والمقصود فى هذه المبادرة عهدة بين كل ممارسى السياسة فى مصر من كيانات وأفراد حول أطر أو قواعد للعبة لا يخالفها ولا يخرج عنها أحد..
يضمن الالتزام بهذه العهدة الخروج من حالة الإستقطاب التى تعيشها مصر منذ فترة ليست بالقصيرة وتسببت فى جل ما نعانيه الآن على الساحة السياسية..والذى امتدت آثاره بشكل غير مسبوق للحياة الإقتصادية والإجتماعية والفكرية..وشتى نواحى الحياة فى بلادنا..
الغرض ألا يتنازل شخص أو تيار عن قناعاته وتوجهاته فيما يخص علاقة الدين بالسياسة..ولكن بشكل يسمح له هو شخصيا قبل غيره أن يطبق ما يؤمن به وأن يثبت لكل الناس صحة مبادئه ومواقفه بدون تعويق أو تحطيم بدلا من أن يطحن بعضنا بعضا..فلا منا أصلحنا ولا منا تركنا غيرنا يصلح ولا منا حتى منعنا الفساد من التوغل فى أحشاء الوطن الذى نذوب حميعا فيه عشقا..
إن هذه العهدة مثلها مثل خطوط التماس والمرمى وصافرة الحكم وراية مساعده والثلاث خشبات ومنطقة الجزاء والبطاقتين الصفراء والحمراء فى مباراة كرة القدم..
مثلها مثل ورقة الإجابة وورقة الأسئلة ورقم الجلوس ومدة الإجابة وعيون المراقبين فى لجنة الإمتحان..
مثلها مثل الرصيف وحد السرعة وخطوط عبور المشاة والإشارات وعسكرى المرور وصينية الميدان ولافتات الإرشاد فى الطريق..
احرز ما شئت من أهداف واكتب ما شئت من اجابات واركب ما شئت من سيارات مادمت داخل الإطار وملتزما بالقواعد.. ********* قد يسأل سائل: ألم نكتب دستورا ؟ ألا توجد لدينا قوانين انتخابات ؟ ما الحاجة لمثل هذه العهدة ؟
نحتاج لهذه العهدة لأن الدستور والإنتخابات فاقمت من هوة الإستقطاب بدلا من أن تضيقها..
نحتاج لهذه العهدة لأن المصطلحات والمفاهيم والتعريفات مختلطة ومائعة ومبهمة بخليط من النوايا الحسنة والسيئة..
نحتاج لهذه العهدة حتى لا تطغى صراعات الأيديولوجيا والمرجعية والهوية على برامج القوى السياسية فى إصلاح الوطن وتحسين معايش المواطنين وتحقيق الرخاء والرفاهية..
نحتاج لهذه العهدة لكى يعرف الجميع تحديدا دور الدين فى السياسة بدون أن يتعارض هذا مع الدين أو مع الممارسة الديمقراطية الرشيدة..
نحتاج لهذه العهدة لأن التيارات العلمانية والليبرالية بالفعل لها ممارسات تتعارض مع الدين الإسلامى والديموقراطية معا..ولأن التيار الإسلامى بالفعل له ممارسات تتعارض مع الدين الإسلامى والديموقراطية معا..
نحتاج لهذه العهدة لكى لا يستغل شخص أو كيان الدين لقمع معارضيه ولكى لا يعلق شخص أو كيان فشله على شماعة التجارة بالدين..
نحتاج لهذه العهدة حتى نضع حدا فاصلا بين الثورة وآلياتها والسياسة وشروطها..خاصة بعد أن أصبحت الثورة مضغة ومطية لكل من يريد أن يتجاوز حدوده ويخرج عن الشرعية بالحق والباطل..
نحتاج لهذه العهدة لأن بيننا مخلصون يسعون للصالح العام وخير البلاد والعباد..ومنا أصحاب نوايا خبيثة لا هم لهم إلا مصالحهم الشخصية ومصالح تياراتهم حتى ولو كانت على جثث الآخرين..هذه العهدة تصنع خطوطا فاصلة بين الفريق الأول وبين المتسترين خلفه..
نحتاج لهذه العهدة لكى تقود النخبة عملية النضوج الديموقراطى فى مصر بدلا من أن تشد الجماهير معها لأسفل سافلى مشاهد العبث السياسى..
نحتاج لهذه العهدة حتى نصل لطريقة نحل بها نزاعاتنا السياسية بدون أن نهدم بلادنا..
نحتاج لهذه العهدة لأن بعض المناضلين من أجل الديموقراطية لا يريدون إلا ديموقراطية تأتى بهم دون غيرهم..
نحتاج لهذه العهدة لأن الديموقراطية والدولة المدنية عند البعض مجرد لافتات تخفى وراءها أهدافا أخرى..تنقصنا قواعد صارمة تعرى تلك الأهداف..
كل ما سبق لم ولن يحسمه دستور أو قانون انتخابات فى أى بلد فى العالم بدون قواعد للممارسة السليمة..وهذا ما نسعى إليه..
ملحوظة: (الوثيقة التالية مجرد فكرة مبدئية عريضة خاضعة للمناقشة والتعديل والحذف والإضافة.)
عهدة الدين والسياسة
• مصر دولة مدنية ولا يجوز لأى ممارس للسياسة أن يسعى لإقامة دولة دينية أو عسكرية.. وتعرف الدولة المدنية بأنها الدولة التى تتساوى فيها الواجبات والحقوق المدنية لجميع المواطنين بدون تمييز بغض النظر عن عقائدهم..ولا يتولى أى منصب مدنى فيها عسكرى عامل أو رجل دين عامل أو هيئة عسكرية أو هيئة دينية..ولا يعصم فيها أى قرار سياسى أو قانون وضعى من النقض والتبديل والتعديل.
• مصر دولة إسلامية طبقا للمضمون الذى ينص عليه دستورها وبما لا يتعارض مع باقى نصوص الدستور وهذه العهدة.
• مصر دولة ديموقراطية بما يعنى حكم الأغلبية والفصل بين سلطات الحكم واستقلالها وحفظ حقوق الأقلية ونزاهة الإنتخابات وتداول السلطة سلميا والتعددية وكفل الحريات السياسية والشفافية ومكافحة الفساد.
والمقصود بالعلمانية هنا فصل الدين عن السياسة..أما المقصود بالليبرالية فهو تحرر الفكر من المرجعية الدينية..
للقوى السياسية والأشخاص أن يتبنوا العلمانية أو الليبرالية ولهم أن يرفضوهما بحرية دون مساس بشروط الممارسة السياسية.
• للقوى والأحزاب السياسية أن تتبنى ما تشاء من مرجعيات وأيديولوجيات..وأن تتنافس فيما بينها على تمكين أفكارها من الحكم بما لا يتعارض مع هذه العهدة.
• يحظر استخدام ألفاظ أو تعبيرات دعوية مثل (الإيمان والكفر) من قبل كل ممارسى السياسة..كما يحظر اقصاء أى سياسى بأية مبررات طالما التزم بالعهدة.
• لا تستخدم المنابر الدعوية ودور العبادة فى الدعاية لأية قوة أو خيارات سياسية بوصفها من الدين وما عداها باطل.
• لا يسمح للكيانات السياسية بممارسة أنشطة دعوية أو خيرية أو تجارية كما تمنع الكيانات الدعوية والخيرية والتجارية من ممارسة السياسة.
• المظاهرات والإعتصامات والإضرابات وسائل تعبير عن الرأى ووسائل ضغط للحصول على الحقوق ويحظر استغلالها بما يتعارض مع الديموقراطية لتغليب حكم أقلية على الأغلبية أو لإسقاط كيانات منتخبة..ولا يجوز فضها إلا إذا خالفت القانون ولا يجوز فضها إلا بواسطة أجهزة الدولة المعنية..واراقة الدماء فى فعالياتها أو محاولات فضها دليل على إفراط مرفوض فى العنف.
• تخضع للمحاكمة الكيانات والأشخاص الساعية لإسقاط كيانات منتخبة قبل استكمال دورتها الإنتخابية خارج الآليات الدستورية.
• للأغلبية البرلمانية والحكومة المشكلة بناءا عليها أن تسعى لما تشاء من قرارات وخطط وقوانين وتعيينات فى المناصب السياسية تفعل وتمكن أيديولوجياتها أيا كانت..طالما أن كل هذا لا يتعارض مع الدستور وكل ما ورد أعلاه دون أن تتهم من قبل المعارضين بالإستحواذ والإستبداد وتبديل الهوية.
• تشكل محكمة عرفية تضم رؤساء الأحزاب وعددا من الشخصيات العامة المحايدة لحل النزاعات فيما يخص هذه العهدة قبل التصعيد فى الشارع واللجوء للقضاء الرسمى.