أ ش أ - تحل غدا الاثنين الذكرى الثامنة لصدور فتوى محكمة العدل الدولية بشأن الجدار الاسرائيلى العازل فى الاراضى المحتلة ففى مثل هذا اليوم من عام 2004 قررت محكمة العدل الدولية ان تشييد اسرائيل للجدار فى الضفة الغربية بما فيها القدسالشرقية يعد انتهاكا لعدد من الالتزامات ورأت ضرورة هدم الجدار فورا. هذا الجدار يهدف الى تقسيم السكان على اساس عرقى وذلك من خلال وضع الفلسطينيين فى معازل خاصة تفصلهم عن الاسرائيليين وهو ما يعتبر أبشع طرق الفصل العنصرى و يخالف نص المادة 47 من اتفاقية جنيف بشأن حماية الاشخاص المدنيين فى وقت الحرب واستنادا لهذه المادة فان الاوامر العسكرية وبناء الجدار الفاصل هى خرق للمبادىء الاساسية للقانون الدولى الانسانى وحقوق الانسان .
كما يهدف الجدار الاسرائيلى الى فرض حقائق على الارض بحيث يلتهم أكثر من 40% من اجمالى مساحة الضفة الغربية من جهه ويعمل على جعل المدن والقرى والمخيمات فى الضفة كانتونات معزولة ديمغرافيا وجغرافيا .
ومن هنا جاء تأثير الجدار على حياة 210 الاف من الفلسطينيين الذين يقطنون 67 قرية ومدينة بالضفة حيث ان 13 تجمعا سكانيا يجدون انفسهم سجناء فى المنطقة ما بين الخط الاخضر والجدار العازل .
ويشير المحللون الى ان هذا الجدار يستلزم مصادرة وتدمير اراض زراعية واسعة لمواطنين بما يعتبر عقابا جماعيا محرما بمقتضى اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التى وقعت عليها اسرائيل . كذلك اعتبرت المادة 52 من اتفاقية لاهاى لعام 1907 ان ضم الاراضى المحتلة الى اراضى دولة الاحتلال يعد محرما ومخالفا للاعراف والمواثيق الدولية.
ويؤكد المحللون ضرورة العمل بشكل سريع من اجل تفعيل فتوى محكمة العدل الدولية فى لاهاى حيث أن المحكمة أقرت بأن بناء الجدار العازل غير قانونى ويجب ازالته من الاراضى الفلسطينية المحتلة وبتغيير النهج الفلسطينى الراهن واوله استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية التى هى اول مقومات النجاح فبدونها سيضل النضال الفلسطينى الطريق الى غايته المنشودة ويستمر الدوران فى حلقة مفرغة.
والمطلوب اذن من الفلسطينيين، كما يقول محللون، اعادة بناء مجالهم الوطنى المجتمعى والسياسى واعادة الاعتبار لحركتهم الوطنية كحركة تحرر وطنى وايجاد نوع من التميز بين هذه الحركة والسلطة والتأسيس لثقافة وطنية تحررية وديمقراطية.
ويمثل الجدار جزءا من آمال الاستيطان التى تتعارض مع احكام المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التى تحظر قيام قوات الاحتلال بنقل مواطنيها الى الاراضى المحتلة .
وتشير الدراسات الى ان النشاطات الاستيطانية الاسرائيلية منذ عام 1967 وحتى بداية 2012 ادت الى بناء 151 مستوطنة اسرائيلية فى الضفة الغربية تستحوذ على 350 الف مستوطن اسرائيلى ناهيك عن 26 مستوطنة تلف القدس بطوقين من المستوطنات ويتركز فيها أكثر من 180 الف مستوطن اسرائيلى .
وقد صادرت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة اكثر من 40% من مساحة الضفة الغربية لمصلحة انشاء المستوطنات والطرق الالتفافية التى تربط بينها بالاضافة الى سيطرة اسرائيلية على اكثر من 80% من مساحة مدينة القدس وقد اتبعت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1967 سياسات محددة لمواجهة القوانين الدولية التى تؤكد عدم شرعية النشاطات الاستيطانية وذلك بالاطباق على الارض الفلسطينية وشرعنة بناء المستوطنات عليها.
وبناء على قرارات المنظمات الدولية وآخرها قرار مجلس حقوق الانسان الذى اشار الى ان استمرار الاستيطان الاسرائيلى هو انتهاك للقانون الدولى اصبح الامر يتطلب فى رأى المحللين تبنى خطاب سياسى فلسطينى جديد يطالب بتفكيك المستوطنات وليس تجميدها خاصة ان القرارات الدولية تؤكد ان المستوطنات تمثل عقبة رئيسية امام تحقيق السلام العادل والشامل وانشاء الدولة الفلسطينية القابلة للحياة ذات السيادة على الارض والموارد الطبيعية فى الوقت نفسه.
وتعتقد أغلبية من الطرفين 58% من الاسرائيليين و 55% من الفلسطينيين ان حل الدولتين سيفشل بسبب البناء الاستيطانى وذلك طبقا لآخر استطلاع مشترك للرأى العام الفلسطينى والاسرائيلى كما أشارت هذه الاستطلاعات الى أن غالبية من الاسرائيليين 71% والفلسطينيين 68% يعتقدون بأن فرص قيام دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل خلال السنوات الخمس القادمة ضئيلة او منعدمة.
وازاء ما يحدث فى الاراضى المحتلة دق مركز أبحاث القدس ناقوس الخطر بالتحذير بأنه فى حال استمرار التقاعس الدولى ازاء يجرى من تعديات وسلب لابسط حقوق المقدسيين سيأتى يوم لن يبقى من القدس ما يمكن التفاوض علية وهو ما يتذر بانفجار لا تحمد عقباه.
ويعتبر القانون الدولى القدسالشرقية جزءا من الاراضى الفلسطينية المحتلة وهو ما أعادت التأكيد عليه عام 2004 محكمة العدل الدولية فى فتواها حول الآثار المترتبة عن بناء الجدار العازل كما ان معاهدة جنيف و اسرائيل طرف فيها، تجيز للقوة المحتلة تقييد حرية الحركة والسكن للسكان فقط من اجل حمايتهم او للضرورات العسكرية ولذا يقع على عاتق الدول الاطراف فى المعاهدة ،فى رأى المحللين، تقديم المساعدة للم شمل الاسر التى فرقتها الحروب كما ان حقوق الاشخاص بالمغادرة والعودة الى بلادهم مكفولة فى الاعلان العالمى لحقوق الانسان المادة 13 وفى العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذى وقعته اسرائيل.
وحتى الآن لم تأخذ هذه الفتوى طريقها للتطبيق مما حدا بتحرك جماعى عربى متمثلا فيما قدمته المجموعة العربية فى الاممالمتحدة من مشروع قرار الى مجلس الامن يدين بناء دولة الاحتلال الاسرائيلى لجدار العزل والضم فوق الاراضى الفلسطينية المحتلة ويطالب بايقاف البناء وازالة ما تم بناؤه الا ان الموقف الامريكى عارض مشروع القرار مستخدما حق الفيتو ضد المشروع.
هذا الموقف المنحاز ادى الى اتجاه الدول العربية الى الجمعية العامة للامم المتحدة فى اطار ما يسمى الاتحاد من اجل السلام فتجسدت الشرعية الدولية فى صدور القرار رقم 10/ 13 / فى اكتوبر 2003 والذى طالبت فيه الجمعية العامة للامم المتحدة دولة الاحتلال الاسرائيلى بايقاف بناء الجدار وازالة ما تم بناؤه وبين القرار ان ما قامت به اسرائيل يعتبر اخلالا بخط الهدنة وفى 24 نوفمبر 2003 تقدم السكرتير العام للامم المتحدة بتقرير افاد فيه بعدم امتثال دولة الاحتلال الاسرائيلى للقرار.