أكد الفقيه الدستوري يحيى الجمل أن مصر تغيرت تغيراً جوهرياً ولن يخضع الشعب المصري بعد ذلك لديكتاتورية بوليسية أو دينية، فلن يحكمنا الملالي، ولن يحكمنا حزب واحد لأن الديمقراطية الحقيقية تقوم على أساس حرية قيام الأحزاب وتداول السلطة، ومن يحاولون منع تداول السلطة يحاولون تحجيم الديمقراطية، والشعب كله الآن أصبح مسيساً وستبنى ديمقراطية جديدة في مصر. جاء ذلك في الندوة التي نظمها المركز القومي للترجمة لمناقشة الترجمة العربية لموسوعة "دساتير العالم"، بقاعة الندوات بنادي الصيد بالدقي.
وأثنى الجمل على حديث الرئيس مرسي للتليفزيون المصري ووصفه بأنه أكثر من رائع، قائلاً أنه بدا واضحاً أن الجماعة أصبحت تشكل عبئاً عليه، متمنياً له التوفيق في انتشال مصر من أوضاعها الاقتصادية المتردية فقد أصبح حجم الدين الداخلي مخيف، والبطالة تتزايد.
وأشار الجمل إلى أنه قدم مجموعة تراجم "دساتير العالم" بناء على طلب المركز القومي للترجمة، واصفاً إياه بأنه عمل عظيم يثري المكتبة العربية، وطلب أن يطلع عليها أعضاء "التأسيسية" ويستعينوا بتلك المجموعة، منتقداً "التأسيسية" التي لا تضم أياً ممن لديهم القدرة على صياغة الدستور.
واستعرض الجمل مراحل تطور الدستور المصري، قائلاً ان مصر بدأت في وضع الدستور منذ عام 1862 في عهد الخديوي إسماعيل، وحين جاء الاحتلال الإنجليزي تم إلغاؤه، ثم جاءت ثورة 1919 التي أتت بدستور 1923 ولم يكن منحة كما يقول البعض، لأن الحكام لا يمنحون شعوبهم شيئاً، لكن الملك فؤاد أجبر على الموافقة على دستور 1923، وقد كان دستوراً برلمانياً ذو صياغة جيدة، وضع لمواجهة الملك من ناحية ومواجهة الإنجليز من ناحية أخرى.
ولفت الجمل إلى أن هناك بلاد بها دساتير، وهناك بلاد بها حياة دستورية وهناك فارق كبير بين الحالتين، فرغم أن إنجلترا لا يوجد بها دستوراً مكتوباً بشكل واضح إلا أنها من أكثر البلدان احتراماً للديمقراطية.
أوضح الفقيه الدستوري أن فكرة الدستور جاءت مع الثورة الفرنسية، واستعرض الدساتير التي مرت على فرنسا لافتاً إلى أنها عرفت كل أنواع الدساتير، وأشار إلى مفارقة أن الدستور المؤقت الذي وضعته فرنسا عام 1873 كان هو الأطول استمراراً حيث عاش حتى عام 1946.
وانتقد الجمل حال التعليم الجامعي في مصر لافتاً إلى أن محمد علي استطاع بناء مصر في أربعين عاماً عن طريق التعليم، في حين أن مبارك هدم مصر في ثلاثين سنة فقط حين أهمل التعليم، وأشار إلى أن كلية التجارة في جامعة عين شمس وصل تعداد الطلبة بها أكثر من 80 ألف طالب، كما أن انتشار البطالة بين المهندسين والأطباء أصبح أمر لافت للنظر ويجب الاهتمام بالتعليم في مصر إذا أردنا بناءها من جديد.
تحدث الجمل كذلك عن دستور 1971 الذي وضع في عهد السادات ووصفه بأنه تميز بقدر كبير من الديمقراطية، لكن التعديلات التي أدخلت عليه سيئة، قائلاً:.."حتى أنني وصفت هذه التعديلات عام 1975 بأنها خطايا دستورية، وفي عام 2007 هاجمت أيضاً التعديلات الدستورية وأطلقت عليها نفس الوصف".
وفي أحد المداخلات التي تسأل الجمل عن رأيه في المجلس العسكري أجاب أنه بعد اقترابه منهم وتعامله معهم بدا له واضحاً أنهم حسنوا النية، وحموا الثورة وكان هدفهم الأساسي هو منع التوريث، لكن تشابه أفقهم السياسي مع أفق الرئيس المخلوع مبارك.
يذكر أن فكرة ترجمة "دساتير العالم" بدأت عام 2006 وليست مع بداية الثورة، من أجل إتاحتها للمجتمع المصري.
تتضمن الموسوعة ثمانية مجلدات تحتوي على نصوص دساتير الولاياتالمتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وأستراليا، واليابان، واليونان، والهند، وتركيا، وجنوب افريقيا.
المجلدات السبع الأولى من ترجمة أماني فهمي، والمجلد الثامن يحتوي الدستور الفرنسي وهو من ترجمة المستشار إيهاب مختار فرحات.
صدر الجزء الأول من الموسوعة عام 2007 بمقدمة للفقيه الدستوري الدكتور يحيي الجمل كشف فيها عن الظروف التي تم فيها إقرار الدساتير في تلك الدول التي تمثل مختلف دول العالم, وتعني بالخصوصيات الثقافية والسياسية فيها, ملقيا الضوء علي الظروف التي أوجدت الحاجة لوضع دساتير مكتوبة بعد الثورة الفرنسية كاشفا عما سماه "الهوجة" الدستورية التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية حيث استقلت أغلب بلدان العالم وكان وضع دستور يحدد نظام الحكم فيها أحد أهم مظاهر استقلالها.
الكتب تشمل ترجمة لدساتير بعضها نشأ بدول علمانية، وأخرى ليبرالية أو بنظام الدولة المركزية ، ولهذا فالمطالع لها سيلم بدساتير منوعة تفيد بعملية المقارنة ولدينا على سبيل المثال الجزء الثالث يركز على دستور تركيا وجنوب إفريقيا. مواد متعلقة: 1. يحيى الجمل: أمريكا واسرائيل تحاول افساد العلاقة بين مصر والسعودية 2. يحيى الجمل يكشف اسرار المفاوضات مع المشير والفريق للترشح لرئاسة الجمهورية (فيديو) 3. "يحيى الجمل" يزعم: قرار عودة البرلمان صادر من "مكتب الأرشاد" - فيديو