاوز ال 400 دينار شهريا يحصلها جراء رحلة ممكن أن ينفذها خلال الشهر.
"بعتها لأنها أصبحت مثل قلتها"، "فالعمل عليها أوفر من أن أتكبد مصاريف صيانتها الشهرية"، هكذا يبرر خالد بيع شاحنته.
خالد (51 عاما) ليس لديه ضمان اجتماعي ولا تأمين صحي ولا أي ضمانات تؤمن له حياة كريمة، وليس لديه "أي حقوق أو مكتسبات"، فهو اليوم يحاول جهده أن "يؤمن قوت أسرته المكونة من 3 أطفال وزوجة وأم وأخ مريض".
ويعد خالد من بين شريحة واسعة من السائقين الذين يصل عددهم الى ما يزيد على 15 ألف سائق؛ حيث تشير الإحصائيات المتوفرة لدى الهيئة الى أن عدد شاحنات أسطول النقل البري الثقيل قد بلغ (15874) شاحنة.
ووفق الإحصائيات، تشكل الشاحنات القديمة (موديل أقدم من 2000) أي ما نسبته 61,5 % منها، ويبلغ متوسط عمر الأسطول (13,7) عام، وهذا يعتبر مرتفع نسبياً مقارنة مع العمر التشغيلي للشاحنات الثقيلة البالغ (10) سنوات، إضافة إلى وجود فائض في شاحنات الأسطول يقدر بحوالي (4000) شاحنة عن حجم الطلب، ما أدى إلى حدوث اختلال في العرض والطلب أدت إلى مضاربات بين الناقلين تسبب بتدني الأجور.
نقيب أصحاب السيارات الشاحنة، محمد الداوود، يرى أن السائق الأردني بات خلال الأشهر الماضية محاصرا وليس لديه من خطوط بديلة كي يعمل عليها؛ فالنقل إلى سورية وأوروبا وتركيا مغلق في وجهه حاليا.
ويؤكد بأن الأجور باتت لا تغطي الكلف التشغيلية للرحلة، خصوصا مع ارتفاع كلف المعيشة وارتفاع أسعار قطع الغيار والزيوت والديزل.
وحول وجود شاحنات أجنبية، يرى الداوود أن الشاحنات الأجنبية بات تأثيرها السلبي أقل من السابق؛ حيث أن الحكومة تغرمها حوالي 500 دينار، إضافة إلى 150 دينارا بدل استعمال طرق، إلا أنه يسمح لها بالتحميل في رحلة العودة وذلك وفق اتفاقيات دولية.
ويؤكد على أن القطاع بحاجة لإعادة تنظيم، مع ضرورة إعادة لجنة الكلف التشغيلية التي كانت تحدد الأجور.
ويؤكد بأن "شريعة الغاب هي التي باتت تتحكم في القطاع فالقوي يأكل الضعيف و"المخلصين" باتوا يتحكمون بالقطاع؛ حيث أنهم يأخذون الأجر الحقيقي، فيما الأجور المتدنية تذهب للسائقين الفرديين والشركات الصغيرة.