وسط صراع محتدم ونتيجة غير واضحة انطلقت الانتخابات البرلمانية بالكويت منذ الصباح الباكر لتحديد مصير البرلمان الجديد. ويعد هذا اليوم مختلفاً، ففي ثاني انتخابات برلمانية هذا العام، الانقسام والتشاحن هو القائد الأكبر، ولكن هذه المرة الانقسام والتبارز ليس بين أنصار المرشحين أو المرشحين أنفسهم، ولكن بين من الناخبين أنفسهم بين من يؤيد الذهاب إلى صناديق الانتخاب ومن يقاطع الانتخاب.
بدء الاقتراع ووسط دعوات المقاطعة التي تواصلت حتى الجمعة، بدأ الكويتيون صباح اليوم السبت، التصويت في انتخابات برلمانية هي الخامسة منذ تولي الأمير صباح الأحمد الصباح الحكم عام 2006.
وسيقوم الناخبون خلالها باختيار 50 عضوا في مجلس الامة "البرلمان" وفقا لنظام الدوائر الخمس وآلية التصويت لمرشح واحد، ومن المقرر ان تستمر عملية الاقتراع حتى الساعة الثامنة من مساء اليوم، واذا تبين وجود ناخبين لم يدلوا بأصواتهم في مكان الاقتراع بعد هذه الساعة فيحق لهم التصويت في هذه الحالة.
ويحق لكل ناخب من الناخبين المقيدين وعددهم 422 ألف و569 ناخبا وناخبة اختيار مرشح واحد من بين 307 مرشحين ومرشحات يتنافسون في الدوائر الانتخابية الخمس للفوز بعضوية مجلس الامة بواقع عشرة نواب لكل دائرة.
وكان اللافت اليوم أنه ومع بدء الاقتراع، استحوذ كبار السن على اكبر نسبة، رغم البرودة النسبية، إذ كانت درجة الحرارة حوالي 15درجة مئوية.
كما تواجد عدد من المرشحين في بعض مقار الاقتراع، فيما لوحظ وجود مندوبي المرشحين واهاليهم ومناصريهم في الخارج لاستقبال الناخبين لحثهم على انتخاب مرشحيهم مع توزيع الأوسمة وبطاقات التعريف بالمرشح والصور وتقديم بعض الخدمات لهم، وتميزت الساعات الأولى من بدء الاقتراع بالسلاسة والتنظيم علما بأن وزارة الداخلية لا تسمح بالدخول الى المراكز الا بعد اظهار الجنسية لاولئك الذين سيتوجهون للادلاء بأصواتهم.
مشاركة النساء وسجلت الانتخابات الكويتية مشاركة لافتة للنساء رغم دعوات من قوى المعارضة لمقاطعة الانتخابات، وأفاد مصادر اخبارية أن اللحظات الأولى من الاقتراع شهدت إقبالا لافتا من النساء، فيما أكد رئيس أحد اللجان في مدرسة فاطمة المسباح التي تصوت فيها النساء أن المشاركة كانت ضئيلة في الساعات الأولى، ثم زادت قليلا في الساعات التالية، لافتا إلى أنها ستصل إلى ذروتها بعد الساعة الرابعة أو الخامسة عصرا .
وحرصت بعد النساء على اصطحاب أطفالهن ل"يشاهدوا عملية التصويت"، وأكدت أخريات أنهن "حرصن على القدوم والمشاركة في عرس الكويت الديمقراطي.. وأن التصويت اليوم هو واجب وطني".
حضور إيجابي
ورغم ما ورد ببعض وسائل الاعلام حول ضعف أعداد الناخبين، إلا أن وزير الاعلام ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح وصف حضور الناخبين إلى أحد مراكز الاقتراع التى قام بزيارتها بالايجابي والجيد.
وقال: "إن توافد الناخبين ملحوظ وايجابي، على الرغم من أن الفترة الصباحية في العادة تشهد حضورا ضعيفا"، معربا عن الامل في أن تسير العملية الانتخابية على الوتيرة نفسها من الناحية التنظيمية الممتازة والسلاسة من حيث توجه الناخبين الى مراكز الاقتراع.
كما تحلى المشهد أيضاً بزيارات تفقدية قام بها فريق دولي للمفوضية الاهلية لشفافية الانتخابات في جمعية الشفافية الكويتية، لبعض مراكز الاقتراع للاطلاع على سير العملية الانتخابية لاختيار اعضاء مجلس الامة التي بدأت صباح اليوم.
ويعد الفريق الذي يضم أعضاء من عمان ولبنان والاردن تقارير حول مستوى النزاهة في العملية الانتخابية ومدى تحسن آليتها.
يذكر ان قوانين الانتخابات الكويتية تفتح المجال أمام مؤسسات المجتمع المدني للمشاركة في عملية مراقبة الانتخابات حيث توزع جمعية الشفافية الكويتية مراقبين داخل مراكز الاقتراع وخارجها.
خطة أمنية
ومع بدء الاقتراع، انتشر منذ الصباح الباكر رجال الامن حيث لوحظ توزعهم بشكل منظم على جميع المقار الانتخابية، فيما بدأ بعض القضاة المشرفين على اللجان عملهم في الوقت المحدد لبدء عملية الاقتراع بعد التحقق من تنفيذ الاجراءات اللازمة وتوافر المواد والمستلزمات الخاصة بالعملية الانتخابية.
وذكرت وكالة الأنباء الكويتية أن وزارة الداخلية لن تسمح بدخول مراكز الاقتراع إلا بعد اظهار الجنسية لاولئك الذين سيتوجهون للادلاء باصواتهم.
وكانت أكدت وزارة الداخلية أنها أعدت خطة أمنية شاملة ومتكاملة لفرض السيطرة الأمنية وتحقيق النظام العام وتأمين سير العملية الانتخابية.
وقال العميد غلوم حبيب غلوم المدير العام لمديرية أمن محافظة حولي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الكويتية "كونا" أن خطة الوزارة ترتكز على تنظيم وتسهيل عملية الدخول لمواقع الاقتراع والتعامل الفوري والحازم مع أي مظاهر من شأنها التأثير في العملية الانتخابية والتصدي لأي محاولة للخروج على القانون من الآن وحتى بعد ظهور النتائج.
وبين حبيب أن الخطة تسعى لاتخاذ الإجراءات الأمنية الاحترازية والوقائية لتأمين الانتخابات وحفظ الأمن والنظام بمواقع الاقتراع ومحيطها وتأمين نقل صناديق الاقتراع وحمايتها وتذليل جميع العقبات الإدارية والأمنية أمام سير عمل لجان الانتخابات وتأمين وصول الناخبين الى مواقع الاقتراع.
المعارضة تقاطع
وتواجه الانتخابات الحالية مأزقا كبيرا يتمثل في مقاطعة نواب كتلة الأغلبية "المعارضة" في المجلس السابق ومعهم العديد من القبائل والحركات السياسية على خلفية مرسوم أميري بتغيير آلية التصويت ليصبح من حق الناخب منح صوته لمرشح واحد بدلا من 4 مرشحين كما كان عليه الوضع قبل المرسوم.
فجاءت هذه الانتخابات غداة مسيرة "كرامة وطن 3"، التي نظمتها المعارضة وقدر عدد المشاركين فيها بأكثر من 200 ألف مواطن لتكون الأكبر في تاريخ البلاد؛ احتجاجًا على مرسوم الصوت الواحد.
وأعلنت المعارضة عن تنظيم تجمعات في عدد من الدواوين منذ الصباح وعلي مدار اليوم الإنتخابي لتأكيد رفض ومقاطعة الإنتخابات.
وقال الرئيس السابق لمجلس الأمة أحمد السعدون - وهو الآن من الشخصيات المعارضة البارزة: "إن الرسالة التي يرسلها الشعب الكويتي هي رفض تغيير قانون الانتخابات"، وأضاف أن عدد المشاركين في المسيرة يعكس ضرورة إلغاء المرسوم.
وقال العضو السابق في مجلس الأمة جمعان الحربش: "إن المسيرة هي الكبرى في تاريخ الكويت"، وأضاف أن رسالة ذلك للسلطات هي أن الشعب يرفض الانتخابات ويرفض البرلمان الموالي للحكومة.
وبدورهم، أكد كويتيون معارضون أنهم ينشدون الإصلاح الديمقراطي وليس الانتفاضة.
ولكن الآن المصير البرلماني سيحكمه صندوق الاقتراع، والجميع ينتظر الثامنة مساءاً حتى تتضح الصورة ، من الفائز وهل ستنجح المقاطعة في تحقيق أهدافها؟ هذه التساؤلات لا أحد يمكنه الاجابة عليها الآن.. فما علينا إلا انتظار النتائج.