أصوات الغلابة |أهالى «إمبابة» نجوم فى عز الظهر انسحاب مفاجئ للمرشحة نشوى الديب    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 11-11-2025 في الصاغة.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    صور ترصد القطار السريع "فيلارو".. فخامة أوروبية على القضبان المصرية    أوكرانيا تحقق في فضيحة جديدة في شركة الطاقة النووية الوطنية    السفير جاسم بن عبدالرحمن يقدم أوراق اعتماده سفيرًا فوق العادة لقطر    «فيفا» يزيد أوجاع الزمالك.. و«عبد الرؤوف»: مباريات السوبر ليست نهاية المشوار    كأس العالم للناشئين| إصابة لاعب منتخب مصر بقطع في الرباط الصليبي    إحالة 1024 لاعبا إلى التحقيق بسبب المراهنات واستبعاد إيرين ألمالى من المنتخب    الدباغ على رأس قائمة منتخب فلسطين لمعسكر نوفمبر    بدء التحقيقات مع المتهم بالتعدي على والدته وتخريب شقتها بكفر الشيخ    نقل جثمان المطرب الراحل إسماعيل الليثي من مستشفى ملوي بالمنيا لمسقط رأسه بإمبابة    أمطار رعدية وانخفاض «مفاجئ».. الأرصاد تكشف موعد تغير حالة الطقس    حكاية السيدة ربيعة بدوي.. تعدى عليها نجلها وأغرق شقتها ليستولى عليها.. فيديو    قوات الحماية المدنية ترفع أنقاض منزل مهجور انهار في مصر القديمة    ياسمين الخطيب تعلن انطلاق برنامجها الجديد ديسمبر المقبل    دار الكتب تحتفي بأنغام التاريخ في ندوة تجمع بين التراث والفن التشكيلي    بكلمات مؤثرة.. نجوم الوسط الفني يودعون المطرب إسماعيل الليثي بعد وفاته    القومي لحقوق الإنسان ل كلمة أخيرة: المشهد الانتخابي يتميز بالهدوء    لماذا يجب منع الأطفال من شرب الشاي؟    طريقة عمل الجبنة البيضاء بالخل في المنزل    استشاري المناعة: الفيروس المخلوي خطير على هذه الفئات    مستشار البنك الدولى ل كلمة أخيرة: احتياطى النقد الأجنبى تجاوز الحد الآمن    الصين: نتوقع من أمريكا الحماية المشتركة للمنافسة النزيهة في قطاعي النقل البحري وبناء السفن    ترامب يصدر عفوا عن شخصيات متهمة بالتورط في محاولة إلغاء نتائج انتخابات 2020    الداخلية تكشف حقيقة «بوست» يدعي دهس قوة أمنية شخصين بالدقهلية    فيديو.. سيد علي نقلا عن الفنان محمد صبحي: حالته الصحية تشهد تحسنا معقولا    وزارة السياحة والآثار تُلزم المدارس والحجوزات المسبقة لزيارة المتحف المصري بالقاهرة    العراق يرفض تدخل إيران في الانتخابات البرلمانية ويؤكد سيادة قراره الداخلي    الأمم المتحدة: إسرائيل بدأت في السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    وزير التموين: توافر السلع الأساسية بالأسواق وتكثيف الرقابة لضمان استقرار الأسعار    أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد وستارمر يبحثان الأوضاع في غزة    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي    في أول زيارة ل«الشرع».. بدء مباحثات ترامب والرئيس السوري في واشنطن    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    العمل تسلم 36 عقد توظيف للشباب في مجال الزراعة بالأردن    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    كرة سلة - الكشف عن مواعيد قبل نهائي دوري المرتبط رجال    لحظة بلحظة.. الفراعنة الصغار في اختبار مصيري أمام إنجلترا بمونديال الناشئين 2025    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    تأجيل محاكمة 23 متهمًا ب خلية اللجان النوعية بمدينة نصر لجلسة 26 يناير    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للاطمئنان على حالتهم الصحية    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    هبة عصام من الوادي الجديد: تجهيز كل لجان الاقتراع بالخدمات اللوجستية لضمان بيئة منظمة للناخبين    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراق: مقايضة الدين بالمساعدات الانسانية
نشر في محيط يوم 03 - 09 - 2011

غالبا ما يرى الغرب شعوبنا كصورة نمطية جاهزة، تتسم بانها عاطفية، لحمتها ونسيجها حس المؤامرة تجاه الغرب، مما يجعلنا عاجزين عن التفكير العلمي واتخاذ القرارات السليمة.
ومن بين المواقف التي نلام عليها تمسكنا بالهوية الوطنية، على اختلاف مكوناتها من مكان وتاريخ ولغة ودين، ورفضنا العام لاي تدخل خارجي وشكنا بنوايا الغرب سياسيا واقتصاديا.
ومن البديهي ان وجود الخطر الخارجي، وهو ما قد يكون مختلقا لتسويغ الاستبداد، يزيد من التقوقع بحيث يؤدي الى القطيعة وانقطاع اواصر الارتباط بالعالم الخارجي وسد منافد العقل المؤدية الى بناء جسور التواصل الحضاري وتطويرها.
ويعيد بعض مثقفينا تدوير الصورة النمطية الجاهزة عنا بيننا وكأنها من بنات افكارهم، مع اضافة بهارات التخلف الذي يعيده البعض الى عصر الفتوحات الاسلامية باعتبارها سببا للتخلف.
اجدني وانا المقيمة في الغرب منذ عقود، اتساءل عما سيحدث لو اننا نظرنا الى هذه الصورة النمطية، بشكل معكوس، كما في المرآة ؟ ماذا لو فككنا العناصر التي بنيت عليها صورة ' تخلفنا' وما اسست عليه صورة 'حضارتهم'، آخذة بنظر الاعتبار انني اتحدث عن الصورة العامة المتداولة اعلاميا وشعبويا، حيث يكمن خطر النزوع الى استغلال المشاعر الجماعية على الرغم من اعترافنا بوجود شريحة مثقفة، لدى كل من الطرفين، تنظر ابعد من الإعلامي الآني والشعبوي.
أول ما نرى عند النظر الى الآخر، وجود امثلة وافية تبين ان الغربيين انفسهم يخوضون الحروب دفاعا عن وطنيتهم كما يلجأون، في اوقات الازمات والحروب ومع احساسهم بتهديد بلادهم وهويتهم بالتمسك، الى حد المقاومة الشرسة، بعناصر الهوية والانكفاء في محيط ضيق، حرصا على ما يتمسكون به، ويستمرون بذلك حتى بعد فترة طويلة بعد زوال الخطر الخارجي، كما قد يستخدم عامل التخويف من الخطر الخارجي كأداة للاستبداد وهيمنة السلطة.
فهل نحن مختلفون أو متخلفون، فعلا، عنهم بهذا الصدد؟ أليس هذا الموقف مشروعا وإنسانيا وتعاونيا؟
واذا ما نظرنا، بالتحديد، الى واحد من الجوانب الاساسية في تشكيل الهوية الفردية والوطنية وهو الدين، لوجدنا انه الجانب المستخدم، حاليا، اكثر من غيره لتحديد ملامح صورتنا.
وبغض النظر عن تكامل او تناقض هذا الجانب مع بقية جوانب الهوية، صرنا نتيجة قوة ضخ هذه الصورة (اسلاميين، متطرفين، ارهابيين) في حالة دفاع دائم عن النفس ابعادا للشبهات، في محيط تغيب فيه الوقائع ويتم الاستناد، في تصويرنا، الى سرد مفبرك لصناعة تاريخ ألبسنا إياه ونحن تأثير 'الصدمة والترويع' العسكري والتدخل 'الإنساني'، ونحن لا نزال على قيد الحياة.
بل أن تقادم هذه الصورة النمطية يهدد بأنها قد ترسخ كتاريخ رسمي يبحث فيه أبناؤنا بصعوبة عن الحقيقة وتركيباتها العميقة التي لا تختلف عن بقية الأمم، والغربية منها على الأخص.
ولننظر إلى واقع الغرب الديني كما هو، إلى الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد، باعتبارها من تقود 'الحرب على الإرهاب'، وهي الحرب التي اختزلت المفهوم المبرر لكل الأفعال الخارجة على القوانين والأعراف المحلية والدولية، الى ارتباطها بالإسلام. ولنرى كيف تتعامل امريكا، الدولة المتقدمة ذات الدستور العلماني في مجال الدين.
منذ التحضير لغزو العراق، كان الرئيس الامريكي السابق جورج بوش، يرى نفسه نبيا يؤدي مهمة الهية بشن الحرب ضد افغانستان والعراق لتخليص العالم من الارهاب، وفي تصريح له، عام 2005، قال موضحا رسالته: 'خاطبني الله قائلا: جورج اذهب وحرر العراق من الطغيان'.
فلم يسع جورج، الجامع ما بين العنجهية العسكرية والعنصرية والتطرف الديني الأعمى، إلا أن ينطلق ليخوض حربه الصليبية محتلا العراق، مسببا قتل مليون مواطن عراقي، مستصحبا معه، بالإضافة إلى قوات الاحتلال من عشرات الدول الغربية، المبشرين من المسيحيين المتطرفين المحملين بكتب الإنجيل الملونة بيد والمساعدات 'الإنسانية' من طعام وملابس بيد أخرى، لتقديمها الى ابناء شعب عانى من الحصار الاقتصادي مدة 13 سنة، المفروض عليه من قبل ذات 'المحررين والمبشرين'.
فهل كانت مقايضة الدين بالمساعدات 'الانسانية' مجرد افعال فردية او انها أعم من ذلك؟ وهل كان رد فعل المقاومة في استهداف المبشرين ووضع حد لتواجدهم موقفا مبنيا على حس المؤامرة والانغلاق غير الحضاري 'الإسلامي الإرهابي'؟
تجدر الإشارة إلى أن 83 بالمائة من السكان في أمريكا هم مسيحيون وان 37 بالمائة منهم، اي 102 مليون حتى 2003، هم خليط من الأصوليين واليمين المتطرف. وقد لعب الخليط الأصولي اليميني المتطرف دورا مهما في فوز جورج بوش في الانتخابات الرئاسية مرتين.
ثانيا: إلى وقت قريب، اعتقد البعض أن دخول المبشرين إلى العراق تم إما بشكل فردي مغامر او كتابعين لكنائس او منظمات دينية غير أن بعض التقارير، الصادرة حديثا، تؤكد 'نظرية المؤامرة لدينا' عن وجود دور منهجي، أيضا، تلعبه الإدارة الأمريكية، خاصة وزارة الدفاع، في الترويج للأفكار الدينية الأصولية بين أفراد القوات المسلحة وهو فعل يتنافى، تماما، مع الدستور الأمريكي.
يقول كريس رودا، مدير مؤسسة حرية الأديان العسكرية، في تقريره بتاريخ 21 آب/ أغسطس، ان مؤسسته بدأت، قبل سنة، التحقيق في كمية الاموال التي تنفقها وزارة الدفاع تشجيعا لنشر الروح الدينية بين افراد القوات العسكرية وعوائلهم.
فقد خصصت الوزارة، مثلا، مبلغ 125 مليون دولار للإنفاق على برنامج يدعى 'اللياقة الروحية' للجنود حيث يخضع الجندي لاختبارات الزامية لقياس مدى التزامه الديني.
وقامت الوزارة بالتعاقد مع جهات معروفة بأصوليتها لتقديم البرامج الفنية، يؤديها فنانون مسيحيون أصوليون، تتضمن أناشيد وتراتيل دينية وقراءة نصوص إنجيلية على مسارح في مواقع الجيش او في أماكن أخرى.
وهناك شهادات لجنود عوقبوا بعد ان رفضوا حضور مثل هذه الحفلات. وتدرج المشاريع الدينية تحت الاعتماد المالية المبوبة 'عمليات التشغيل والصيانة' و'البحوث والتنمية'. وقد خصص مبلغ 30 مليون دولار سنويا لبرنامج آخر اسمه 'الأواصر القوية' يتم من خلاله توفير العطلات للجنود وعوائهم في المخيمات المسيحية ذات البرامج المدارة من قبل مسيحيين أصوليين فقط والذين لايوظفون الا بعد توقيعهم على وثيقة 'إيمان' يبينون فيها كيف ومتى تم 'إنقاذهم' دينيا.
ولا تقتصر برامج وزارة الدفاع على الجنود فحسب بل تركز على استهداف الأطفال، سواء في الولايات المتحدة أو خارجها، ليصبح تنصير الأطفال واحدا من أكبر مجالات الإنفاق، حسب كريس رودا في تقريره التفصيلي.
وتعتبر 'كنائس شباب المجتمع العسكري' اكبر متعاقد مع وزارة الدفاع لاستهداف الأطفال والشباب التي ينص بيان مهمتها على ' 'الاحتفال بالحياة مع المراهقين العسكريين، تعريفهم بمانح الحياة، يسوع المسيح، ومساعدتهم على أن يصبحوا أكثر شبها به'.
ولا تتورع هذه المؤسسة عن مطاردة الأطفال، أينما كانوا، ووضع قوائم بأسمائهم واستخدام أنواع المغريات لجذب الأطفال المصنفين تحت عنوان 'الذين لايؤمون الكنيسة'.
وكثيرا ما تستهدف الجهود التبشيرية هذه المسيحيين العرب والشرقيين، وبقية الديانات الأقدم من الإسلام، والتي تعايشت مع الإسلام و شكلت معه نسيجا اجتماعيا عريقا ساهم، تاريخيا، في بناء الحضارة العربية الإسلامية، وقيادة حركة النهضة وبناء الدول الحديثة وحركات التحرير المناضلة ضد الاستعمار الاستيطاني وغيره، بصرف النظر عن الديانات والمذاهب والإثنيات. وطالما استهدفت الحركات التبشيرية المصاحبة، غالبا، لقوات الغزو والاحتلال هذا النسيج الاجتماعي الحامل لفكرة المواطنة استنادا إلى المساواة الدينية والمجتمعية مهددة إياه بالتفكك عبر استنفار القوى والمواقف الأصولية، التي هي في الحقيقة انعكاس لامفر منه لأصولية 'الآخر' الامبريالي العنصري المستغل.
وقد أثبتت سنوات احتلال أفغانستان والعراق ومن قبلهما فلسطين أن 'الإرهاب' هو الابن الشرعي للأصولية الامبريالية، وان أي مشروع أو 'تدخل إنساني' يهدف إلى تغيير مجتمعاتنا، يجب أن تكون خطوته الأولى تخليص المجتمعات الغربية من أصوليتها الامبريالية.
كاتبة من العراق
جريدة القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.