رويترز - اشتبك متظاهرون مع الشرطة الباكستانية في مدينة بيشاور اليوم الجمعة مع تنامي الغضب من الإساءة إلى النبي محمد رغم دعوات رجال الدين والسياسة في شتى أنحاء العالم الإسلامي للاحتجاج سلمياً. وشددت البعثات الدبلوماسية الغربية في العالم الإسلامي من إجراءات الأمن والبعض أغلق تحسباً لاحتجاجات حاشدة اليوم بعد صلاة الجمعة.
وأغضب فيلم مسيء للنبي محمد أنتج في الولاياتالمتحدة المسلمين وفجر أياما من الاحتجاجات في العالم الإسلامي ومن المتوقع أن يزيد من هذا الغضب الرسوم التي نشرتها مجلة فرنسية يوم الأربعاء.
وقال مفتي مصر أمس الخميس إن على المسلمين الذين أغضبتهم الرسوم التي تسخر من النبي محمد أن يقتدوا بالمثل الذي ضربه بالرد على الإساءة دون انتقام ،لكن من غير المرجح أن تهدئ هذه الدعوة الغضب.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني راجا برويز اشرف في خطاب أمام رجال الدين والسياسة وآخرين "الهجوم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو هجوم على كل المسلمين وعددهم 1.5 مليار. وهذا غير مقبول." وأعلنت باكستان اليوم "يوم في حب النبي محمد".
ونزل المحتجون إلى شوارع مدينة بيشاور الواقعة على الطريق الرئيسي المؤدي إلى أفغانستان وأحرقوا دارا للسينما واشتبكوا مع قوات مكافحة الشغب التي حاولت تفريقهم بالقنابل المسيلة للدموع.
وقال طبيب في المستشفى الرئيسي في المدينة أن خمسة محتجين على الأقل أصيبوا.
وفي العاصمة الباكستانية اشتبك نحو ألف محتج يلقون الحجارة مع الشرطة وهم يحاولون التقدم صوب السفارة الأمريكية أمس الخميس وأوقفت حكومة إسلام أباد خدمات الهواتف المحمولة في أكثر من عشر مدن في إطار الاستعدادات الأمنية قبل احتجاجات متوقعة اليوم بعد صلاة الجمعة.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها دفعت أموالاً لمحطات تلفزيون باكستانية لبث إعلانات يظهر فيها الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون على أمل تهدئة الرأي العام في البلاد التي شهدت احتجاجات مناهضة للفيلم المسيء للإسلام الذي أنتج في كاليفورنيا.
وقالت الوزارة إن السفارة الأمريكية في إسلام أباد أنفقت حوالي 70 ألف دولار لبث الإعلان الذي يضم مقاطع فيديو لأوباما وكلينتون يؤكدان فيها احترام الولاياتالمتحدة للدين ويعلنان أن الحكومة الأمريكية ليس لها صلة بالفيلم.
وأغلقت السفارتان الأمريكية والفرنسية اليوم الجمعة في جاكرتا عاصمة اندونيسيا التي يعيش فيها أكبر عدد من المسلمين في العالم كما أغلقت أيضا البعثات الدبلوماسية في العاصمة الأفغانية كابول.
وقالت الشرطة في كابول إنها أجرت اتصالات مع رجال الدين والزعماء المحليين لمحاولة منع العنف.
وقال محمد ظاهر وهو ضابط شرطة كبير لرويترز "هناك بعض المتظاهرين الغاضبين الذين سيشجعون الناس على العنف. سيكون هناك أيضا تأثير من طالبان على المظاهرات وقد يهاجمون السفارة الأمريكية وسفارات أخرى."
وإلى الآن كان الرد على الرسوم التي نشرتها مجلة شارلي إبدو الفرنسية الأسبوعية يوم الأربعاء أقل حدة في شوارع الدول الإسلامية غير أن نحو 100 إيراني شاركوا في مظاهرة خارج السفارة الفرنسية في طهران.
وعززت السفارات الغربية في صنعاء من إجراءات الأمن خشية أن تؤدي إلى إثارة المزيد من الاحتجاجات في العاصمة اليمنية التي هاجمت حشود فيها السفارة الأمريكية الأسبوع الماضي ردا على فيلم مسيء للإسلام.
وفي تونس مهد ثورات الربيع العربي حظرت السلطات احتجاجات كان من المقرر تنظيمها اليوم ضد الرسوم. وكان أربعة أشخاص قتلوا وأصيب نحو 30 آخرين في هجوم حشد من المحتجين على السفارة الأمريكية في العاصمة التونسية الأسبوع الماضي.
ودعا نشط إسلامي لشن هجمات في فرنسا انتقاما من الإساءة التي مثلتها الرسوم للإسلام من جانب من وصفهم "بعبدة الصليب".
وقال معاوية القحطاني في موقع على الإنترنت يستخدمه متشددون إسلاميون وتتابعه مجموعة سايت التي مقرها الولاياتالمتحدة "هل هناك من يشمر عن ساعديه ويعيد المسلمين إلى مجد البطل محمد مراح".
وكان القحطاني يشير إلى المسلح الذي استلهم أفكار القاعدة وقتل سبعة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال يهود في مدينة تولوز بجنوب فرنسا في مارس.
وقال مفتى مصر على جمعة الذي أدان رسوم المجلة الفرنسية معتبرا إياها تحريضا إن هذه الرسوم تبين المدى الذي وصل إليه الاستقطاب في الغرب والمدى الذي صار عليه الاستقطاب في العالم الإسلامي.
وكان الأزهر الشريف أدان الرسوم ودعا إلى سلمية الاحتجاج.
وبدورها أدانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي تمثل أغلبية مسيحيي مصر الذين تصل نسبتهم إلى 10% من السكان البالغ تعدادهم 83 مليون نسمة الرسوم معتبرة إياها مسيئة للإسلام.
وقال جمعة إن النبي والصحابة تحملوا أسوأ الإساءات من المشركين الذين لم يكتفوا برفض رسالته إنما طاردوه وأذوه.
وأكد المفتي إن النبي هو المثل الأعلى للمسلمين وعليهم بالتالي ألا يردوا على الإساءات والهجمات الشخصية بالانتقام.
وفي الأسبوع الماضي تسلق بعض المحتجين أسوار السفارة الأمريكية في القاهرة وأنزلوا العلم الأمريكي ومزقوه وأشعلوا فيه النار. واشتبك مئات المحتجين مع الشرطة على مدى أربعة أيام على الرغم من أن ألوف المصريين الذين شاركوا في مظاهرات ومسيرات احتجاج عبروا عن غضبهم سلمياً.
وقال جمعة إن الإساءات للإسلام والرد عليها بما في ذلك قتل السفير الأمريكي في ليبيا والهجمات على سفارات أمريكية وغربية أخرى في الدول الإسلامية لا ينفصل عن نقاط النزاع الأخرى بين الغرب والعالم الإسلامي.
وأشار إلى معاملة المسلمين في معسكر الاعتقال الأمريكي في جوانتانامو والحرب التي قادتها الولاياتالمتحدة في العراق وهجمات الطائرات دون طيار في اليمن وباكستان والمعاداة التي يظهرها اليمين المتطرف في الغرب للمسلمين. وقال إن هذه "عوامل كامنة" للتوتر.
وقال جمعة في بيان نشر على مدونة فيثويرلد التابعة لرويترز إنه يعد تحريضا على الفتنة ذلك "الإصرار على إشعال هذه التوترات التي تغلي من خلال نشر مواد مسيئة ومؤذية في محاولة غبية استعراضية تتمثل في التأكيد على علو القيم الغربية على ما يزعمون أنه انغلاق إسلامي."
وبعد اقتحام السفارة الأمريكية الذي حدث في تونس يوم الجمعة الماضي قالت السلطات إنها حظرت الاحتجاجات المقرر تنظيمها اليوم تجنبا للخسائر البشرية والمادية. وحذرت من أن حالة الطوارئ لا تزال قائمة في البلاد وأن الرد على أي مخالفة للحظر ستطبق السلطات القانون بشأنها بحزم.
وأصدر الاتحاد الأوروبي من خلال مسئولة السياسة الخارجية للاتحاد كاثرين اشتون بياناً مشتركاً مع جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي من أجل "السلام والتسامح."
وجاء في البيان "ندين إثارة الكراهية الدينية التي تمثل تحريضا على العداء والعنف... في حين أننا نقر تماما بحرية التعبير نؤمن بأهمية احترام جميع الأنبياء بغض النظر عن الديانة التي ينتمون إليها."
وأدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست الرسوم معتبرا إياها "مؤامرة ممنهجة" ضد الإسلام.
وقال "الصمت المنسق والمستمر من جانب الدول الغربية على هذه الأفعال الكريهة المعادية للإسلام هي سبب رئيسي لتكرار مثل هذه الأعمال المسيئة."
وكان يتحدث بعد يوم من قول وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن الرسوم استفزازية.
وقال الرسام الدنمركي الذي أغضب العالم الإسلامي برسومه التي سخر فيها من النبي محمد قبل سبع سنوات إن الغرب لا يمكنه أن يستسلم لعملية تكميم الأفواه من جانب المسلمين.
وقال كيرت فيسترجارد الذي كادت رسومه التي سخرت من محمد تتسبب في اغتياله بفأس عام 2010 لمجلة نيوز النمساوية إنه لا يأسف على الرسوم. وقال إن حرية التعبير أثمن من أن يتخلى عنها.
وأضاف متسائلا "هل نترك أنفسنا في المستقبل لرقابة السلطات الإسلامية في الدول التي توغل في الاستبداد؟"
وتشكل رسوم المجلة الفرنسية وقبلها الفيلم المنتج في الولاياتالمتحدة تحديا للسلطات الجديدة في الدول العربية التي أطاحت انتفاضات فيها بحكامها الشموليين.
وفي ليبيا التي ما زالت ميليشياتها التي أسقطت الزعيم الراحل معمر القذافي تشارك في الحكم قدمت وزارة الخارجية اعتذارا جديدا لنائب وزيرة الخارجية الأمريكية الزائر وليام بيرنز أمس الخميس عن قتل السفير كريستوفر ستيفنز.
وقتل مع ستيفنز في هجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي ثلاثة دبلوماسيين آخرين حين هاجم مسلحون وسط حشد من المحتجين المبنى. مواد متعلقة: 1. تبرئة المسلمين الثلاثة المتهمين بمحاولة قتل صاحب الرسوم المسيئة 2. إمام مسجد شهير في تونس يهدر دم أصحاب الرسوم المسيئة للإسلام 3. على خلفية الرسوم المسيئة.. اليمن تكثف إجراءات الأمن حول السفارات الأجنبية بالبلاد