فى زيارة لى مؤخرا للاسكندرية اتصلت لاسأل عن الدكتور عبد المنعم عبد الحليم - استاذ التاريخ القديم والاثار بكلية الاداب جامعة الاسكندرية - فجاءت الاجابة : تعيش انت اصابنى الوجوم وحزن عميق لاشاطىء له ؛ اذ كيف لعالم جليل فى هذا الحجم من العلم والوطنية يرحل دون ادنى اشارة فى اى صحيفة او برنامج او خبر ولو كان مثل ما يحمله من هموم للوطن وعلم فى اى بلد لاقيمت له جنازة رسمية والتف علم الوطن حول جثمانه وسط افضل تكريم الدكتور عبد المنعم عبد الحليم لمن لايعرفه كان العالم الاول فى مصر والعالم العربى بل والعالم كله علما باللغات المصرية والعربية القديمة واصولها ؛ والتفرقة بين اللغات البدائية الاولى وفى المناطق المختلفة واهمها سيناء وكان شاغله الاول - بحكم تخصصه - الرد على مغالطات وافتراءات الصهاينة ؛ ودحض ارائهم التى سعت الى تشويه انجازات مصر الحضارية ؛ وكانت ردوده مفحمة اذ انها بالادلة العلمية ومن عالم متخصص ومتمكن ولعل من اهم كتبه كتاب حمل عنوان " المغالطات والافتراءات على تاريخ حضارة مصر الفرعونية والرد عليها وتفنيدها من واقع الادلة الاثرية " وهو كتاب ارجو من وزارة الاثار او وزارة الثقافة او اى دور نشر وطنية شريفة ان تعيد طباعته ؛ وان تقوم وزارة التعليم بالاستفادة مما حواه فى مقررات الدراسة فالكتاب يحوى الرد العلمى على عشرات المغالطات الصهيونية والتى تحاول تشويه حضارة مصر وسحب انجازاتها الحضارية الكبرى ونسبها لاسرائيل مستغلين سطوة وامكانيات وسائل الاعلام الاجنبية للترويج لهذه الاكاذيب واظهارها كأنها حقائق لتختلق تاريخا وهميا لاسرائيل يجرى التعامل معه على انه حقيقة ؛علما ان اغلب اصحاب هذه المغالطات من الاجانب لم يعلنوها عن جهل او عدم معرفة بحقائق حضارة مصر الفرعونية ؛ فالكثير منهم يعلم تمام العلم هذه الحقائق ؛ وانما اتت دوافعهم عن رغبة دفينة وغرض خبيث هو التقليلمن شأن ووزن مصر الحضارى ومن ابرز المغالطات التى فندها ودحضها العالم الوطنى الدكتور عبد المنعم عبد الحليم تفنيد الادعاء بان العبرانيين - بنى اسرائيل - ساهموا فى بناء الاهرام وكذلك تفنيده الادعاءات الصهيونية التى تهدف الى سحب الانجازات الحضارية والانتصارات الحربية المصرية من المصريين ونسبتها الى حكام بنى اسرائيل وتفنيده الادعاء بان الاهرامات والمسلات شيدها شعب اجنبى واستخدم فى بنائها اساليب متقدمة غير معروفة للمصريين القدماء وتفنيده ماور فى كتاب العالم الصهيونى فلايكوفسكى" عصور فى فوضى " عن زعمه بان معبد حتشبسوت تقليدا لمعبد الملك سليمان فى اورشليم ؛والزعم بان الملك تحتمس الثالث نهب كنوز معبد سليمان ؛ والزعم بان الملك امنحتب الثانى انهزم امام الملك اليهودى اسا وتفنيده الادعاءات ذات الطابع الصهيونى التى تهدف الى انكار انجاز الفكر المصرى القديم فى التوصل الى عقيدة التوحيد وتصحيح الاخطاء التاريخية التى انزلق اليها بعض الباحثين غير صحيح المتخصصين فى الاثار المصرية القديمة تصحيح الخطأ الشائع بان الفينيقيين هم مخترعو الحروف الابجدية واثبات ان الكتابة المصرية الهيروغيلفية هى الاساس الاول لاشتقاق الحروف الابجدية المنتشرة فى العالم اليوم اثبات ان سيناء مصرية منذ فجر التاريخ ولم تتوقف الجهود العلمية للدكتور عبد المنعم عبد الحليم عند التاريخ المصرى القديم بل امتدت جهوده وعلمه الى جذور الحضارات العربية القديمة ؛ وهو ما زخر به مؤلفه الكبير " البحر الاحمر وظهيره فى العصور القديمة " وما حققه بشكل علمى وعملى من حقائق وانجازات عن اكتشاف الميناء المصرى القديم الذى كانت تبحر فيه السفن المصرية القديمة فى البحر الاحمر ومنها ترجمة ونشر نقوش جديدة محفورة على صخور الجزيرة العربية ( سبئية وحميرية ومعينية ) عندما كان يعمل استاذا للاثار فى كلية الاداب بجامعة جدة بالسعودية لقد قدم الدكتور عبد المنعم عبد الحليم للثقافة المصرية والعربية والعالمية العديد من الكتب والمراجع الهامة ؛ كما كتب عشرات المقالات معظمها فى دحض الافتراءات الصهيونية والرد على الصهاينة و - وللاسف - بعض المصريين غير المتخصصين ممن صاروا فى ركابهم ان ما قدمه الدكتور عبد المنعم عبد الحليم من اعمال علمية عظيمة تستحق وتستوجب حفر اسمه بحروف من نور ؛ وتوجب على كل مصرى ووطنى شريف تكريمه اعظم تكريم فمن المؤسف ان يرحل عالم فى مثل هذا الحجم دون اى ذكر او تكرمي وكأننا نشارك الصهاينة فى التعتيم على هذا العالم الجليل ؛ ويجىء ذلك -للاسف - رغم ما كنا نظنه من ان مصر بعد ثورة يناير سوف تحتفى بالعلماء الاجلاء فمازال الاعلام والصوت العالى للكومبارس والراقصات ومدعيى البطولات