رئيس «الوطنية للانتخابات»: مشاركة المصريين في انتخابات «الشيوخ» بالخارج تعكس وعيًا كبيًرا    «سيناء التي نريد».. كتاب جديد يقدم رؤية شاملة للتاريخ والمستقبل    نح..ر محامٍ داخل مكتبه في الإسكندرية    وزير الري: على إثيوبيا تغيير استراتيجيتها والاعتراف بحقوق مصر في نهر النيل    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 3-8-2025 بعد صعوده لأعلى مستوياته في أسبوع    وزير قطاع الأعمال يتابع تشغيل المرحلة الأولى لمصانع الغزل مع محافظ الغربية    نائب محافظ الدقهلية يشهد ماراثون «خليك مكاني».. ويفتتح معرضًا للحرف اليدوية    عضو بالكونجرس: واشنطن تخون الشعب الأمريكي بدعمها للحروب الخارجية    تقارير إعلامية تفضح نتنياهو والجماعات الإرهابية بشأن غلق مصر معبر رفح (فيديو)    الهلال الأحمر الفلسطيني: استشهاد أحد موظفينا وإصابة ثلاثة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمقرنا في خانيونس    تصاعد التوتر في غزة بعد نشر فيديو الأسرى.. وانقسامات إسرائيلية بشأن استمرار الحرب    رغم تهديدات ترامب.. الهند تؤكد استمرار استيراد النفط الروسي    غزل ينعى محمد أبو النجا حارس وادي دجلة    "بيجبرونا على الاعتزال والأهلى منعني من تحكيم مبارياته لهذا السبب".. تصريحات نارية من الحكم السابق إبراهيم نور الدين    أبرزها المغرب وأنجولا بأمم أفريقيا للمحليين، مواعيد مباريات اليوم الأحد    السيطرة على حريق داخل سيارة ملاكي بالشروق    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 3-8-2025    جنازة أحد الصوفية تثير الجدل في «الكوم الأحمر» بقنا    كان بيجهز عش الزوجية.. مصرع شاب في حادث انقلاب تروسيكل بقنا    دعاء الفجر | اللهم فرج همي ويسّر لي أمري وارزقني رزقًا مباركًا    أحمد كريمة: قائمة المنقولات لإثبات حقوق الزوجة ومرفوض تحويلها لسيف على رقبة الزوج وسجنه (فيديو)    وفد «مستقبل وطن» يزور مصابي حريق المطعم بمستشفى سوهاج العام    لتلوثها بكتيريًا.. سحب فاكهة من الأسواق الأمريكية    مصدر مقرب من محمود حمادة: لا توجد مفاوضات مع بيراميدز    الأردن يدين حملات التحريض على دوره في تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني بغزة    وزيرا خارجية إيران وباكستان يبحثان تعزيز التعاون المشترك حفاظا على استقرار المنطقة    بفائدة تبدأ من 15%.. تفاصيل قروض التعليم بالبنوك وشركات التمويل الاستهلاكي    غلق الموقع الإلكتروني للمرحلة الأولى لتنسيق الجامعات    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب سيارة فى التجمع    ننشر أسماء المتوفين فى حادث قطار بمركز جرجا فى سوهاج    القبض على التيك توكر "شاكر" داخل كافيه شهير في القاهرة    راغب علامة يوجه رسالة محبة وتقدير لمصطفى كامل كنقيب وشاعر وملحن ومطرب    جينيفر لوبيز تستمتع بأجواء البحر فى شرم الشيخ وسط التفاف معجبيها.. صور    بدرية طلبة تهاجم الشامتين في البلوجرز: «أرزاق ربنا محدش بياخد رزق حد»    وزير الري: أراضي طرح النهر تتبع الدولة لا الأفراد.. ونعفي المزارعين المتضررين من الإيجار وقت الغمر    اجتماع طارئ لاتحاد اليد لبحث تداعيات الأزمة الصحية لطارق محروس.. ودراسة البدائل    المقاولون العرب: نطالب رابطة الأندية بتعديل موعد انطلاق مباريات الدورى    الزمالك يجهز لإعلان صفقة "سوبر" تُسعد الجماهير    أبدعت بأدوار الإغراء وأشهر أعمالها الصعود إلى الهاوية، محطات في حياة مديحة كامل    مصرع أب وطفله في حادث تصادم سيارة ملاكي و«سكوتر» بطريق المحلة – كفر الشيخ    تعرف على جوائز "دير جيست" والتشكيل الأفضل في الدوري المصري 2025    رسمياً بدء اختبارات قدرات جامعة الأزهر 2025.. ومؤشرات تنسيق الكليات للبنين و البنات علمي وأدبي    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة نيفين مسعد لحصولها على جائزة الدولة التقديرية    الفاصوليا ب 80 جنيهًا.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية اليوم الأحد 3 أغسطس 2025    4 أبراج على موعد مع الحظ اليوم: مجتهدون يشعرون بالثقة ويتمتعون بطاقة إيجابية    9 صور ترصد تكريم إمام عاشور رفقة كتاليا في حفل دير جيست    محامي وفاء عامر يكشف حقيقة مغادرتها البلاد    «زي النهارده».. وفاة الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي 3 أغسطس 1999    معيط: انخفاض الدين الخارجي لمصر وزيادة الاحتياطي الأجنبي مؤشر إيجابي    د.حماد عبدالله يكتب: المدابغ المصرية وإنهيار صناعة "الجلود" !!    "الدنيا ولا تستاهل".. رسالة مؤثرة من نجم بيراميدز بعد وفاة بونجا    بالصور.. رش وتطهير لجان انتخابات مجلس الشيوخ فى جنوب سيناء    مصرع 3 أشخاص وفقدان 4 آخرين إثر عاصفة مطيرة في منتجع شمالي الصين    مشروب صيفي شهير لكنه خطير على مرضى الكبد الدهني    استشاري يحذر من مخاطر إدمان الأطفال للهواتف المحمولة    تقضي على الأعراض المزعجة.. أفضل المشروبات لعلاج التهابات المثانة    وزير الأوقاف يشهد افتتاح دورة «مهارات التحفيظ وأساليب غرس الوطنية»    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسات إتاحة وتداول المعلومات
نشر في محيط يوم 02 - 09 - 2012


مركز "محيط" للدراسات السياسية والإستراتيجية
دكتور ماجد عثمان*

إن حق الإنسان في المعرفة هو أحد الحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 (المادة 19) ونص عليه العهد الدولى للحقوق السياسية والمدنية الصادر في عام 1966. وهذا الحق تم بلورته في إعلان المبادئ الصادر عن القمة العالمية لمجتمع المعلومات "بناء مجتمع المعلومات: تحد عالمي في الألفية الجديدة" عام 2003.

ويقصد بالمعلومات جميع البيانات الرقمية والنصية المحفوظة في شكل مطبوع أو مسموع أو مرئي ورقية كانت أو إلكترونية وما ينتج عنها نتيجة لعمليات حسابية أو إحصائية أو منطقية قام بانتاجها أى شخص طبيعي أو معنوى في الجهات العامة، ويشمل ذلك الوثائق الرسمية والعقود والبيانات المالية والإدارية وتقارير متابعة وتقييم المشروعات الممولة كلياً أو جزئياً من المال العام والملفات الإلكترونية الخاصة بالتعدادات والمسوح واستطلاعات الرأى العام الممولة من المال العام كلياً أو جزئياً.

ونعرض في هذه الورقة لمبررات استحداث إطار تشريعي ومؤسسي جديد في مصر يُحفز على إتاحة وتداول المعلومات، كما نتاول توصيفاً للبيئة المعلوماتية المستهدفة وملامح الإطار التشريعي والمؤسسي الملائم. ونأمل أن تسهم هذه الورقة في تعزيز الجهود التي تقوم بها المؤسسات الحكومية وغير الحكومية من أجل إفساح المجال حتى ترى التشريعات المحفزه على حرية تداول المعلومات للنور.

المبررات:

لا يعتبر الحديث عن حرية تداول المعلومات في هذه الفترة الحاسمة من تاريخ الوطن من قبيل الترف الفكري، بل وعلى العكس فإنه يعتبر من الأولويات التي يجب الانشغال بها باعتباره أحد أركان تحديث الدولة المصرية. وهناك عدد من المبررات يحفز على حرية تداول المعلومات في المجتمع المصري هي:

الاول : إن إعمال قواعد الحكم الرشيد لا يتحقق دون اعتبار أن الحق في الحصول السريع وغير المقيد على المعلومات هو حق أصيل من حقوق المواطنة.

وترسيخ حق المواطن في الحصول غير المقيد على المعلومات هو اللبنة الأساسية لإرساء قواعد الحكم الرشيد التي تشمل:

1) الشفافية التي تؤدي إلى تعزيز الثقة،

2) المساءلة التي تؤدي إلى ضبط الاداء الحكومي،

3) المشاركة التي تؤدي إلى تقوية الشعور بالانتماء للوطن،

4) والاستجابة التي تشعر المواطن بأنه في بؤرة الاهتمام.

ويجب أن تعمل مصر من أجل إرساء الإطار التشريعي والمؤسسي لتيسير نفاذ المواطن للمعلومات، لاسيما وأن أهداف ثورة 25 يناير لا يمكن تحقيقها في غياب منظومة للمعلومات والإحصاء تتسم بالشفافية وتنظر إلى إتاحة المعلومات للمواطن باعتبارها حقاً وليس منحة .

وباعتبارها أحد أدوات التمكين السياسي والاقتصادي للمواطن، سواء في مسائلة الأجهزة الحكومية أو في ترشيد استخدام الموارد المتاحة أو في تعظيم مردود المشروعات والبرامج التنموية.

الثاني : إن سياسات وبرامج تحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد واحترام حقوق الإنسان – وهي من أهداف ثورة 25 يناير – لا يمكن وضعها موضع التنفيذ ولا يمكن قياس مردودها ولا يمكن أن يتم مساءلة المسئولين عن تنفيذها دون توافر مناخ عام يعتبر إتاحة المعلومات هي الأصل وحجبها هو الاستثناء.

وينظر إلى المعلومات باعتبارها "سلعة عامة" من حق المواطن الحصول عليها في أقصر مدة زمنية وبأقل تكلفة مالية وبأعلى مستوى من الدقة والمهنية.

إن الهدف من حرية تداول المعلومات هو تحقيق نفاذ سريع وغير مقيد للمعلومات يُمكن المواطن المصري والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية من القيام بدور فاعل في المتابعة والمساءلة من أجل حياة أفضل يتمتع فيها المواطن بالحرية والكرامة ويحصل فيها على حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون تمييز.

كما أن تحقيق هذا النفاذ السريع وغير المقيد يحقق إدارة أفضل لبرامج التنمية تتسم بالكفاءة والفاعلية. واستحداث هذا المناخ يسهم في الوصول بمصر إلى مجتمع المعرفة ويسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وفي استعادة استثمارات وطنية تؤدي إلى الحد من معدلات البطالة التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة لاسيما بين الشباب.

الثالث : بالإضافة إلى ما سبق، فإن إتاحة وتداول المعلومات يمكن أن يؤدي إلى بناء الثقة بين شركاء الوطن من مؤسسات حكومية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات والقطاع الخاص والسلطة القضائية والسلطة التشريعية والأجهزة الرقابية والإعلام وهي ثقة انحسرت لسنوات طويلة وشكل غيابها عقبة لتحقيق التوافق حول القضايا التي تخص المصالح العليا للوطن.

كما أن هناك الكثير من المعلومات المتوفرة لدى بعض الجهات الحكومية والتي يمكن أن يسهم إتاحتها في تجنب أزمات طائفية (عدد الأقباط) أو في الحد من إهدار المال العام (توزيع الصحف القومية).

إن تحقيق انطلاقة في البحث العلمي لا يتحقق دون استحداث بيئة محفزة على تدفق للمعلومات ويشمل ذلك التوسع في جمع البيانات وتحليلها دون إقصاء أو احتكار واتخاذ كل الآليات التي تسمح بحفظ البيانات بطريقة تسمح باسترجاعها بسهولة ويسر من أجل إحداث التراكم المعرفي.

ويشمل ذلك البحث العلمي بكافة أنواعه وتطبيقاته. وعلى سبيل المثال، فإن تقييد جمع وتحليل ونشر البيانات والمعلومات في مجال أمراض نقص المناعة المكتسبة يعتبر عقبة في مجال التعرف على مدى انتشار هذه الأمراض وتطور معدلات الإصابة بها ويحول دون استخدام أساليب علم الوبائيات في التعامل السريع والفعال مع هذه الأمراض.

إلي جانب أن غياب المعلومات الدقيقة عن أسباب الوفاة يقف عقبة أمام معرفة التأثير النسبي للأمراض المعدية والمزمنة على حياة المواطنين، كما يتسبب في حوارات مجتمعية حول التأثيرات الصحية المحتملة المتصلة بانتاج واستيراد الغذاء وأنماط التغذية المستحدثة تفتقد للموضوعية ويغيب عنها النقاش المبني على القرائن ويكتنفها كثير من التهويل حيناً والتهوين أحياناً أخرى.

وعلى صعيد آخر، فإن عدم وضوح آليات استطلاعات الرأى العام وقياس الاتجاهات السياسية والدينية يترك كثير من الظواهر التي يموج بها المجتمع المصري بمنأى عن التحليل الاجتماعي والنفسي.

ويبدو الأمر أكثر خطورة في ظل آليات استطلاعات الرأى العام التي وظفت تكنولوجيا الاتصالات وتجاوزت بها حدود المكان على نحو يسمح لمؤسسات استطلاعات الرأى العام الدولية بالعمل بحرية دون أن تعطى المؤسسات الوطنية نفس الفرصة.

إن استحداث بيئة مواتية لإتاحة المعلومات للكافة ستساعد على قيام الإعلام بدوره في الرقابة المسئولة وفي إدارة حوارات مجتمعية متصلة بالشأن العام تتسم بالموضوعية.

وهذه البيئة ستصل بالإعلام المصري لدرجة أعلى من المهنية وستسمح بوضع المعايير الأخلاقية للممارسات الإعلامية موضع التنفيذ.

إن الحرية المسئولة في الإعلام لن ترى النور دون قيام مؤسسات الدولة بدور إيجابي في المبادرة باتاحة البيانات والمعلومات والوثائق للإعلام ودون الاستجابة السريعة للطلب على المعلومات الذي ينشأ من خلال ممارسة الإعلام لدوره في التقصي من أجل المساءلة وكشف الفساد.

ولا يجب أن يُنظر إلى إقرار إطار تشريعي ومؤسسي لحرية تداول المعلومات باعتباره الترياق الناجع للقضاء على الممارسات الإعلامية التي تتسم بعدم المهنية وإنما باعتباره شرطاً ضرورياً، ولكن غير كاف إذا لم تصاحبه على التوازى خطوات داخل المنظومة الإعلامية من الرقابة الذاتية المسئولة تسمح بمحاسبة المسئول عن التجاوزات الأخلاقية والمهنية دون شطط يُكمم الأفواه ودون تسيب يهدد الحريات.

تجدر الإشارة إلى أن إصدار تشريع ينص على حرية تداول المعلومات لن يتحقق على أرض الواقع ما لم يتم إحداث تغيير حقيقي في البيئة المعلوماتية الحالية.
وفيما يلي خصائص البيئة المعلوماتية المستهدفة:
·منظومة معلوماتية وإحصائية تسمح بالرقابة والمتابعة والتقييم وتسمح بحوارات مجتمعية مبنية على القرائن،
· ضمان أقصى درجات الإفصاح عن المعلومات الأساسية،
·الحفاظ على الوثائق وتنظيم إتاحتها،
·الحد من الاستثناءات وقصرها على الحالات الضرورية المتعلقة بسلامة المجتمع وأمنه،
· الحفاظ على خصوصية البيانات الشخصية،
· تيسير النفاذ للمعلومات بسرعة،
·ضمان آلية واضحة ومستقلة للبت في النزاعات المتعلقة بالحصول على المعلومات.

وحتى تتحقق هذه البيئة المعلوماتية هناك عدد من العناصر التي يجب أن تكون الحكومة مسئولة عنها لتحقيق نقلة نوعية في مجال حرية تداول المعلومات وهي:
· اعتبار أن الإتاحة الطوعية للمعلومات الأساسية للكافة وبدون مقابل مادي هو أحد مهام الجهات الحكومية واعتبار أن الاستجابة للطلبات المعلوماتية هو أحد معايير نجاح المؤسسات العامة.
· تحديد تكلفة معقولة مقابل الحصول على المعلومات التي تحتاج إلى تجهيز خاص بحيث لا تشكل عائقاً للنفاذ للمعلومات واعتبار أن الإتاحة المجانية أو بمقابل رمزي هي الأصل.
·حماية الأشخاص الذين يشاركون في إعداد أو نشر المعلومات التي تكشف ممارسات غير قانونية.
· تطوير النظام الإداري للمؤسسات الحكومية وتدريب الكوادر وتغيير الثقافة السائدة بما يسمح بضمان حرية تداول المعلومات.
·إصلاح الإطار المؤسسي للعمل الإحصائي واعتماد استراتيجية للعمل الاحصائي.
·التوسع في جمع البيانات التي تسمح بانتاج المؤشرات السياسية وعدم التضييق على الدراسات الاجتماعية والسياسية واستطلاعات الرأي العام التي تتناول موضوعات ذات صبغة سياسية أو دينية.
· تدرج في مستوى الإتاحة يأخذ في الاعتبار الإمكانات المتاحة مع الالتزام بخطة طويلة الأجل (لا تتجاوز 5 سنوات) للوصول إلى المستويات الدولية في الإتاحة.
·توظيف التكنولوجيات المتطورة لحفظ واستدعاء المعلومات بكل أنواعها على نحو يسهل النفاذ إلى المعلومات بيسر.

الإطار التشريعي المطلوب :
عند صياغة النص الدستوري الذي يتناول حرية تداول المعلومات أو عند صياغة القانون الخاص بحرية تداول المعلومات من المقترح أخذ هذه الاعتبارات في الحسبان:
· أن النفاذ للمعلومات حق وليس منحة،
· أن إتاحة المعلومات هي أحد أدوات التمكين السياسي والاقتصادي،
·أن المعلومات يجب إعتبارها "سلعة عامة" من حق كافة المواطنين الحصول عليها دون تمييز.

ويقترح أن ينص الدستور المصري الجديد على أن الحصول على المعلومات هو حق من حقوق المواطنة يكفله الدستور والقانون لكافة المواطنين دون تمييز باعتباره أحد أدوات التمكين السياسي والاقتصادي للمواطن. ومن الضروري أن ينص الدستور على أن إتاحة المعلومات الأساسية التي تمكن من إعمال المسائلة والإستجابة لطلبات المواطنين في الحصول على أية معلومات إضافية هو مسئولية أجهزة الدولة، كما يقترح أن ينص الدستور على المبادئ العامة التي تنظم قواعد إتاحة المعلومات وعلى الاستثناءات المتعلقة بالمعلومات التي يهدد تداولها سلامة المجتمع وأمنه أو فيما يتعلق بالحفاظ على خصوصية البيانات الشخصية.

ومن الأهمية بمكان أن تولي السلطة التشريعية اهتماماً خاصاً بإصدار قانون يكفل حرية تداول المعلومات. وفي ضوء الازدحام المتوقع للأجندة التشريعية في هذه المرحلة الدقيقة التي يرسم فيها المصريون طريق المستقبل يجب أن يأخذ قانون حرية تداول المعلومات أولوية لارتباطه كما سبق أن أوضحنا بنجاح سياسات مكافحة الفساد واحترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية وهي أهداف أجمع الشعب عليها ونادى بها كمطالب أساسية لثورة 25 يناير. وتجدر الإشارة إلى أن عدد الدول التي أصدرت قوانين تكفل حرية تداول المعلومات تجاوز تسعون دولة في يناير 2012، وقد سبقتنا دول نامية عديدة منها الصين والهند والبرازيل وتشيلي والمكسيك وبيرو وأندونسيا وتايلند وباكستان وتركيا بالإضافة إلى 8 دول أفريقية منها جنوب أفريقيا ونيجريا وأثيوبيا.

ومن المهم أن يصدر القانون بحيث يساعد على حرية تداول المعلومات لا أن يقنن القيود القائمة حالياً (وهو ما حدث في بعض الدول)، وأن يراعى الحفاظ على خصوصية البيانات الشخصية وأن يقف موقف يتسم بالواقعية والحداثة من بعض اعتبارات الأمن القومي التي تجاوزتها التكنولوجيات الحديثة. ومن الضروري أن ينظر القانون إلى المعلومات باعتبارها آداة لتمكين المواطن مع تنظيم الاستثناءات الضرورية للحفاظ على أمن المجتمع لاسيما فيما يتعلق بالمعلومات العسكرية أو الاستخباراتية دون التوسع في الاستثناءات بشكل غير مبرر ووضع آليات واضحة وشفافة ومحايدة لتنظيم البت السريع في النزاعات المتعلقة بإتاحة المعلومات.


الإطار المؤسسي المنشود :
من المهم أن يتم استحداث إطار مؤسسي يكون مسئولاً عن اتخاذ الإجراءات التي من شأنها ضمان حرية تداول المعلومات، ويُقترح استحداث مفوض عام للمعلومات يعينه رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من مجلس الشعب (أو مجلس الشورى)، على أن يرأس هيئة يتم استحداثها للقيام بكل ما من شأنه ضمان حرية تداول المعلومات بما في ذلك:

1) رسم سياسات إتاحة المعلومات والإحصاءات،

2) مراقبة أداء الأجهزة الحكومية في الالتزام بقواعد تداول المعلومات،

3) إصدار تقارير دورية معلنة لتقييم أداء الأجهزة الحكومية ومدى إلتزامها بقوانين تداول المعلومات،

4) تعريف المواطن بحقوقه في الحصول على المعلومات،

5) تحديد آليات البت في النزاعات المتعلقة بالحصول على المعلومات،

6) وضع سياسات التدريب للعاملين في مجال إتاحة المعلومات،

7) تقديم التوصيات التي من شأنها بناء ثقافة مواتية لتداول المعلومات.

ويكون لهذه الهيئة مجلس أمناء يختاره مجلس الشعب (أو الشورى) من عدد من الخبراء والشخصيات العامة المشهود لها بالكفاءة والمهنية ويكون رئيس الهيئة ومجلس الأمناء غير قابلين للعزل إلا بموافقة أكثر من نصف أعضاء مجلس الشعب (أو الشورى).

وفي النهاية، فإن الفترة الزمنية الفارقة التي يمر بها الوطن يجب ألا تمضي دون اتخاذ السبل التي تضمن للمصريين حياة حرة كريمة تسودها العدالة الإجتماعية والإنصاف في توزيع الثروة، يشعر فيها كل مواطن بالانتماء، يثق في مؤسساته ويمارس دوره في مساءلتها، يسانده في ذلك إعلام يطرح الحقائق بموضوعية ومهنية. وكل ذلك لن يتحقق إلا في بيئة تسودها الشفافية تعتبر إتاحة المعلومات هي الأصل وتحفز المواطن على استخدام حقه في الحصول على المعلومات.

ولن يتأتى ذلك إلا بنص دستوري وقانون يضمن تداول المعلومات باعتبارها حقاً أصيلاً من حقوق المواطن وأحد ركائز تحديث الدولة المصرية وإرساء قواعد الحكم الرشيد.


المراجع:
1) أحمد درويش، ماجد عثمان، معتز سلامة، محسن يوسف (2009) حرية تداول المعلومات في مصر. مكتبة الإسكندرية.
2) طوبي منديل (2008) حرية المعلومات: مسح قانوني مقارن. منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.
3) قانون الحق في المعلومات (رقم 22 لسنة 2005). الهند.
4) قانون ضمان حق الحصول على المعلومات (رقم 47 لسنة 2007). المملكة الأردنية الهاشمية.
5) مقترح نص دستوري للحق في الحصول على المعلومات واقتراح بمشروع قانون تنفياً له. نجاد البرعي.

*أستاذ الإحصاء، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.