حاولوا منعه، فانس يكشف رد فعل القادة الأوروبيين على اتصال ترامب ببوتين في اجتماع واشنطن    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    فصل رأس عن جسده.. تنفيذ حكم الإعدام بحق "سفاح الإسماعيلية" في قضية قتل صديقه    لا جوع ولا عطش في حضرة أم النور، دير درنكة يوفر سندويتشات ومياها للزوار وكله ب"جنيه" (فيديو)    محافظ المنيا يشهد احتفالية ختام الأنشطة الصيفية ويفتتح ملعبين    حقيقة ظهور سيدة تعقر الأطفال في كفر الشيخ    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    رجل الدولة ورجل السياسة    رئيس شعبة السيارات: خفض الأسعار 20% ليس قرار الحكومة.. والأوفر برايس مستمر    مروة يسري: جهة أمنية احتجزتني في 2023 أما قلت إني بنت مبارك.. وأفرجوا عني بعد التأكد من سلامة موقفي    كشف المجتمع    وداعا لمكالمات المبيعات والتسويق.. القومي للاتصالات: الإيقاف للخطوط والهواتف غير الملتزمة بالتسجيل    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 رسميًا في مصر وعدد أيام الإجازة    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    للرجال فقط.. اكتشف شخصيتك من شكل أصابعك    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم بالسودان ببداية تعاملات الخميس 21 اغسطس 2025    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالاسواق اليوم الخميس 21 أغسطس 2025    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الخميس 21 أغسطس 2025    درجة الحرارة تصل 43.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم    إصابة مواطن ب«خرطوش» في «السلام»    تعاون علمي بين جامعة العريش والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    سامح الصريطي عن انضمامه للجبهة الوطنية: المرحلة الجديدة تفتح ذراعيها لكل الأفكار والآراء    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    «عنده 28 سنة ومش قادر يجري».. أحمد بلال يفتح النار على رمضان صبحي    «لجنة الأمومة الآمنة بالمنوفية» تناقش أسباب وفيات الأمهات| صور    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    استشاري تغذية يُحذر: «الأغذية الخارقة» خدعة تجارية.. والسكر الدايت «كارثة»    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    الجبهة الوطنية يعين عددًا من الأمناء المساعدين بسوهاج    حماس: عملية «عربات جدعون 2» إمعان في حرب الإبادة.. واحتلال غزة لن يكون نزهة    الصحة في غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 269 بينهم 112 طفلًا    لبنان: ارتفاع عدد ضحايا الغارة الإسرائيلية على بلدة "الحوش" إلى 7 جرحى    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    ضربها ب ملة السرير.. مصرع ربة منزل على يد زوجها بسبب خلافات أسرية بسوهاج    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    غزة: ارتفاع عدد ضحايا الغارات الإسرائيلية إلى 94 خلال يوم واحد    السفير الفلسطيني بالقاهرة: مصر وقفت سدًا منيعًا أمام مخطط التهجير    رئيس اتحاد الجاليات المصرية بألمانيا يزور مجمع عمال مصر    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    بالصور.. أحدث جلسة تصوير جريئة ل دينا الشربيني بفستان قصير    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    عودة شيكو بانزا| قائمة الزمالك لمواجهة مودرن سبورت    "أخطأ في رسم خط التسلل".. الإسماعيلي يقدم احتجاجا رسميا ضد حكم لقاء الاتحاد    محافظ كفر الشيخ يقدم واجب العزاء في وفاة والد الكابتن محمد الشناوي    اتحاد الكرة يفاوض اتحادات أوروبية لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لمباراة الأهلي وبيراميدز    90 دقيقة تحسم 7 بطاقات أخيرة.. من يتأهل إلى دوري أبطال أوروبا؟    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    عودة المياه تدريجيا إلى كفر طهرمس بالجيزة بعد إصلاح خط الطرد الرئيسي    افتتاح قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي بحضور هنو ومبارك وعمار وعبدالغفار وسعده    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالرحمن الجميعان يكتب : الثورة السورية ونقطة اللاعودة! (1)


المنسق العام لمنتدى المفكرين المسلمين
ذكر مايكل كلير في كتابه القيم « دم ونفط»، ما نصه: « مع انتهاء الجدل حول العراق برزت إلى المقدمة مسائل أخرى، وجود قوات عسكرية أميركية في القوقاز وآسيا الوسطى، والمساعدة العسكرية الروسية لإيران، واستمرار النزاع حول طرق خطوط الأنابيب، ويحتمل أن يتفاقم التوتر في السنوات المقبلة - ص297)، و يقول: « إن علاقات موسكو مع إيران أيضا يثير أعصاب واشنطن، ومع أن هذه العلاقات ليست ودية …. فإن روسيا تزود إيران بقدر كبير من الأسلحة التقليدية والتكنلوجيا النووية وقاومت الجهود الأمريكية لمعاقبة الإيرانيين بسبب برنامجهم السري لأسلحة الدمار الشامل ... ص304»!
في النصين آنفي الذكر، يكشف المؤلف جانبا من هذا الصراع المحتدم بين الروس والأمريكيين على أماكن النفوذ، وإذا علمنا أن المؤلف نفسه، وفي كتابه، يذكر أن: « بلدان الخليج وسوريا، في الوقت الراهن، مسؤولة عن 36٪ من التجارة الإقليمية البينية للزيت، ويتوقع أن ترتفع حصتها عام 2030 إلى 50٪ أو أكثر - ص151»، لعلمنا شيئا عن وجه آخر من وجوه الصراع على الأرض السورية بين الأمريكيين والروس، فالمسألة ليست في التوجه الإنساني ولا الديمقراطي، ولكنها في صميم المصالح الحيوية، وأمن « إسرائيل»، والمحافظة على النظام العالمي الجديد الذي رسمته الدول الكبرى!
هذا الصراع هو الذي يؤخر الحل في الأزمة السورية، ويزيد من الضحايا والمشردين، ويعقد مسارب الثورة، وقد يدخلها في نفق مظلم لن يكون سهلا تلمس نهايته. هكذا ينبغي علينا أن نفهم القضية بأبعادها الدولية، حتى لا تتقاذفنا أمواج الشمال، والجنوب فتلقي بنا على شواطئ الخطر وربما الدمار!
منعطف الثورة السورية
لا ريب أن الثورة السورية اليوم، وبخاصة بعد التفجير الأخير لمركز الأمن القومي في دمشق، تمر بمرحلة خطيرة جدا، وبالغة الحساسية، ومنعطف خطير جدا، قد يحرف مسارها نحو نقطة اللاعودة، بحيث يصعب مراقبة صيرورتها في قابل الأيام، فتضيع، لا قدر الله، الدماء والتضحيات الغزيرة والباهظة!
ثمة بضعة النقاط في مسار الثورة السورية لا مفر من الالتفات إليها، وفهمها، ومحاولة التقليل من تداعياتها السلبية على الثورة والثوار، وحتى على النواحي الإنسانية بالدرجة الأولى. والأكيد أن التمويل والدعم، غير المدروسين، لاسيما الكويتي منه، هما من هذه القضايا الحساسة جدا، التي لعبت دورا خطيرا في حرف مسار الثورة، وإضعاف شكيمتها. فقد لعب التمويل والدعم دورا المساومة، وشراء الولاءات، على نحو خطير مكن من تمزيق، الثورة وحرف مسارها الثورة وتشتيت للثوار. فقد تناهى إلينا، ومن خلال شخصيات معينة، توجهات للداعمين سعوا، بقصد أو بدون قصد، إلى فرض شروطهم على المجاهدين، أملا منهم في تكوين جبهة باسم محدد. وفي ظننا أن هذا المال، بهذه المنهجية في العمل والتفكير، ساهم في تقوية النظام، وزاد من إضعاف الثورة، وتسبب بانشقاقات لبعضها عن الجسد الأم، بل وصل الأمر بالبعض إلى حد التشكيك بالقيادات الميدانية، وولاءاتها، وحتى بنوع السلاح المشترى، وبالعمليات النوعية!
رافق دخول بعض مشايخ « السوبرمان» على خط الدعم والتمويل، قلة في الوعي والخبرة من جهة، وحماسة، وإيغال إلى حد الهوس في إسقاط النظام والتخلص منه، من جهة ثانية. والعجيب أن هؤلاء صاروا يتحدثون عن المعارك والسلاح وغير ذلك من قضايا عسكرية وكأنهم خبراء زمانهم، فافترضوا افتراضات ليس لها وجود، وشاركوا، في المعارك من خلال توجيهاتهم ونصائحهم، ورأينا منهم من يدعي أنه أب الثورة، وقائد الثوار، وأنه المحرك الأكبر لهذه الثورة، ولولاه لما كانت هناك ثورة، ولا ثوار!!! وقبل ذلك كنا نرى من بين هؤلاء من يدافع عن النظام وعن شخص بشار!! كل ذلك وغيره يحدث باسم الدين والثورة، وعلى حساب الدماء والأعراض و ضياع الأوطان!
يغلب الظن لدينا أن إزاحة بشار- وليس النظام- لن تكون بمعركة عسكرية كما يدعي البعض، بحيث يسيطر الثوار سيطرة تامة على سوريا، أو دمشق، أو يكون النظام متأرجحا واضح السقوط نحو الهاوية، ذلك أن الوضع بهذه الصورة، يجعل « إسرائيل» في خطر محدق وحقيقي، بحيث ستكون الأسلحة الكيماوية وغيرها من الأسلحة النوعية إما بيد النظام الذي قد يلجأ إلى خيار شمشمون فيهدم المعبد على من فيه، وإما أن تكون بيد الثوار الذين هم في غالبيتهم أمام الرأي العام العالمي من أهل السنة، وبالتالي التخوف من انتقال مثل هذه الأسلحة إلى المجموعات « الإرهابية» كما تسمى!
سؤال لا بد من طرحه، خاصة مع تزامن الإعلان عن عميلة التفجير مقتل أو وفاة بعض رموز المخابرات الإقليمية من اليهود والأتراك فضلا عن وزير المخابرات المصرية، عمر سليمان، وربما غيرهم. ولا شك أن حادثا بهذا الضخامة يعطي انطباعا بأن هناك صراعا دوليا يجري في سوريا، يقضي أحد سيناريوهاته بتوجه أمريكي نحو التعجيل بإزاحة بشار، وإبقاء الطائفة أو المجلس العسكري، وبهذا تكون روسيا وإيران هما الخاسران الأكبران، وقد يكون الحادث بتدبير بريطاني، لقطع الطريق على المخطط الأمريكي، خاصة أن الأمريكيين متفقون تماما مع إيران على تشكيل الخط الفارسي الشيعي، وقد يكون بالتعاون مع الفرنسيين الذين يقفون ضد الأمريكان، أو يحضرون لإعادة صياغة سيناريو الدولة العلوية! وقد يكون بتدبير من النظام نفسه، بإيعاز من المحور الروسي - الإيراني، بهدف خلط الأوراق لاسيما إذا كان لديه علم بأن هناك مخطط لاعتراض مصالحه من قوى أخرى!

لغة جنيف وما بعدها
لعب كوفي أنان طوال فترة الأزمة كلاعب رئيسي، وهو يحاول إنقاذ النظام البعثي، للمحافظة على أمن « إسرائيل»، وتطورت مهامه، منذ اجتماع « جنيف»، المذهل، من وسيط مشترك إلى فاعل استراتيجي في الحل مع النظام، ونزع أسلحة الثوار، وتقليم أظافر الثورة. وكان هذا الرجل: « قد دعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في سوريا تضم أنصار الرئيس بشار الأسد وأعضاء من المعارضة لتقود عملية الانتقال السياسي، حسب ما أعلن دبلوماسيون غربيون - البي بي سي 28 /6 »، ثم قام بحملته لإقناع الدول العظمى، وفعلا استجابت الدول الكبرى، ومنها روسيا والصين، و: « عبرت روسيا وقوى دولية أخرى عن دعمها لدعوة المبعوث الدولي كوفي عنان إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في سوريا- bbc 28 /6»، وإلى هذا الحين ( 28/6) ظل موقف روسيا المعلن معارضة استبعاد الأسد من العملية السياسية. أما المعارضة السورية فقد رفضت أي خطوة لحل سياسي انتقالي إذا لم تتضمن رحيل الأسد بشكل صريح « bbc 28/6». مع أن صحيفة « كومرسانت الروسية - 4/ 7 » قالت أن الغربيين يحاولون إقناع روسيا بمنح اللجوء السياسي للرئيس السوري بعد « اتفاق جنيف». والحقيقة أن موسكو لم تتجاوب حتى الآن مع الفكرة رغم أن مصادر في الكرملين، والكلام للصحيفة الروسية، ترى أن فرص الأسد في الاستمرارية سياسيا تبلغ « عشرة بالمائة». أما الصين، وفق فضائية « فرانس 24»، فقد: « طالبت بالإسراع في تطبيق روح الاتفاق .. والذي يطالب الحكومة والمعارضة بالاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية». وبحسب المتحدث باسم الخارجية الصينية، ليو ويمين، في لقائه المنتظم مع الصحافيين فإن: « الصين ترى أن الأمر الملح الآن هو تنفيذ بيان مجموعة العمل بشان القضية السورية».
ولكن الأمر الخطير في جنيف هو ما ذكرته المحطات الإخبارية، بالقول: « تمكنت مجموعة العمل حول سوريا التي شكلها المبعوث الدولي المشترك كوفي أنان من التوافق السبت في جنيف على مبادئ خطة انتقالية لا تشير إلى رحيل الأسد عن السلطة، وتلحظ خصوصا تشكيل حكومة انتقالية قد تضم أعضاء في الحكومة السورية الحالية»، وهذا البند الأخير هو الذي جرى العمل به، على الأقل حتى استقالة أنان، وهو محاولة تشكيل حكومة انتقالية تضم أعضاء في الحكومة الحالية، وهو ما رفضه « الجيش الحر»، وتردد فيه المجلس الوطني بين تصريحين متناقضين!
بعد الفيتو المزدوج والثالث
كان تردد السياسة الأمريكية واضحا جدا في الثورة، بل أنه بدا أحيانا متناقضا، فهو مرة مع تسليح محدود للثوار، وأخرى مع الحل الدبلوماسي، وتارة أخرى يشيرون برحيل الأسد، ومرة أخرى يتورطون مع الروس في الفيتو، وهكذا، ولكن ما نراه اليوم، أن هناك خطا أصبح واضحا، وهو رحيل الأسد، وبقاء النظام أو حماية الطائفة، دون التطرق إلى ما يسمى بالدولة العلوية، فالأمريكان، يريدون كسب الوقت، وإخضاع موسكو، وإضعاف إيران، وهم يحاولون أن يخرجوا بأقل الخسائر الممكنة مع الروس، مع اقتراب فترة الانتخابات التي قد تعصف بالموقف الأمريكي!
فبعد الفيتو الروسي – الصيني الأخير، قام توماس دونيلون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، بزيارة إلى الصين، وذكرت ال « bbc 24 /7 » أن: « المستشار الأميركي لشؤون أجرى محادثات في بكين مع الرئيس الصيني هو جينتاو وعدد من القادة الصينيين، تركزت على استخدام الصين لحق الفيتو ضد مشروع قرار بشأن سوريا أغضب واشنطن»، وبدا الأمريكيون أنهم يتجهون فعلا نحو مسارات بعيدة عن مجلس الأمن كما ألمحت بذلك المندوبة الأمريكية بعد الفيتو، ووصول دبلوماسية الأمم المتحدة إلى طريق مسدود، وأن هناك تحولا في السياسة الأمريكية تجاه القضية السورية، وفق ما ذكرته ال bbc، التي نقلت عن مصادر أميركية قولها: « إن حكومة أوباما تبحث الآن عن سبل تقديم مزيد من الدعم لقوات المعارضة السورية، بما في ذلك تزويدهم بالمزيد من معدات الاتصال وتبادل معلومات الاستخبارات». وفي السياق نقل عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى قوله: « نريد مساعدتهم ( المعارضة ) على أن يصبحوا أكثر تجانسا من حيث قدرتهم على تقديم رؤية مشتركة وقدرتهم على الاتصال والتواصل فيما بينهم».
إذن الأمريكيون يتحركون الآن وفق استراتيجية المسارعة للتفاهم مع المعارضة، بشرط توحيد الصفوف، وأن يكون الثوار (المقاتلون) متجانسين، ذوي رؤية موحدة، ثم يضمهم جناح المجلس الوطني، ومن خلاله الدفع بهم نحو خنق النظام، ولكن بأسلحة لا يمكن أن تكون متفوقة، أو جديدة، أو ذات مرام بعيدة الأهداف المحددة لها، بحيث تكون المصالح « الإسرائيلية» الأمريكية آمنة، وبمجهود المقاتلين والثوار! والملاحظ الآن أن الجميع يتجه نحو تنحية الأسد، كحل دبلوماسي، لحمايته، وحماية الطائفة من بعده، والتي ظلت منذ القرن المنصرم تحت الحماية الغربية، والتي ستظل الورقة الرابحة التي لا يصح التفريط بها اليوم!
هذه السياسة الأمريكية وجدت تعبيراتها في وسائل الإعلام، وفي الملتقيات، وفي الصحف، عبر تصريحات يدلي بها كبار المسؤولين الأمريكيين والغربيين. فقد خاطبت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، المقاتلين والثوار، والمعارضة، بدعوتها المعارضة أن تستعد: « للبدء بالعمل على حكومة انتقالية. عليها أن تلتزم حماية حقوق جميع السوريين وجميع المجموعات السورية. وعليها أن تحمي الأسلحة الكيميائية والجرثومية التي يملكها النظام السوري - bbc 24/ 7»، و: « الالتزام بحماية حقوق جميع السوريين، بما فيهم العلويين، والنصارى والدروز وغيرهم»، دون التطرق لقيام حكومة سنية، فهذا ليس في عقل الأمريكان، إذ أن إيران حليف ليس من الحكمة خسارته فضلا عن استبداله ب « حليف» سني!!!
الدور الإيراني
الغرام الأمريكي بإيران لم يفت الكاتب الأمريكي، جاكسون ديل، المقرب من صناع القرار الأمريكي، والذي تساءل وأجاب في مقالة له نشرتها صحيفة « الشرق الأوسط» بعنوان: « حيرة أوباما بين سوريا وإيران 12/ 6 / 2012 »، بقوله: « لماذا إذن تبدي إدارة الرئيس أوباما وكذلك حكومة بنيامين نتنياهو فتورا، على أقل تقدير، تجاه أي تدخل عسكري حتى لو كان غير مباشر من أجل إسقاط الأسد؟ أحد أسباب هذا الفتور هو القلق مما سيأتي بعد ذلك الديكتاتور ».
ثم يمضي في تساؤلاته: « هل تريد واشنطن إسقاط نظامي الأسد وخامنئي الديكتاتوريين اللذين يتسمان بالوحشية والعداء ويوجد بينهما تحالف وثيق، أم أنها تريد أن تتوصل معهما إلى صفقات تحتوي ما يمثلانه من تهديد؟ الإجابة هي أنها تريد الاثنين معا ولا تريد أيا منهما في الوقت ذاته، إذ تقول إدارة الرئيس أوباما إنها تسعى إلى تغيير النظام في سوريا، في حين أنها حددت الهدف في حالة إيران بإقامة علاقات ودية مع المرجعيات الدينية هناك في مقابل منع انتشار الأسلحة النووية ».
إذن لإيران دور استراتيجي لا ينكر في الأزمة السورية، بل على مستوى العالم، والحق أنه دور لا يمكن تجاوزه لا في أزمة سوريا، ولا في أزمات الخليج أو بحر قزوين أو آسيا الوسطى. فالإيرانيون يتمددون تحت سمع وبصر النظام الدولي وبرعايته ورقابته في شتى أنحاء العالم، ويقبلون بهذا الدور وتبريراته!!! ففي سوريا فقد شاركت إيران في قمع المتظاهرين السوريين باعتراف اللواء إسماعيل قاءاني، نائب القائد العالم لفيلق القدس، الذي أقرّ: « بالتواجد العسكرى لهذه القوة على الأراضي السورية للمشاركة في قمع المعارضين لنظام بشار الأسد»، زاعما أنه: « أنه لولا حضور الجمهورية الإسلامية الإيرانية لكانت المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري على يد المعارضين أوسع من هذا - مركز الشرق الأوسط، التصريحات الإيرانية..، http://yamazaj.com/news/139665 » !!!! بل أنه ذهب أبعد من ذلك بالقول: بالرغم من كافة السلبيات التي تعاني منها الحكومة السورية، فإن هذا البلد يشكل جغرافية المقاومة، لهذا السبب تمارس كل من أمريكا وإسرائيل الضغوط عليه»، فهي ( الجغرافيا): « الامتداد الحقيقي لإيران وبوابة إيران للشرق العربي، والمدد المادي لظفره الناتئ (حزب الله) ».
لهذا فالإيرانيون يسعون جاهدين إلى الحيلولة دون سقوط بشار وزمرته، وفضلا عن تصريحاتهم الأخيرة في لبنان ودمشق، فإن هذه السياسة سبق وعبر عنها خامنئي، أعلى سلطة في البلد، والتي أعلن عنها أمام رئيس الحكومة التركية أردوغان عشية زيارته لطهران، بالقول: « إن إيران ستدافع عن سوريا»، وكذا التصريحات التي: رفضت أي نوع من التدخلات الخارجية الرامية إلى التحريض ضد النظام السوري لتبرير « التدخل الأجنبي، عسكريا كان أو غيره». كما أن إيران « ترفض أي مساومة على شخص الأسد بأي شكل كان، حتى لو كان على الطريقة اليمنية - ملف مركز الشرق العربي، التصريحات الإيرانية والثورة السورية، ج 2 ، 22/ 6/ 2012 ».
مع ذلك فقد لاحظنا مؤخرا تغيرا في خطاب المواجهة والتصريحات، فقد استبدل اسم الرئيس السوري « بشار» بكلمة « النظام»، مما يعني أن بقاء « بشار» ليس هدفا بقدر ما تتعلق المسألة في بقاء « النظام»، وفي هذه النقطة بالذات يتوافق الإيرانيون مع منظومة المركز العالمي والدول الكبرى، ورؤوس النظام العالمي، وهو ما عبر عنه أنان ومجموعاته العاملة، وكذا الروس بأوضح العبارات التي تؤكد على أن النظام العالمي لن يسمح بتغيير « النظام»، لكنه لا يمانع باستبدال البيادق، فالأشكال والأسماء تروح وتجيء، وليس بالضرورة تحمل ذات المنحى والاتجاه، بقدر ما يتوجب عليها الاحتفاظ بخصائصها البنيوية القائمة على الحفاظ على الأمن « الإسرائيلي»، ومنع السنة من حكم ، يقوده البعيدون عن هذا « النظام»!
هي إذن معادلة واضحة للنظام الدولي، لإيران فيها نصيبا وافرا، لكن صلابة الشعب السوري وثباته وتعدد دفاعاته، حصن الثورة السورية وموضعها في حيز اللاعودة، وهو ما أرّق القوى الدولية والإقليمية، ويهدد بقلب الموازين، وعكس المعادلة، لهذا فالجميع في ورطة واضحة، وكلهم يسعون للتوصل إلى حل يضعف المقاومة من جهة، ويحمي الطائفة العلوية من جهة أخرى، وفي نفس الوقت يحول دون أي انتصار للسنة، وخاصة قواهم الضاربة. لذا لا تنفك الأنباء تتواتر عن إجراء مسؤولين أمريكيين محادثات مع مسؤولين في كلٍ من تركيا و « إسرائيل»، حول كيفية التعامل مع انهيار محتمل للحكومة السورية، بل أن مسؤولي البيت الأبيض يعقدون اجتماعات رفيعة المستوى بشكلٍ يومي، لبحث مجموعة واسعة من خطط الطوارئ الخاصة بالأزمة السورية، ومن بينها كيفية الحفاظ على ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية، وإرسال إنذارات واضحة لكلا الجانبين لتجنب الأعمال الوحشية الجماعية، كمؤشر على خطورة تصعيد الأزمة السورية، ومع أن الموقف الأمريكي، ليس واضحا تماما حيال هذه المسألة، إلا أن هناك من المخططين من يجهد في التفتيش عن حلول ملائمة للنظام الدولي.
يتبع....!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.