حذر عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة استشاري الأطفال وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس الدكتور مجدي بدران من خطورة انتشار مرض الربو المهني الذي يعد مشكلة صحية عامة تقلق العالم حاليا ، مؤكدا أن نسبة انتشاره أعلى في العالم الثالث حيث التلوث البيئي أكثر والوقاية أقل . ووجه بدران الدعوة بأن يكون احتفال مصر هذا العام بعيد العمال مناسبة للاهتمام بصحة عمال مصر بعد الثورة للعمل والاهتمام بمشكلة "الربو المهني" التي تنتشر أيضا بين الأطفال العاملين وأطفال بعض المهن ،مؤكدا أن من حق المصابين بهذا المرض التمتع بحياة أفضل و أن يقوموا بدورهم في المجتمع .
وقال بدران "إنه سيوجه هذه الدعوة غدا "الأحد" خلال ندوته التي يستضيفها قصر ثقافة مصر الجديدة وتحمل عنوان "الربو المهني"، مشيرا إلى أن الندوة ستطرق إلى عشرة عناصر تدور حول الربو كوباء عالمي والعلاقة بين الربو المهني والطفولة و الجنين ومهنة الوالدين و ربو الأطفال واثر عمالة الأطفال على الإصابة بالربو وتلوث الهواء و الأماكن المغلقة و الغبار النباتي والحيوانات والأتربة والربو المهني وكيفية التعايش مع الربو.
وأشار بدران إلى أن الربو المهني هو ربو شعبي ينجم عن التعرض لمادة ما في مكان العمل تسبب حساسية الصدر و يبدأ بعد فترة زمنية من العمل تتباين بين الأفراد وتختلف حسب الاستعداد الوراثي وكمية ونوعية المواد التحسسية في بيئة العمل .
وأكد على أن الدراسات الحديثة كشفت أن مهنة الأبوين خاصة الأم لها دور في إصابة الأطفال بحساسية الصدر ، فأولاد الخبازين والحلاقين وعمال البناء يتعرضون للعديد من مسببات الحساسية مثل الدقيق أو الأصباغ أو الروائح وبكميات كبيرة خاصة عند تواجدهم في بيئة عمل الوالدين ، وأن الجنين يتعرض وهو في رحم الأم لبعض المواد مثل مخلفات التبغ و المطاط و المبيدات الحيوية ومضادات الفطريات و غبار دقيق القمح ،ويزيد التدخين السلبي للأجنة من احتمالات الإصابة بالمرض ويحرمهم في مرحلة الطفولة من القدرة على مكافحة الالتهابات والملوثات البيئية، واستجابة الجسم للجرعات المعتادة من الدواء .
وقال بدران إن الربو الشعبي هو وباء القرن الواحد والعشرين حيث يصيب من 10- 15 في المائة من البشر أي أن هناك 300 مليون إنسان لديهم ربو حاليا في العالم، وأن معدلات الإصابة به تزداد 5 في المائة سنويا.
وتابع أن الإصابة بالربو المهني تنشأ نتيجة التعرض للأبخرة الكيماوية كأبخرة النيكل والكروميوم والسبائك المعدنية وأبخرة مصانع البلاستيك والطلاء ، مواد التعبئة والحفظ ومكسبات الطعم واللون والرائحة و المواد اللاصقة ،وكذلك التعرض للغبار الناتج من التعامل مع النباتات في الصناعة أو الزراعة من خلال التجهيز خاصة بالتقشير أو الطحن أو الخلط أو التعبئة.
وأشار إلى أن أكثر الفئات تعرضا للإصابة بمرض الربو الشعبي هم قاطعي الأشجار و صناع الأثاث والعاملون في مزارع الحيوانات والخيول وحدائق الحيوانات و رعاة الغنم و البيطريين و مهندسي الديكور ومربى الكلاب والقطط والفرسان والعاملون في دباغة الجلود.. مشيرا إلى أنه أكثر شيوعا بين الفرانين والطهاة الذين يتعرضون للدقيق وإنزيمات الخميرة الصناعية .
وأكد على أن علاقة الربو المهني بالطفولة ترجع لانتشار ظاهرة عمالة الأطفال التي تعد من أخطر القضايا العالمية في عالم الطفولة حاليا حيث يتم استغلال 16 في المائة من أطفال العالم بين سن الخامسة والسابعة عشرة في سوق العمل ، وتقدر منظمة العمل الدولية عدد الأطفال العاملين في العالم حاليا بحوالي 250مليون طفل منهم حوالي 120 مليون طفل منهم يعملون طوال الوقت ، ولا يستطيع هؤلاء التعرف على مخاطر المهن التي يضطرون لامتهانها ولا يمكنهم غالبا الاعتراض حتى لو اكتشفوا تلك المخاطر وهم غير مسجلين كعمال و يحرمون غالبا من الرعاية الصحية فيتأخر تشخيص و علاج الربو المهني لديهم.
وقال إن العمل في المحاجر الذي يجتذب الأطفال لارتفاع يومية العمل فيها مقارنة بالعمل في المزارع أو المصانع يعد الأخطر على الإطلاق فى اصابتهم بالربو الشعبى لأنهم يستنشقون الهواء الملوث بغبار المحاجر و يتعرضون لساعات طويلة لها.
ونبه إلى ضرورة منع التدخين في أماكن العمل للحفاظ على صحة العمال حيث يحتوى التبغ على 5000 مادة سامة تنبعث أثناء التدخين وتهدد العمال في أماكن العمل بالعديد من السرطانات والأمراض المزمنة والوفاة المبكرة.
وأكد إمكانية التعايش مع الربو ويبدأ ذلك بالاعتراف بوجود المرض والالتزام بخطة العلاج ، مشيرا إلى أن اكتساب مهارة التعايش مع "الربو المهني" سوف تزيد من إنتاج الوطن وتحسن من نمط الحياة .