من جديد يشتعل غضب المسلمين من الإساءة للرسول «عليه الصلاة والسلام»، لكن هذه المرة من مجلة «تشارلى إبدو» الفرنسية الساخرة، حيث نشرت أمس رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبى محمد، بينما كان الغضب الإسلامى من فيلم «براءة المسلمين»، المسىء، والذى أنتجه مناهضون للإسلام فى الولاياتالمتحدة، فى طريقه للهدوء.فعلى غلاف المجلة ظهر رسم ل«رجل يهودى متشدد يدفع كرسيا متحركا يجلس عليه شخص (مسلم) يرتدى عمامة»، ويحمل رسم عنوان «ذى انتاتشيبلز 2» (الذين لا يمسون)، إضافة للعديد من الرسوم فى الصفحات الداخلية، بعضها كاريكاتيرية عارية تسخر من النبى محمد. وبعد ساعات من نشر الرسوم، أعلنت المجلة عن تعرض موقعها الإلكترونى للقرصنة، بحيث لم يعد متاحا للزائرين. وإثر نشر الرسوم، صرح مسئول بالخارجية الفرنسية، لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن جميع السفارات والقنصليات والمدارس الفرنسية ستغلق الجمعة المقبل فى حوالى 20 دولة كإجراء «احترازى». وتوالت فى الساعات الأخيرة الدعوات فى العالم الإسلامى إلى مظاهرات غاضبة بعد صلاة الجمعة غدا.
ومشددا على أن «فرنسا تضمن حرية الرسومات الساخرة»، دعا رئيس وزراء فرنسا، جون مارك أيرولت، المستائين من الرسوم للجوء إلى القضاء. ومثل واشنطن تعتبر باريس أن مثل هذه الرسوم تندرج تحت حرية الرأى والتعبير.
وقد انتقد وزير الخارجية الفرنسى، لوران فابيوس، نشر هذه الرسوم، واصف إياها ب«المستفز»، ومعلنا أنه أصدر تعليمات بتكثيف الحماية الأمنية للبعثات الدبلوماسية الفرنسية فى الدول الإسلامية. وذلك بعد تعرض عدد من سفارات الولاياتالمتحدة ودول غربية أخرى لهجمات بعد بث الفليم المسئ؛ وهو ما أودى فى ليبيا بحياة أربعة أمريكيين، بينهم السفير، فضلا عن عدد من المحتجين.
من جهتها، أدانت قيادات إسلامية فرنسية هذه الرسوم، وأعرب رئيس المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية، محمد موسوى، عن صدمته الكبيرة من هذا «التصرف الجديد المعادى للإسلام»، داعيا مسلمى فرنسا إلى «عدم الانجرار نحو الاستفزاز».
بدوره، ناشد عميد مسجد باريس الكبير، دليل بوبكر، مسلمى فرنسا «الهدوء»، محذرا من أن «نشر الرسوم ربما يفاقم الغضب فى العالم الإسلامى»، معربا عن أسفه لكون «التحريض على الكراهية الدينية لا يعاقب عليه القانون كما هو التحريض على الكراهية العنصرية». وأشار إلى أنهم تقدموا للمحكمة الابتدائية فى باريس بعد نشر المجلة للرسوم المسيئة عام 2006، و«لكن لم يتم النظر للشكوى حتى الآن».
وكانت مكاتب الصحيفة فى باريس قد تعرضت لهجوم بقنبلة فى نوفمبر الماضى، بعد أن نشرت رسما كاريكاتيريا ساخرا للنبى محمد، ضمن عدد خاص عنونته ب«شريعة ايبدو»، وأعلنت فيه النبى «رئيس تحريرها». وفى عام 2005 فجرت رسوم كاريكاتيرية دنمركية للنبى موجة من الاحتجاجات فى أنحاء العالم الإسلامى، قتل فيها ما لا يقل عن 50 شخصا. وتزامن نشر الرسوم المسيئة مع إدانة القضاء التونسى لأربعة من بين الذى هاجموا السفارة الأمريكية الجمعة الماضية، بحسب مصدر قضائى لم يدل بمزيد من التفاصيل.