قرار جمهوري بإنشاء وتعديل مسمى بعض المحاكم الابتدائية في أسيوط    بنك saib ينظم ندوة تثقيفية بالأقصر ضمن فعاليات اليوم العربي للشمول المالي    حسام هيبة: الحكومة تعد استراتيجيات مستدامة للتكامل الاستثماري والتجاري مع الدول الأفريقية    ترامب: لولا الجهود الأمريكية لما كان أي أسير في غزة على قيد الحياة    وزير الدفاع الإسرائيلي يهاجم ماكرون بعد انتقاده حصار غزة    الزمالك يتغلب على فاب الكاميروني في كأس الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    نادر السيد: تصريحات مسؤولي بيراميدز الإعلامية سبب فقدان الفريق لصدارة الدوري    «التعليم» تصدر قواعد الدراسة والامتحانات والتقويم في المدارس الدولية    الثقافة تختتم الأسبوع ال38 لأطفال المحافظات الحدودية بمشروع "أهل مصر".. صور    القصة الكاملة لحادث دهس الفنان نور النبوي موظفًا بالكهرباء    مدرب المغرب: "نحترم مصر.. لكن نريد الذهاب إلى المونديال ونحن أبطال أفريقيا"    «زراعة النواب» توافق علي موازنة «الطب البيطرى» للعام المالي الجديد    محمد أبو السعود رئيساً تنفيذياً للبنك الزراعي وسامي عبد الصادق نائبا    النيابة تستأنف التحقيق في انفجار خط غاز بطريق الواحات: 8 ضحايا واحتراق 13 سيارة    تأجيل محاكمة متهمي خلية العجوزة الثانية    أسامة نبيه: جاهزون لمنتخب المغرب.. والمباراة ديربي عربي أفريقي ونهائي مبكر للبطولة    اليوم.. محمد رمضان يطرح «البابا راجع»    «الشرق الأوسط كله سف عليا».. فتحي عبد الوهاب يكشف كواليس «السيلفي»    وزير الصحة: الانتهاء من تطوير وإنشاء 20 مستشفى في 11 محافظة خلال 2025، بتكلفة 11.7 مليار جنيه    جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي 2025 الترم الثاني محافظة شمال سيناء    إزالة 15 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في حملات ب أسيوط (صور)    مشاجرة بالأسلحة النارية بسبب خلافات الجيرة في سوهاج.. وإصابة 6 أشخاص    لأصحاب برج السرطان.. اعرف حظك في النصف الثاني من مايو 2025    الليلة.. محمد بغدادي في ضيافة قصر الإبداع الفني ب6 أكتوبر    المؤبد والمشدد 15 عاما لمتهمين بقتل «صبى» طعنا بالمطاوي في شبرا الخيمة    إعفاء وخصم وإحالة للتحقيق.. تفاصيل زيارة مفاجئة إلى مستشفى أبو حماد المركزي في الشرقية    رئيس جامعة المنوفية يلتقي المحافظ لبحث آفاق التعاون المشترك    بالصور- حريق في مصنع الهدرجة للزيوت والمنظفات بسوهاج    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الترم الثاني 2025 في محافظة البحر الأحمر    الليلة.. ميلان فى مهمة كسر عقدة كأس إيطاليا أمام بولونيا    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    مسئول أمريكي سابق يصف الاتفاق مع الصين بالهش: مهدد بالانهيار في أي لحظة    بعد حل العمال الكردستاني.. أردوغان: تخلصنا من الإرهاب والعنف أصبح من الماضي    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع مجموعة تنفيذ مقترحات زيادة فصول الحضانات    استعدادًا لموسم الحج.. رفع كسوة الكعبة "صور"    بعد شائعة وفاته.. جورج وسوف يتصدر تريند جوجل    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    المجموعة الوزارية للتنمية البشرية تؤكد أهمية الاستثمار في الكوادر الوطنية    براتب 350 دينارا.. وظائف خالية بالأردن    توقيع بروتوكول بين المجلس «الصحي المصري» و«أخلاقيات البحوث الإكلينيكية»    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    الرئيس الأمريكى يغادر السعودية متوجها إلى قطر ثانى محطات جولته الخليجية    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    الري: تحقيق مفهوم "الترابط بين المياه والغذاء والطاقة والبيئة" أحد أبرز مستهدفات الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0    لدعم التعاون العلمي.. سفيرة رومانيا تزور المركز القومى للبحوث    رئيس الوزراء: الاقتصاد العالمي يدخل حقبة جديدة لا تزال ملامحها غير واضحة حتى الآن    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    «مجهود النحاس».. شوبير يكشف موعد تولي ريفيرو قيادة الأهلي    «الرعاية الصحية»: توقيع مذكرتي تفاهم مع جامعة الأقصر خطوة استراتيجية لإعداد كوادر طبية متميزة (تفاصيل)    هآرتس: إسرائيل ليست متأكدة حتى الآن من نجاح اغتيال محمد السنوار    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا.. أي مستقبل؟
نشر في محيط يوم 05 - 10 - 2012

قبل 15 شهرا، عندما انطلقت الثورة في سوريا وتحديدا من منطقة درعا، على غرار ثورة تونس ومصر وليبيا واليمن، بدأت كاحتجاجات شعبية سلمية، اججتها في سوريا، كما في باقي البلدان العربية، سنوات الظلم والقهر والاستبداد التي عانتها الشعوب المهمشة التي ترغب في التغيير.
فالحراك بدا داخليا ولا علاقة له بأي ابعاد اقليمية او حسابات سياسية دولية، لكن سرعان ما تحول الوضع من شأن داخلي الى صراع اقليمي ودولي، تنقسم معه القوى الخارجية الى جبهتين: جبهة مساندة للنظام السوري وداعمة لمصالحها في المنطقة ومدافعة عنها الى آخر رمق، كون سوريا بالإضافة الى صفقات السلاح، تشكل العمق الاستراتيجي الاقوى للمحور الروسي الصيني الايراني في المنطقة. فهي صمام الامام لإيران، بحيث تشكل المنطقة العازلة بين طهران وتل أبيب، فيما لو فكرت اسرائيل في الإقدام على عملية عسكرية تهدف الى ضرب المفاعلات النووية الإيرانية. وسوريا وقاعدة طرطوس بالخصوص تشكل ايضا آخر موطئ قدم بالنسبة لروسيا في الشرق الأوسط لموازنة الحضور العسكري الغربي في البحر الأبيض المتوسط.
وهناك في المقابل جبهة معارضة للنظام، بقيادة امريكا الى جانب الدول الغربية، تركيا واغلبية الدول العربية، والتي لاتزال تنتظر اقتناص الفرصة من اجل اسقاط الاسد وفرض هيمنتها على المنطقة بالنظر الى موقع سوريا الاستراتيجي كونها كما يطلق عليه "منطقة المصالح الحيوية"، بالإضافة الى ما يشكله نظامها من خطورة على الكيان الصهيوني الذي لايزال يحتل جزءا من ارضيها. كما وان اي سقوط لنظام الاسد يعني، سواء على المدى المتوسط او البعيد، مواجهة ايران واستنزاف طاقاتها، مع اضعافها في مفاوضاتها المتعثرة مع الغرب كمحاولة لمحاصرة طموحاتها النووية، والتصدي لحزب الله في لبنان، حيث كان نظام بشار دائما داعما للمقاومة وقياداتها.
اما المعارضة الداخلية ، فهي منقسمة على نفسها ولها دوافع مختلفة تجاه ما يحدث في سوريا، فمنها من يريد فقط الثأر من النظام البائد، ومنها من يحمل مشروعا ثوريا انسانيا سلميا، وفئة ثالثة والتي تشكل الاغلبية وهي عناصر مدسوسة وربما مدفوعة الاجر، تبرر باسم "الثورة" بعض الممارسات الطائفية العنيفة، وتقتل وتنهب وتهدد وتحرق البلاد باستعمال السلاح ضد الجيش وضد النظام، وهي تسعى بالأساس الى اعادة سيناريو ليبيا من خلال ايجاد ذريعة للدعوة لحماية المدنيين السوريين وبالتالي فرض التدخل العسكري الاجنبي على سوريا. وربما هذا الانقسام وعدم الاستقرار على هدف موحد هو ما زاد من عدد الاستقالات وسط قيادات الجبهات المعارضة، الأمر الذي زود النظام بالكثير من مقومات الاستمرار والصمود.
اما النظام الذي نجح الى الآن في الحفاظ على موقعه، فلم يجد غير الحل القمعي والدموي من اجل التصدي لما بدأ مجرد احتجاج شعبي ليصبح بعد ذلك حرب شوارع وصراعا داخليا وخارجيا مفتوحا على كل الجبهات. فهو من ناحية يراهن على استمرار الدعم والفيتو الصيني والروسي والدعم الاقليمي لإيران وحزب الله. ومن ناحية اخرى يراهن على تماسك قواته العسكرية ومنظومته الامنية وسيطرته على اهم المفاصل في الدولة، فقد نجح دائما النظام السوري منذ عهد حافظ الاسد في بناء مؤسسات عسكرية وأمنية متماسكة يقوم ولاء أفرادها على الانتماء الطائفي، عكس السلوك الوطني العام الذي تميز به الجيش المصري.
مما لاشك فيه ان الصراع اليوم في سوريا ليس مجرد صراع داخلي، وليس بالتالي ثورة شعب او معارضة، بل تحول الى حرب مصالح وصراع سياسات قوى دولية، كل واحد منها يسعى في المقام الأول الى تحقيق اهدافه ومخططاته وبسط هيمنته بغض النظر عن مصلحة الشعب السوري الذي يذبح ويقتل والذي تقاد اليوم الثورة باسمه، دون ان يهتم احد بإيجاد حلول سلمية ومستعجلة لإيقاف نزيف الدم وانقاذ البلاد من حالة الدمار بطرق سياسية بعيدا عن لغة المصالح.
بكل تأكيد ليس من السهل ان تعود الاوضاع في سوريا كما كانت عليه قبل اندلاع الثورة، وايضا لا يبدو وشيكا سقوط نظام الاسد في ظل كل المعطيات السابق ذكرها، مما يجعل الصراع في / على سوريا مفتوحا على كل الاحتمالات، وأن راهن البعض على توجيه ضربة عسكرية وتدخل دولي ينتهي بتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة. الا ان هذا الرهان لا يبدو معقولا في ظل وجود معارضة غير موحدة، ودولة تضم اكثر من عشرين طائفة متنافرة ولها مصالح غير مشتركة.
كما وأن، وهذا الأهم، الاهداف الاستراتيجية الامريكية / الاسرائيلية من مصلحتها استمرار حالة الارتباك والدمار والفوضى والإنهاك الذي تتعرض له القوات السورية، وذلك من اجل الهائها وإخراجها من دائرة الصراع العربي الصهيوني. كما وأن تكريس التباينات الطائفية والاثنية والايديولوجية بين أبناء الشعب الواحد، سوف يضعف سوريا اكثر ويجعلها عاجزة ومقسمة وغير قادرة الا على مواجهة مشاكلها الداخلية مما يضعف دورها في المنطقة، وهذا يكفي لتحقيق المبتغى، سواء ظل الاسد او رحل عن السلطة.
الكرة في ملعب الثوار السوريين الشرفاء، فإما أن يوحدوا صفوفهم وكلمتهم ويجدوا صيغة للتفاوض مع النظام من اجل ايجاد حلول سلمية داخلية ترضي جميع الاطراف، سواء بتنحي الاسد وتشكيل حكومة مؤقتة، او بإحداث تغييرات مؤسساتية جدرية لضمان وتكريس دولة الحق والقانون والحرية والعدالة الاجتماعية، مع تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة تفرز نتائج ديمقراطية يقبل بها النظام والشعب، وبذلك يتم وضع نهاية لفتيل الازمة وبالتالي تجنب المستقبل المظلم الذي ينتظر سوريا، او الاستمرار في حالة العناد الثوري والسياسي ليكون الخراب والتقسيم آت لا محالة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.