العيش بالكوبون ، أنابيب البوتاجاز بالكوبون ، البنزين بالكوبون، هذا هو حال مصر خلال المرحلة القادمة حيث يبدو أن معظم السلع الأساسية ستكون بالكوبونات، وهناك حالة من الترقب الحذر يعيشها المواطن المصري لمعرفة ما سيسفر عنه نظام الكوبونات وهل سيطبق بالفعل على أرض الواقع أم انها مجرد تصريحات حكومية، كما يتساءل المواطنون هل سينجح هذا النظام إذا تم تنفيذه ؟ . البداية بالخبز
ونظراً لأن مشكلة رغيف العيش أهم المعوقات التي يريد المواطن المصري القضاء عليها لأن الخبز يمثل الوجبة الأساسية لديه خاصة محدود الدخل فهناك العديد من الحلول لحل تلك الأزمة ، وقد أعلن الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية أن ملف الخبز من أهم الملفات التي يسعى لحلها في الفترة الحالية ، ولكن توجد الكثير من الصعوبات التي تواجهه في الحصول عليه، وذلك إما لكثرة الزحام أو قلة عدد ساعات حصة الإنتاج نتيجة بيع الدقيق في السوق السوداء.
ولحل تلك الصعوبات التي يواجهها المواطن للحصول على رغيف الخبز فقد تعددت الطرق التي ابتكرتها الحكومة سواء في الوقت الحالي أو خلال الفترات الماضية ، لمواجهة أزمة توزيع رغيف الخبز وحصول الأفراد عليه سواء بتوصيله إلى المنازل أو بتوزيعه عبر كوبونات أو من خلال فصل منافذ التوزيع عن الإنتاج ، كل ذلك يكون الهدف منه توفير رغيف الخبز للمواطن الذي يستحقه يصلح للاستخدام الآدمي.
ولكن نظام الكوبونات لم يلقى ترحيب من البعض ، حيث فاجأ العشرات من أعضاء حركة 6 إبريل بالإسكندرية خلال يناير الماضي ، أهالي حي زيزينيا الراقي بالتظاهر بجوار مسجد يحيى بشارع أبي قير، حاملين كميات من أرغفة العيش، احتجاجًا على نظام توزيع الخبز الجديد الذي أقرته حكومة الدكتور هشام قنديل.
كما رفع المتظاهرون لافتات كتبوا عليها :"حتى العيش بقى بالكوبونات"، وقال محمود الخطيب المتحدث الإعلامي باسم حركة 6 إبريل بالإسكندرية، إن هذه الفعالية ما هي إلا حلقة في سلسلة فعاليات احتجاجية سيتم التوسع لرفض نظام توزيع 3 أرغفة فقط لكل مواطن" ، محذراً من أن المساس برغيف العيش الذي يمثل الغذاء الرئيسي للشعب المصري.
وطالب المتظاهرون، بإقالة حكومة الدكتور هشام قنديل وتعيين حكومة جديدة تستطيع استكمال مطالب الثورة وهي العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. كما ينتقد صاحب مخبز فكرة توزيع الخبز عن طريق الكوبونات، قائلاً: الأفضل عدم تنفيذه لأن كثيرًا من المخابز يتوافد عليها الكثير من خارج، واصفًا الفكرة ب"الفاشلة".
ويرى أنه إذا تم فصل الإنتاج عن التوزيع لا يكون الخبز بنفس الجودة التي يخرج بها من المخبز حين يصل إلى المستهلك، مضيفًا أن صاحب المخبز يتحمل الكثير من الخسارة ولا يستطيع تعويضها إلا ببيع الدقيق في السوق السوداء.
يأتي ذلك في الوقت الذي يرى فيه إسماعيل خفاجة المدير بإدارة التموين ومراقب المخابز أن تفعيل عملية استخدام الكوبونات تحل جزءًا كبيرًا من الأزمة ولكنها لا تقضي عليها تمامًا، مشددًا على أن الحل الأمثل لمشكلة الخبز تحويل الخبز المدعم إلى حر وإعطاء المواطن حقه ماديًّا.
ويوضح أن ضعف الرقابة علي المخابز يسهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة، ويشجع الكثير من أصحاب المخابز على عدم تسليم الخبز للجان التوزيع، ويلجئون إلى بيع الخبز في السوق السوداء، مؤكدًا أن استخدام الكوبونات يقضي على السوق السوداء.
الأنابيب والكوبونات
وفي الوقت الذي أكد فيه الدكتور أحمد سمير وزير الدولة للتنمية الإدارية أنه سيتم توزيع أنابيب البوتاجاز بالبطاقة الذكية اعتبارا من مطلع مارس المقبل على مستوى الجمهورية , نفت مديريات التموين تلقيها أي تعليمات خاصة بذلك الشأن وكانت آخر التعليمات التي وصلت الى المديريات هي حصول المستودع علي الأنبوبة من الهيئة العامة للبترول بسعر 2.40 جنيها ليقوم ببيعها للمستهلك بسعر 5 جنيهات من المستودع. وخلال العام الماضي تم تأجيل مشروع توزيع البوتاجاز بالكوبونات عدة مرات .
وقال محمود عبد العزيز مدير مديرية تموين القاهرة أن المديرية لم تتلق أي تعليمات لتطبيق نظام الكوبونات بالرغم من احتفاظها ب 3.5 مليون كوبون منذ أكتوبر الماضي دون التطبيق الفعلي للنظام الجديد مرجعا ذلك إلى سبب الحملة الشرسة التي شنها أصحاب المستودعات المعارضون للنظام .
أما وزير البترول والثروة المعدنية أسامة كمال فقد أكد أن التوسع في تطبيق نظام كوبونات البوتاجاز، على مستوى الجمهورية سيتم فور الانتهاء من مراحل الحوار المجتمعي، والاتفاق على الشكل النهائي لتفعيل تلك المنظومة.
وأضاف الوزير، في تصريحات خاصة ل"بوابة أخبار اليوم"، أن تلك المنظومة حالياً يتم تطبيقها بشكل جزئي في عدد من المحافظات، ويجري حالياً مناقشة الشكل النهائي لها، بالإضافة لنظام الكروت الذكية الخاصة بالسيارات، وحصولها على البنزين والسولار المدعم.
وقال كمال، أن الوزارة تعمل حالياً على إنشاء مدينة تعدينية بمنطقة مرسي علم، ويتم حالياً الإعداد لتجهيز الميناء سفاجا لتكون ميناء مجهزة لتصدير المنتجات التعدينية.
وكانت الحكومة قد قررت تنفيذ المشروع أول مايو الماضي بواقع اسطوانة ونصف شهريا لكل أسرة لا يزيد عددها علي ثلاثة أفراد واسطوانتين لكل أسرة يزيد عدد أفرادها علي ثلاثة وذلك بسعر 5 جنيهات للاسطوانة وعلي أن يكون سعر البيع الحر خارج نظام الكوبونات 25 جنيها لكل اسطوانة وهو ما كان يستهدف توفير 4 مليارات جنيه سنويا من دعم البوتاجاز.
البنزين والدعم
وفكرة كوبونات البنزين لا تختلف كثيرًا عن فكرة كوبونات أسطوانة البوتاجاز، حيث سيحصل صاحب السيارة على كوبونات بقيمة 2500 جنيه سنويًا لتموين سيارته على أن يشترى بالسعر الحر بعد نفاد الكوبونات، وحول رفع الدعم عن البنزين، قال الدكتور أحمد سمير وزير التنمية الإدارية المفوض، انه لم يتم الاتفاق حتى الآن على حل نهائي لتوزيع البنزين المدعم ، مؤكدا أن كل ما يتم طرحه مجرد أفكار.
وأضاف الوزير في تصريحات صحفية أمس، ان المقترح المقدم لتوزيع البنزين المدعم على المواطنين ، ينص على توزيع البنزين بأنواعه والسولار عن طريق بطاقات ذكية ،ولكن لم يحدد بعد الشكل النهائي لها ، مشيرا إلى انه بموجب هذه البطاقات سيتم تحديد عدد من اللترات لكل سيارة شهريا يتم بيعها للمواطن بالسعر المدعم ، وما يزيد على ذلك يتم بيعه بالسعر العادي.
وأشار إلى أنه يتم تحديد عدد اللترات طبقا لنوع المركبة حيث ان هناك اقتراحا بصرف 150 لترا شهريا من البنزين لكل مركبة تقل سرعتها عن 1600 سي سي، وسيتم صرف البنزين المدعم للمواطنين على رخصة السيارة.
وأوضح الوزير انه سيتم استثناء المدارس الخاصة والسيارات الخاصة بالسفارات واليخوت من الدعم ، مشيرا إلى أن دعم الوقود يتعدى 130 مليار جنيه سنويا ، وأن 30 % من السولار المدعم يتم تسريبه للسوق السوداء . وتابع: أن تطبيق كوبونات البطاقات الذكية على منظومة الدعم الخاصة بالبنزين والبوتاجاز والخبز سيوفر من 20 الى 30 مليار جنيه سنويا .
وخلال العام الماضي أعلنت وزارة البترول انتهاءها من تحديد أسعار المواد البترولية فى خطتها الجديدة لترشيد دعم الطاقة وتوزيعها بنظام "الكوبونات" على فئات الاستهلاك المختلفة، في محاولة لمواجهة تسريب كميات كبيرة إلى السوق السوداء، وتخفيض مخصصات دعم الطاقة في الموازنة العامة للدولة.
ووفقاً لخطة وزارة البترول، سيتم تحديد كميات البنزين والسولار للمستهلكين من أصحاب السيارات الملاكي والأجرة والنقل، وحددت الوزارة عدد سيارات الملاكي، وفقاً لإحصاءات إدارة المرور بوزارة الداخلية، بنحو 6 ملايين سيارة.
كما تقرر تخصيص بنزين 80 للسيارات المُصنعة قبل عام 1995 فقط، بقيمة 1620 جنيهاً سنوياً، تدفع مقابل الحصول على الكوبون من إدارة المرور التابعة لها السيارة، ويحق لأصحاب تلك السيارات الحصول على أنواع متقدمة من البنزين وخصم القيمة الشعرية من الكوبون.
وبحسب الخطة الجديدة لدعم الطاقة، سيتم قصر بيع بنزين "80" وفق نظام الكوبونات فقط ب 90 قرشاً، ولن يطرح للبيع بالسعر الحر، كما سيباع بنزين "90" في "الكوبون" بسعره الحالي أي بقيمة 175 قرشاً، على أن يطرح للبيع في المحطات بقيمة 3 جنيهات.
واستقرت وزارة البترول على إلغاء دعم بنزين "92"، وبيعه بالسعر الحر بقيمة 3.25 جنيه للتر الواحد، كما قررت إلغاء الدعم على بنزين "95"، وبيعه ب 4.75 جنيه، مقارنة ب 2.75 جنيه حالياً.
أما السيارات التي تسير بالسولار، قررت وزارة البترول منح كل سيارة نقل "كوبونات" سنوية بقيمة 15 ألفاً و840 جنيهاً، مقابل حصولها على 14400 لتر سولار في العام بسعر 110 قروش، على أن يطرح للبيع بالسعر الحر خارج الكوبونات ب 2 جنيه.
أما بالنسبة لوسائل نقل الركاب "ميكروباصات" و"أوتوبيسات" ستحصل على 10 آلاف لتر سنوياً فى شكل كوبونات ، بسعر مدعوم بقيمة 110 قروش، بإجمالى 11 ألف جنيه سنوياً.
السائقون ثائرون
وبسبب أزمة الوقود، والتى باتت تهدد أمن واستقرار معظم الأسر المصرية، بعد أن قررت حكومة الدكتور هشام قنديل إلغاء الدعم على الوقود، بهدف القضاء على أزمة عدم توافره، بعد تأكيدات الحكومة أن أزمة الوقود التى عانت منها البلاد على مدار الأشهر الماضية ناتجة عن العجز عن تمويل استيراد المواد البترولية "المدعمة"، نتيجة عجز الموازنة العامة للدولة، الناتج أصلاً عن استمرار الدعم، وهو ما يتطلب إلغاؤه، كما صرح الرئيس محمد مرسى بأن دعم الوقود يصل لنحو 100 مليار جنيه، بالتزامن مع تأكيدات حكومية عن وضع خطط وبرامج محددة لإعادة هيكلة وتنظيم وترشيد دعم الوقود، ليصل إلى مستحقيه، وسيتم هذا من خلال نظام "الكوبونات"، ونظام "الكروت الذكية".
وقد لاقى هذا الأمر احتجاجًا واضحًا من معظم أصحاب سيارات الأجرة وكذلك السيارات الملاكى، حيث يقول أحد سائق التاكسي "أعلنت الحكومة عن توفير احتياطى استراتيجى للوقود، وأن وزارة المالية بصدد تدبير المبالغ اللازمة للاستيراد من الخارج وبخاصة البنزين، إلا أننا اكتشفنا أن الأزمة تتفاقم يومًا بعد آخر، ومعظمنا يرى أن هذه الأزمة هى فى واقعها أزمة مصطنعة.. تمهد لاقتحام قضية الدعم المخصص للوقود سواء لوسائل النقل أو تشغيل الكهرباء.. أو احتياجات المواطن العادى من البنزين والسولار والمازوت".
ويقول سائق آخر اإن الحكومة لا تملك قاعدة بيانات موضوعية وحقيقية عن المسارات التى تذهب إليها هذه المنتجات ومدى تلبيتها للاحتياجات العامة والخاصة، فهناك محافظات تشكو من قلة الحصص التى تتسلمها.. أو اقتطاعها بحجة توفير الوقود على محطات الخدمة بالطرق السريعة خلال موسم الإجازات.
خلل المنظومة
واختلف خبراء الاقتصاد حول المبادرة التي دعا لها التي أعلنها وزير البترول والثروة المعدنية حول ترشيد الدعم وتتضمن 3 سيناريوهات أولها هو إمكانية إجراء خفض تدريجى للدعم خلال 5 سنوات بنسبة 10% من قيمة المنتج الحالي وفى المقابل يتم زيادة الرواتب لموظفي الدولة بنفس النسبة، والثانى إعطاء مقررات محددة الكميات للمنتجات البترولية بالسعر الحالى المدعم وما يزيد على ذلك يتم توزيعه بدعم جزئى، والسيناريو الثالث إعطاء مقابل نقدى ورفع الدعم كلياً والذى قال انه هذه الحلول أمام الحكومة حاليا.
وأكد المهندس صلاح حافظ نائب رئيس هيئة البترول الأسبق وخبير الطاقة ان منظومة الدعم فى مصر بها خلل كبير حيث لا يذهب الى مستحقيه ومن يستفيد منه 20% فقط وال 80% الباقية تهدر.
وقال حافظ فى تصريحات ل"صدى البلد" ان مبادرة وزير البترول اسامة كمال الخاصة بترشيد الطاقة وإمكانية إجراء خفض تدريجى للدعم خلال 5 سنوات بنسبة 10% من قيمة المنتج الحالي وفى المقابل يتم زيادة الرواتب لموظفى الدولة بنفس النسبة جيدة وتم اقتراحها منذ الثمانيات عندما كنت اشغل منصب عضو مجلس ادارة الهيئة العامة للبترول ولكن بالإضافة الى زيادة الرواتب يكون هناك ايضا كوبونات توزع على محدودي الدخل غير القادرين.
وأضاف حافظ، أن مبادرة ترشيد الطاقة لابد ان تتضمن إصلاح منظومة النقل الجماعى لتكون بشكل آدمى بحيث يقلل من استهلاك البنزين والجاز فى السايرات الخاصة واستخدام وسائل النقل الخاصة بالشركات ضمن النقل العام، بالإضافة الى تقسيم المدن حسب احتياجاتها من مدارس وأسواق ونواد وعمل حتى لا تزدحم الشوارع.
وأشار حافظ إلى أن إعطاء مقابل نقدى ورفع الدعم كلياً غير مقبول تماما فى مصر حيث لا يفي احتياجات المواطن من الطاقة.
من جانبه الخبير البترولي قال الدكتور رمضان أبو العلا، ان تطبيق الكروت الذكية فى توزيع الوقود واجه انتقادات شديدة خلال الفترة الأخيرة، الأمر الذي دفع وزارة البترول بالتقدم بحلول بديله جديدة حال فشل مقترح الكروت في الوقت الذي تحدده الحكومة الفترة المقبلة.
وأضاف أبو العلا، أن الوزير طلب من هيئة البترول والمراكز العلمية، دراسة المبادرة اقتصاديا واجتماعيا، وعمل بحث ميداني للمستفيدين والمتعاملين مع هذه القضية لترشيد استهلاك الطاقة.
وأيد، سيناريو خفض تدريجي للدعم خلال 5 سنوات بنسبة 10% من قيمة المنتج الحالي وفى المقابل يتم زيادة الرواتب لموظفي الدولة بنفس النسبة، حيث أنه يمتص رد فعل المواطنين من خلال رفع الدعم تدريجيا.
فيما أكدت الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن رفع الدعم العيني على السلع والطاقة قام بها الدكتور على مصيلحى وزير التضامن الأسبق وذلك باختيار الأسر الأكثر فقرا وتوزيع دعم نقدى عليهم حيث الفقراء فى مصر لا يحتملون إلغاء الدعم.
وقالت الحماقى، فى تصريحات ل"صدى البلد" ان المبادرة التى أعلنها المهندس اسامة كمال وزير البترول والثروة المعدنية، عن مبادرة جديدة لترشيد الطاقة وتتضمن إعطاء مقابل نقدى ورفع الدعم كلياً من الممكن ان تكون تجربة ناجحة كما حدث في البرازيل حيث يقترن الدعم النقدى بمكافحة الفقر وتحويل الزيادة السكانية الى طاقة انتاجية.