حذر السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة العربية من الانهيار الكامل للدولة السورية إذا لم يتم تحرك سريع لإنقاذها. وقال بن حلي في حديث لجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية، على الطائرة من الدوحة إلى القاهرة: "إن الموضوع السوري أولوية مطلقة للجميع"، مؤكداً أن القمة العربية شددت على الحل السلمي وتتمسك به.
ورفض بن حلي الاتفاق مع وجهة النظر القائلة: "إن وصول المعارضة لمقعد سوريا يقضي على فرص الحل السياسي"، كما رفض مواقف بعض الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي تنتقد أو تبدي عدم ارتياحها من قرار القمة بإعطاء مقعد سوريا للمعارضة.
وحول الحل السلمي للأزمة قال بن حلي: "بالنسبة للجامعة العربية ما زال الحل السياسي هو السبيل الوحيد والسليم لمعالجة الأزمة وإنهاء مأساة الشعب السوري، وحتى مع إعطاء مقعد سوريا للمعارضة سوف تستمر جهود الحل السلمي وهذا يتطلب أولا أن تقوم المعارضة بتوسيع دائرة التمثيل والاستيعاب لكل القوى المعارضة، وأن تجسد الواقع داخل سوريا وأن يشارك كل من في الداخل بالائتلاف، والرسالة الثانية حث النظام على التجاوب مع مبادرات الحل السياسي ووقف هذه المأساة التي تؤلم الجميع وأن يكون لديه بدائل وإقدامه على مبادرات للحل".
وعن الموقف العربي من الأزمة السورية، فرأى بن حلي أن الجميع يتمسك بإنهاء أزمة الشعب السوري رغم تحفظ بعض الدول على القرار، وهذا الأمر واضح في التماسك والحرص على الحل السياسي كحل وحيد لإنهاء الأزمة بكل أبعادها وجوانبها، مضيفاً أن مجلس الأمن والأممالمتحدة لا بد أن تكون متحركة أكثر لإيجاد عناصر الحل العملي، والمبعوث المشترك الإبراهيمي لا بد أن يعمل بمدخل هذه التطورات.
وحول تقييمه لنتائج القمة والتحرك العربي مع الرئاسة لدعم قضايا تتعلق بدول الربيع العربي، قال بن حلي: "الأمانة العامة والأمين العام في اتصال دائم مع الدول العربية وهناك محاولات لطرح مبادرات وإيجاد صيغ توافقية والدفع بها، لكن أعتقد أن أهم ما اتسمت به هذه القمة هو أنها أدخلت البعد الشعبي والاهتمام بالمواطن العربي قبل الاهتمام بالمواقف الرسمية".
وأوضح أن البيان الختامي للقمة: "عاكسا أولا: فيما يتعلق بالدول التي تعاني الآن بسبب الأحداث والتطورات والتغييرات وإعادة تنظيم الدول كلها كان هناك اهتمام بتجسيد التضامن العربي ومساعدة هذه الدول سواء فيما يتعلق بالضائقة الاقتصادية أو غيرها من دعم مؤسسات الدولة وصولا إلى الاستقرار المنشود".
وأضاف بن حلي أن القمة اهتمت أيضاً بالمواطن العربي باعتباره العنصر الرئيس لهذه القمة سواء من خلال مجلس حقوق الإنسان العربي والتنمية وما يمكن أن تقوم به الدول العربية بالنسبة للمواطن العربي، والموافقة على إنشاء محكمة لحقوق الإنسان العربي يمكن أن يلجأ إليها عندما لا تنصفه القوانين الوطنية، نجد أن هذا عامل جديد. والهوية العربية والطلب من الدول دعم جهودها لرفع مستوى المعيشة للمواطن العربي وإشعاره بالاعتزاز والانتماء بهويته وفتح مجال المستقبل أمامه.
وأشار إلى أن هذه القمة طلبت من أعضائها فتح باب الأمل للشباب وإعطاءهم مواقع قيادية وإشراكهم في مؤسسات المجتمع المدني، وهناك اجتماع مقبل تحت رئاسة القمة لمنظمات المجتمع المدني وتم تفعيلها في هذا المجال، بالإضافة إلى قضية فلسطين حيث كانت دائما محورا أساسيا، أولا من خلال صندوق القدس وعقد قمة عربية مصغرة برئاسة مصر لتفعيل المصالحة وكذلك قيام وفد عربي مكون من لجنة مبادرة السلام العربية لزيارة واشنطن قبل نهاية شهر أبريل /نيسان لتصحيح مسار السلام.
أكد بن حلي حول تقييمه للقمة أن هناك أيضا اهتمام بكل القضايا العربية وليس سوريا فقط ولدينا خلال أيام انعقاد مؤتمر دولي للدول المانحة لدعم دارفور هنا في الدوحة، وكذلك دعم الصومال بعد التأكيد على دخوله في مرحلة مبشرة للخروج من أزمته التي طالت وكيفية مساعدته، وموضوع ليبيا وحاجتها للدعم العربي سواء فيما يتعلق بالنواحي الأمنية أو الأموال المهربة والمرافق الأساسية للدولة.
وحول دور الجامعة في دعم الوفاق في العراق، قال بن حلي: "أعتقد أن هذه القمة العربية طرحت عددا من المبادرات العملية التي يجب تنفيذها والأمانة العامة ستكون ملتزمة مع الدول الأعضاء والرئاسة بتنفيذ هذه المبادرات سواء فيما يتعلق بالحالة التي تعيشها ليبيا أو فيما يتعلق بتنفيذ المبادرة الخليجية في اليمن، سيكون هناك دور عربي فاعل بالتنسيق مع الأممالمتحدة، وكذلك مؤتمر الدول المانحة الذي يركز على إعادة الإعمار في دارفور وهو مؤتمر في غاية الأهمية لأنه سيضع اللمسات الأخيرة لإغلاق هذا الملف، وكذلك التعاون مع المنظمات الإقليمية مثل الأممالمتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي فيما يساعد ويساهم الجامعة العربية على تنفيذ الالتزامات، وأقول هناك التزامات في هذه القمة من قبل الدول الأعضاء كما أن الجامعة العربية دخلت في مرحلة جديدة، وهي لا بد أن تواكب وتتفاعل وتترجم ما يحدث على الساحة الوطنية لكل دولة عضو من خلال العمل العربي المشترك في المنطقة".
واختتم بن حلي حديثه قائلا: "نحتاج لعمل مكثف لحل الأزمة السورية لأن إعطاء مقعد النظام في الجامعة للمعارضة قد حسم أو حل، بالعكس نحن الآن ما زلنا في حاجة لأفكار مبدعة وسريعة وعملية من قبل الدول العربية لموضوع سوريا وهو إحدى الأولويات المطلقة التي يجب وضعها على أجندة الجميع، سوريا الآن تنهار إذا لم نتحرك بمبادرات وأفكار سواء معارضة أو حكومة للالتقاء على المصلحة الوطنية".