بعد حوالي عامين من ثورة 25 يناير لازالت القوى المدنية تراوح مكانها ، تشتكي من التضييق تارة وتلوح بالمقاطعة تارة أخرى أو تفرط في طلب تنازلات من السلطة الحاكمة تارة ثالثة.
والمتابع لحركة القوى المدنية في مصر لا يحتاج لكثير من الجهد كي يدرك ان عوامل الخلاف والشقاق بينهم أقوى من عوامل الترابط وربما يعود الفضل للرئيس مرسي في توحيد القوى المدنية تحت مظلة جبهة الانقاذ الوطني بعد اعلانه الدستوري المشئوم الصادر في نوفمبر الماضي والذي لم يحقق لمصر سوى الانقسام والقتل والتخريب خلال الشهور التي تلت صدوره.
لكن حتى نكون منصفين فلا يجب أن ننكر ان القوى المدنية هي من منجح في اجبار الرئيس على التراجع عن هذا الاعلان واصدار اعلان آخر هجين كما يجب ألا ننكر ان لهذه القوى دور كبير في الحشد للتصويت بلا في الاستفتاء على الدستور المصري ولو أنها حسمت موقفها مبكرا لكان الحشد افضل لكنها ظلت تعلن انها ستقاطع الانتخابات حتى اللحظة الاخيرة لتقرر المشاركة والتصويت ب"لا" ولو كانت المعارضة اعلنت موقفها بوضوح منذ اللحظة الأولى لكانت النتيجة أفضل.
أمامنا أقل من 100 يوم على اجراء الانتخابات التشريعية وهذا الأمر يجب ان تستعد له القوى المدنية بشكل جيد وان تستفيد من خبرات التجارب السابقة وهذا يستلزم من قيادات الجبهة عدة أمور نذكر منها:
1- النزول الي الشارع والالتحام بالجماهير من كل الفئات وعدم التركيز على عقد المؤتمرات الصحفية التي يتزاحم فيها قيادات الجبهة علي الميكروفون أو أمام شاشات الفضائيات.
2- تنويع قيادات الجبهة وعدم الاكتفاء بنخبة لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة فيها وجوه مكررة ولها مواقف سلبية لدى العديد من ابناء الشعب المصري أو على الاقل " مختلف حولهم" مثل عمرو موسى والسيد البدوي وغيرهم.
3-عدم التركيز علي القاهرة فقط والنزول الي الريف المصري والتواصل مع زعماء العائلات والقبائل اضافة الي الشباب المصري الريفي الذي لا يقل حماس ولا وطنية عن شباب القاهرة وربما يفوقه بكثير.
4- استطلاع راي العائلات والأهالي في الريف المصري حول الوجوه التي ستمثل الجبهة في الانتخابات المقبلة وعدم فرض شخصيات بعينها لا تلقى القبول في الشارع حتى لا يلجأ المصوتون الي ما يسمى بالتصويت العقابي وهو اختيار مرشح من المعسكر المنافس لعدم رضاه عن مرشح المعسكر الذي يود التصويت له.
5-اختيار عدد كاف من القيادات الشابة والابتعاد عن الاسماء التي فقدت مصداقيتها في الشارع المصري وعدم التركيز على ائتلافات الثورة فقط فالشعب كله كان وراء الثورة ومساندا لها.
6- عدم الاكتفاء باظهار عيوب الطرف المنافس " القوى الاسلامية" بل يجب التركيز على ما يمتلكونه هم من نقاط قوة.
7- مع التسليم بوجود تجاوزات في عملية صياغة الدستور المصري والتصويت عليه الا ان الحديث عن اسقاط الدستور او اسقاط الرئيس اصبح كلام لا معنى له ولا يجب التركيز عليه بل علينا الاهتمام بالبحث عن الاليات الديمقراطية التي من خلالها يمكن تعديل الدستور في البرلمان الجديد او التنافس في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
8- على القوى الوطنية ان تدرك ان البرلمان المقبل سيكون عليه اعباء اضافية بخلاف مهامه التقليدية حيث سيكون من حقه الاعتراض على اختيار الرئيس للحكومة فان استطاعت القوى الوطنية ان تحصل على ثلث المقاعد او أكثر فيمكنها على الاقل الاعتراض على تمرير أي قرار أو قانون تريده الأغلبية.
**كاتب ومحلل سياسي
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه