تعد البيانات والمعلومات الركيزة الأساسية لدعم صانعي ومتخذي القرار, سواء علي المستوي الحكومي أو علي مستوي قطاع الأعمال والمجتمع المدني كشركاء في التنمية. لتحقيق التطور المنشود لكافة الأنشطة والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. بل إن توفير البيانات والمعلومات ذات الجودة العالية لم يعد ضرورة فقط, وانما أضحي أمرا تلقائيا في ظل ما تفرضه المستجدات علي الساحتين الاقليمية والعالمية, خاصة بعد ما شهده العالم من تطور تكنولوجيا الاتصالات وثورة المعلومات. ومن ثم فقد أصبح من الطبيعي أن تقل سيطرة الدولة بأجهزتها الرسمية علي مدي انتاج وتدفق هذه المعلومات, بعدما تغير المفهوم التقليدي لدور الدولة بما يقتصر علي تعظيم وتنظيم الاستفادة من تلك المعلومات والبيانات والحيلولة دون اساءة استخدامها بما يتعارض مع الصالح العام أو الخصوصية. ويأتي هذا المقال المعني لتطوير سياسات الافصاح والتداول والانتاج للمعلونات والبيانات في المجتمع المصري, تأكيدا علي حقوق المواطنة والحرص علي ازالة المعوقات التي تعترض طريق الممارسة الديمقراطية, وتأمينا لحق المواطن في الحصول علي المعلومات والبيانات الشاملة في التوقيت المناسب بسهولة ويسر, وأيضا تماشيا مع ما شهده العالم من تطور في تجميع وفهرسة البيانات والمعلومات لتواكب ما تحقق في مجال تكنولوجيا المعلومات تعد اتاحة البيانات والاحصاءات حقا أصيلا للمجتمعات والشعوب, وهذا ما تم اعلانه في القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي عقدت بجنيف في ديسمبر2003, والتي تم التركيز فيها علي الالتزام ببناء مجتمعات تتاح فيها لكل فرد حرية استحداث المعلومات والمعرفة والنفاذ إليها والاستفادة منها وتقاسمها, ونشرها لتمكين الأفراد والمجتمعات والشعوب علي تحسين نوعية الحياة وتحقيق امكاناتهم الكاملة, لذلك ومنذ هذا التاريخ أصبحت اتاحة المعلومات ونشرها هي عملية اجتماعية وحاجة انسانية أساسية, بل وتعد أساسا لكل أشكال التنظيم الاجتماعي. ومن هنا جاءت ضرورة اصدار قانون ينظم حرية الافصاح وتداول البيانات والمعلومات في مصر, بما يؤكد عناصر الشفافية وامكانية الوصول للبيانات, وانسياب المعلومات بمختلف المستويات باعتبارها ترتبط بشكل مباشر بحرية التعبير التي يكفلها الدستور وتشكل ركيزة أساسية لحقوق الانسان. يرتبط اصدار هذا القانون ونجاحه في تحقيق أهداف بوجود نظام قومي للاحصاء والمعلومات يتسم بالاستقلالية والكفاءة والفاعلية والقدرة علي توفير البيانات المطلوبة, ذات الجودة العالية, وفقا لاحتياجات المستخدمين المتعددة وفي التوقيت المناسب, وبالتالي فإنه من الضروري تبني استراتيجية متكاملة لاعادة تنظيم وهيكلة النظام الوطني للاحصاء والمعلومات بما يحقق المرتكزات السابقة والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة مع العمل علي تهيئة المناخ المناسب الذي يسمح للنظام للاحتياجات المتجددة وبناء جسور الثقة مع مستخدمي البيانات. وتمثل الفترة الحالية التوقيت المناسب لاعادة تنظيم وهيكلة النظام الوطني نظرا للأهمية المتزايدة لعناصر الشفافية وحرية تداول البيانات والمعلومات, وتأثيراتها الواضحة علي نجاح سياسات الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي, ويرتبط ذلك بالحاجة الماسة لمعالجة التحديات والسلبيات التي تواجه النظام الاحصائي الوطني في مصر. وأهم ما تناولته الدراسات في مجال الافصاح عن البيانات والمعلومات هو, ان الهدف من الافصاح دعم صانع القرار علي المستوي الحكومي أو علي مستوي القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني. والزام الأجهزة المختلفة بتوفير البيانات بالتفاصيل اللازمة في ضوء معايير تلتزم بها هذه الجهات, والتأكيد علي مصداقية البيانات والمعلومات. كذلك الأخذ في الاعتبار تجارب الدول في التعامل مع تنظيم الافصاح عن البيانات والمعلومات. وتطوير المناخ التشريعي لتنظيم الافصاح عن البيانات والمعلومات بما يحقق الثقة في المعاملات والتداول والتنظيم, ويؤكد حق كل مواطن في الحصول علي البيانات والمعلومات. علاوة علي وضع آلية الحصول علي البيان أو المعلومة ونوعية ما يفصح عنه وما يستثني من الافصاح والمسئول المخاطب بالجهة, وكذلك أسلوب العمل في حالة عدم الافصاح أو البيانات غير السليمة أو فترات تأخير الحصول علي البيان أو المعلومة. فضلا عن السماح لأي فرد في الحصول علي المعلومات, ولا يشترط أن يقدم الطالب سببا للحصول علي المعلومات, ولا يمنع ذلك من ضرورة وجود قواعد واضحة للمدة الزمنية والرسوم المطلوبة لاستجابة الجهة لطلب الحصول علي البيان أو المعلومة ووضع معايير لحماية الحق في الخصوصية والاجابة عن علم. مبررات اعداد مشروع لقانون الافصاح: تتسم منظومة البيانات والمعلومات بعدم الانتظام والدقة والشمولية وتناقض بعض البيانات وعدم اتباع المعايير الدولية الخاصة بالجودة, مما أدي إلي تراجع الثقة فيما ينشر, وعدم تحقيق الشفافية ومباديء المحاسبة والمساءلة. والتأكيد علي حق كل شخص في الحصول علي البيانات والمعلومات وتشجيع الافصاح للصالح العام وتوفير الآليات الفعالة لضمان ذلك الحق وحتي نجعل الافصاح هو الأصل وعدم الافصاح هو الاستثناء. والأخذ بنظام اللامركزية في توفير البيانات والمعلومات, بالاضافة إلي تنظيم مجتمع نشر المعلومات وترابطه ومنع تضارب واختلاف الأرقام بين الجهات المختلفة.