ما أثقل ساعات الانتظار وما أطولها, مرت وكأنها دهرا ، وأخيرا دقت ساعة الانتصار لتعلن نجاح الثورة ومرشحها الدكتور محمد مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية, كأول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد. طوت عقارب الساعة صفحة سوداء من تاريخ مصر لطخت بدماء الشهداء والمصابين في كافة الميادين عندما خرج الشعب عن بكرة أبيه ضد الظلم والفساد والمحسوبية ، ضد نظام استبد واستعبد شعبه لأكثر من 30 عاما . وفور إعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية الفائز بالانتخابات الرئاسية ، تعالت صيحات المصريين مرددين " الله أكبر " ، وانطلقت الملايين صوب الميادين الرئيسية في كل محافظات مصر رغم حرارة الجو للاحتفال بالرئيس الجديد الذي اختاره الشعب بإرادته. لم يكن الأمر مفاجأة للثوار ومؤيدي الدكتور مرسي بميدان التحرير الذين يرابطون لليوم الخامس على التوالي من أجل المطالبة بإعلان فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية ورفض الإعلان الدستوري المكمل وحل مجلس الشعب وتطبيق قانون الضبطية القضائية لإفراد الشرطة العسكرية, فقد جاء الإعلان عن فوز الدكتور مرسي بمثابة توثيق لاحتفالاتهم المستمرة وتأكيدا للحق والعدل والإرادة الشعبية . ويرى المراقبون ، أن قضاء مصر الشامخ ، لم يخذل الشعب ولم يخيب ثقة المصريين في عدالته وانحيازه للحق ، دون اعتبارات سياسية أو غيرها وأشار مراقبون, إلى أن الأيام الماضية التي سبقت إعلان النتيجة الرسمية للانتخابات الرئاسية اليوم شهدت شائعات حاولت النيل من عزيمة الشعب الواثق في عدالة السماء في محاولات يائسة للانحراف بتيار الثورة عن مساره السلمي، فيما سرت تخوفات عبر الرسائل القصيرة التي بثت من خلال الهواتف النقالة ومواقع الانترنت ، إلا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان واثقا من وقوفه على مسافة واحدة من كلا المرشحين وأنه حامي الثورة بكل ما في الكلمة من معنى . وجاءت نتيجة الانتخابات الرئاسية الرسمية التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات, بعد إن استعرضت كل ملابسات العملية الانتخابية والفصل في الطعون، لتثلج قلوب معظم المصريين وخاصة أسر الشهداء والمصابين، وسلاما على الأرواح الطاهرة للشهداء التي تحلق في سماء ميدان التحرير وكافة ميادين مصر التي شهدت بطولاتهم التي سطرها التاريخ بحروف من نور، لتشاركهم فرحتهم .
وشهد ميدان التحرير وباقي ميادين الجمهورية فرحة عارمة, عقب الإعلان عن فوز الدكتور محمد مرسى بنسبة 73 ,51 في المائة مقابل 27 ,48 في المائة لمنافسه أحمد شفيق، فيما عمت كرنفالات احتفالية في لوحات فنية رائعة اختلطت فيها دموع الفرح والتكبيرات مع الأغاني الوطنية وأصوات الشماريخ التي أطلقها شباب " الألتراس".
ويترقب المراقبون, أن يبادر الدكتور محمد مرسي خلال ساعات ببث رسالة طمأنينة إلى الشعب بمختلف أطيافه وألوانه السياسية والدينية في كلمة يوجهها إلى الأمة, ليؤكد لمن اختلف معه قبل مؤيديه أنه رئيسا لكل المصريين يرعى مصالحهم وأمنهم ولقمة عيشهم .