أسدل ميدان التحرير اليوم الجمعة الستار على مسلسل مليونيات ما قبل الرئيس الجديد، وشهدت الجمعة الأخيرة السابقة لانتخابات الرئاسة 2012 غياب المليونيات عن ذلك الميدان، التى أكسبته شهرة عالمية وجعلت منه قبلة للزائرين والسائحين، وانحاز الميدان اليوم للهدوء ولانتظار خطوة مصيرية للعمل من أجل استقرار البلاد.. ووضع نهاية سارة للمليونيات بانتخاب رئيس مصرى جديد يلبي مطالب تلك المليونيات التي تعبر عن احتياجات الشعب. بدأت أولى الحلقات في المسلسل في يناير 2011 من ميدان التحرير، وانتهى في ميدان العباسية يوم 4 مايو الحالى .. وما بين المليونية الأولى والأخيرة فارق كبير، فالأولى نادى أبطالها فيها بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ورحيل النظام، فيما استهدفت الاخيرة كسر هيبة الدولة والنيل من جيشها والأهم هو التحريض على الثورة الثانية.
ما يقرب من 65 مليونية حمل كل منها أسما مميزا .. مليونية " أنا محستش بالتغيير ونازل تاني التحرير "، و مليونية "انقاذ ثورة مصر " ومليونية "لا للطوارىء ولا للمجلس العسكرى" ومليونية "رد الشرف "، و مليونية "لم الشمل " و مليونية "حماية الثورة "، ومليونية "انقاذ الثورة وتقرير المصير"، ومليونية " دستور لكل مواطن "، و" جمعة الرحيل " ، وجمعة الحداد، ومليونية "العزة والكرامة".
تتابعت المليونيات فأتت بثمارها على مدى حوالى 50 مليونية اقيمت فى العام الأول من الثورة فيما لم يفز أحد من الداعين للمليونيات التى نظمت على مدى الشهور الخمس الاولى من العام الحالى ، لأنها لم تقام لتدعيم أو تحقيق مصلحة وطنية بعينها، بل استهدف معظمها القضاء على ثقافة الصمت ، والتعبير عن الرأى والرغبة المشتركة بين جميع الائتلافات والتيارات السياسية ، التى غاب بعضها عن الميدان .
ما حدث في العباسية في ختام ملسلسل المليونيات يوم الجمعة 4 مايو كان وصمة في جبينها فالأمر فيها لم يتعلق بعرض مطالب المواطن المصرى كما حدث فى بداية الثورة أو تعديل مادة فى الدستور أو حتى إقالة حكومة الجنزورى .
ألقت الانتخابات الرئاسية بظلالها على ميدان التحرير، فعلت صور المرشحين على مبانيه، واتسم اليوم بالهدوء وباتت ملامحه مختلفة تماما عن أيام " الجمع " السابقة، واختفت الاعتصامات والمليونيات، وخلى الميدان من الخيام الا قليل، واتسمت حركة المرور بالهدوء والسيولة بعد إزالة المنصات الخاصة بإقامة المليونيات.
والهدوء النسبي الذي اتسم به ميدان التحرير لم يخلو من بعض الصور السلبية التي تشوه مشهده، حيث تصدر عدد من الباعة الجائلين المشهد ، واتخذوا من الحديقة الوسطى مقرا لمقاهيهم ، بالاضافة الى وجود بضعة خيام بأرجاء الميدان .
المشهد الحالى لميدان التحرير يشير الى أن تحديد يوم الأربعاء القادم موعدا للانتخابات الرئاسية المصرية يحظى بقبول وارتياح حيث شكل برهانا واضحا على صدق جهود ونوايا المجلس العسكري المبذولة للانتقال السلمي للسلطة لرئيس مدني وإعادة بناء الدولة مما يزيد من زاوية الانفراج ويشير الى أن مصر على الطريق الصحيح.
استخلاص الدروس من الأزمات يتيح الفرصة للرئيس القادم - للعمل على إحداث تغيير بناء للاصلاح والتجديد، وتبنى مسارات جديدة نحو التنمية المستدامة، ومواجهة قضايا العدل الاجتماعى ، وانتهاكات حقوق الانسان - قبل أن ينتهى شهر العسل بين الشعب والرئيس، ويعودون مرة أخرى لميدان التحرير ملوحين بالرغبة فى تنحيه.