دمشق : في عملية عسكرية جديدة ينفذها الجيش السوري ضد المدنيين العزل ، اقتحمت القوات تدعمها الدبابات والمروحيات بلدة الرستن الاستراتيجية اليوم الثلاثاء بعد اشتباكات مع منشقين عن الجيش، وفقا لبعض سكانها. ودخلت عشرات الدبابات والعربات المسلحة البلدة التي يقطنها 40 ألف نسمة وتقع بالقرب من مدينة حمص على الطريق الرئيسي إلى تركيا. وجاء ذلك بعد دك البلدة طوال الليل بالأسلحة الثقيلة المحملة على الدبابات و المروحيات في أعقاب فرض حصار عليها لمدة يومين. وقال شاهد عيان ، في اتصال مع قناة "الجزيرة" ان قوات الأمن والجيش تقتحم مدينة الرستن بحمص منذ 3 أيام مدعومة بدبابات ومروحيات المدفعية من جميع المحاور، إضافة الي قطع الكهرباء والانترنت عن المدينة. وذكر ان عدد الجرحي وصل منذ صباح اليوم الي 14 جريحا والبعض منهم حالتهم خطيرة، إضافة الي حملات الاعتقال وإطلاق نار عشوائي علي المدنين بسبب زيادة انشقاق الضباط من الجيش. ويأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه ناشطون سوريون ان 16 شخصا علي الأقل قتلوا برصاص الأمن في انحاء مختلفة من البلاد، بينهما أكاديميين بارزين معروفين في معارضة النظام. ونقل المركز السوري عن قيادي معارض في حمص ان مدير كلية الكيمياء نائل الدخيل وأستاذ الهندسة في جامعة البعث محمد عقيل، قتلا الاثنين في حمص برصاص مجهولين. وكان عميد بالجيش السورى قد لقى مصرعه أمس على يد مجموعة مسلحة على الطريق الواصل بين زيدل والمشرفة بمدينة حمص وهو عائد من عمله الى منزله. وأفادت الأنباء بأن العميد يدعى نائل الدخيل نائب مدير كلية الكيمياء بحمص، وأن مجموعة ارهابية أخرى اغتالت الدكتور محمد على عقيل نائب عميد كلية هندسة العمارة بحمص وذلك باطلاق الرصاص عليه فى ميدان المهندسين بمنطقة الغوطة بالمدينة وضربه بالة حادة اضافة الى التنكيل بجثمانه. من جهته اتهم وليد المعلم وزير خارجية سورية الغرب بمحاولة خلق "الفوضى الكاملة" في بلاده بغرض تدميرها. وألقى المعلم اللوم على "التدخل الأجنبي" في المظاهرات المناوئة للحكومة المتواصلة منذ شهور. جاء ذلك في كلمة القاها وزير الخارجية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأضاف وزير الخارجية أنه بسبب ذلك فإنه لا بد من أن تأتي الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس بشار الأسد "في المرتبة الثانية". وقال إن حكومات أجنبية سعت لتقويض التوازن الدقيق بين الجماعات الدينية المختلفة في سورية. وتساءل "وإلا كيف يمكن ان نفسر الاستفزاز الإعلامي وتمويل وتسليح التطرف الديني، ولأي غرض سوى الفوضى الشاملة التي تقطع أوصال سورية"؟ وأضاف أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي مؤخرا على سورية تؤذي "مصالح الشعب السوري واحتياجاته اليومية وبشأن الوضع الأزمة السياسية الطاحنة التي تشهدها سوريا ، ذكرت وكالة أنباء "نوفوستى" الروسية ان الحراك الاحتجاجي في سوريا افرز تيارات سياسية معارضة داخلية وخارجية كثيرة جعلت المتابعين لنشاطه يخلطون حتى في تسميتها وأسماء مؤسسيها، فيما ازدادت مهمة الدول الغربية الداعمة لهذا الحراك صعوبة في جمع أطراف هذه التيارات تحت مظلة واحدة في مواجهة النظام. وقالت ان بعض قادة هذه التيارات، ومنهم الكاتب والناشط السياسي المعارض لؤي حسين لا يرى مع ذلك في هذه الكثرة عيبا، بل انه قال انها "دليل على فتح الحياة السياسية في البلاد"، حسب تعبيره. وقال حسين في تصريحات لوكالة انباء نوفوستى " نحن لا نحتاج إلى قطب سياسي واحد في مواجهة السلطة. نحن في صراع على الحريات والحقوق، وبالتالي من الحريات والحقوق هو صناعة حياة سياسية من المفترض أن تغتني بالتشكلات السياسية والمدنية في البلاد وهذا لا يعيبها.. هذا تنوع وليس تشرذما، وهو يدل على حيويتها "، معتبرا أن الغرب يريد قطبا معارضا موحدا " ليرتاح ويختزل الصراع في سوريا من صراع جذري إلى صراع على السلطة". وأكد حسين أنه اعترض - منذ بداية الكلام عن تشكيل مجالس وحكومات - على مسألة أن تمثل أي هيئة أو تحاول أن تدعي أنها تمثل المعارضة أو تمثل الشارع أو أن تدعي أنها هي هيئة انتقالية بمعنى أنها بديل للسلطة. ولفت حسين، وهو أحد مؤسسي "تيار بناء الدولة السورية"، إلى إنه "إن حاول الغرب صناعة قطب معارض سنرفضه بكل بساطة، ولن نتيح له المجال لأن يكون منبرا أو ممثلا لقوى الاعتراض في الداخل". وفي معرض تعريفه ل"تيار بناء الدولة السورية"، الذي تأسس قبل نحو أسبوعين فقط، أكد حسين أن هذا التيار هو كيان سياسي لا حزبي، بمعنى أنه " لا يتوخى خوض الانتخابات ولا يسعى باتجاه أن يكون قطبا سياسيا واحدا في البلاد، إنما يحاول تشكيل فضاء سياسي لأشخاص وشبان دخلوا قديما أو حديثا إلى الحياة العامة والحياة السياسية السورية وتشجيعهم على تشكيل الأحزاب وتشكيل التعابير السياسية والمجتمعية المتنوعة والمتعددة". وأعلن حسين أنه وتياره يرفضان المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الثاني الذي من المقرر أن تدعو القيادة السورية لعقده في أكتوبر المقبل ويتمسكان بالتظاهر سبيلا "لإسقاط السلطة"، معللا رفضه بأن" الشروط الموضوعية للحوار لم تحقق بعد. بمعنى أن لا حوار يمكن أن يكون على الحريات والحقوق، فما زلنا نحن مسلوبي الحريات والحقوق، فضلا عن أن هذا الحوار ليس أكثر من وسيلة ديماجوجية تعتمدها السلطة للقفز فوق جوهر الصراع الحالي في البلاد، وهو الحريات". وفي واشنطن ، أشادت الولاياتالمتحدة الاثنين بضبط النفس لدى المعارضة السورية في مواجهة القمع الدامي للتظاهرات، معتبرة أن ظهور أعمال مسلحة ضد النظام هو أمر طبيعي. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر إنه "ليس مفاجئا، بالنظر إلى درجة العنف في الأشهر الأخيرة، أن نبدأ برؤية عسكريين وأفراد في المعارضة يلجأون إلى العنف ضد الجيش لحماية أنفسهم".
وأضاف أن "المعارضة أظهرت حتى الآن ضبطا استثنائيا للنفس في مواجهة وحشية النظام".
وتابع أنه "من الطبيعي أن تصبح هذه الحركة السلمية عنيفة على الأرجح كلما زاد النظام من أعمال القمع والقتل والاعتقال".
وأشار تونر إلى معلومات صحافية وصفها بأنها ذات مصداقية تتحدث عن قيام أجهزة الاستخبارات السورية بتعذيب وقتل مقربين من المعارضة لإجبار هؤلاء على تسليم أنفسهم. وأكد أن "قسما كبيرا من المعارضين لا يزال غير مسلح، وأي تغيير في هذا الوضع يتحمل النظام مسؤوليته"، معتبرا أن رد المعارضين على النظام هو "قضية دفاع عن النفس". وجدد تونر دعوة بلاده إلى تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، مؤكدا أن الأخير "لم يعد الرئيس الشرعي للبلاد. وفي بكين التي تعارض تنفيذ اي اجراءات عقوبية ضد نظام الأسد ، أعرب مسئول صيني عن تأيد بلاده لجهود الولاياتالمتحدة الرامية الي قيام مجلس الأمن بإجراء اضافي ازاء النظام السوري. وقال مسئول صيني ان وزير الخارجية الصيني تفهم وأيد وجهة نظيرته الأمريكية في هذا الصدد، مشيرا الي ان واشنطنوبكين اتفقتا علي أن يعمل البلدين في مجلس الأمن علي ذلك خلال الأيام القادمة.