إن القضية الأساسية الآن هي إنقاذ الثورة, فالنظام السابق مازال مسيطراً على البلاد تماما, وأقطاب النظام السابق على وشك الانقضاض على أرفع مركز في مصر الثورة, مركز رئيس الجمهورية, ويستطيع الشعب الذي قام بالثورة أن ينهي هذا الموضوع ويوقفه, يحدث ذلك إذا استطاع الشعب أن يضع للثورة دستورا ثوريا, وإن لم يستطع فقد خان دم شهدائه ومصابيه, لقد حدد الشعب الثائر هدفه في "إسقاط النظام", وحدد معالم النظام الجديد الذي يريد في "حرية – عدالة اجتماعية – كرامة إنسانية" لقد حدد الهدف والمطلب الشعب كله في كل القرى والمدن والميادين والشوارع, ولكن حدث ما حدث وانشغلت الطلائع الثورية بأشياء ليست هي من الثورة, فلم يتحقق الهدف ولم ينجز المطلب الثوري, وكأنك يا شعب ما قمت بالثورة, إن ما يحدث الآن من تقدم أقطاب نظام مبارك لشغل موقع "الرئيس"لمصر الثورة هو عار على هذا الشعب الثائر إذا تحقق, فأنا لا أفهم و لا أعرف سببا واحداً يحول بين هؤلاء والسجن, لقد اغتصبوا مصر ونهبوا ثرواتها ومازالوا ينهبون, وهم الآن يريدون أن يغتصبوا الثورة. إن مجلس الشعب قد فرط في الأمانة الثورية التي حملها إياه الشعب, لقد استأمنه الشعب على الحفاظ على الثورة واستمرارها حتى تنجز هدفها وتبني النظام الثوري, ولكن هذا المجلس أصيب بالزهايمر, فنسى الثورة وهيمنت عليه روح مجالس "فتحي سرور", فبدلا من أن يقوم بدور "مجلس قيادة الثورة" المنتخب من الشعب الثائر, ويبطل بصفته التشريعية كل القوانين المقيدة لحرية مصر والمصريين, ويصدر التشريعات الضرورية لتصفية النظام القديم ووضع أقطابه في السجون لمحاكمتهم على ما اقترفوه من جرائم في حق مصر والمصريين, بدلا من ذلك انشغلوا بمسائل فرعية مع أهميتها, وسهلوا مأمورية أقطاب النظام القديم وقوى الثورة المضادة للإجهاز على الثورة, فلم يبطلوا القوانين القائمة ولم يصدروا قانون الغدر ليطبق على كل من خان مصر وشعبها وأمتها لحساب اللصوص والسماسرة وأمريكا والكيان الصهيوني, إن مجلس الشعب يستطيع إذا ما استرد روح الثورة وأخلص النية لها أن يصبح هو مجلس قيادة الثورة, يتحقق ذلك بشرطين : الأول أن يجسد في ذاته وحدة الثوار في الميادين فيتوحد لإسقاط قوى الثورة المضادة المحلية والإقليمية والدولية وبناء النظام الثوري القائم على الحرية والعدالة والكرامة لمصر ولأمتها. أما الشرط الثاني فهو أن يكون مجلس شعب الثورة على قدر الثورة وتبعاتها, فالثورة ثورة الشعب ولم تكن أبدا ثورة حزب أو فصيل أو تيار وإلا انهزمت منذ أول يوم, ولذلك فإن روح الثورة ومنهجها يتطلب أن يعي مجلس الشعب هذه الحقيقة الثورية, ويجعل من نفسه مجلسا للثورة ويشرع لها ويترفع ويكبر ثوريا عن الصغائر التي استمر لو منشغلا بها لأصبح سببا رئيسيا في اغتيال الثورة وإسقاطها, وإذا كانت مصلحة الثورة تقتضي إعادة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور وأنا اعتقد ذلك, إعادة تشكيلها بحيث يتسع محيطها لتشمل كل مؤسسات المجتمع وطوائفه وتياراته السياسية, لأن الدستور هو تجسيد الإرادة العامة للشعب, والإرادة العامة بطبيعتها لا تتجزأ ولا يمكن التنازل عنها لجهة أو مؤسسة ولو كانت منتخبة, لذلك يجب أن تكون هذه اللجنة على قدر المهمة الموكلة إليها وهي وضع الدستور، أو بتعبير أخر "صياغة الإرادة العامة للشعب"، إن الدستور الموكل إليها وضعه, والإرادة العامة الموكل إليها صياغتها في شكل دستوري هما مصدر شرعية ما يقوم به مجلس الشعب, بل إن مشروعية وجود مجلس الشعب ذاته متوقفة على مدى إتفاق إجراءات انتخابه ونصوص الدستور, وحيث إن الأمر هكذا , فإن اللجنة التأسيسية لوضع الدستور - دستور الثورة - يجب أن تكون فوق المحاصصة السياسية و ن يكون لها قداسة أعلى من ذلك بكثير, وأن تكون تعبيراً صادقاً عن الإرادة العامة للثورة التي لم يتم التنازل عنها لأي جهة لأنه ببساطة لا يمكن التنازل عنها, لأن فكرة التنازل هي الاستبداد بعينه, لأن الوكيل لا يلغي الأصيل. في جملة: على مجلس الشعب (مجلس قيادة الثورة) أن يضع الثورة قبلة يتوجه إليها ويعيد تشكيل اللجنة التأسيسية بتوافق واعتباره مجلساً لقيادة الثورة والإرادة العامة للشعب الثائر. ستكون هذه لحظة تاريخية تتحول فيها الثورة إلى مشروع قومي يستقطب الشعب كله من جديد في نهر الثورة الهادر, وساعتها ستنكمش قوى الثورة المضادة في الداخل والخارج وتدخل جحورها, وينتصر الشعب وتنتصر الثورة, لأن المجلس أصبح مجلسا لقيادة الثورة وليس نسخة من مجالس فتحي سرور, فهل يملك أعضاء المجلس روح التجرد والإخلاص والجرأة الثورية ونأمل ذلك لأن البديل سيخرج الثورة من إطارها السلمي فتتحول إلى ثورة عنيفة للدفاع عن حريتنا وعدالتنا وكرامتنا, للدفاع عن وجودنا ووحدتنا الاجتماعية والوطنية