سلط عدد من الكتاب العرب في مقالاتهم المنشورة اليوم الأحد، في الصحف العربية الضوء على الصدمة التي تكتنف أذهان العرب جميعا مما فعله الاخوان بمصر، والعنف الحصري للعالم العربي الذي تصدر مؤخراً عناوين الأخبار. ففي مقالة بعنوان "من ميدان التحرير.. إلى ميدان التبرير!" بصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، عبر طارق الحميد اليوم الأحد، عن صدمته وصدمة الكثيرون مما فعله الاخوان المسلمون يمصر، حيث بدا مقالته قائلا: "لا تملك إلا أن تكون مصدوما من صدمة المصدومين بمصر، والخليج العربي، وتحديدا البعض في السعودية، مما فعله الإخوان المسلمون بمصر، حيث منح الرئيس نفسه صلاحيات لم يحظ بها حاكم من بعد فرعون، وكأنهم، أي المصدومين، كانوا ينتظرون من الإخوان حكما ديمقراطيا على غرار أميركا أو أوروبا".
ورأى الحميد، مع احترامه للجميع، أن هذا ليس وقت مجاملات، وقال: "منذ ثورة 25 يناير، وقلة قليلة جدا، وفي هذه الصحيفة تحديدا، كانت تنبه، وتحذر، مما يجري بمصر، ومن الإخوان، ليس لأن هؤلاء الكتاب يضربون الودع، أو يقرأون الفنجان، بل لأنهم قرأوا التاريخ جيدا، وعرفوا تجارب التيارات الإسلامية التي لا تؤمن بالديمقراطية، وإنما ترى فيها طريقا واحدا لا رجعة فيه للاستيلاء على السلطة، وعدم التفريط فيها، والأدوات حاضرة، وبسيطة، وهي التحدث باسم الله، ومن يعارض فهو كافر، وعميل، وصهيوني".
وأكد الحميد أن ما يحدث في مصر كان متوقعا، وتم التحذير منه مطولا، ودلل على توقعاته قائلا: "قلنا: اربطوا الأحزمة! فقيل: أعطوا مرسي فرصة! وقيل للمصريين، وتحديدا القوى السياسية والشباب: الدستور أولا، ولا تكونوا حطب معارك الإخوان مع العسكر، ولا تنشغلوا بقصة الفلول، ولا تمعنوا في الحقد على مبارك، فالانتقام لا يبني دولا. وقيل للمصريين أيضا: اختيار شفيق اختيار للدولة المدنية، واختيار مرسي هو اختيار للدولة الدينية، على غرار إيران، وهو ما يحدث في مصر اليوم، ولم يستمع أحد، بل كانت هناك ماكينة تخوين، وتحريض".
وعلى المستوى الخليجي، ذكر الكاتب في مقالته أنه نفذ فجأة لبعض الفضائيات السعودية، والصحف تكتلا إخوانيا ، وانتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشرت بالطبع موجة تضليل وتحريض لتحريك الفوضى بالخليج، حيث اعتلى منسوب غرور اللحظة لدى الإخوانيين، ومن تحالف معهم ولأسباب مختلفة، وكان الهدف واحدا، وهو تعميم النموذج الإخواني في الخليج، وذلك استقواء بما حدث بمصر.
وأكد الحميد أن التحريض بالسعودية كان كبيرا، وتم استهداف الكويت، والأردن، علما بأن المفارقة هنا أنهم يحرضون على ملك يتنازل، واليوم يبررون لرئيس التَهَم كل السلطات! وبالطبع أصبح التبرير الآن هو الطاغي، بين من يحاول تفصيل الديمقراطية على مقاس الإخوان، وبين من صدموا، ولا يريدون أن يقولوا أخطأنا بوثوقنا، ودفاعنا، عن الإخوان، لنجد أن المحرضين انتقلوا من ميدان التحرير إلى ميدان التبرير.
وتحت عنوان "العرب: الامتيار الحصري للعنف" بجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية، تساءل الكاتب الصحفي عماد الدين أديب عن وجود تفسير علمي ومنطقي لأن يكون العالم العربي، دون سواه، صاحب الامتياز الحصري للتوتر والغضب والعنف والاضطرابات؟
وفرض هذا التساؤل نفسه على الكاتب بعد نظرة متأنية إلى نشرة الأخبار في أي قناة فضائية مؤخرا، حيث نقلت الشعور بأنه لا يوجد عنف ولا مخاطر ولا ظلم ولا استبداد ولا انشقاق سياسي ومذهبي وطائفي إلا في العالم العربي.
وقام أديب بعرض عدد من أخبار النشرة التي صدرت مؤخرا، كمثال لعرض رؤيته: 1 - قتال في ليبيا بين بقايا القبائل الموالية لنظام القذافي والجيش الوطني. 2 - قتال في شوارع ريف دمشق والمدن السورية الكبرى بين جيش النظام والجيش السوري الحر. 3 - معارك محتدمة لليوم الرابع بين المتظاهرين في محيط وزارة الداخلية بالقاهرة وقوات الأمن المركزي. 4 - حرق مقار لحزب الحرية والعدالة الحاكم في الإسكندرية والسويس. 5 - اضطرابات بين المتظاهرين في عمان احتجاجا على رفع الأسعار، وقوات الشرطة الأردنية. 6 - حرب مدن تُستخدم فيها الصواريخ متوسطة المدى بين كتائب القسام والجهاد الإسلامي من ناحية، والجيش الإسرائيلي من ناحية أخرى. 7 - اقتحام مجموعات مسلحة لعدة مصالح حكومية في صنعاء، والقبض على رئيس الجماعة التي نفذت العملية. 8 - عنف ومظاهرات بين فصائل «الجهادية السلفية» في جنوبتونس وقوات الشرطة الحكومية. 9 - مظاهرات حاشدة في الكويت تستخدم فيها الشرطة القنابل المسيلة للدموع. 10 - القبض على عناصر تحريض ممولة من إيران ضد نظام الحكم في البحرين. 11 - عودة لأسلوب المجازر الجماعية التي سادت مرحلة حرب الدولة والجماعات الدينية في الجزائر. 12 - توتر على الحدود التركية - السورية المشتركة. 13 - التخوف من اندلاع أعمال إرهاب مجددا في بيروت وطرابلس تستهدف كبار الشخصيات السياسية. 14 - قيادات حزب الله اللبناني تؤكد: لا نزع لسلاح المقاومة حتى يتم تحرير فلسطين! 15 - ظهور تنظيمات جديدة موالية ل«القاعدة» في شمال وجنوب شبه جزيرة سيناء تستخدم أسلحة مهربة من غزة. 16 - اندلاع الأعمال العسكرية بين دولة السودان ودولة جنوب السودان. 17 - اكتشاف مؤامرة انقلابية كان يدبر لها قادة كبار سابقون من الجيش السوداني في الخرطوم. وبعد هذه العناوين أكد الكاتب أديب قائلا: "كل ذلك يجعل العالم العربي منطقة طاردة للاستثمار، مشجعة للإرهاب، مهددة للأمن والاستقرار".
وبالعبور إلى غزة وتحت عنوان "اختصار..سلطة باللغة العربية" عرض الكاتب الصحفي زهير ماجد في مقالته بجريدة "الوطن" العمانية جزء من محاولة لإشغال شباب غزة عن مقاومتهم، حيث قال: "في إحدى الندوات حول ماسمي بالربيع العربي، تدخل أحد الأجانب خارج جدول أعمال الندوة ليقدم تفاصيل جديدة عن غزة المقبلة التي ستملؤها العمارات الشاهقة والميادين الفسيحة التي هي عبارة عن حدائق غناء، وعن مشاريع استثمارية ترفع مستوى الفرد الغزاوي إلى الحد المقبول وأن المخطط هو القضاء على أي فقر في القطاع".
ورأى الكاتب أن كل هذا له هدف واحد، إبعاد الفلسطيني عن الثورة والنضال والقتال، تماما كما يخطط للضفة الغربية التي تحكمها اسرائيل وهي الضابط لايقاعها الأمني والاقتصادي والمالي.
وأضاف الكاتب في مقالته: "تلك التصاميم اذا صدقت، سيكون لها المال العربي ولو بالقطارة .. مع أن هذا المال لا يتعب به بل يأتيهم من مخزون أرضهم النقطية والغازية. لكن شهوة انهاء القضية الفلسطينية بأي طريق كان، يجعل من حراك بعض العرب لافتا تجاه الفلسطينيين، وخصوصا في حرب غزة الأخيرة التي جاءت انذارا للجميع بأن يهرعوا لتقويض النار الغزاوية قبل أن يتحرك المقرب اليها، وقبل ان يصبح حلها صعب الاحتواء".
كما تطرق الكاتب في مقالته إلى ما تشهده مصر من انقسامات وقال: "مصر المشغولة اليوم بانقسامها الى كتلتين جبارتين يستحيل الحوار بينهما: ديني وعلماني، مع ان العلماني في مصر يبدأ بالبسملة في كل شيء وله صلاته وصيامه، ضربت على صدرها بايجاد الحل المؤقت لمسألة تكررت ولسوف تتكرر .. لكن المصريين نسوا في غمرة الانشغال بالتفتيش عن البنود، ان النزاع الغزاوي غائر في تربة القضية المقدسة وان التهدئة المؤقتة كانت قد مرت على المكان ذاته، وانه أصح بالقيادة المصرية التي أفرزتها ثورة يناير كما يقال، إن تعي أن ثورة الشعب الفلسطيني باتت غزة تمثيلها الأدق ضمن الظروف الفلسطينية المعقدة في الضفة الغربية التي تحكمها اسرائيل وتدير شؤونها باللغة العربية مايسمى بالسلطة الفلسطينية".
ورأى الكاتب في ختام مقالته عن الشباب بعد الثورات التي مرت عليهم ومدى تأثيرها على أفكارهم، قائلا: "الحراك العربي غيّر أفكار الناشئة والشباب الذين كمنت في دواخلهم أريحية الثورة على كل خطأ داخلي وعلى مفهوم العلاقات الخارجية بين الدولة والآخرين والتي لها أدلة مهمة على هذا الأمر". مواد متعلقة: 1. الصحف العالمية تبرز ردود أفعال «المصريين» حول قرارات مرسي 2. مقتطفات من مقالات كتاب الصحف المصرية 3. مقتطفات من مقالات كتاب الصحف المصرية