«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسات إتاحة وتداول المعلومات
نشر في محيط يوم 02 - 09 - 2012


مركز "محيط" للدراسات السياسية والإستراتيجية
دكتور ماجد عثمان*

إن حق الإنسان في المعرفة هو أحد الحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 (المادة 19) ونص عليه العهد الدولى للحقوق السياسية والمدنية الصادر في عام 1966. وهذا الحق تم بلورته في إعلان المبادئ الصادر عن القمة العالمية لمجتمع المعلومات "بناء مجتمع المعلومات: تحد عالمي في الألفية الجديدة" عام 2003.

ويقصد بالمعلومات جميع البيانات الرقمية والنصية المحفوظة في شكل مطبوع أو مسموع أو مرئي ورقية كانت أو إلكترونية وما ينتج عنها نتيجة لعمليات حسابية أو إحصائية أو منطقية قام بانتاجها أى شخص طبيعي أو معنوى في الجهات العامة، ويشمل ذلك الوثائق الرسمية والعقود والبيانات المالية والإدارية وتقارير متابعة وتقييم المشروعات الممولة كلياً أو جزئياً من المال العام والملفات الإلكترونية الخاصة بالتعدادات والمسوح واستطلاعات الرأى العام الممولة من المال العام كلياً أو جزئياً.

ونعرض في هذه الورقة لمبررات استحداث إطار تشريعي ومؤسسي جديد في مصر يُحفز على إتاحة وتداول المعلومات، كما نتاول توصيفاً للبيئة المعلوماتية المستهدفة وملامح الإطار التشريعي والمؤسسي الملائم. ونأمل أن تسهم هذه الورقة في تعزيز الجهود التي تقوم بها المؤسسات الحكومية وغير الحكومية من أجل إفساح المجال حتى ترى التشريعات المحفزه على حرية تداول المعلومات للنور.

المبررات:

لا يعتبر الحديث عن حرية تداول المعلومات في هذه الفترة الحاسمة من تاريخ الوطن من قبيل الترف الفكري، بل وعلى العكس فإنه يعتبر من الأولويات التي يجب الانشغال بها باعتباره أحد أركان تحديث الدولة المصرية. وهناك عدد من المبررات يحفز على حرية تداول المعلومات في المجتمع المصري هي:

الاول : إن إعمال قواعد الحكم الرشيد لا يتحقق دون اعتبار أن الحق في الحصول السريع وغير المقيد على المعلومات هو حق أصيل من حقوق المواطنة.

وترسيخ حق المواطن في الحصول غير المقيد على المعلومات هو اللبنة الأساسية لإرساء قواعد الحكم الرشيد التي تشمل:

1) الشفافية التي تؤدي إلى تعزيز الثقة،

2) المساءلة التي تؤدي إلى ضبط الاداء الحكومي،

3) المشاركة التي تؤدي إلى تقوية الشعور بالانتماء للوطن،

4) والاستجابة التي تشعر المواطن بأنه في بؤرة الاهتمام.

ويجب أن تعمل مصر من أجل إرساء الإطار التشريعي والمؤسسي لتيسير نفاذ المواطن للمعلومات، لاسيما وأن أهداف ثورة 25 يناير لا يمكن تحقيقها في غياب منظومة للمعلومات والإحصاء تتسم بالشفافية وتنظر إلى إتاحة المعلومات للمواطن باعتبارها حقاً وليس منحة .

وباعتبارها أحد أدوات التمكين السياسي والاقتصادي للمواطن، سواء في مسائلة الأجهزة الحكومية أو في ترشيد استخدام الموارد المتاحة أو في تعظيم مردود المشروعات والبرامج التنموية.

الثاني : إن سياسات وبرامج تحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد واحترام حقوق الإنسان – وهي من أهداف ثورة 25 يناير – لا يمكن وضعها موضع التنفيذ ولا يمكن قياس مردودها ولا يمكن أن يتم مساءلة المسئولين عن تنفيذها دون توافر مناخ عام يعتبر إتاحة المعلومات هي الأصل وحجبها هو الاستثناء.

وينظر إلى المعلومات باعتبارها "سلعة عامة" من حق المواطن الحصول عليها في أقصر مدة زمنية وبأقل تكلفة مالية وبأعلى مستوى من الدقة والمهنية.

إن الهدف من حرية تداول المعلومات هو تحقيق نفاذ سريع وغير مقيد للمعلومات يُمكن المواطن المصري والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية من القيام بدور فاعل في المتابعة والمساءلة من أجل حياة أفضل يتمتع فيها المواطن بالحرية والكرامة ويحصل فيها على حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون تمييز.

كما أن تحقيق هذا النفاذ السريع وغير المقيد يحقق إدارة أفضل لبرامج التنمية تتسم بالكفاءة والفاعلية. واستحداث هذا المناخ يسهم في الوصول بمصر إلى مجتمع المعرفة ويسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وفي استعادة استثمارات وطنية تؤدي إلى الحد من معدلات البطالة التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة لاسيما بين الشباب.

الثالث : بالإضافة إلى ما سبق، فإن إتاحة وتداول المعلومات يمكن أن يؤدي إلى بناء الثقة بين شركاء الوطن من مؤسسات حكومية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات والقطاع الخاص والسلطة القضائية والسلطة التشريعية والأجهزة الرقابية والإعلام وهي ثقة انحسرت لسنوات طويلة وشكل غيابها عقبة لتحقيق التوافق حول القضايا التي تخص المصالح العليا للوطن.

كما أن هناك الكثير من المعلومات المتوفرة لدى بعض الجهات الحكومية والتي يمكن أن يسهم إتاحتها في تجنب أزمات طائفية (عدد الأقباط) أو في الحد من إهدار المال العام (توزيع الصحف القومية).

إن تحقيق انطلاقة في البحث العلمي لا يتحقق دون استحداث بيئة محفزة على تدفق للمعلومات ويشمل ذلك التوسع في جمع البيانات وتحليلها دون إقصاء أو احتكار واتخاذ كل الآليات التي تسمح بحفظ البيانات بطريقة تسمح باسترجاعها بسهولة ويسر من أجل إحداث التراكم المعرفي.

ويشمل ذلك البحث العلمي بكافة أنواعه وتطبيقاته. وعلى سبيل المثال، فإن تقييد جمع وتحليل ونشر البيانات والمعلومات في مجال أمراض نقص المناعة المكتسبة يعتبر عقبة في مجال التعرف على مدى انتشار هذه الأمراض وتطور معدلات الإصابة بها ويحول دون استخدام أساليب علم الوبائيات في التعامل السريع والفعال مع هذه الأمراض.

إلي جانب أن غياب المعلومات الدقيقة عن أسباب الوفاة يقف عقبة أمام معرفة التأثير النسبي للأمراض المعدية والمزمنة على حياة المواطنين، كما يتسبب في حوارات مجتمعية حول التأثيرات الصحية المحتملة المتصلة بانتاج واستيراد الغذاء وأنماط التغذية المستحدثة تفتقد للموضوعية ويغيب عنها النقاش المبني على القرائن ويكتنفها كثير من التهويل حيناً والتهوين أحياناً أخرى.

وعلى صعيد آخر، فإن عدم وضوح آليات استطلاعات الرأى العام وقياس الاتجاهات السياسية والدينية يترك كثير من الظواهر التي يموج بها المجتمع المصري بمنأى عن التحليل الاجتماعي والنفسي.

ويبدو الأمر أكثر خطورة في ظل آليات استطلاعات الرأى العام التي وظفت تكنولوجيا الاتصالات وتجاوزت بها حدود المكان على نحو يسمح لمؤسسات استطلاعات الرأى العام الدولية بالعمل بحرية دون أن تعطى المؤسسات الوطنية نفس الفرصة.

إن استحداث بيئة مواتية لإتاحة المعلومات للكافة ستساعد على قيام الإعلام بدوره في الرقابة المسئولة وفي إدارة حوارات مجتمعية متصلة بالشأن العام تتسم بالموضوعية.

وهذه البيئة ستصل بالإعلام المصري لدرجة أعلى من المهنية وستسمح بوضع المعايير الأخلاقية للممارسات الإعلامية موضع التنفيذ.

إن الحرية المسئولة في الإعلام لن ترى النور دون قيام مؤسسات الدولة بدور إيجابي في المبادرة باتاحة البيانات والمعلومات والوثائق للإعلام ودون الاستجابة السريعة للطلب على المعلومات الذي ينشأ من خلال ممارسة الإعلام لدوره في التقصي من أجل المساءلة وكشف الفساد.

ولا يجب أن يُنظر إلى إقرار إطار تشريعي ومؤسسي لحرية تداول المعلومات باعتباره الترياق الناجع للقضاء على الممارسات الإعلامية التي تتسم بعدم المهنية وإنما باعتباره شرطاً ضرورياً، ولكن غير كاف إذا لم تصاحبه على التوازى خطوات داخل المنظومة الإعلامية من الرقابة الذاتية المسئولة تسمح بمحاسبة المسئول عن التجاوزات الأخلاقية والمهنية دون شطط يُكمم الأفواه ودون تسيب يهدد الحريات.

تجدر الإشارة إلى أن إصدار تشريع ينص على حرية تداول المعلومات لن يتحقق على أرض الواقع ما لم يتم إحداث تغيير حقيقي في البيئة المعلوماتية الحالية.
وفيما يلي خصائص البيئة المعلوماتية المستهدفة:
·منظومة معلوماتية وإحصائية تسمح بالرقابة والمتابعة والتقييم وتسمح بحوارات مجتمعية مبنية على القرائن،
· ضمان أقصى درجات الإفصاح عن المعلومات الأساسية،
·الحفاظ على الوثائق وتنظيم إتاحتها،
·الحد من الاستثناءات وقصرها على الحالات الضرورية المتعلقة بسلامة المجتمع وأمنه،
· الحفاظ على خصوصية البيانات الشخصية،
· تيسير النفاذ للمعلومات بسرعة،
·ضمان آلية واضحة ومستقلة للبت في النزاعات المتعلقة بالحصول على المعلومات.

وحتى تتحقق هذه البيئة المعلوماتية هناك عدد من العناصر التي يجب أن تكون الحكومة مسئولة عنها لتحقيق نقلة نوعية في مجال حرية تداول المعلومات وهي:
· اعتبار أن الإتاحة الطوعية للمعلومات الأساسية للكافة وبدون مقابل مادي هو أحد مهام الجهات الحكومية واعتبار أن الاستجابة للطلبات المعلوماتية هو أحد معايير نجاح المؤسسات العامة.
· تحديد تكلفة معقولة مقابل الحصول على المعلومات التي تحتاج إلى تجهيز خاص بحيث لا تشكل عائقاً للنفاذ للمعلومات واعتبار أن الإتاحة المجانية أو بمقابل رمزي هي الأصل.
·حماية الأشخاص الذين يشاركون في إعداد أو نشر المعلومات التي تكشف ممارسات غير قانونية.
· تطوير النظام الإداري للمؤسسات الحكومية وتدريب الكوادر وتغيير الثقافة السائدة بما يسمح بضمان حرية تداول المعلومات.
·إصلاح الإطار المؤسسي للعمل الإحصائي واعتماد استراتيجية للعمل الاحصائي.
·التوسع في جمع البيانات التي تسمح بانتاج المؤشرات السياسية وعدم التضييق على الدراسات الاجتماعية والسياسية واستطلاعات الرأي العام التي تتناول موضوعات ذات صبغة سياسية أو دينية.
· تدرج في مستوى الإتاحة يأخذ في الاعتبار الإمكانات المتاحة مع الالتزام بخطة طويلة الأجل (لا تتجاوز 5 سنوات) للوصول إلى المستويات الدولية في الإتاحة.
·توظيف التكنولوجيات المتطورة لحفظ واستدعاء المعلومات بكل أنواعها على نحو يسهل النفاذ إلى المعلومات بيسر.

الإطار التشريعي المطلوب :
عند صياغة النص الدستوري الذي يتناول حرية تداول المعلومات أو عند صياغة القانون الخاص بحرية تداول المعلومات من المقترح أخذ هذه الاعتبارات في الحسبان:
· أن النفاذ للمعلومات حق وليس منحة،
· أن إتاحة المعلومات هي أحد أدوات التمكين السياسي والاقتصادي،
·أن المعلومات يجب إعتبارها "سلعة عامة" من حق كافة المواطنين الحصول عليها دون تمييز.

ويقترح أن ينص الدستور المصري الجديد على أن الحصول على المعلومات هو حق من حقوق المواطنة يكفله الدستور والقانون لكافة المواطنين دون تمييز باعتباره أحد أدوات التمكين السياسي والاقتصادي للمواطن. ومن الضروري أن ينص الدستور على أن إتاحة المعلومات الأساسية التي تمكن من إعمال المسائلة والإستجابة لطلبات المواطنين في الحصول على أية معلومات إضافية هو مسئولية أجهزة الدولة، كما يقترح أن ينص الدستور على المبادئ العامة التي تنظم قواعد إتاحة المعلومات وعلى الاستثناءات المتعلقة بالمعلومات التي يهدد تداولها سلامة المجتمع وأمنه أو فيما يتعلق بالحفاظ على خصوصية البيانات الشخصية.

ومن الأهمية بمكان أن تولي السلطة التشريعية اهتماماً خاصاً بإصدار قانون يكفل حرية تداول المعلومات. وفي ضوء الازدحام المتوقع للأجندة التشريعية في هذه المرحلة الدقيقة التي يرسم فيها المصريون طريق المستقبل يجب أن يأخذ قانون حرية تداول المعلومات أولوية لارتباطه كما سبق أن أوضحنا بنجاح سياسات مكافحة الفساد واحترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية وهي أهداف أجمع الشعب عليها ونادى بها كمطالب أساسية لثورة 25 يناير. وتجدر الإشارة إلى أن عدد الدول التي أصدرت قوانين تكفل حرية تداول المعلومات تجاوز تسعون دولة في يناير 2012، وقد سبقتنا دول نامية عديدة منها الصين والهند والبرازيل وتشيلي والمكسيك وبيرو وأندونسيا وتايلند وباكستان وتركيا بالإضافة إلى 8 دول أفريقية منها جنوب أفريقيا ونيجريا وأثيوبيا.

ومن المهم أن يصدر القانون بحيث يساعد على حرية تداول المعلومات لا أن يقنن القيود القائمة حالياً (وهو ما حدث في بعض الدول)، وأن يراعى الحفاظ على خصوصية البيانات الشخصية وأن يقف موقف يتسم بالواقعية والحداثة من بعض اعتبارات الأمن القومي التي تجاوزتها التكنولوجيات الحديثة. ومن الضروري أن ينظر القانون إلى المعلومات باعتبارها آداة لتمكين المواطن مع تنظيم الاستثناءات الضرورية للحفاظ على أمن المجتمع لاسيما فيما يتعلق بالمعلومات العسكرية أو الاستخباراتية دون التوسع في الاستثناءات بشكل غير مبرر ووضع آليات واضحة وشفافة ومحايدة لتنظيم البت السريع في النزاعات المتعلقة بإتاحة المعلومات.


الإطار المؤسسي المنشود :
من المهم أن يتم استحداث إطار مؤسسي يكون مسئولاً عن اتخاذ الإجراءات التي من شأنها ضمان حرية تداول المعلومات، ويُقترح استحداث مفوض عام للمعلومات يعينه رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من مجلس الشعب (أو مجلس الشورى)، على أن يرأس هيئة يتم استحداثها للقيام بكل ما من شأنه ضمان حرية تداول المعلومات بما في ذلك:

1) رسم سياسات إتاحة المعلومات والإحصاءات،

2) مراقبة أداء الأجهزة الحكومية في الالتزام بقواعد تداول المعلومات،

3) إصدار تقارير دورية معلنة لتقييم أداء الأجهزة الحكومية ومدى إلتزامها بقوانين تداول المعلومات،

4) تعريف المواطن بحقوقه في الحصول على المعلومات،

5) تحديد آليات البت في النزاعات المتعلقة بالحصول على المعلومات،

6) وضع سياسات التدريب للعاملين في مجال إتاحة المعلومات،

7) تقديم التوصيات التي من شأنها بناء ثقافة مواتية لتداول المعلومات.

ويكون لهذه الهيئة مجلس أمناء يختاره مجلس الشعب (أو الشورى) من عدد من الخبراء والشخصيات العامة المشهود لها بالكفاءة والمهنية ويكون رئيس الهيئة ومجلس الأمناء غير قابلين للعزل إلا بموافقة أكثر من نصف أعضاء مجلس الشعب (أو الشورى).

وفي النهاية، فإن الفترة الزمنية الفارقة التي يمر بها الوطن يجب ألا تمضي دون اتخاذ السبل التي تضمن للمصريين حياة حرة كريمة تسودها العدالة الإجتماعية والإنصاف في توزيع الثروة، يشعر فيها كل مواطن بالانتماء، يثق في مؤسساته ويمارس دوره في مساءلتها، يسانده في ذلك إعلام يطرح الحقائق بموضوعية ومهنية. وكل ذلك لن يتحقق إلا في بيئة تسودها الشفافية تعتبر إتاحة المعلومات هي الأصل وتحفز المواطن على استخدام حقه في الحصول على المعلومات.

ولن يتأتى ذلك إلا بنص دستوري وقانون يضمن تداول المعلومات باعتبارها حقاً أصيلاً من حقوق المواطن وأحد ركائز تحديث الدولة المصرية وإرساء قواعد الحكم الرشيد.


المراجع:
1) أحمد درويش، ماجد عثمان، معتز سلامة، محسن يوسف (2009) حرية تداول المعلومات في مصر. مكتبة الإسكندرية.
2) طوبي منديل (2008) حرية المعلومات: مسح قانوني مقارن. منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.
3) قانون الحق في المعلومات (رقم 22 لسنة 2005). الهند.
4) قانون ضمان حق الحصول على المعلومات (رقم 47 لسنة 2007). المملكة الأردنية الهاشمية.
5) مقترح نص دستوري للحق في الحصول على المعلومات واقتراح بمشروع قانون تنفياً له. نجاد البرعي.

*أستاذ الإحصاء، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.