دعا خبراء اقتصاديون الى ضرورة تشديد الرقابة على السوق والتصدى لعصابات جرائم تزييف وتزوير العملة فى مصر خاصة بعد الثورة، والتى اتخذت التقدم التكنولوجي والوسائل الحديثة سلاحا لتنفيذ أغراضها، فى الوقت الذى تعانى منه أجهزة الدولة من عدم تحديث نظم طباعة العملات، وتخلفها عن مواكبة التطورات العالمية. ولعل قمة "إنقاذ العالم من التزوير والتزييف وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب"، التي تستضيفها القاهرة على مدار يومين، تعيد فتح ملف انتشار مافيا تزييف وتزوير العملات بمصر، بعد ثورة 25 يناير، التي قدر الخبراء حجم نشاطها غير المشروع بنحو ملياري دولار، وفقا للأهرام.
يقول الدكتور أسامة عبد الخالق، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس والخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية، إن انتشار عمليات تزوير وتزييف العملات" بعد الثورة شيء طبيعي في ظل المرحلة الانتقالية، التي نمر بها والغياب الكامل للرقابة وأجهزة الدولة بجانب الانفلات الأمني، مشيراً إلى أن تلك الأوضاع ستستمر لمدة 6 أشهر مقبلة على الأقل.
وأوضح أنه لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة تتعلق بتزييف وتزوير العملات بأي وزارة أو هيئة في مصر، موضحًا أن جانب كبير من عمليات التزوير تتم عبر شبكة الإنترنت، ولا توجد رقابة عليها، كما أنها تعتبر مشكلة عالمية تعاني منها معظم دول العالم.
ولفت إلى أن وجود رقابة من الدول وعقاب رادع يقضي علي تلك الظاهرة، مقدرًا حجم عمليات تزوير وتزييف العملات بمصر بما يقارب الملياري دولار، وذلك قياسًا بحجم عمليات التهريب التي تتم عبر شبكة الإنترنت.
أما أشرف شحاتة، مدير المركز العربي للنزاهة والشفافية، فيشير إلى أن الفترة الأخيرة شهدت انتشارًا كبيرًا بجرائم التزييف والتزوير، مضيفًا: قبل الثورة كان الحصول على طابعة الليزر الألوان التي يمكن استخدامها في تزوير العملات، يتطلب موافقة من جهاز أمن الدولة، إلا أنه بعد ثورة يناير دخلت كميات مهولة من تلك الطابعات مصر بدون قيود.
ولفت إلى انخفاض أسعار تلك الطابعات بالسوق المحلية لتبلغ 3 آلاف جنيه، الأمر الذي يوحى بالاستغراب، حول توقف الإجراءات الأمنية التي كانت متبعة بشأنها وتصل إلى أخذ بصمة الطابعة بما يمكن من تتبعها وضبطها حال إصدار عملات مزورة عبرها،
وقدّر شحاتة حجم عمليات تزوير وتزييف الأموال بمصر بعد الثورة بنحو ملياري دولار أيضًا، معتبرًا عصابات "تخليق الدولار"، التي يتورط فيها بعض أفارقة بمصر، لا تدخل ضمن جرائم تزييف العملات باعتبارها عمليات نصب.
وكشف عمرو موسى، مدير إدارة المراجعة الداخلية للبنك المركزي سابقًا، أن بعض فروع البنوك بالأقاليم تتعرض للخداع فيما يتعلق بالعملات المزورة، بسبب ما أسماه ب "تفكيك" نظم الدفع بعهد النظام السابق، والتي هدف من ورائها لتخريب القطاع النقدي وتسهيل عمليات نهب الأموال.
وأضاف أن عمليات التزوير انتقلت للفئات النقدية الأقل قيمة كالعشرين جنيها بسبب سرعة وسهولة تداولها، فكما تزايد حجم التداول على فئة نقدية يسهل دس عملات مزورة داخلها دون اكتشافها، كما أنها ترتبط بنوعية وثقافة الطبقة التي تقوم بتداولها، على اعتبار أن العملات متوسطة القيمة هي الأكثر تداولاً بين قطاعات الشعب كما أنه لا يتم التدقيق فيها.
وحذر من أن بعض العملات المزيفة قد يتم تدويرها لتدخل وتخرج من البنوك مجددًا دون اكتشافها، مشيراً إلى أن حجم الاختراق لدورة النقد عالية جدًا سواء عبر عمليات غسيل أموال أو تزوير، موضحًا أن نظم الدفع عبارة عن منظمات متكاملة فيما بينها بنقطة مركزية وتستطيع من خلالها مراقبة السيولة.
وأرجع عاصم عبد المعطي، وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، انتشار جرائم تزييف وتزوير العملة إلى التقدم التكنولوجي واستخدام الوسائل الحديثة أصبحت متاحة لعدد كبير من المخربين، فضلاً عن عدم تحديث البنك المركزي لنظم طباعة العملات، وتخلفه عن مواكبة التطورات العالمية منذ 2003.
وأشار إلى أن "المركزي" يستخدم تقنيات تعتبر بالية عند مقارنتها بالأنظمة التكنولوجية الحديثة الخاصة بقضية تزوير العملات، موضحًا أن لجوء المزورين للفئات الأقل يعتبر أقل مخاطرة من العملات الكبيرة، مشيراً إلى عدم امتلاكنا المعلومات، فضلاً عن غياب دور إدارات المراجعة الداخلية بالبنك المركزي حتى إن إدارة طبع النقود بالأخير مرفوع ضدها قضايا بالمحاكم حاليًا، على حد قوله.