قضت الثورة المباركة على رهانات عديدة كانت تعطي النظام مهلة تلو الاخرى املا في وأدها واذلال حاضنتها، ممنين انفسهم بغفوة اخرى قد تستمر 40 عاما آخر. ويواجه الغرب والشرق وكل من النظام المشاكل الآتية:
-- عدم قدرة النظام على اخضاع الثورة، وبالتالي فرض تسوية تضمن بقاء قوة مؤثرة للاقلية الحاكمة مما يضمن امن اسرائيل.
-- عدم قدرة النظام على كسر ارادة الجيش الحر، او القضاء عليه.
-- عدم قدرة النظام بكل جرائمه، ورغم اتساع رقعتها لتشمل كل الارض السورية في كسر ارادة الحاضنة الاجتماعية، او انفضاضها عن وليدها العزيز الجيش الحر البطل.
-- عدم توفر انموذج غير اسلامي يمكن التسويق له، بحيث يكون بديلا للنظام الحالي. فقد جربت المنطقة كل الحلول من بعثية الى قومية فناصرية، وغيرها، وكلها اثبتت فشلا متواليا في كل منطقة حلت بها.
ومشكلة الغرب هنا، ليست مع التسمية "الاسلامية" للبديل فقط، بل لسيطرة الاغلبية المسلمة على مكونات اي حل قادم، مما يعني عودة التمثيل الاقلوي الى حجمه الطبيعي وهذا يعني فعليا انتهاء اجزاء كثيرة من سايكس بيكو واسبابها.
فالغرب لا يريد سيطرة للمسلمين، وان كانت تحت مسميات ليبرالية او غيرها، بل قد يحتاج بعضل منها مع ضمان عدم سيطرتها المطلقة بل لا بد للاقليات من وجود قوي وخاصة في المفاصل السيادية في الدولة كالجيش والامن. وهذا يدعمه تقرير مؤسسة راند عام 2005 والذي مما جاء فيه: " إن التيار المعتدل هم من : يزورون الأضرحة، والمتصوفون، ومن لا يجتهدون".
كما يذكر: "إن هنالك مصلحة للولايات المتحدة للانحياز بسياساتها إلى جانب الجماعات الشيعية، التي تطمح في الحصول على قدر أكبر من المشاركة في الحكم، والمزيد من حرية التعبير، السياسية والدينية ".
اذا، فإسرائيل ومن وراءها، ووايران وغيرها، اقتنعت بعدم قدرتها على كسر ارادة القتال، وكذلك في عجزها عن كسر ارادة الحاضنة الاجتماعية، فضمرت خياراتها، وتقزمت، وانحسرت، وانحصرت رهاناتها.
فما هي الرهانات المتبقية للنظام ودعائمه؟ وما هي المضادات الحيوية القادرة على مقاومتها والقضاء عليها في طرف الثورة؟.
يراهن النظام على امور عدة، منها:
-- عامل الزمن، والتدمير الممنهج لكل عوامل الحياة الممكنة، وهذا يذكرنا بوالد بشار، المجرم الاسبق حافظ حين سأله بعضهم عن حال المشردين اثر معارك حماه، وادلب، وحلب، في القرن الماضي، فأجاب: اتركهم للزمن، فالزمن كفيل بهم.
تلك كانت رؤية حافظ، لكن لله مشيئته حيث لم يعط اولئك المشردون اية وثائق رسمية او غيرها، كما لم تتم منحهم المواطنة في الدول التي اووا اليها، مما ابقاهم على صلة بقضيتهم.
عامل الزمن مع الثورة لن يحقق للنظام، ومحاربيه سوى مزيدا من التفسخ والانهيار، كما انه الخيار الذي سيرسخ العودة الى كهف الانعزال التاريخي الخاص بالطائفة، وسيتحقق ذلك لان النظام نظر منذ البداية نظرة طائفية للثورة، وظن انه قادر على اطفاؤها، فطغى وتجبر، فانقلبت المعادلة الى معادلة وجود، وفي معادلة كهذه يفوز اسياد الارض التاريخيين، خاصة في ظل تلاحمهم وتوحدهم في هدف واحد. فرهان الزمن يسقطه التلاحم والتراحم والاستضافة بين ابناء المناطق الثائرة، كما يعزز القضاء على عامل الزمن تشكيل المجالس المحلية، وادراة شؤون الحياة بطريقة صحيحة.
-- عامل الاقليات عبر الخطف المتبادل، والقتل الثأري: وهذا ما يركز عليه النظام الان في دمشق وريفها كما يحصل في جرمانا، وكما حصل سابقا في غير منطقة. وسأذكر حلا اعرف به، تم في منطقة القصير من حمص. حيث ان الاخوة المسيحيين جزء اصيل من التركيبة السكلنية، لكن كانت هناك عائلة مسيحية واحدة فقط تضم عدة شبان، وهي موالية للنظام، وقد ازمت الامور كثيرا باعتدائها السافر على المظاهرات، عنترياتها، لدرجة انها منعت اهل المنطقة من من السوق الرئيسي بها حيث سيطرت عليه عبر قناصتها.
حاول الشباب كثيرا تجنب المواجهة ابعادا لشبهة الطائفية، خصوصا لقرب القصير من الحدود اللبنانية، حتى حصلت في احد المرات عملية اختطاف فذبح، فكان الرد خطف العشرات منهم، كثير منهم بريء ولا علاقة له بالامر. فكان ان تدارك العقلاء الامر وتم الافراج عن شباب من الطرفين، وكي لا يطول الحديث كان قرار الشباب اقتلاع المقاتلين المؤيدين للنظام من تلك العائلة لان شرهم قد عم، وهذا ما كان، فانتهت المشكلة ولم تعد هناك مشاكل بعدها، اي انه تم حصر المشكلة بالمسبب المباشر فقط، وعدم تعميم الرد على طائفة كاملة.
اخيرا، اهم عامل للقضاء على خدع النظام، ومن يخطط له، هو التركيز على الهدف الرئيس وهو قتل بشار، وعصاباته، وحل الامن، واعادة تركيب الجيش، وهذا يتطلب منع اي انجرار في معارك جانبية مع اي مكون من مكونات الشعب الاخرى، وكذلك استيعاب الاخر، وحصر الرد في من قام بفعل اجرام فقط. وهؤلاء زمرة موجودة في الشعب بكل الوانه.
فالهدف سوريا للجميع، والهدف هو بناء الانسان المؤمن بوطنه عبر تحقيق الكرامة والحرية لكل الشعب، ولكل حر.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه