• استرالي يعترف : أنشأنا مواقع دردشة لإشاعة الفتنة بين المسلمين • السودان والعراق أمثلة لنجاح خطة الإستعمار بتفريق الأمة • الهلباوي: مدعو "أخونة الدولة" لا يعرفون الديمقراطية • الجعفري وبن مالك نموذجان للتعايش بين السنة والشيعة كتبت – شيماء عيسى انطلقت مساء أمس، الحلقة الأولى من مشروع دعم وحدة الأمة العربية والإسلامية بعد الثورات ، والتي شهدها فندق "جراند حياة"، بحضور باقة من كبار المفكرين والعلماء من العالم العربي ؛ حيث يقود المشروع مركز النيل للدراسات برئاسة الدكتور عبدالخالق فاروق، ومنتدى الوحدة الإسلامية بأمانة الدكتور كمال الهلباوي . وقد انتقدت كلمة الهلباوي حالة الكراهية للآخر المختلف مذهبيا أو دينيا ، مؤكدا أننا في مرحلة بناء تحتاج للتواصل مع الجميع. وقال أنه حل ضيفا بقناة فضائية دينية فإذا بمعد أحد البرامج يتصل به ليؤكد أن أحد علماء الشيعة "من أهل النار" ! وهنا تذكر قوله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" وهي رسالة لعموم المسلمين . وردا على تساؤل "محيط" حول سياسات الرئيس مرسي وهل تؤدي لدور مصري رائد إقليميا، قال الهلباوي : لا يمكن أن تكون سياسات النظام الجديد مخالفة لمشروع وحدة الأمة ، خاصة أن الرئيس حافظ للقرآن ومدرك لمقاصده، وهو يعلم آمال الإمام حسن البنا التي تدعو لأستاذية العالم بمعنى تقديم المسلمين نموذجا مثاليا للعالم . وبسؤاله حول "أخونة الدولة" التي تثير معارضي النظام ، يؤكد الهلباوي أن الديمقراطية تعني أن يتغلب الحزب الفائز ويحكم البلد بأكملها، ومع ذلك فنحن في مصر ليس لدينا أغلبية إخوانية بالحكومة ولا المحافظين . والدولة شيء ثابت لا يغيره أي حزب، وفي الخارج حين يأتي حزب المحافظين أو الجمهوريين لا يهاجمه أحد . أخيرا أكد الهلباوي أن دفع بعض الدول للأموال بغرض الحروب الطائفية، لن يؤخر مشروع التقريب الممتد من أقصى العالم لأدناه حيث يوجد المسلمون . من جهته أكد الشيخ تاج الدين الهلالي أنه التقى ناشطا استراليا بعد انتصار المقاومة الإسلامية بجنوب لبنان يؤكد أنه عضو بلجنة في بلاده تقوم بإنشاء المواقع الإلكترونية وغرف الدردشة باسم السنة لسب الشيعة، والعكس ، كما يدشنون مواقع لتبادل السباب بين الصوفية والوهابية، ثم تركوا هذه المواقع تعمل تلقائيا ، وهو جزء من مخطط للسيطرة على الشرق الأوسط عبر إشاعة الفتن المذهبية بين المسلمين، فتقوم دويلات عربية شيعية وكردية وسنية وشيعية ، وهي أفكار بدأت بالسودان والعراق، وفي طريقها لدول الخليج العربي . واختتم الهلالي كلمته بأن الفرقة المذهبية سلاح نووي يقتل به الغرب المسلمين ، حتى تبقى أمريكا وإسرائيل وتعملان على أرض خالية . وبخصوص أسباب الفتن الطائفية في الأمة العربية، تحدث الباحث محمد عيسى، وهو متخصص في الفكر الإسلامي، واستحضر في كلمته مقولة لأينشتاين يقول فيها : "من الحماقة أن تعتقد انك ستحصل على نتائج جديدة، وأنت تكرر الشيء نفسه " مؤكدا أن ميراث الصراع حتى وصلنا للفتنة داخل الدولة الواحدة كما جرى بالعراق ولبنان . وللأسف فإن كثيرا من الحروب السياسية تغلفت بطابع ديني، ويكفي أن نتذكر أن مليون ضحية مسلم راحوا في الحرب العراقية الإيرانية بالتسعينات، ناهيك عن الأرامل واليتامى . ويستطرد عيسى : الفتنة المذهبية أسبابها الإنغلاق في الرجوع للأصول، وعدم التفريق بين مصادر التشريع كالقرآن والسنة النبوية، وبين التراث الفقهي المتنوع بطبيعته ، مؤكدا أنه حتى داخل القرآن الكريم فإن هناك خلافات في تفسير بعض الآيات والتي تندرج مثلا تحت فكرة الناسخ والمنسوخ ، والتعميم والتخصيص . وأضاف الباحث أنه بين أسباب فرقة المسلمين مكائد الاستعمار الأجنبي قديمها وحديثها، واعتبار بعض الدعاة أن الفكر المذهبي سببا للتكفير والتخوين وليس خلافا ظنيا مشروعا، أو اختزال الحقيقة في الكتاب والسنة وحدهما ، كما أن هناك أزمة في عالمنا العربي بين أبناء كل مذهب في الإطلاع على الآخرين المذهبيين والاجتهادات الجديدة لديهم، وكثيرا ما نرى غياب الأمانة في النقل عن الآخر، كذلك نرى كثيرا استحضارا ممجوجا للصراعات المذهبية في التاريخ الإسلامي ، وللأسف فإن وسائل الإعلام تزكي هذه النظرة المغلقة وخاصة القنوات الشيعية والسلفية بخلاف المواقع الإلكترونية التي تدعم الشحن الطائفي . وأخيرا يرى الباحث أن النخب الدينية لم تخبر العامة بأن التقريب بين المذاهب ليس خضوعا للإختراق للشيعة أو للسنة، ولكنه محاولة لرأب الصدع بين المسلمين ، إضافة لترديد مخاوف من نقد التراث الديني رغم أن الاجتهاد يقوم على هذا المبدأ . أما الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة بدار العلوم فأكد في كلمته أن معظمنا لم يختر مذهبه بنفسه بل نشأوا في بيئة تحتفي بمذهب بعينه شافعي أو حنفي فقط . وأبدى أسفه أن المسلمين اليوم يعيشون فرقة حتى داخل المذهب الواحد، فالشيعة الإمامية يعارضون الزيديين، وأهل السنة يختلفون فيما بينهم ، على الرغم من أن تسمية "سني" و"شيعي" لم تكن تطلق على احد في القرنين الأول والثاني الهجري، وكان هناك تعاون بين الإمامين مالك والجعفري. ويضيف الدسوقي : هناك جهود مبذولة الآن لجمع السنن المشتركة بين المذاهب ، ونتذكر كلمة الشيخ رشيد رضا "نلتقي حول ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا" . وقد ظهرت بالفعل محاولات للتقريب لعل أشهرها جماعة ظهرت عنها ببدايات القرن الماضي مجلة "رسالة الإسلام" ، وتوقفت المحاولات الجادة منذ ذلك الحين، حتى بدأت إيران بإنشاء مجمع للتقريب وأعلنت السعودية عن استضافة الرياض مركزا مشابها . ويعتبر الدسوقي أن الاختلافات لا غضاضة فيها طالما أنها محصورة بالثانويات وليس أصول العقيدة ، وأكد أنه رفض قرار لجنة الفتوى بكراهة تزويج المسلمة السنية من رجل شيعي، وصرح بذلك بالإذاعة المصرية، مستشهدا بزواج أخت الملك فاروق بشاه إيران . وخلص الدسوقي لأهمية المناقشة العلمية الموضوعية مع المذاهب الأخرى حتى لو نقتنع بما يقولونه . كما دعا لمؤتمر لأساتذة أصول الفقه بالجامعات الشرعية العربية، لأن بعضهم يخوف طلابه من التقريب ويسميه اختراقا وهو أمر من شأنه خلق الإنغلاق المذهبي والديني ، حتى وصلنا لأن أتباع المذهب الشافعي لا يعرفون فقه المذهب الحنفي ، كما دعا لتدريس الفقه المقارن بدلا من الفقه المذهبي . وكانت موسوعة "تاريخ المسلمين" للعلامة أحمد شلبي، موضع استشهاد الدكتور عمار علي حسن، وفيها أن الصليبيين حين زحفوا باسم الصليب زيفا ووصلوا لحدود الدولة السلجوقية السنية ليحتلوها، فلجأت للدولة الفاطمية المصرية وكانت شيعية ، لكن الفاطميين أبرموا اتفاقا مع الصليبيين وكانت النتيجة دخول الصليبيين والدماء التي أريقت قرون على أيديهم، ثم إجهاز الصليبيين على الدولة الفاطمية ذاتها، واليوم نرى احتفاء بصعود تيارات للسلطة حتى تستخدم بالحرب المذهبية ضمن مخطط غربي بالأساس. وللخروج من الفتنة ، يرى عمار حسن ضرورة الخروج من "سجن التاريخ" الذي يستعاد للتناطح والسجال العقيدي والمذهبي القائم حاليا، مثل استعادة كراهية الشيعة "قتلة الحسين" ، أو استدعاء الشيعة لخلاف سقيفة بني ساعدة والذي برأيهم نتج عنه خطأ خروج الخلافة عن "عليّ" وذهابها لأبي بكر الصديق . وأيد حسن أن الخلافات المذهبية اليوم يحركها طامعون تحكمهم الخلافات السياسية والهيمنة ، قائلا أن الشعوب السنية والشيعية يجمعهم هدف تحرير فلسطين، والمناعة ضد الغزو الغربي والاكتفاء الذاتي وبناء الذات الحضارية. وقال عمار أننا نفتقد مشروعا عربيا قوميا يجمعنا كما كان يفعل عبدالناصر في الستينات ، وحينها كانت تتوارى صراعات المسلمين والمسيحيين، والسنة والشيعة والوهابية والصوفية ، كل ذلك توارى أمام الأخطار الحقيقية أمام الأمة . وأضاف حسن : حين استعانت العراق بأمريكا لصد الخطر الإيراني، جسمت أمريكا على نفوس العالم العربي كله ولم تخرج من المنطقة . وقال أن من وسائل تقريب المذاهب ، شيوع السياحة الثقافية التي تجعل وفد من العراق أو المغرب ترى آثار مصر المملوكية أو العثمانية أو الفاطمية، فيعلمون أنها أمم كبيرة لها حضارة بغض النظر عن المذهب ، ويخرج المصريون لمشاهدة آثار الأمم في العالم العربي ، وهو تفكير يختلف عن ترويج السياحة الشاطئية فقط لا غير . كما أكد حسن أن مبادرة الرئيس مرسي في إيران لحل أزمة سوريا إيجابية، لأنها تؤكد أن شعبها يريد الحرية من المستبد ولا يحارب حربا مذهبية ، وأن بلاده ليست ساحة لتصفية الصراعات الدينية . من جهتها انتقدت الباحثة نجلاء مكاوي صعود بؤر الصراع الديني المذهبي بعد ثورات الربيع العربي وقالت أن ذلك يأتي رغم أن الثورات أزالت فيها الشعوب هذه الخلافات، فوقف المسلم والمسيحي في وجه المستبد . واعتبرت الباحثة أن هذه الظاهرة تعود لأن كبار المشايخ من أصحاب الولاءات المذهبية والعشائرية أصبحت لهم حرية العمل ، بل واستخدمتهم حكومات انتقالية كما أدى عملهم لتجييش الناس لصندوق الإنتخاب على أسس دينية وهو ما يفرغ الثورة من مضمونها . أما الدكتور كمال حبيب، المفكر الإسلامي، فأكد أن الطائفية مقصودة في العالم العربي لإلهائه ، كما يجري بالعراق أو سوريا الآن ، مؤكدا أن عالمنا العربي يعاني من انتشار ما وصفه ب"العقل السلفي" وهو غير مدرك لمستجدات اللحظة ، ومن ذلك خروج بعض أعضاء جماعة "حازمون" للجهاد في سوريا وبعضهم قتل هناك ، وتعليقا على ذلك أكد حبيب أننا بالخروج العشوائي للجهاد نخلق ساحة أفغانية بأرض العرب، وأكد أن الشاب الذي يحمل السلاح في عمره الصغير سيعود لبلده محملا بالعنف ومتشبعا به . وحول فكرة الخلافة الإسلامية، قال حبيب أن عودتها يجب أن بمعنى الوحدة ، وليس زوال سيادة كل دولة على أراضيها . وأخيرا أكد كمال الإسلامبولي المنسق العام للمجلس الوطني أن أمريكا ترعى لعبة صراع الأديان في الشرق الأوسط ، لأنها تصب في صالح إسرائيل كدولة يهودية . وعلى النقيض تحدث الداعية الأزهري عبدالعزيز رجب، وأكد أن تقريب المذاهب يجب أن تقوم به الدول التي لا تستخدم جيوشها لمحاربة الشعوب التواقة للحرية، فرأس الدولة الشيعية في المنطقة، وهي إيران، تذهب أموالها لدعم حزب الله الذي يقوم بحروب مع السنة ، ورأس الدولة السنية ، وهي السعودية، ساهمت جيوشها بشكل رئيسي في ردع ثورة البحرينيين ووأدتها بالفعل في مهدها .