يعتبر الأول من يناير هو يوماً تاريخياً في عمر الأمة السودانية حيث أشرقت شمس الحرية ورفرف علم السودان عالياً خفاقاً رمزاً للسيادة الوطنية وإيذاناً ببداية عهد جديد بعد إنزال علمي دولتي الحكم الثنائي وإعلان السودان للملأ دولة مستقلة ذات حكم ذاتي حيث كان المواطنون بشتى انتماءاتهم السياسية والعرقية والطائفية يحيطون بالقصر الجمهوري بملابسهم البيضاء ينظرون إلى علم بلادهم الجديد وهو يرتفع على سارية القصر الجمهوري إذانا بغروب شمس المستعمر وبزوغ فجر الاستقلال ، فاليوم تحيي السودان الذكرى السابعة والخمسون لاستقلال لاستقلالها . الاستقلال
واستقلال السودان هي لحظات عزيزة علي قلب كل سوداني علي الرغم من انتمائتهم السياسة إلا أنهم في القضايا الوطنية كلهم يقفون صفاً واحداً من اجل مصلحة الوطن. فقد أعلن السودان دولة مستقلة في الأول من يناير من العام 1956، وذلك بعد فترة طويلة من الحكم العثماني، تلته فترة الحكم الثنائي الإنجليزي المصري. وجاء الاستقلال عقب إعلانه في برلمان منتخب شمل السودان بجنوبه وشماله.
وبدأ السودان في أخذ شكله الحالي منذ دخول العثمانيين للسودان عبر مصر في العام 1821، حيث قام محمد على باشا بضم شمال السودان إلى الدولة العثمانية. واستمر الوضع على ما هو عليه حتى قاد محمد أحمد المهدي ثورة ضد الحكم التركي ونجح في طردهم من السودان، معلنا بذلك قيام الدولة المهدية في العام 1885 وتعتبر هذه أول دولة وطنية في السودان في التاريخ الحديث.
إلا أن هذه الدولة لم تستمر طويلا، إذ أسقطها الإنجليز الذين كان يصحبهم المصريون في العام 1898، وتم التوقيع على اتفاقية سميت باتفاقية الحكم الثنائي الإنجليزي المصري، والتي نصت على إلغاء نفوذ العثمانيين على السودان وأن يكون الحاكم العام للبلاد من بريطانيا العظمى.
وقامت بريطانيا برسم حدود السودان بما يتماشى مع مصالحها، لكن الاتفاقية منعت دخول قوى أخرى ومنافستها في السودان مثل بلجيكا وفرنسا.
وفي العام 1921 ظهرت حركة وطنية تدعو للإستغلال تسمى ب "اللواء الأبيض"، وتسارعت خطواتها لتتكلل بثورة ضد البريطانيين، ومؤيدة للمصريين، وكان قائدها الضابط علي عبد الطيف. وتعتبر هذه الثورة الشرارة الأولى للكفاح من أجل الاستقلال. وقد أتهم المصريون بتدبير هذه الثورة، الشيء الذي أدى إلى سحب القوات المصرية من السودان وتولي بريطانيا مسؤولية حكم السودان منفردة.
في العام 1930 قامت بريطانيا بفرض سياسة فصل الشمال عن الجنوب بجعل المنطقتين تداران بصورة منفصلة. وفي هذه الأثناء، استمرت الحركة الوطنية في الشمال وكان يحيي نارها المصريون بينما ظل الجنوب معزولا. وفي العام 1936 كانت هناك تنازلات من قبل الحكومة البريطانية حيث سمحت بقيام مجلس استشاري في الشمال لتقديم الاستشارة للحاكم العام.
وفي الفترة ما بين 1940-1945 ظهر تنظيم سياسي يسمى "مؤتمر الخريجين"، وقد مارس ضغوطا على الإدارة البريطانية بان تفتح البلاد للسفر للجنوب بحرية لتمكينه من اللحاق بالشمال في مجال التعليم والتنمية.
في العام 1948 قامت أول هيئة تشريعية في السودان مثل الجنوب فيها 13 عضوا، كلهم معينون، وهذه كانت بداية وجود حكومة ممثلة وأول خطوة نحو الاستقلال.
وفي العام 1954 تم التوصل مع إدارة الحكم الثنائي لاتفاقية تم الاعتراف فيها بحق تقرير المصير للسوادن، وأجريت أول انتخابات عامة في السودان في العام 1954. فاز حزب الإتحادي الديمقراطي المتحالف مع طائفة الختمية والمدعوم من مصر بأغلبية في البرلمان، واختير إسماعيل الأزهري كرئيس لوزراء السودان. وفي 19 من ديسمبر من العام 1955 صوت البرلمان بالإجماع لصالح استقلال السودان، وفي الأول من يناير من العام 1956 أصبح السودان دولة مستقلة وأنزل العلم المصري والإنجليزي ورفع العلم السوداني مكانهما.
سد "الروصيرص"
وبهذه المناسبة دشن الرئيس السوداني عمر البشير صباح اليوم الثلاثاء مشروع تعلية سد (الروصيرص) بولاية النيل الأزرق، ووقع على لوحة إذن الافتتاح إيذانا ببدء تشغيله، وذلك ضمن احتفالات البلاد بالذكرى السابعة والخمسين للاستقلال.
وحظى هذا الحدث المهم بحضور عدد كبير من ضيوف السودان يتقدمهم الرئيس الصومالي شيخ حسن شيخ محمود ووزيرا الموارد المائية في كل من مصر وإثيوبيا ووزير البيئة الإماراتي ورئيس بنك التنمية الإسلامي بجدة، وممثلون من صناديق التمويل العربية وعدد من القيادات السياسية والتنفيذية بجانب ممثلى البعثات الدبلوماسية المعتمدين بالخرطوم.
فكرة بناء السد وتشييد المرحلة الأولى منه بدأت في عام 1952، حيث وضعت الدولة استراتيجية للتوسع في الزراعة والاستفادة من حصة السودان من المياه حسب اتفاقية مياه النيل لعام 1959 بين السودان ومصر. ولذلك اقتضت الضرورة بناء سد الروصيرص بولاية النيل الأزرق التي سميت في الماضي ب (السلطنة الزرقاء)، على أن يتم التشييد على مرحلتين.. الأولى بمنسوب 480 مترا والثانية بمنسوب 490 مترا فوق سطح البحر. وبدأ العمل فى بناء السد عام 1961، واكتملت المرحلة الأولى منه فى عام 1966التى قام بافتتاحها آنذاك الزعيم الراحل إسماعيل الأزهرى.
وفى عام 1977 بدأت الدراسات التى أكدت أهمية تعلية (الروصيرص) لتحقيق تعويض الفاقد من السعة التخزينية من بحيرة السد بسبب تراكم الطمى وسد الاحتياجات للمشروعات القائمة والتوسع فى الزراعة المروية. وفى عام 1991 اتخذت حكومة السودان قرارا بتنفيذ مشروع التعلية وما بين عامى 1994 و1999 تم استقطاب ممولين للمشروع من الصناديق والبنوك العربية والإسلامية والأوبك، وشرعت وحدة تنفيذ السدود فى التنفيذ عام 2008. ومنذ ذلك الحين ظل حلم اكتمال تعلية السد يراود السودانيين، ولكن عبر السنين لم تستطع الحكومات المتعاقبة تنفيذه، حتى أصبح اليوم حقيقة وواقعا.
وتسهم تعلية سد "الروصيرص" فى التوسع فى الزراعة المروية وتوليد الطاقة الكهربائية، حيث بلغت التعلية الحالية 10 أمتار إضافية ليصبح بذلك الارتفاع الأقصى من منسوب الأساس حوالى 78 مترا مكعبا وأن طول السدود الترابية بلغت حوالى 41ر24 كلم.. فيما بلغ الارتفاع الأقصى من منسوب الأساس حوالى 40 مترا.
ترقب الخطاب
وخلال الافتتاح أكد الرئيس السوداني على تمتين الوحدة الوطنية، لافتا إلى أننا "سنحتفل قريبا بخلو ولاية النيل الأزرق من أي متمرد أو خارج عن القانون"، مشيرا إلى أننا "نخلق مناخ لتحسين الأداء في الدول واتخاذ قرارات تدفع العمل العام".
وشدد البشير على أن "علاقتنا مع معظم دول الجوار ممتازة"، وقال:"سنظل نسعى الى تحسين علاقاتنا مع دول جنوب السودان".
وترقب السودانيون خطاب الرئيس الذي تطرق لقضايا مهمة، وفي الوقت الذي توقع فيه البعض إصدار البشير عفو عام عن المعتقلين، استبعده البعض، وعزوا ذلك لوجود تيار نافذ يطالب بضرورة محاسبتهم.
وأوفدت محطات التلفزة الحكومية مهندسين وعمال ومعدات لوجستية إلى الولاية في إطار استعدادتها لنقل الاحتفال بشكل مباشر باعتباره حدثا هاما .
وتراجعت خطابات البشير في الاونة الاخيرة بشكل ملحوظ وأصبح ظهوره نادرا في المحافل المحلية كما انه يميل الى عدم القاء الخطابات في مناسبات عديدة مكتفيا بالحضور في بعضها وإيفاد نائبيه في بعض المحافل بعد اجراء عملية جراحية في الحنجرة في المملكة العربية السعودية في نوفمبر الماضي.
ودرج البشير على التقليل من المعارضة والحركات المسلحة وكان دائما ما ينعتهم بعبارات حادة في المحافل المحلية كما ان العلاقة بين السودان وجنوب السودان تندرج في خطاباته بشكل رئيسي. والقى الرئيس السوداني خطابين فقط بعد اجراء العملية الجراحية لم يستمرا اكثر من 11 دقيقة ابان مؤتمر الحركة الاسلامية وافتتاح حقل نفطي غرب السودان باقليم دارفور. وقال مقربون منه ان البشير يتحدث بشكل اعتيادي في اجتماعات مجلس الوزراء السوداني التي تنعقد نهاية الاسبوع وان الرجل درج في الفترة الاخيرة على التصريحات الايجابية والدعوة الى نبذ الفرقة والشتات بين الفرقاء السودانيين. مواد متعلقة: 1. الحزب الحاكم في السودان يكشف عن تعديلات وزارية مطلع العام 2. السودان يبحث مع الجنوب موقف تنفيذ اتفاق التعاون المشترك 3. رفع الحد الأدنى للأجور في السودان بداية 2013