"أنا اللي بالأمر المحال اغتوى شفت القمر نطيت لفوق في الهوا طلته مطلتوش .. إيه أنا يهمني وليه ؟ .. ما دام بالنشوى قلبي ارتوى عجبي !!" صلاح جاهين اغتوى بالمحال وعشق الصعب وطوع المستحيل... استطاع أن يخلق برسومه و كلماته عالم من البساطة تشع منه أنوار الطفولة ، استمد منها القوة فى ضعفه، والبهجة فى حزنه ، ليدخل كلامه البسيط فى عاميته ، و العميق فى معانيه داخل كل بيت وكل قلب. أصبح جاهين فارساً يحلق برسومه وكلماته ، و يتوج بلقب " الفنان الشامل " فرسم و ألف الأغانى و نظم الشعر و قام بالتمثيل و عرف بفكره الإنساني التحرري . لم يستطع أحد ملء هذا الفراغ حتى اليوم بنفس مستوى جاهين الذي يتميز بخفة الدم المصرية الخالصة والقدرة الفذة على النقد البناء ، فى حضرة العم صلاح الغائب الحاضر كنا أمس فى الاحتفالية ال 82 لذكرى ميلاده بمركز إعداد القادة بالعجوزة . كان "محيط" فى حضرة جاهين بكلماته الخالدة التى حفرت مكانته فى قلوبنا من ذهب ، و عيون الابن الشاعر بهاء الدامعة التى تتركنا كثيرا و تسهو لأعلى و هو يتمتم بشفتيه كأنه يدعو له أو يحدثه حديثا خاصا بين الأبن و أبيه . بدأت الاحتفالية بكلمة للمهندس يحيى حسين مدير مركز إعداد القادة ، و حرص فى كلمته على أن الاحتفالية لا تتعارض مع ما يحدث فى البلاد، و أن كلمات جاهين الخالدة تذكرنا بأن الأصل فى هذا الوطن الطيب النور لا الظلام و البهجة لا الحزن ، فى وسط حضور العديد من الشخصيات البارزة المحبة لصلاح جاهين منهم محمد ابو الغار و فريدة الشوباشى و أمين حداد و غيرهم كثيرين . و فى كلمة الكاتب و الشاعر " محمد البغدادى " استشهد بكلام " محمود درويش " الذى كتبه فى مقدمة كتاب البغدادى " صلاح جاهين أمير شعراء العامية " ، و هذة أجزاء من كلمات درويش عن الراحل العم صلاح : صلاح جاهين لا اعرف كيف استعيد هذا الفصل الضائع ، عرفته منذ يممت مع ابناء جيلى الصعود لشطر الامل ، لا أعرف كيف امشى فى وطن تحول لشجن و شجن تحول لوطن ، ان ما فينا من مصر يكفى لنفرح . يقول درويش : صلاح جاهين هو واحد من معالم مصر. يدل عليها وتدل عليه. نايات البعيد وشقاء الأزقة ودفوف الأعياد. سخرية لا تجرح، وقلب يسير على قدمين. صلاح جاهين يجلس على صفة النيل تمثالاً من ضوء، يعجن أسطورته من اليوم، ولا يتوقف عن الضحك إلا لينكسر. يوزع نفسه فى نفوس كثيرة، وينتشر فى كل فن ليعثر على الشعر فى اللاشعر. صلاح جاهين يأكل نفسه وينمو فى كل ظاهرة، ينمو لينفجر.. و تحدث البغدادى عن معرفته بصلاح جاهين منذ المدرسة الابتدائية حين كان مصروفه تعريفه فقط ينفقها لدى بائع الجرائد ، ليقرء اشعاره و رسومه . و قال البغدادى سألتنى زوجتى هل تحققت احلامك ، فأجابها لقد تحققت كلها ، فقد رأيت صلاح جاهين و أصبحت من أصدقائه و قابل العديد من الكتاب الذى يكن لهم الحب و التقدير و أصبح مقربا منهم . و عن لقائه بجاهين لأول مرة قال : كنت مع لويس جريس و " قالى مش عاوز تشوف عمك صلاح " و ذهبت مع لويس و رأيت العم لأول مرة ، لاعداد ملف خاص فى عيد ميلاده و سألته فى المقابلة الأولى لماذا قلت انك وقعت فى بئر من الاحزان ، و رغم مشاكستى و لكنه علم ان هذا يعنى حبى و اصبحت من هذا اليوم محبا له ، و قدمت حوار عنه و عندما نشر ، اتصل بى ليشكرنى و اكتشف فى ما لم اكتشفه فى نفسى . قرأ البغدادى المقطع الاخير من كلمات درويش للعم "صلاح جاهين من قال نيابة عنا ما عجزنا عن قوله بالفصحى ، لم نخطئ حين قمنا للدفاع عن الحلم هل ابتعد الحلم لا و لكنه التف قليلا بين الصخور ، لياخذ مساره للقمر ،اذهب يا صلاح حيث شئت ، اذهب الى حيث شئت و لا تصدق ان حيزران اقصى الشهور طالما لم يفرغ ، أنه زمن ردئ زمن وغد فودعه بلا ندم .
ثم بدء عمرو سليم الحديث عن ذكرى العم قائلا فى ظل هذة الظروف علينا أن نتمسك بالقوى الناعمة ، متحدثا عن علاقته بجاهين الذى عرفه من خلال عمل والده فى صباح الخير و روز اليوسف . و حكى سليم عن انجذابه من الطفولة لخطوط صلاح جاهين فحب ان يقلده فكان يرسم على الحيطان و تعنفه أمه ، و عندما شب ذهب للبغدادى يقدم اعماله فى الكاريكتير ظنا انها عظيمة و لكنه ارسله ليشاهد كنوز الارشيف . هناك تعلم سليم أهم درس قائلا : اكتشفت ان الكاريكتير تاريخ لا ينتهى ، فصممت ان احافظ على ضميرى و بصمتى فى عملى . و تحدث عن الجانب الطفولى برسوم صلاح جاهين و ألمعية أفكاره و جمال خطوطه ، و التى تمثل نماذج لثلاث عصور من ناصر للسادات لمبارك ، و مع ذلك فهى ما تزال حية و معبرة عن عصرنا الحالى . قام عمرو بعرض سلسلة من اعمال جاهين منها كاريكتير يقول " سيب الزبالة متكنسهاش عشان الناس تطفش من القاهرة و الزحمة تخف " ، معقبا مشهد مازال يعيش حتى الان . شبه سليم رسام الكاريكتور بالصياد هناك من يصطاد قرش و هناك من يصطاد سمكة و هناك من يصطاد بساريا ، فكان صلاح جاهين ذكى أفكاره لا تنضب ، مدللا بكاركتير عن سيدة تقول مش انا شبه مصر فى الكاريكتير . و بدء الابن الشاعر بهاء كلمته عن مناسبة الاحتفالية وسط الأحداث التى تمر بها البلاد قائلا : أمين حداد الموجود النهارده قال اى حاجة نقولها قصيدة أو اغنية ده فى حد ذاته نوع من المقاومة، لذلك فالشعر و الغناء دائما صالح و خاصة لو لصلاح جاهين ، و قام بإلقاء قصيدة من شعر العم . ثم غنى الحفيد عمر بهاء جاهين روائع جده بادئا ب" ثوار " ، ثم تغنى بأغنية " بالاحضان" كلمات صلاح جاهين و الحان كمال الطويل و عندما انهاها بجملة " يحيا الشعب " انتفضت فى وجدان الحاضرين ليصفقوا بكل ما فيهم ، ثم انتقل لأغنية " صورة " ايضا من الحان كمال الطويل ،و ختم بالرباعيات قمة أعمال عم جاهين التي كان يحفظها معظم معاصريه عن ظهر قلب . و فى الفقرة الأخيرة اجتمع الشاعر بهاء مع فرقة لمبة جاز و ملحنها الحفيد عمر بهاء ، فى مزيج رائع بين الشعر و الغناء اهداءا للعملاق الغائب ، و ألقى بهاء قصيدة من قصائد العم المميزة " على اسم مصر " . بين الغناء و الإلقاء أنشدوا العديد من قصائده و رباعيته ، هذة أجزاء منها أعياد كتير بيبتدوا، ويفرغواوبيفضل العالم كده،مكبوس، ودمه تقيل تقييل...يا ربنا يا اللى خلقت لنا الأيادى، للهزار، وللعمل..إدينى قوة ألف مليون إيد...عشان أزغزغه!! " لا تجبر الإنسان ولا تخيّره يكفيه ما فيه من عقل بيحيّره اللي النهارده بيطلبه ويشتهيه هو اللي بكره ح يشتهي يغيّره عجبي!" " يا عندليب ماتخافش من غنوتك قول شكوتك واحكى على بلوتك الغنوة مش ح تموتك إنما كتم الغنا هو اللى ح يموتك عجبى!" "هى كده متنولش منها الامل غير بعد صد و رد و وجع مخاض و عجبى "
مواد متعلقة: 1. "الثقافية" تحتفل بذكرى ميلاد صلاح جاهين 2. معرض القاهرة للكتاب يحتفل بصدور الأعمال الكاملة لصلاح جاهين 3. "إعداد القادة" تحتفل بالذكرى ال82 لصلاح جاهين