استقبل فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، د. سعد الدين الهلالي، رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وجرى حديث مطوَّل عن مَقام الفتوى وأهميَّتها في حياة المسلم. وقد تحدَّث فضيلة الإمام الأكبر عن واقع الفتوى، وبيَّن خطرها في الدين، وأوضح أنَّ علماء الأمَّة وضعوا لها ضوابط وقواعد وآدابًا، وأوجبوا على المفتين مُراعاتها عندَ القيام بالنظَر في النوازل والمستجدَّات؛ رعايةً لمقام الفتوى العالي من الشريعة، وإحاطةً له بسياج الحماية من عبث الجهلة والأدعياء.
وحول الفتوى المنسوبة للأحناف في مسألة المسكر، قال فضيلة الإمام: إنَّ الفتوى في مذهب السَّادة الأحناف على مرِّ العصور هي اتِّفاق علماء الأمة وإجماعهم على العمل بالحديث الصحيح: ((ما أسكر كثيرُه فقليلُه حرامٌ))، والقول الراجح عند السادة الحنفية موافق لجمهور الأمَّة، وقد تقرَّر - كما هو معلوم عند أهل العلم - في مذهب السادة الحنفيَّة أنَّ اتِّباع المرجوح لا يجوز في الفتوى أو القضاء أو العمل.
وأضاف فضيلته: هناك فرق بين فقه التيسير في الشريعة المبني على اليُسْر ورفع الحرَج، والمنضبِط بضوابط المعقول والمنقول، وبين منهج المبالغة والغلو في التساهُل والتيسير واتِّباع الرُّخَص وشواذ الآراء؛ فلا ينبغي للمفتي تحت ضغط الواقع أنْ يُضحِّي بالثوابت والمسلمات، أو يتنازل عن الأصول والقطعيَّات بالتماس التخريجات والتأويلات التي لا تشهدُ لها أصول الشريعة ومقاصدها. كما أشار فضيلته إلى أنَّ الرُّخص الشرعية الثابتة بالقرآن والسنة لا بأس بالعمل بها لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الحديث الصحيح : ((إنَّ الله يحبُّ أنْ تُؤتَى رُخَصُه كما يحبُّ أنْ تُؤَتى عزائمه)).
ولكن تتبُّع رخص المذاهب واعتماد الفتاوى الشاذَّة منهج خاطئ، ولا يصحُّ الترويج للأقوال الضعيفة، والشاذة، والمرجوحة، والمبثوثة في كتب التراث، وطرحها على الجمهور، لأنه تَنَكُّبٌ لمنهج أهل السُّنَّة والجماعة الذين أجمعوا على ترك العمل بالأقوال الشاذَّة.