مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 22 سبتمبر 2025 في بورسعيد    بالفيديو.. الأوقاف توضح كيف تواجه مبادرة "صحح مفاهيمك" الفكر المتطرف وماهي أهدافها؟    سعر الدولار اليوم الإثنين 22/9/2025 أمام الجنيه المصرى فى بداية التعاملات    أسعار الخضروات اليوم الإثنين 22 سبتمبر في سوق العبور للجملة    وزير العمل: 2 مليون و 375 ألف جنيه لدعم 334 عاملاً في 25 محافظة    سلطات الاحتلال تؤجل محاكمات الأسرى إلى الأربعاء المقبل    خبير: الاعتراف بالدولة الفلسطينية تصحيح لمسار تاريخي اتخذته بريطانيا    موعد مباراة الأهلي وحرس الحدود في الدوري والقنوات الناقلة    إمام عاشور يحذف صورته بتيشيرت الأهلى من حسابه بإنستجرام.. السر فى ابنته    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    اليوم.. استئناف كروان مشاكل على حبسه بتهمة سب منتجة شهيرة    شرط جديد للحصول على رخصة القيادة ضمن تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون المرور    حظك اليوم الاثنين 22 سبتمبر وتوقعات الأبراج    رئيس جامعة القاهرة: مستشفيات قصر العيني أجرت ما يزيد على 54 ألف عملية جراحية حتى نهاية يوليو 2025    وزير الخارجية يلتقى مع رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    أبو الغيط يلتقى جوتيريش على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة    لإعادة تقييمه| السيسي يوجه برد مشروع هذا القانون لمجلس النواب    أسعار الحديد في المنيا اليوم الإثنين 22 سبتمبر 2025 تعرف عليها    قبل ساعات من الحفل .. تعرف على جميع الفائزين بجائزة الكرة الذهبية منذ 56    القائمة الكاملة لجوائز الموريكس دور في لبنان 2025 (فيديو)    ما حكم تعليق صور المتوفى تلمسًا للدعاء له بالرحمة؟.. دار الإفتاء توضح    «أحمديات» مازالت الكلمة حائرة بين مفهوم لم يقصد ومقصود لم يفهم فإجعل كلمتك بسيطة حتى يفهم مقصدها    أخبار مصر: موعد صرف معاشات أكتوبر، محمد صلاح يحلم بجائزة الكرة الذهبية، تعليق أمريكا على اعتراف حلفائها بدولة فلسطين    الصحة توجه طلاب المدارس للحصول على 4 تطعيمات هامة للحماية من الأمراض المعدية .. اعرف التفاصيل    الصحة: نجاح جراحة دقيقة لاستئصال ورم بالمعدة بمستشفى العجوزة النموذجي    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاثنين 22-9-2025 في محافظة قنا    «التنظيم والإدارة» يعلن نتيجة امتحان مسابقة مياه الشرب والصرف الصحي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-9-2025 في محافظة قنا    ترامب يلتقي إيلون ماسك للمرة الأولى منذ مغادرته الحكومة في مايو الماضي    «لو بتحب الأهلي لازم توقف الوكالة مع آدم وطني».. رسائل نارية من شادي محمد ل إمام عاشور    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاثنين 22-9-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    وفاء عامر: بنيت مسجدًا من مالي الخاص ورفضت وضع اسمي عليه    طقس اليوم: حار رطب نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 32    واشنطن تصف الاعتراف بدولة فلسطين من قبل حلفائها ب "الاستعراضي"    آمال ماهر تحصد جائزة «نجمة الغناء العربي» في حفل الموريكس دور    رسميًا.. تحديد موعد مباراة منتخب مصر ضد غينيا بيساو بالجولة الأخيرة بتصفيات كأس العالم 2026    متعلق بالنووي.. زعيم كوريا الشمالية يضع شرطًا للتباحث مع واشنطن    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الاعترافات الدولية بالدولة لحظة تاريخية يجب البناء عليها    إنتر ميلان يستعيد توازنه بفوز صعب في الدوري الإيطالي    مسلم يكشف ل"اليوم السابع" تطورات حالته بعد تعرضه لجلطة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 22 سبتمبر 2025    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 22 سبتمبر    أحمد العوضي: لو هتجوز مش هقول.. ومشغول بمسلسل «علي كلاي» لرمضان 2026    عالمة آثار: دير المدينة يكشف أسرار الحياة اليومية في مصر القديمة    رئيس جامعة دمنهور يستقبل مجلس أمناء المؤسسة الخيرية لرعاية المستشفى الجامعي    عيار 21 يتراجع لأدنى مستوياته.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة بعد الانخفاض الكبير    50 ألف جنيه وعلاقته بالمعهد.. أبرز اعترافات رمضان صبحي في قضية التزوير    تطبيق "ON APP".. تقديم تجربة متكاملة لمتابعة الدورى المصرى    كتف بكتف.. مجلس نقابة المهن التمثيلية يقدمون واجب العزاء ل أحمد صيام فى شقيقته    موعد صلاة الفجر ليوم الإثنين .. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    علاقة محرمة تنتهي باختطاف وجريمة قتل داخل مزرعة بالبحيرة    يومان عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    السيسي يرد قانون الإجراءات الجنائية: مناورة سياسية تحت الضغوط الدولية والداخلية    الزبادي منخفض الدسم قنبلة سعرات حرارية.. 7 أطعمة تخدعك في رحلة «الدايت»    بينهم 6 أطفال.. إصابة أسرة في تصادم على زراعي البحيرة    وزارة الصحة توجة تحذيرا هاما حول إصابات الأنفلونزا وطرق الوقاية.. التفاصيل    هل الكسوف والخسوف غضب من الله؟ الأزهر للفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراق: مقايضة الدين بالمساعدات الانسانية
نشر في محيط يوم 03 - 09 - 2011

غالبا ما يرى الغرب شعوبنا كصورة نمطية جاهزة، تتسم بانها عاطفية، لحمتها ونسيجها حس المؤامرة تجاه الغرب، مما يجعلنا عاجزين عن التفكير العلمي واتخاذ القرارات السليمة.
ومن بين المواقف التي نلام عليها تمسكنا بالهوية الوطنية، على اختلاف مكوناتها من مكان وتاريخ ولغة ودين، ورفضنا العام لاي تدخل خارجي وشكنا بنوايا الغرب سياسيا واقتصاديا.
ومن البديهي ان وجود الخطر الخارجي، وهو ما قد يكون مختلقا لتسويغ الاستبداد، يزيد من التقوقع بحيث يؤدي الى القطيعة وانقطاع اواصر الارتباط بالعالم الخارجي وسد منافد العقل المؤدية الى بناء جسور التواصل الحضاري وتطويرها.
ويعيد بعض مثقفينا تدوير الصورة النمطية الجاهزة عنا بيننا وكأنها من بنات افكارهم، مع اضافة بهارات التخلف الذي يعيده البعض الى عصر الفتوحات الاسلامية باعتبارها سببا للتخلف.
اجدني وانا المقيمة في الغرب منذ عقود، اتساءل عما سيحدث لو اننا نظرنا الى هذه الصورة النمطية، بشكل معكوس، كما في المرآة ؟ ماذا لو فككنا العناصر التي بنيت عليها صورة ' تخلفنا' وما اسست عليه صورة 'حضارتهم'، آخذة بنظر الاعتبار انني اتحدث عن الصورة العامة المتداولة اعلاميا وشعبويا، حيث يكمن خطر النزوع الى استغلال المشاعر الجماعية على الرغم من اعترافنا بوجود شريحة مثقفة، لدى كل من الطرفين، تنظر ابعد من الإعلامي الآني والشعبوي.
أول ما نرى عند النظر الى الآخر، وجود امثلة وافية تبين ان الغربيين انفسهم يخوضون الحروب دفاعا عن وطنيتهم كما يلجأون، في اوقات الازمات والحروب ومع احساسهم بتهديد بلادهم وهويتهم بالتمسك، الى حد المقاومة الشرسة، بعناصر الهوية والانكفاء في محيط ضيق، حرصا على ما يتمسكون به، ويستمرون بذلك حتى بعد فترة طويلة بعد زوال الخطر الخارجي، كما قد يستخدم عامل التخويف من الخطر الخارجي كأداة للاستبداد وهيمنة السلطة.
فهل نحن مختلفون أو متخلفون، فعلا، عنهم بهذا الصدد؟ أليس هذا الموقف مشروعا وإنسانيا وتعاونيا؟
واذا ما نظرنا، بالتحديد، الى واحد من الجوانب الاساسية في تشكيل الهوية الفردية والوطنية وهو الدين، لوجدنا انه الجانب المستخدم، حاليا، اكثر من غيره لتحديد ملامح صورتنا.
وبغض النظر عن تكامل او تناقض هذا الجانب مع بقية جوانب الهوية، صرنا نتيجة قوة ضخ هذه الصورة (اسلاميين، متطرفين، ارهابيين) في حالة دفاع دائم عن النفس ابعادا للشبهات، في محيط تغيب فيه الوقائع ويتم الاستناد، في تصويرنا، الى سرد مفبرك لصناعة تاريخ ألبسنا إياه ونحن تأثير 'الصدمة والترويع' العسكري والتدخل 'الإنساني'، ونحن لا نزال على قيد الحياة.
بل أن تقادم هذه الصورة النمطية يهدد بأنها قد ترسخ كتاريخ رسمي يبحث فيه أبناؤنا بصعوبة عن الحقيقة وتركيباتها العميقة التي لا تختلف عن بقية الأمم، والغربية منها على الأخص.
ولننظر إلى واقع الغرب الديني كما هو، إلى الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد، باعتبارها من تقود 'الحرب على الإرهاب'، وهي الحرب التي اختزلت المفهوم المبرر لكل الأفعال الخارجة على القوانين والأعراف المحلية والدولية، الى ارتباطها بالإسلام. ولنرى كيف تتعامل امريكا، الدولة المتقدمة ذات الدستور العلماني في مجال الدين.
منذ التحضير لغزو العراق، كان الرئيس الامريكي السابق جورج بوش، يرى نفسه نبيا يؤدي مهمة الهية بشن الحرب ضد افغانستان والعراق لتخليص العالم من الارهاب، وفي تصريح له، عام 2005، قال موضحا رسالته: 'خاطبني الله قائلا: جورج اذهب وحرر العراق من الطغيان'.
فلم يسع جورج، الجامع ما بين العنجهية العسكرية والعنصرية والتطرف الديني الأعمى، إلا أن ينطلق ليخوض حربه الصليبية محتلا العراق، مسببا قتل مليون مواطن عراقي، مستصحبا معه، بالإضافة إلى قوات الاحتلال من عشرات الدول الغربية، المبشرين من المسيحيين المتطرفين المحملين بكتب الإنجيل الملونة بيد والمساعدات 'الإنسانية' من طعام وملابس بيد أخرى، لتقديمها الى ابناء شعب عانى من الحصار الاقتصادي مدة 13 سنة، المفروض عليه من قبل ذات 'المحررين والمبشرين'.
فهل كانت مقايضة الدين بالمساعدات 'الانسانية' مجرد افعال فردية او انها أعم من ذلك؟ وهل كان رد فعل المقاومة في استهداف المبشرين ووضع حد لتواجدهم موقفا مبنيا على حس المؤامرة والانغلاق غير الحضاري 'الإسلامي الإرهابي'؟
تجدر الإشارة إلى أن 83 بالمائة من السكان في أمريكا هم مسيحيون وان 37 بالمائة منهم، اي 102 مليون حتى 2003، هم خليط من الأصوليين واليمين المتطرف. وقد لعب الخليط الأصولي اليميني المتطرف دورا مهما في فوز جورج بوش في الانتخابات الرئاسية مرتين.
ثانيا: إلى وقت قريب، اعتقد البعض أن دخول المبشرين إلى العراق تم إما بشكل فردي مغامر او كتابعين لكنائس او منظمات دينية غير أن بعض التقارير، الصادرة حديثا، تؤكد 'نظرية المؤامرة لدينا' عن وجود دور منهجي، أيضا، تلعبه الإدارة الأمريكية، خاصة وزارة الدفاع، في الترويج للأفكار الدينية الأصولية بين أفراد القوات المسلحة وهو فعل يتنافى، تماما، مع الدستور الأمريكي.
يقول كريس رودا، مدير مؤسسة حرية الأديان العسكرية، في تقريره بتاريخ 21 آب/ أغسطس، ان مؤسسته بدأت، قبل سنة، التحقيق في كمية الاموال التي تنفقها وزارة الدفاع تشجيعا لنشر الروح الدينية بين افراد القوات العسكرية وعوائلهم.
فقد خصصت الوزارة، مثلا، مبلغ 125 مليون دولار للإنفاق على برنامج يدعى 'اللياقة الروحية' للجنود حيث يخضع الجندي لاختبارات الزامية لقياس مدى التزامه الديني.
وقامت الوزارة بالتعاقد مع جهات معروفة بأصوليتها لتقديم البرامج الفنية، يؤديها فنانون مسيحيون أصوليون، تتضمن أناشيد وتراتيل دينية وقراءة نصوص إنجيلية على مسارح في مواقع الجيش او في أماكن أخرى.
وهناك شهادات لجنود عوقبوا بعد ان رفضوا حضور مثل هذه الحفلات. وتدرج المشاريع الدينية تحت الاعتماد المالية المبوبة 'عمليات التشغيل والصيانة' و'البحوث والتنمية'. وقد خصص مبلغ 30 مليون دولار سنويا لبرنامج آخر اسمه 'الأواصر القوية' يتم من خلاله توفير العطلات للجنود وعوائهم في المخيمات المسيحية ذات البرامج المدارة من قبل مسيحيين أصوليين فقط والذين لايوظفون الا بعد توقيعهم على وثيقة 'إيمان' يبينون فيها كيف ومتى تم 'إنقاذهم' دينيا.
ولا تقتصر برامج وزارة الدفاع على الجنود فحسب بل تركز على استهداف الأطفال، سواء في الولايات المتحدة أو خارجها، ليصبح تنصير الأطفال واحدا من أكبر مجالات الإنفاق، حسب كريس رودا في تقريره التفصيلي.
وتعتبر 'كنائس شباب المجتمع العسكري' اكبر متعاقد مع وزارة الدفاع لاستهداف الأطفال والشباب التي ينص بيان مهمتها على ' 'الاحتفال بالحياة مع المراهقين العسكريين، تعريفهم بمانح الحياة، يسوع المسيح، ومساعدتهم على أن يصبحوا أكثر شبها به'.
ولا تتورع هذه المؤسسة عن مطاردة الأطفال، أينما كانوا، ووضع قوائم بأسمائهم واستخدام أنواع المغريات لجذب الأطفال المصنفين تحت عنوان 'الذين لايؤمون الكنيسة'.
وكثيرا ما تستهدف الجهود التبشيرية هذه المسيحيين العرب والشرقيين، وبقية الديانات الأقدم من الإسلام، والتي تعايشت مع الإسلام و شكلت معه نسيجا اجتماعيا عريقا ساهم، تاريخيا، في بناء الحضارة العربية الإسلامية، وقيادة حركة النهضة وبناء الدول الحديثة وحركات التحرير المناضلة ضد الاستعمار الاستيطاني وغيره، بصرف النظر عن الديانات والمذاهب والإثنيات. وطالما استهدفت الحركات التبشيرية المصاحبة، غالبا، لقوات الغزو والاحتلال هذا النسيج الاجتماعي الحامل لفكرة المواطنة استنادا إلى المساواة الدينية والمجتمعية مهددة إياه بالتفكك عبر استنفار القوى والمواقف الأصولية، التي هي في الحقيقة انعكاس لامفر منه لأصولية 'الآخر' الامبريالي العنصري المستغل.
وقد أثبتت سنوات احتلال أفغانستان والعراق ومن قبلهما فلسطين أن 'الإرهاب' هو الابن الشرعي للأصولية الامبريالية، وان أي مشروع أو 'تدخل إنساني' يهدف إلى تغيير مجتمعاتنا، يجب أن تكون خطوته الأولى تخليص المجتمعات الغربية من أصوليتها الامبريالية.
كاتبة من العراق
جريدة القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.