بالرغم من أننى من العاملين فى المجال الصحى الدارسين لعلومه الإكلينيكية و الإدارية إلا أننى لمأكنأدرك أن النظام الصحى بمصر ثوب ذو ثقوب متعددة و غير قادر على تحقيق ما أستهدفته منظمة الصحة العالمية من الصحة و هى إكتمال السلامة جسديا وعقليا وإجتماعيا لامجرد انعدام المرض أو العجز أو تحافظ على مقومات الصحة الأربعة و هى حقوق الأحياء , البيئة , اسلوب الحياة , الرعاية الصحية الأولية . و لولا النابهين من العاملين بالمجال الصحى لكنا استوردنا أخصائيين خاصة فى التخصصات الجراحية كما استوردنا كل شئ من قبل و فقدنا إرادة الحياة و إذا إستمر العوز المادى للأطباء و ضعف التدريب لمهنة من أعقد المهن و تتعامل مع أعز ما يملك الإنسان صحته و حياته سيفضى ذلك حتما إلى ضعف كفاءة الهيئة الطبية بالمستشفيات و هى تعانى أصلا من بعدها عن معايير الجودة و أمن و سلامة المريض و مكافحة العدوى. ولا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا يعرف المرض إلا منعانى وطأته و إكتوى بنفقته و الفقير إذا اعتل عليه أن يختار بين الإستسلام للمرض أو الإستجداء حتى و إن كان يتمتع بأنظمة تأمينية بعد أن أصبحت الصحة رفاهية وتنازلنا عنها مع باقى الخدمات أو الحصول على أجر عادل نظير العمل ... و أستهلكت فاتورة العلاج للأسره 30% من دخلها. و بما أننا عشنا زمن الكفن ملوش جيوب فصنع له صاحب الضربة الجوية و الكبارى جيوبا مثقوبة و درب آخرين على صناعته, و لم تسلم 3.5% من حجم الناتج القومى وهو الانفاق الحكومى على الصحة ( يصل فى الدول المتقدمة إلى 15%) و هى 17 مليار جنيه قبل الثورة من أن تمتد لها أيادى نواب الوطنى المنحل لاستغلالها للرشى الإنتخابية و تكديس الأموال و لم يكتفوا بالمبيدات المسرطنة و السماد المسرطن ( مع زيادة نسبة النترات و الأمونيا ) وزيادة نسبة التلوث 15 مرة عن المعدل الطبيعى و زيادة نسبة الرصاص فى الهواء و هو يعد من أكثر المعادن الثقيلة التى تؤثر على صحة الإنسان. والمقارنة بين النظام الصحى المصرى و النظام الصحى البريطانى يظهر الفارق بين أن يعيش مواطن فى دولة من العالم الأول أو أن يعيش مواطن فى دولة من العالم الثالث حيث تقدم الحكومة البريطانية الخدمات الصحية المجانية للمواطنين و المقيمين بها عن طريق التأمين الإجتماعى الشامل بسعر التكلفة عن طريق مؤسسات طبية لا تستهدف الربح و تمول عن طريق دافعى الضرائب و يربط الدعم المالى للمستشفيات بمستوى الجودة و المريض هو المحور الرئيسى لإهتمامات المستشفى مع تقنين إستخدامات الأدوية غالية الثمن على أساس الحاجة الطبية بغض النظر عن السن و القدرة على الدفع . تقدم الخدمات الطبية في مصر للمواطنين عن طريق أنظمة علاجية مختلفة, العلاج المجاني, العلاج بالمستشفيات الجامعية, العلاج على نفقة الدولة, التأمين الصحي, نظم تأمينية لهيئات سيادية و اخيراً القطاع الخاص ويستحوذ على 16% من الطاقة السريرية. فالعلاج المجاني يقدم بإجمالي تكلفة 920مليون جنية سنوياً من خلال مستشفيات و وحدات صحية أولية و المريض لا يأخذ حقه من الخدمة المجانية حتى أن الرعاية المركزة و الأشعة و التحاليل للعيادات الخارجية و بعض عمليات النساء و التوليد بالأجر و ذلك حسب لائحة 239 المنظمة للمستشفيات المجانية. و العلاج على نفقة الدولة أستخدم لعلاج ستة أمراض أمراض القلب, الغسيل الكلوي و الكبد و الأورام و الأمراض المزمنة أضيف لها الطوارئ باجمالي تكلفة 3 مليار جنية. و التأمين الصحي الذي يقدم الخدمة من خلال ثلاثة قوانين 79, 32, 99 بأجمالي التكلفة 12 مليار جنيه مع عجز هذا العام 4 مليار جنيه مع عدم رضى المنتفعين و ضعف الخدمة المقدمة . و المأمول من حكومة ما بعد الثورة 1- مضاعفة الانفاق الحكومي على الصحة ليصل إلى 15% من حجم الناتج القومي 2- نظام تأمين صحي اجتماعي شامل لكل المصرين عن طريق مؤسسات لا تستهدف الربح و مستشفيات حاصلة على شهادات الاعتماد و الجودة على أن تغطي الرعاية الصحية الأولية و الرعاية الصحية الثانوية (السريرية) و الرعاية الصحية المتقدمة. 3- توفير الحوافز المادية الملائمة لمقدمي الرعاية الصحية. 4- التعليم و التدريب الطبى المستمر مع تجديد ترخيص مزاولة المهنة لكل مقدمي الخدمة كل 5 سنوات. 5- ضم جميع مستشفياتت الهيئات الطبية المختلفة لنظام التأمين الصحي الشامل بما فيها العلاج المجانى