تصدرت المقالات العربية الصادرة صباح اليوم الاثنين، الأزمة السورية والموقف الروسي تجاه حل الأزمة، كما اهتمت المقالات بمصير الأسد في هذه الفترة. وبالتساؤلات نبدأ عرض أول مقال لدينا وهو بقلم الكاتب جورج سمعان بجريدة "الحياة" اللندنية، فتحت عنوان "مرحلة انتقالية أم انقلاب على أبواب دمشق؟" بدأ الكاتب مقاله قائلا: "دخلت الأزمة في سوريا منعطفاً حاسماً، سياسياً وعسكرياً، المقاتلون يكسبون المزيد من الأرض والمواقع العسكرية والقواعد الجوية، ويلوّحون بالإطباق على دمشق، ويتلقون بعضاً من الأسلحة النوعية، والنظام على عنفه لضمان تفوقه والحفاظ على ممر آمن إلى الساحل الغربي، وبات في موقف دفاعي، لذلك بدأ يحرك أسلحته المحظورة".
وأضاف الكاتب قائلا: "إن الائتلاف المعارض يبحث في القاهرة في تأليف حكومة موقتة لإدارة المناطق المحررة شمالاً وشرقاً وجنوباً، والولاياتالمتحدةوروسيا تستعجلان ديبلوماسيتهما بحثاً عن حل سياسي يسابق الحسم العسكري في العاصمة، لعلهما يتوصلان إلى فرض مرحلة انتقالية تخفف الخسائر التي قد تنجم عن انهيار مفاجئ وفوضى واسعة، وهما لم تكفا منذ اندلاع الثورة عن إبداء الحرص على الاهتمام بمصير الأقليات الدينية والإثنية في هذا البلد، ولم تكفا عن التحذير من تداعيات انهيار الدولة بجيشها وأمنها ومؤسساتها على الداخل ووحدته، وعلى الجيران وما يتعداهم، وسط اصطفاف إقليمي ودولي واسع وحاد يفاقم حدة الأزمة".
وحول موقف واشنطنوموسكو، فرأى الكاتب أن "ثمة تطورات كثيرة دفعت واشنطنوموسكو إلى معاودة اللقاء للبحث عن آلية مشتركة لمقاربة الأزمة، وليس تحريك النظام السوري أسلحته الكيماوية - على خطورته - وحده ما حرك مخاوف العاصمتين والمجتمع الدولي برمته، سبقت ذلك موافقة حلف "الناتو" على نشر صواريخ "باتريوت" على الحدود الجنوبية لتركيا. وهو قرار تأجل اتخاذه إلى حين تحرر الرئيس باراك أوباما وإدارته من عبء الحملة الانتخابية الرئاسية، وبعثت هذه المبادرة الأطلسية الحرارة في الكرملين وعززت هواجس الرئيس فلاديمير بوتين من اقتراب صواريخ الغرب من حدود روسيا الجنوبية. وهو لم يتوقف بعد عن تكرار اعتراضاته الشديدة على نشر رادارات الدرع الصاروخية في تركيا. ولا يسقط من حساباته تدخلاً عسكرياً قد تفرضه مغامرة النظام باللجوء إلى أسلحة محرّمة إذا شعر بأن معركة العاصمة شارفت الحسم".
وأكد الكاتب في تفسير من وجهة نظره أن "لكل من واشنطنوموسكو أسبابٌ ودواعٍ أخرى تتعلق بمصالحهما الإقليمية تدفعهما إلى معاودة التواصل بعد جمود، وكان لا بد من إعادة التواصل بعدما ارتاحتا من معركتهما الانتخابية الرئاسية، إلى ذلك، ثمة عوامل مشتركة عجلت في لقاء وزيري الخارجية هيلاري كلينتون وسيرغي لافروف الخميس في دبلن ثم لقاء مساعديهما في جنيف أمس الأحد، بعد شهرين من التمنع والانتظار، لعل أبرزها هذه الدينامية العسكرية للمقاتلين الذين يهددون بإسقاط دمشق، مثيرين مزيداً من المخاوف والارتباك من حصول مفاجأة ما تطيح كل الحسابات والتوقعات. ولم يكن سفير الولاياتالمتحدة لدى دمشق روبرت فورد آخر المحذّرين من أن العنف في سورية كلما استمر أفاد المتطرفون من ذلك!".
ثم استرسل سمعان مقاله بعرض لرؤيته وتحليله حول تغيير موقف موسكو من الأزمة وما الدوافع وراء هذا، وما الذي أعاد واشنطنوموسكو إلى النظر للأزمة السورية مرة أخرى، وذلك حتى وصل إلى اختتام مقاله، حيث اختتمه بتساؤل يشغل الجميع الآن، فقال: "والسؤال هنا: هل يمكن أن يساعد توحيد أطياف الوحدات العسكرية المعارضة بعد قيام الائتلاف السياسي، هؤلاء المعترضين على خيارات النظام داخل الطائفة وخارجها ممن لا يزالون يلتفون حوله، على انقلاب يطيح الرئيس، إذا شعروا بقرب النهاية التي ستهدد بتحويلهم جميعاً ضحايا؟ قد لا يجرؤ الرئيس الأسد على استخدام الأسلحة الكيماوية لأنه سيحكم على نفسه بالإعدام. فالمجتمع الدولي الذي يلح على مرحلة انتقالية تضمن اليوم التالي لرحيله تحول دون إطلاق أيدي المتطرفين وجماعات التشدد - كما حصل غداة الغزو الأمريكي للعراق - وتقي البلاد شر المذابح والمجازر الانتقامية والثأرية".
ولم يشغل الموقف الروسي من الأزمة السورية الكاتب جورج سمعان وحده، ولكن تصدر هذا الموقف مقالة الكاتب طارق الحميد بجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية، فتحت عنوان "سوريا.. اتفاق اليمن لكن مشوه!"، كشف عن التفاؤل الذي أبداه عدد من المسئولين فقال: "يبشر الأمين العام لجامعة الدول العربية من ناحية بأن الأزمة السورية تدخل "المرحلة النهائية"، والقطريون بدورهم متفائلون بتقارب أمريكي - روسي حول الموقف من سوريا، خصوصا مع الإعلان عن اجتماع بين مسؤولين روس وأميركيين في جنيف بحضور السيد الأخضر الإبراهيمي لمناقشة الملف السوري. فما الذي يجري؟".
وأضاف الكاتب: "المصادر تشير إلى أن هناك مقترحا روسيا بأن يتم تشكيل حكومة انتقالية لا صلاحيات للأسد عليها، ولا يدخلها من يداه ملطختان بالدم السوري من أعضاء النظام الأسدي، ويرأسها، أي الحكومة الانتقالية، معارض سوري بارز، وعليه يبقى الأسد حتى عام 2014، ولا يترشح في الانتخابات القادمة، ليخرج إلى بيته".
ويعد هذا تلخيصاً لما سمعه الكاتب عن سوريا، ولكن توقف قليلا عن شيء آخر فقال: "وبالطبع، فإن الروس يقولون إنهم لم يغيروا موقفهم تجاه ما يحدث في سوريا".
وفرض هذا التصريح عدة تساؤلات لدى الكاتب فقال: "والسؤال هنا: إذا كان الروس لم يغيروا موقفهم فلماذا الاجتماع مع الأمريكيين والإبراهيمي من الأساس؟ ولماذا هذا التفاؤل من القطريين، ونبيل العربي، خصوصا وهو يقول، إن هدف المباحثات الأميركية - الروسية في جنيف "إعداد قرار يصدر عن مجلس الأمن"، وإنه ما إن يصدر القرار "ستكون رسالة واضحة للنظام بأن الحماية سقطت"، ولم يكتف العربي بذلك، بل إنه يقول إن المعارضة السورية "يمكن أن تشكل بديلا لتولي النظام في الوقت المناسب"، فعلى ماذا إذن كل هذا التفاؤل والتصريحات، إذا كان موقف الروس لم يتغير؟".
وحلل الكاتب هذا الموقف وهذه التساؤلا قائلا: "الواضح من المقترح المشار إليه أعلاه، أن هناك محاولة لتطبيق المبادرة الخليجية في اليمن على الأزمة السورية الآن، ولكن بطريقة مشوهة، وذلك بحجة الخوف من استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية، وبالطبع، إذا كان هذا هو المقترح الأساسي للقاء الأميركي - الروسي مع الإبراهيمي، أي حكومة انتقالية، وبقاء الأسد لعام 2014، فهذا يعني مضيعة للوقت، ومحاولة لإنقاذ الأسد من كل الجرائم التي ارتكبها، وليس إيجاد مخرج له. فالمخرج قد يكون مقبولا لدى السوريين، بمعنى أن يغادر الأسد إلى دولة ما فورا لتبدأ المرحلة الانتقالية، أما الانتظار لانتخابات 2014 فإنه إنقاذ للأسد، لأن الأمر يمثل اعترافا به كرئيس، رغم كل عدد القتلى السوريين، وهذا أمر غير قابل للتنفيذ بكل تأكيد، بل حتى تنحي الأسد وبقاؤه في سوريا، على طريقة علي عبد الله صالح الذي بقي في اليمن سيكون أمرا غير مقبول بكل تأكيد".
واختتم الكاتب مقاله رافضاً للموقف الروسي فقال: "وعليه، فإن الواضح من الموقف الروسي الآن، ومهما قال الروس، هو أن موسكو بدأت تفقد الأمل في صمود النظام الأسدي، وبدأت تدرك أن لا فائدة من الوقوف معه، كما أن الواضح من اللقاء الروسي - الأمريكي، أن موسكو الآن في مرحلة التفاوض، وخصوصا أن الروس انتظروا كثيرا، وفقدت أوراقهم التفاوضية في سوريا الكثير من قيمتها، وذلك جراء تطور الأوضاع على الأرض، حيث بات "الجيش الحر" يحاصر العاصمة دمشق، مع تداع سريع للنظام الأسدي، وفي الوقت الذي باتت فيه المعارضة السورية أكثر تماسكا، وصلابة على المسرح السياسي. ولذا فمن الصعب اليوم تخيل أي مقترح أو حل للأزمة السورية من دون خروج الأسد من المشهد تماما، والآن وليس بعد عام أو عامين".
واستمراراً في الأزمة السورية توجه الكاتب عبد الله مهاجراني إلى وضع مقارنة صغيرة بين الأسد وعدد من رؤساء الدول العربية فمنهم المخلوع ومنهم من قتل على أيدي الثوار، رغم ان الأسد رفض في وقت سابق المقارنة بين وضعه ووضع أيا كان.
فتحت عنوان "لماذا لم يتعلم بشار الأسد من مصير صدام والقذافي؟" بدأ الكاتب عبد الله مهاجراني في مقاله اليومي بجريدة "الشرق الأوسط" بعرض موجز لما تشهد سوريا الآن من تطورات وحوارات فقال: "يبدو لي أننا نواجه ونشاهد الأشهر الأخيرة لنظام الأسد، على سبيل المثال، يتحدث رئيس وزراء روسيا، ديمتري ميدفيديف، الذي تحدث في جلسة منعقدة بكامل هيئتها لاجتماع آسيا - أوروبا في لاو يوم الثلاثاء الموافق 4 ديسمبر "كانون الأول"، بصراحة شديدة عن قلقه الشديد حيال سوريا، حيث أكد ميدفيديف أن الموقف في سوريا يثير مخاوف هائلة. يستند موقف روسيا على فكرة أن مستقبل تلك الدولة ينبغي أن يكون في أيدي الشعب السوري لا أن ترسمه هياكل دولية أو أي قوى أخرى. وتتمثل المهمة الكبرى اليوم في العثور على وسائل لمعاونة الشعب السوري في تحقيق هذا".
وأثار تصريح ميدفيديع تعجباً كبيراً لدى الكاتب فقال: "يبدو أنه لا يمكننا تفسير مفرداته، نظرا لأن ثمة غموضا والتباسا يكتنفانها. من هو شعب سوريا؟".
وكما تعجب الكاتب من موقف إيران وتصريحات مسئوليها فقال: "إضافة إلى ذلك، فإنه في إيران، يبدو أن ثمة شيئا قد تغير بالمثل، نحن الآن نواجه بعض الشخصيات العسكرية المميزة التي تتحدث عن سوريا ما بعد الأسد".
وأضاف الكاتب: "حينما كنت في القاهرة، للمشاركة في اجتماع رابطة الكتاب السوريين، أخبرني المهندس وليد الزعبي، بأن محمد حبش، عضو البرلمان السوري - الذي يعيش الآن في المنفى في دبي - التقى مستشار خامنئي لشؤون السياسة الخارجية، علي أكبر ولايتي. في طهران، حدثه ولايتي قائلا: "إيران ليست مصرة على حماية بشار الأسد مهما كان الثمن!"".
وانتهى الكاتب بعد تغيير المواقف والتصريحات في الآونة الأخيرة قائلا: "نحن نواجه وجها جديدا للحقيقة، أتذكر عندما سئل بشار الأسد عن مبارك والقذافي، ارتسمت على وجهه ابتسامة وهو يتحدث للتلفزيون الألماني، في يوليو / تموز 2012، معتبرا ما حدث في مصر مختلفا عما يحدث في سوريا.. لا وجه للمقارنة".
وأضاف: "فضلا عن ذلك، فقد رفض أي مقارنات مع ليبيا؛ حيث تمكن الثوار بدعم من الغارات الجوية لحلف شمال الأطلسي "الناتو" من إسقاط النظام، وقتل القائد الليبي معمر القذافي أثناء محاولته تفادي مقاتلي المعارضة، وقال بشار في المقابلة التي أجريت معه: حينما نصف ما حدث للقذافي، فهذا عمل وحشي همجي، إنها جريمة".
وأكد الكاتب قائلا: "لسوء الطالع، سوف يتم التوصل لحقيقة أن نظام بشار على شاكلة نظامي صدام والقذافي، ويمكننا تصنيف قادة العرب في ما يتعلق بالربيع العربي إلى ثلاث فئات:
1 - صدام والقذافي وعلي عبد الله صالح.
2 - مبارك وبن علي.
3 - الملك عبد الله الثاني، ملك المغرب".
وأضاف الكاتب مستدلاً على وجهة نظره قائلا: "يتبين لنا أن بشار، دون أدنى شك، قد سجل اسمه، في القائمة الأولى. بإمكاننا القول إنه سيكون أسوأ من علي عبد الله صالح، ويكمن السبب الرئيسي والجوهري وراء ذلك في دعم كل من روسياوإيران لنظامه، إنها بكل تأكيد مراهنة لا سياسة".
وعاد الكاتب للتساؤالات مرة أخرى فقال: "فيما يتعلق بميدفيديف وبعض الساسة الإيرانيين البارزين، ثمة سؤال غاية في الأهمية يطرح نفسه ألا وهو: هل تخلوا عن بشار؟".
وأضاف: "يظهر الموضوع الثاني المهم على السطح، وهو هل سيستخدم النظام السوري الأسلحة الكيماوية ضد الشعب؟".
واختتم الكاتب مقاله قائلا: "الآن، يسمع صوت الثورة من مطار دمشق الدولي!، إذا ما استخدم بشار الأسد الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، فهذا معناه أنه سيصبح ثاني صدام في الشرق الأوسط. وسيكون هذا هو المسمار الأخير في نعشه". مواد متعلقة: 1. صحف عربية: سوريا على مشارف ركام جثث وأشلاء 2. 12 قتيلا سوريا اليوم ..والحر يسيطر على كتيبة للدفاع الجوي في حلب 3. روسيا : التخطيط لمستقبل سوريا السياسي يجب ألا يفرض من الخارج