احتفت دار نشر "بيت الياسمين" بالمجموعة القصصية الثالثة للكاتب شريف صالح "شخص صالح للقتل" وذلك في مقر مكتبة "ألف" في الزمالك بحضور حشد من الأدباء والمثقفين على رأسهم الروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد والشاعر الكبير أحمد الشهاوي والناقدان د.خيري دومة ود.مصطفى الضبع، الإعلامية والمترجمة سهير فهمي، الناقد والإعلامي محمد الروبي والكاتب الصحفي محمود حربي إضافة إلى عدد من المبدعين الشباب. أدار حفل التوقيع الكاتب الصحفي محمد بركة الذي أشاد بنصوص "شخص صالح للقتل" وتميزها بالمعالجة السريعة والمكثفة، وهي تجربة مختلفة تماماً عن تجربته السابقة في مجموعة "مثلث العشق" الحائزة على جائزة ساويرس وبدا فيها الكاتب كأنه يغزل سرده على نار هادئة، وهنا ملمح إيجابي يكشف رغبته في التجريب والتغيير والتجاوز.
كما أشار بركة بقدرة الكاتب على الاستمرار رغم وجوده خارج مصر، وجمعه بين العمل الصحفي ومواصلة مشروعة الإبداعي دون التورط في فكرة الإستسهال في الكتابة.
فيما تحدث الروائي الكبير إبراهيم عبدالمجيد بأن أهم ما يميز نصوص شريف صالح هو الإحساس الجميل باللغه التي قد تبدو للبعض خفيفة ولكنها في نفس الوقت مفعمة بالمشاعر دون التورط في المجازات والبلاغة الرخيصة. وفي بعض الأحيان تبدو محايدة مثل كتابة هيمنغواي وإبراهيم أصلان، لكنها سرعان ما تورطك في مستويات أخرى.
ووصف الروائي الكبير " صالح " بالفنان الذي يمسك ريشته ويضع مجموعه من النقاط البسيطة ثم يشكل منها نصوصه برهفة، وأضاف: ما يميز شريف صالح اهتمامه بتكثيف اللقطة وتفاصيلها الإنسانية وهذا شيء بالغ الصعوبة لا يقدر عليه سوي كاتب متمكن من أدواته ويتمتع بالذكاء الإبداعي.
وأكد الروائي الكبير أن التدهور الذي لحق بفن القصة القصيرة يرجع إلى انشغال كتابها بالفكرة علي حساب الفن والتسرع والاستسهال في الكتابة.. على عكس تجربة شريف التي تتسم بالتأني والتجديد والإحساس باللغة والشكل القصصي.
الناقد والأكاديمي د.خيري دومة قال: ما يميز تجربة شريف صالح اهتمامه بالتفاصيل الدقيقة والغزل الدقيق الذي يجعل القاريء متورطاً في النص إلى آخر لحظة.. لكنه كأكاديمي لا يستطيع بسهولة أن يحدد "لماذا هذه القصة القصيرة جميلة".. وبصفته رئيس لجنة التحكيم التي منحت صالح جائزة ساويرس مطلع هذا العام قال: بداية معرفتي بالكاتب كانت من خلال قراءة "مثلث العشق" ورأيت فيها نصوصاً مغزولة بصبر شديد تشير إلى نضج الكاتب وأنه اختصر سنوات على نفسه في الكتابة، أما مجموعته "شخص صالح للقتل" فجاءت نصوصها قصيرة وتتمتع بالرشاقة والرغبة في التجديد.
القاص محمد عكاشة رأى أن "مثلث العشق" أفضل من "شخص صالح للقتل" التي بالغت في "الاقتصاد" اللغوي وسيطرة "الفكرة" أو الإيديولوجيا على السرد.. لكنه في الوقت نفسه لا ينفي جاذبيتها وتنوعها.
وهنا اعترض الشاعر الكبير أحمد الشهاوي على النظر إلى "الاقتصاد" اللغوي كنقيصة معتبراً إياه أهم ملامح شعرية الكتابة.. لكن الشهاوي عاب على النصوص كثرتها وتنوعها مما أفقر الكتاب الشكل البنائي متمنيا أن يحدث ذلك في الطبعة الثانية.
الإعلامية الكبيرة والمترجمة سهير فهمي قالت إنها قرأت "شخص صالح للقتل" دون أن تعرف صاحبها وترجمت منها بالفعل ثلاثة نصوص إلى اللغة الفرنسية، وأهم ما لفت نظرها القدرة المدهشة على السرد، حيث لا يتوقع القارئ ما الذي سيحدث في السطر التالي.
بدوره ذكر الناقد د.مصطفى الضبع أن علاقته بنصوص صالح بدأت مع "مثلث العشق" التي بهرته واعتبرها واحدة من أهم أربع مجموعات قصصية صدرت في السنوات العشر الأخيرة.
وعاب على النقاد عدم الاهتمام الكافي بالتجارب الإبداعية، وابتعاد البحث الأكاديمي عنها، وكذلك الافتقار إلى البيبلوغرافيا الكاشفة لخريطة السرد العربي لدى أجياله المختلفة.
كما أثرى النقاش مجموعة من المبدعين الشباب على رأسهم: سهى زكي، رباب كساب، حسين عبد الرحيم، محمود سيف الدين، شريف عبد المجيد، محمود حامد، د.حسام جايل، منال فاروق، وأحمد أبو العلا.
وفي الختام تحفظ شريف صالح على المقارنة بين "مثل العشق" و"شخص صالح للقتل" لاختلاف التجربتين على مستوى الثيمات والتقنيات. وأضاف: "شخص صالح للقتل" لم تكتب بعد "مثلث العشق" بل خلال عشرين سنة جمعت فيها كل نصوصي القصيرة والقصيرة جداً في كتاب، وكنتُ مشغولاً فيها بالتقنية وتكثيف اللقطة والحكي في أقل عدد ممكن من الكلمات، وإمكانية استنباط حكاية من خبر أو بيت شعري أو كتابة على جدار أو فيلم أو أسطورة أو لحظة عابرة في الوجود. فكان الرهان علي أن أية حمولة سردية وحكائية يمكن أن تتخلق ولو في سطر واحد دون أن تفقد النصوص عفويتها وبساطتها وطابعها الإنساني والحكائي ودون أن تتورط في الغموض والألغاز. فمثلاً في نص "فداك يا آيشواريا" أعاد كتابة خبر صحفي عن واقعة جلد بعض الصوماليين علي يد الشرطة الدينية بسبب مشاهدة فيلم هندي.
ورداً على عدم وحدة الكتاب قال صالح إنه تعمد كسر هذه "الوحدة الوهمية" عبر 65 نصاً يضمها الكتاب، ولهذا السبب على سبيل المثال وزع نصوص "الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان" رغم إمكانية جمعها وراء بعضها. كما لا يهتم بأي ترتيب موضوع للكتاب، طالما لا يوجد ثيمة مشتركة، ولا تقنيات متشابهة.
تبقى الإشارة إلى أن صالح أصدر حتى الآن خمسة كتب، منها "إصبع يمشي وحده" أولى مجموعاته القصصية، و"رقصة الديك" وهي المسرحية الفائزة بجائزة الشارقة للإبداع، وكتابه النقدي "نجيب محفوظ وتحولات الحياة"، وله تحت الطبع مجموعة قصصية رابعة بعنوان "بيضة على الشاطئ" الفائزة بجائزة دبي الثقافية.