علي الرغم من مناداة الثورة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية تلك العدالة التي ينطوي تحتها علاج المرضي .. لكن المهزلة ما زالت مستمرة فالطوابيرأمام المجالس الطبية المتخصصة بمدينة نصر لاتنتهي ..والأمراض نهشت أجساد المصريين ،في ظل تردي الاوضاع الصحية ، نتيجة لعدم اهتمام المسئولين بصحة المواطن المصري ، في الوقت الذي لاتملك فيه الغالبية العظمي ثمن زجاجة دواء، فكان حتما عليهم ،الصبر حتي يحصلوا علي قرار بالعلاج علي نفقة الدولة ،والمثير في تقارير الجهاز المركزي أن تكاليف العلاج علي نفقة الدولة خلال العام الماضي انخفضت بنسبة 48.7% لتصل إلي نحو ملياري جنيه مقابل 3.9 جنيه خلال العام السابق وذكر الجهاز في نشرته السنوية لإحصاء الخدمات الصحية أن عدد المرضي قد انخفض ليسجل 1.2 مليون مريض مقابل 2.2 مليون مريض بنسبة تراجع بلغت 45.5%،من جهة اخري طالب البعض بالغاء العلاج علي نفقة الدولة وتوزيع الميزانية علي المستشفيات لعلاج الفقراء.. «الأهالي » ناقشت هموم العلاج علي نفقة الدولة مع أصحاب المعاناة ، وسألت المتخصصين عن الاقتراح بالغائه. هموم المرضي يقول الحاج محمود مجدي، من محافظة سوهاج 72 عاما مريض بالصدر: بعد رحلة عذاب أمام الشبابيك ، وتعرضي للكثير من الاهانات من قبل بعض الموظفين ،ظهر امامي الساعي فجأة وبصوت هامس قال” “إديني الشاي بتاعي وأنا أخلص لك ورقك “، وبالفعل بعد ماحصل علي المطلوب ، كل شيء اصبح ميسرا ، واخبرني الموظف بالعودة بعد عشرة ايام ، وعدت فوجدت القرار جاهزا ولكن فوجئت انه بقيمة ألف جنيه فقط ،في حين ان نفقات علاجي قد تتعدي الالفي جنيه. أما فوزي السيد أحد المرضي فكشف النقاب عن العديد من المشاكل التي تواجهه داخل المجلس وأبرزها هي أنه يضطر للانتظار طويلا حتي يتمكن من إجراء الكشف والعرض علي اللجنة الثلاثية ومن ثم الحصول علي قرار العلاج لمرضه وهو رجل مسن والانتظار مدة طويلة قد يقضي عليه، هذا بالإضافة الي المعاملة السيئة التي يلقاها امام الشبابيك من الموظفين.. أما فوزية دياب 63 سنة فتأتي من الاسكندرية ، وكل اسبوع يعطونها ميعادا بالعرض علي “القومسيون”، وظلت علي هذا الحال لمدة شهرين ، حتي حصلت علي قرار ب 1200 جنيه، في حين ان مصاريف علاجها الشهري تصل الي ألف جنيه. أرقام ومن جانبه، قال الدكتور محمد أسامة الهادي مدير عام المجالس الطبية المتخصصة، إن إجمالي قرارات العلاج علي نفقة الدولة التي تم إصدارها خلال شهر أبريل الماضي، بلغت 111 ألفا و603 قرارات، بإجمالي نفقات 215 مليونا و754 ألف جنيه تقريباً. وأوضح أن هذه القرارات صدر منها 17 ألفا و968 قرارا لأمراض الكبد والإنترفيرون، حيث بلغت قيمتها 36 مليونا و295 ألف جنيه تقريباً، وأمراض الكلي والفشل الكلوي صدر لها 6213 قرارا بإجمالي نفقات 58 مليونا و17 ألف جنيه تقريباً، فيما وصلت أعداد القرارات الصادرة لأمراض الأورام 15ألفا و106 قرارات، بإجمالي نفقات 40 مليونا و318 ألف جنيه تقريباً، وبلغت قرارات أمراض وجراحات القلب 11 ألفا و597 قرارا بنفقات 21 مليونا و572 ألف جنيه، أما أمراض الضغط والسكر فقد بلغت أعداد القرارات الصادرة لها 31 ألفا و352 قرارا بإجمالي نفقات 22 مليونا و933 ألف جنيه، وفيما يخص أمراض الطوارئ والحزمة الإضافية، فقد تم إصدار 29 ألفا و367 قرارا بقيمة إجمالية 36 مليونا و618 ألف جنيه. وأشار الهادي، إلي أن مستشفيات وزارة الصحة صدر لها 81,36% من إجمالي عدد القرارات، ومستشفيات الجامعة14,67% من إجمالي عدد القرارات، أما مستشفيات القوات المسلحة والشرطة والوزارات فقد بلغت نسبة القرارات الصادرة لها خلال الشهر الماضي 2,58% من إجمالي عدد القرارات الصادرة، فيما بلغت نسبة المستشفيات والمراكز الخاصة 1,30%، أما مستشفيات التأمين الصحي فبلغت نسبة القرارات الصادرة لها 0,09%. سوء الإدارة ويشير الدكتور علاء غنام مدير برنامج الحق بالصحة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلي أن المواطن الذي يتمتع بتأمين صحي لايحق له العلاج علي نفقة الدولة، كما أن العلاج علي نفقة الدولة يجب أن يذهب للمواطنين الذين لايتمتعون بأي تغطية تأمينية صحية. بالإضافة إلي أن الفئات الأشد فقرا غير المؤمن عليهم طبقا لدراسات الخريطة الاجتماعية المصرية تمثل حوالي 20% من عدد السكان، موضحا أن العلاج في الأصل كان مجانا ولكن بالتقادم, ونتيجة نقص الموارد تدهورت الخدمة المجانية وأصبح المواطن يقوم بشراء المستلزمات الطبية والأدوية علي نفقته عند دخوله المستشفيات، ويرجع ذلك لسوء أحوال هذه المستشفيات وعدم تخصيص أموال لها تمكنها من الوفاء بهذه المستلزمات، ومن العجز الذي يحول دون تقديمها للخدمة الصحية بالشكل اللائق. وطالب الغنام بتدعيم المخصصات اللازمة للعلاج علي نفقة الدولة, بحيث لاتقل عن 3 مليارات جنيه وتوفير مصروفات مالية أخري لتدعيم ميزانية المستشفيات العامة لاحياء نظام العلاج المجاني عن طريق فرض ضرائب علي الأسمنت والحديد وجميع الصناعات الملوثة والسجائر والكحول علي أن يتم تخصيصها للصحة لتغطية نظام التأمين الصحي الاجتماعي الشامل, خاصة وأن سبب هذه الأزمة الحالية يرجع لنقص الموارد وسوء الإدارة وعدم اهتمام الحكومة بحق المواطنين في العلاج. ليس النظام الأمثل ويشير الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة الي أن العلاج علي نفقة الدولة يمثل ركنا مهما ولا يمكن الإستغناء عنه علي الرغم من العديد من السلبيات، وإلغاؤه يمثل كارثة تهدد الأمن القومي ،ولذلك يجب القضاء علي فوضي التأمين الصحي وتوحيد الهياكل الطبية وتوفير ميزانية الصحة بحيث لا تقل عن 15% من الموازنة العامة للدولة . لافتا أنه بالرغم من كل ذلك إلا أنه وحده دون تأمين صحي شامل ليس النظام الأمثل لأنه لايغطي كل الأمراض اضافة الي أنه يتم توجيه قرار العلاج الي جهة مختلفة في كل مرة مما يسبب للمريض الكثير من المعاناة والمشقة موضحا أن نظام العلاج السليم في العرف الطبي يتطلب ان تتوافر للمرضي عيادة منتظمة علي أن يكون لكل مريض ملف طبي بحالته حتي يسهل استمرار العلاج مضيفا أن نظام العلاج علي نفقة الدولة وحده يعتبر جزءا من الفوضي الشاملة الموجودة في مصر نظرا لأنه علاج بالقطعة موضحا أن أكثر من ثلث سكان مصر أي نسبة 40% وهم الفئة الأشد فقرا لايخضعون للتأمين الصحي الأمر الذي أدي الي ظهور نظام العلاج علي نفقة الدولة. ويطالب خليل بإنشاء نظام تأمين صحي اجتماعي شامل مع ملاحظة أن الحكومة ابتدعت كلمة اجتماعي شامل لأنها تدعي ان نظام التأمين الصحي طبقا لمشروع قانون التأمين الصحي الجديد شامل وليس اجتماعيا موضحا انه ليس شاملا ووصفه بالمزيف حيث لايشمل جميع الأمراض ويتجاهل اشياء مهمة مثل الاورام والجراحات الدقيقة بالاضافة الي أنه لايشمل كل المواطنين بداية من تطبيقه مؤكدا أن الحل الأمثل يكون في تطبق نظام التأمين الصحي الاجتماعي الشامل وان ينضم له كل الجهاز الحكومي من المستشفيات المركزية والعامة والمتخصصة والحميات والأمراض المتوطنة وهيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية والمراكز الطبية المتخصصة والمؤسسة العلاجية لتقديم الخدمة الطبية ومساعدة المرضي واعفاء الفقراء من اشتراك التأمين موضحا ان قيام الحكومة بالغاء نظام العلاج المجاني في المستشفيات الحكومية يعني انسحاب الدولة من علاج المواطنين علي نفقتها. كما كشف منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة عن وجود مخطط لخصخصة قطاع الصحة من أيام حاتم الجبلي؛ وزير الصحة الأسبق ويتم التلاعب في الألفاظ بالقول بتطوير الصحة أو إعادة هيكلة الصحة وحدثت أكثر من محاولة لتمرير مشروع التأمين الصحي الذي يحمل في طياته خصخصة قطاع الصحة وبيع الخدمة للأجانب وذلك بالاتفاق مع كل من الاتحاد الأوربي الذي قدم قرضا بمبلغ 270 مليون دولار والمعونة الأمريكية التي قدمت قرضا بمبلغ 60 مليون دولار، والبنك الدولي الذي قدم قرضا بمبلغ 90 مليون دولار، وكان الشرط الأساسي هو خصخصة قطاع الصحة من خلال تمرير قانون التأمين الصحي، وأضاف أنه بالفعل حصلت الحكومة علي هذه المبالغ وتم إدخالها في الموازنة العامة للدولة لصالح المستثمرين ورجال الأعمال ولا تزال محاولات خصخصة القطاع الصحي مستمرة والاتجاه نحو بيع المستشفيات للمستثمرين الأجانب لا يزال قائما. الميزانية ضئيلة ويري الدكتورجمال الزيني عضو مجلس الشعب ان المشكلة الاساسية هي ان ميزانية العلاج في مصر لاتتعدي 3.5 % من الموازنة العامة وهي من اقل النسب في العالم ، لكن الاهم من ذلك سوء الادارة في منظومة العلاج المصري بدايه من المجالس الطبية المتخصصة وحتي المستشفيات وبرغم ذلك لايمكن الاستغناء من العلاج علي نفقة الدولة. واتفق معه الدكتورة مني مينا ،عضو حركة اطباء بلاحقوق وقالت ان مشروع العلاج علي نفقة الدولة ” فاشل ” ولكنه حل مؤقت حتي يتم تفعيل قانون التأمين الصحي الشامل الذي يغطي جميع الحزم العلاجية في كل محافظات مصر. وطالب الدكتور طارق الغزالي حرب بالغاء العلاج علي نفقة الدولة، وقال يمكن توزيع ميزانية مشروع قرارات العلاج علي نفقة الدولة علي المستشفيات التي تقدم علاجا مجانيا للطبقات الفقيرة ، واقترح بانشاء صندوق قومي لعلاج اصحاب الامراض المزمنة من اورام وفشل كلوي وكذلك الجراحات الكبيرة وزراعات الأعضاء.