تمر اليوم الذكرى العاشرة لاعتقال النائب الفلسطيني مروان البرغوثي أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية عضو اللجنة المركزية للحركة الذي اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلية عام 2002 رغم كونه نائبا في المجلس التشريعي الفلسطيني، وحكمت عليه بالسجن خمس مرات بالمؤبد وأربعين عاما. وازدانت شوارع مدينة رام الله منذ يومين برايات صفراء عليها شعار حركة فتح وتحمل صورة البرغوثي، وانتشرت في الشواع ملصقات تدعو الفلسطينيين للمشاركة في الاحتفال الذي سيقام مساء اليوم في قصر رام الله الثقافي في الذكرى العاشرة لاعتقاله. ورغم وجوده في السجن منذ عشر سنوات، إلا أن مروان البرغوثي مازال يحتفظ بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني حتى أن بعض الفلسطينيين رشحوه لخلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" الذي أعلن أكثر من مرة عدم رغبته في الترشح لفترة رئاسية جديدة في الانتخابات القادمة رغم قرار اللجنة المركزية لحركة فتح بترشيحه، ويرى أصحاب فكرة ترشيح البرغوثي أنها ستكون فرصة للضغط على إسرائيل للإفراج عنه.
من جانبه قال أحمد عساف الناطق باسم حركة فتح لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط برام الله اليوم الاثنين " معركتنا مع الاحتلال صعبة وطويلة ونخوضها أملا في الاستقلال ودفعنا ثمنا باهظا لتحقيق هذا الهدف من خلال آلاف الشهداء ".
وأكد أن حركة فتح كانت دائما في مقدمة الشعب الفلسطيني لتحقيق هذا الهدف لم تقف خلف الصفوف وقدمت آلاف الشهداء وعلى رأسهم القائد الشهيد ياسر عرفات مؤسس وزعيم حركة فتح، ونصف أعضاء اللجنة المركزية استشهدوا على طريق الحرية والاستقلال والنصف الآخر اما اعتقل أو أصيب أو تعرض للمطاردة.
وأشاد عساف بدور البرغوثي وقال "الأخ مروان البرغوثي اعتقل رغم كونه نائبا منتخبا في المجلس التشريعي الفلسطيني وهو مازال نائبا منتخبا يمثل الشعب الفلسطيني وهذا يتعارض مع كل الاتفاقيات والقوانين الدولية ولكن إسرائيل كعادتها لا تهتم بالقوانين أو الاتفاقيات". وأكد أن وجود البرغوثي في السجون الإسرائيلية يؤكد أن الصراع مع إسرائيل هو معركة مفتوحة ولن تنتهي إلا بتحقيق أهدافها لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وقال أحمد عساف الناطق باسم حركة فتح "البرغوثي مع أكثر من 5 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية يمثلون خط الدفاع الأول عن قضيتنا، وكما قال الرئيس محمود عباس "أبو مازن" أنه لن يكون هناك سلام إلا بتبييض السجون الإسرائيلية تماما من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين". وأضاف "نحن نفتخر أن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح موجود مع بقية زملائه المناضلين في السجون الإسرائيلية وهذا لن يؤثر على مكانة مروان البرغوثي أو مكانة حركة فتح". وأشار إلى أن الحملة الشعبية لإطلاق سراح مروان البرغوثي وكافة الأسرى ستنظم اليوم مهرجان يحضره قيادات حركة فتح في الذكرى العاشرة لاعتقال البرغوثي.
وولد مروان البرغوثي عام 1959 في قرية كوبر غرب مدينة رام الله ويعتبر هو مهندس الانتفاضة وعقلها المدبر ورمزا للوحدة الوطنية ومقاومة الاحتلال.
وفي عام 1978 تم اعتقاله حتى عام 1983، وخلال وجوده في السجن حصل البرغوثي على الثانوية العامة ، وعقب الإفراج عنه التحق بجامعة بير زيت وشغل منصب رئيس مجلس الطلبة فيها لثلاث دورات متعاقبة وعمل أيضا على تأسيس منظمة الشبيبة الفتحاوية في الأراضي الفلسطينية، وحصل على درجة البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية ودرجة الماجستير في العلاقات الدولية. وتعرض البرغوثي للاعتقال والمطاردة طوال سنواته الجامعية حيث اعتقل عام 1984 لعدة أسابيع وأعيد اعتقاله في مايو 1985 لأكثر من 50 يوما ، ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية في نفس العام ثم اعتقل إداريا في أغسطس 1985، وكان السجين الأول في الاعتقالات الإدارية الإسرائيلية.
في عام 1986 تم إطلاق سراح مروان البرغوثي وأصبح مطاردا من قوات الاحتلال إلى أن تم اعتقاله وإبعاده خارج الوطن بقرار من وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك اسحق رابين . وعمل بعد إبعاده مباشرة إلى جانب الشهيد القائد أبو جهاد واستمر البرغوثي في موقعه في المنفى عضوا في اللجنة العليا للانتفاضة في منظمة التحرير الفلسطينية التي تشكلت من ممثلي الفصائل خارج الأراضي الفلسطينية، وعمل في اللجنة القيادية لفتح (القطاع الغربي) وعمل مباشرة مع القيادة الموحدة للانتفاضة.
وفي المؤتمر العام الخامس لحركة فتح (1989) انتخب عضوا في المجلس الثوري للحركة، وفي أبريل عام 1994 عاد البرغوثي على رأس أول مجموعة من المبعدين إلى الأراضي المحتلة، وبعد ذلك تم انتخابه بالإجماع أمين سر الحركة في الضفة الغربية.
في عام 1996 وفي إطار الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية انتخب عضوا في المجلس التشريعي نائبا عن دائرة رام الله، إلى جانب عمله حتى تاريخ اعتقاله محاضرا في جامعة القدس في أبو ديس. والبرغوثي متزوج من السيدة والمحامية فدوى البرغوثي، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، وللبرغوثي أربعة أولاد أكبرهم القسام (الذي اعتقل أواخر عام 2003 لتسعة وثلاثين شهرا) وربى وشرف وعرب. تعرض البرغوثي الذي يكنى ب "أبو القسام" إلى أكثر من محاولة اغتيال على أيدي القوات الإسرائيلية ونجا منها، وعند اعتقاله في عام 2002، قال ارييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أنه يأسف لإلقاء القبض على البرغوثي حيا وكان يفضل إن يكون رمادا في جرة. في 20 مايو 2004 عقدت المحكمة المركزية في تل أبيب جلستها لإدانة مروان البرغوثي، حيث كان القرار بإدانته بخمسة تهم بالمسئولية العامة لكونه أمين سر حركة فتح، وبكونه مؤسس وقائد كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح. وقد طالب الادعاء العام بإنزال أقصى العقوبة بحق البرغوثي وطالب بإصدار حكم بالسجن لمدة 26 مؤبدا.
وعقدت الجلسة الأخيرة لمحاكمة البرغوثي في السادس من يونيو 2004، في المحكمة المركزية بتل أبيب وأصدرت الحكم عليه بالسجن خمسة مؤبدات وأربعين عاما.
ولعب مروان البرغوثي خلال سنوات الاعتقال دورا بارزا في نجاح "اتفاق القاهرة". وخلال وجوده في السجن، انتخب البرغوثي في المؤتمر السادس لحركة فتح عام 2009 عضوا في اللجنة المركزية للحركة كما انتخب زوجته المحامية فدوى البرغوثي عضوا في المجلس الثوري للحركة. ورأس القائد المناضل مروان البرغوثي القائمة الموحدة لحركة فتح في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية، في التاسع من مايو 2006، وقع البرغوثي نيابة عن حركة فتح "وثيقة الوفاق الوطني" الصادرة عن القادة الأسرى لمختلف الفصائل الفلسطينية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وقد تبنت منظمة التحرير الفلسطينية هذه الوثيقة باعتبارها أساسا لمؤتمر الوفاق الوطني، وقد قادت هذه الوثيقة إلى اتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس وتشكيل أول حكومة وحدة وطنية في تاريخ السلطة الفلسطينية في فبراير 2007. في عام 2010 حصل القائد البرغوثي على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية. وصدر للبرغوثي مجموعة من الكتب خلال سنوات الأسر هي "الوعد"، و"الوحدة الوطنية قانون الانتصار" و مقاومة الإعتقال" ( وهو كتاب مشترك كتبه البرغوثي وعبد الناصر عيسى رئيس الهيئة العليا لأسرى حماس في سجون الإحتلال ، وعاهد أبو غلمة رئيس الهيئة القيادية لأسرى الجبهة الشعبية في سجون الإحتلال وعضو اللجنة المركزية للجبهة)، كذلك صدر للبرغوثي كتاب "الف يوم في زنزانة العزل الإنفرادي" (يسرد فيه سيرة التعذيب والتحقيق والعزل خلال الف يوم من العزل والتحقيق الذي تعرض لها بعد اعتقاله عام 2002، وكان قد صدر له قبل اختطافه "رسالة الماجستير" عن العلاقات الفلسطينية الفرنسية.