سقوط شهداء جراء هجوم إسرائيلي على مدينة حلب السورية    تعرف على آخر تحديث لأسعار الذهب.. «شوف عيار 21 بكام»    سماع دوى انفجارات عنيفة فى محيط مدينة خاركيف الأوكرانية    ميدو: تواجد محمد صلاح تسبب في أزمة نفسية ل "زيزو" في المنتخب    صراحة وتهور.. أفشة يثير الجدل ب 6 تصريحات نارية    إعادة فتح طريق " قفط القصير" بعد نقل مصابي حادث تصادم سيارتين إلي مستشفى قنا    قريبًا إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    تكات المحشي لطعم وريحة تجيب آخر الشارع.. مقدار الشوربة والأرز لكل كيلو    أفشة: كولر خالف وعده لي.. وفايلر أفضل مدرب رأيته في الأهلي    أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. واختيار رجل المباراة في الدوري «كارثة»    إعلام فلسطينى: اندلاع حريق فى معسكر لجيش الاحتلال قرب بلدة عناتا شمالى القدس    زلزال قوي يضرب منطقة نوتو وسط اليابان    إصابة 8 مدنيين إثر قصف أوكراني استهدف جمهورية دونيتسك    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    منتدى الأعمال المصري المجري للاتصالات يستعرض فرص الشراكات بين البلدين    العثور على جثة طالبة بالمرحلة الإعدادية في المنيا    4 شهداء في غارة للاحتلال على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    المأزوم.. عماد الدين أديب: اقتراحات بايدن لإنهاء الحرب حلحلة في صورة هدنة    أصعب 24 ساعة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين: «درجات الحرارة تصل ل44»    مصرع وإصابة 16 شخصا في حادث تصادم سيارتين بقنا    دفن جثة شخص طعن بسكين خلال مشاجرة في بولاق الدكرور    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في الكشف المبكر عن قصور القلب    "التعليم": شرائح زيادة مصروفات المدارس الخاصة تتم سنويا قبل العام الدراسي    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    التموين تكشف حقيقة تغيير سعر نقاط الخبز ومصير الدعم    وكيل كوناتي: إذا قرر اللاعب الانتقال إلى الدوري المصري سيكون من خلال الأهلي    موقف الشناوي من عرض القادسية السعودي    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    ميدو: ليس هناك وقت ل«القمص» وحسام حسن سيخرج أفضل نسخة من صلاح    خسارة للبايرن ومكسب للريال.. أسطورة البافاري يعلق على انتقال كروس للملكي    السجيني: نزول الأسعار تراوح من 15 ل 20 % في الأسواق    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    محمد الباز ل«بين السطور»: «القاهرة الإخبارية» جعلتنا نعرف وزن مصر الإقليمي    استقرار سعر طن حديد عز والاستثمارى والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    «فرصة لا تعوض».. تنسيق مدرسة الذهب والمجوهرات بعد الاعدادية (مكافأة مالية أثناء الدراسة)    النيابة الإدارية تكرم القضاة المحاضرين بدورات مركز الدراسات القضائية بالهيئة    كوريا الشمالية توقف بالونات «القمامة» والجارة الجنوبية تتوعد برد قوي    عماد الدين حسين: مصر ترجمت موقفها بالتصدي لإسرائيل في المحافل الدولية    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة سوريا وفشل نظام الاستبداد
نشر في المصريون يوم 10 - 05 - 2011

كأنهم يقرأون على شيخٍ واحد، ومن كتابٍ واحد، هؤلاء الحكّام العرب، كيف يفكرون؟ وكيف ينظرون إلى شعوبهم؟ تغيرت الدنيا من حولهم ولم تتغير طرائق تفكيرهم ولا أساليب عملهم، ومن لا يتغير يتغير.
كيف يفكر هؤلاء الحكّام؟ لا مراجعة ولا إعمال عقل ولا استشارة خبير أمين، ولا حتى مسايرة لأحوال العصر، يسلكون نفس الدرب ذي الاتجاه الواحد، ولا يفكرون في الوقوف - ليس دقيقة حدادا على من قتلوا من شعوبهم ولا احتراما لأرواح الضحايا خاصة هؤلاء الشباب الخضر الذي أخرجته أشواق الحرية وطموحاته في نظام أكثر عدالة- ليتدبروا أين المسير والمصير، وكل التجارب قبلهم في تونس ومصر وليبيا واليمن أثبتت فشل الحل الأمنيّ، إلا أننا نجد إصرارًا غريبا عليه في سوريا.
لم أؤمن يوما أن النظام السوري (سواء في عهد الأسد الكبير أو الصغير) نظام ممانعة كما يروج زبانيته، ولم أومن أصلا بتلك التقسيمات الوهمية، فأي نظام ممانعة هذا الذي تضرب قوات العدو الإسرائيلي أرضه ثم لا يحرك ساكنا اللهم إلا تصريحا يتيما لحفظ ماء الوجه أنه: يحتفظ بحقه في الرد، وتم الحفظ طبعا وليس الرد.
إنما مع أهل سوريا في حماة الباسلة فالرد جاهز وبقتل عشرات الآلاف من الشعب الأعزل ودك المدينة على رؤوس أهلها.
ما أشبه الليلة بالبارحة، والولد سرُّ أبيه، غير أن الزمان قد دارت دورته، ولم يعد ممكنا ما كان ممكنا في السابق، لقد كسرت الشعوب حاجز الخوف، وعلمتها تجارب انتصار الثورات في مصر وتونس أن التجربة قابلة للتكرار، وخرج الشباب بصدورهم العارية يتلقون رصاصات الغدر من نظام فقد كل أثر للشرعية (إن كان ثمة مكانا لمفاهيم الشرعية: تأسيسا وممارسة في نظام قام على الانقلاب واغتصاب السلطة ابتداءً وانتهى بتوريثها على رؤوس الأشهاد).
لقد أكدت دراسة أودنيل وشميتر المعنونة: Transition From Authorities Rule أنه لا يمكن أن يكون هناك تحول إلى الديمقراطية الحقيقية – بمعنى تداول سلمي للسلطة عبر انتخابات حرة نزيهة – لا يكون ناتج بشكل مباشر أو غير مباشر عن انقسامات مهمة داخل النظام التسلطي نفسه وبالتحديد من خلال الانقسام والصراع داخل بنية النظام بين المتشددين والانفتاحيين، بين صقور النظام المحافظة على الأوضاع الحالية كما هي، وحمائمه الداعيين إلى التغيير والمبشرين بمرحلة جديدة، ذلك أنه وكما حدث في أغلب الحالات التي حدث فيها تحول ديمقراطي فإنه جاء نتيجة قرارات وأحكام من قطاعات مؤثرة من النخبة السياسية التي تقود هذا التحول.
أما لماذا تحدث هذه الانقسامات داخل النخبة فيمكن إرجاعها إلى عاملين:
أولهما: تأكل شرعية النظام: ويحدث ذلك لعدة أسباب أهمها:
1- فشل النظام في التغلب على مشاكل المجتمع فيتحول الفشل المركب إلى أزمات مزمنة تتحات بشرعية النظام وتتآكل معها (ضعف القدرة على الإنجاز).
2- الأزمات الهيكلية التي يعيش بها النظام: مثل طريقة الوصول إلى السلطة (الانقلاب أو التوريث في ظل نظام جمهوري)، طريقة ممارسة السلطة، عدم الأخذ في الاعتبار مصالح مختلف الفرقاء السياسيين، جمود هيكل النخبة وعدم دورانها، تركيز وتركز الثروة بشكل كبير (احتكار السلطة واحتكار الاقتصاد).
3- زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء (عمليات إفقار ممنهج للشعب).
4- فشل النظام في إدراك مهمته، أو حدوث تغير في القيم الاجتماعية يجعل الشعوب أقل تقبلا للحكم التسلطي (زيادة الوعي والمعرفة وعدم تقبّل الاستبداد).
5- تمحور السلطة حول فرد، وتركيز كل السلطة في يديه وأيدي عائلته وطائفته (جمود بنية السلطة).
العامل الثاني من عوامل الانقسامات داخل النخبة هو: تقلص الموارد
ويعني تقلص قدرة النظام على الوصول إلى المقوّمات المادية مع ضعف قدراته القمعية، وغالبا ما يكون سبب ذلك التقلّص في الموارد هو تغييرات في البيئة الدولية أو الإقليمية (عودة العاملين في الخارج – ضعف التحويلات من الخارج – طريقة الاستثمار في الداخل – تصور النظام السياسي لدور الدولة).
ومن مجموع هذين العاملين يكون سبب انهيار شرعية النظام وانقسام نخبته السياسية.
وبالجملة يمكن إيجاز أهم التغيرات التي تحدث داخل بنية المجتمع والتي تدفع به نحو عملية يتم فيها تداول سلمى للسلطة في:
1- تغير مطالب ومصالح المجتمع أو فئات مؤثرة فيه.
2- تغير القيم السائدة مما يؤدي إلى عدم احتمال ممارسات النظام القمعية "التسلطية" أو تركيز السلطة في نخبة حاكمة تضيق قاعدتها لتستأثر بكل أو أغلب موارد الدولة.
3- نمو المنظمات الرسمية وغير الرسمية داخل المجتمع، ويشمل هذا النمو ازدياد مصادر تلك المنظمات مما يتيح لها استقلال أكبر عن الدولة بما يعيد ترتيب توازنات الأوضاع الداخلية.
وكما توصل أودنيل وشميتر في دراستهما المشار إليها: أن هناك نقطة تغير مهمة في التحول في هيكل النظام بشكل سلمي وهي: حين تقرر بعض العناصر المتحالفة في النخبة: أن نظام الاستبداد الحالي لم يعد وجوده ضروريا، أو يمكن الاستغناء عنه، أو إذا شكّل وجود النظام عاملا مهددا بالنسبة لمصالحهم.
وإذا قمنا بعملية تطبيق منهجية لكل تلك العوامل السابقة على النظام السوري لوجدنا أن هذا النظام كان من المفروض أن يسقط قبل عشر سنوات (على الأقل) وذلك عندما تمت عملية توريث للحكم واضحة المعالم ضمن نظام جمهوري. وعندما تم التلاعب بالدستور وتغييره ليسمح بالتوريث.
وكان من المفروض أن يسقط نظام الأسد عندما تم احتكار مصادر الثروة فيه من قبل مجموعة ضيقة من محيط الرئيس العائلي والطائفي على أكثر تقدير.
وكان من المفروض أن يسقط النظام عندما سمح لنفسه بأن يكون حصان طروادة الذي دلفت عبره إيران إلى المنطقة تخل بموازينها وتلعب بأقلياتها المذهبية.
وكان من المفروض أن يسقط نظام الأسد عندما تغير وعي الشعب السوري وخاصة الشباب وأصبح أقل تقبلا للحكم السلطوي.
وكان من المفروض أن يسقط نظام الأسد عندما احتكرت النخبة الضيقة لمحيط الرئيس العائلي كل مقدرات الاقتصاد السوري وأصبح بعضهم يعرف باسم رجل العشرة في المائة.
إن نظام الأسد الصغير يراهن على الزمن في زمن فشلت فيه كل الرهانات، إلا الرهان على الشعوب وإرادتها، وقد أراد شعب سوريا الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.