رئيس الوزراء يؤكد موقف مصر الراسخ لدعم القضية الفلسطينية    تراجع أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم 23 يوليو 2025    ترامب: سأتخلى عن الرسوم الجمركية في هذه الحالة    إعلام إسرائيلي: حماس تطالب بإطلاق سراح أكبر عدد من الأسرى    الداخلية السورية تنفي عمليات إعدام جماعية بحق موقوفي النظام السابق    هجوم روسي أدى إلى انقطاع الكهرباء عن 220 ألف أوكراني    برلين تمهد الطريق أمام تصدير مقاتلات يوروفايتر لتركيا    رغبة جارسيا تتحدى عروض الرحيل عن الريال    ليفربول يوقع عقد احتراف مع اللاعب المصري كريم أحمد    بعد الرحيل عن الأهلي.. يحيى عطية الله يقترب من العودة لناديه الأصلي (تفاصيل)    انقلاب ميكروباص وإصابة 10 أشخاص على الطريق السياحي بالجيزة    وكيل تعليم سوهاج يناقش أهم المقترحات للانتهاء من الفترة المسائية بمدارس المحافظة    تجديد الثقة في تامر سمير رئيسا لجامعة بنها الأهلية والمغربي والدش وشكل نوابا حتى 2026    حمدى رزق يكتب: الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    «نوستالجيا» أيامنا الحلوة.. فن إحياء الماضي في الأوبرا    محادثات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة.. على أساس مبادئ الاحترام المتبادل    113 شهيدًا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    طرح الإعلان الرسمي لفيلم Giant بطولة أمير المصري    مؤشرات تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي في كل المحافظات    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    فسخ العقود وإنذارات للمتأخرين.. ماذا يحدث في تقنين أراضي أملاك الدولة بقنا؟    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    الأسد من المشاهير والحمل قائد المشاريع.. كيف يتعامل مواليد كل برج مع الحياة الجامعية؟    حقق إيرادات 51 مليون جنيه في 21 يوم.. أحدث أفلام أحمد السقا في السينمات (تفاصيل)    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    عرضان برتغالي ومصري.. الأهلي يستقر على إعارة لاعبه    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ويشيد بالتقدم المحقق    برلماني: "23 يوليو" نقطة تحول لبناء دولة العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني    اللون الأخضر يكسو مؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم    محافظ الغربية يتابع أعمال إصلاح كورنيش طنطا: نتحرك بخطوات مدروسة    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    ماذا يحدث للجسم عند تناول الحمص يوميا؟    أفضل الوسائل الطبيعية، للتخلص من دهون البطن في أسرع وقت    وزيرا الأوقاف والتربية والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية بالمساجد    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    تقرير تونسي يكشف موعد انضمام علي معلول للصفاقسي    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    السيسي: مصر دار الأمن والاستقرار ولدينا 10 ملايين شخص من بلاد كثيرة    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    وزير الخارجية يُسلِّم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى رئيس بوركينا فاسو    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة مهمة تجيب: كيف يحقق الشعب المصري العدالة الاجتماعية؟
نشر في محيط يوم 17 - 02 - 2012

تحفيزا للروح الفدائية وكفاح الشعب العظيم الذي لا ينقطع عبر تاريخ مصر القديمة و الحديثة والمعاصرة وما أُثير عن المعونة المصرية كبديل للمعونة الأمريكية انطلاقا من التصدي للتهديدات والتحديات الأمريكية بشأن قطع المساعدات الأمريكية عن مصر ووضع ضغوطات دبلوماسية وسياسية من قبل الإدارة الأمريكية والكونجرس الأمريكي لكي لا تجد مصر خيارا فيما بين القبول بما تمليه الإدارة الأمريكية لأمركة القرار المصري وفرض الضغوطات للسيطرة على الشأن الداخلي على مصر قيادة وشعبا وبين قبول التحدي.

وفي ظل هذا المناخ والتوترات وما بات يعلمه الجميع في مصر من التدخلات الأجنبية (ما ارتبط بالتمويل الاجنبى للأنشطة السياسية والحزبية في مصر) وانعكاسات ذلك سلبيا على زعزعة الاستقرار والأمن من أجل دعم الفوضى الخلاقة و صولا بمصر إلى حافة الهاوية اقتصاديا ومن ثم فشل جميع البدائل والخيارات للتنمية الشاملة وأيضا فشل التجربة السياسية الوليدة في مصر.

إزاء كل ذلك أردنا أن نوضح كيف يمكن استغلال الفرص الممكنة والمجدية التي أفرزتها الثورة المصرية المجيدة ، كما يمكن استغلال الفرص الضائعة لتوجيه روح التعاون ومبادرات بعض قادة التيارات الإسلامية والمؤسسات الدينية وعلى رأسهم فضيلة شيخ الأزهر لإنجاح دعم الاقتصاد المصري وتحقيق التوازن فيما بين خروج الدولة من عثراتها المالية والاقتصادية وحق الشعب في علاج مشاكله الاجتماعية وتوفير احتياجاته من السلع الإستراتيجية التي ترتبط دائما بالأمن القومي.

أولا: تحليل مفردات المعونة الأمريكية لمصر
وبتحليل المبادرة المرتبطة بالمعونة المصرية عند حدود تطبيقها فكر وقيمة مادية كبديل للمساعدات الأمريكية عسكريا واقتصاديا نجد أنها ايجابية وممكنة في الأجل القصير، وبتحليل ذلك فان قيمة المطلوب توفيره في شكل تبرعات أو مساهمات من الشعب المصري كل حسب إمكاناته فهو يساوى 1.55 مليار دولار أي ما يعادل 9.3775 مليار جنيه مصري، وهذا يتطلب قانونيا اتخاذ قرار سيادي مصري برفض المعونة الأمريكية ثم موافقة مجلس الشعب بالأغلبية على ذلك و توافر تشريع قانوني بذلك.

وإذا ما قمنا بتحليل المعونة الأمريكية نجد انها موجهة إلى قطاعين:
أ- المعونة العسكرية وهي تمثل 1.3 مليار دولار و تحصل عليها مصر في شكل معدات عسكرية، قطع غيار لمعدات متوافرة، قيمة تدريبات عسكرية وبرامج تدريبية، هذا بالإضافة إلى تمويل مشروعات عسكرية مرتبطة بالتطوير والأجهزة التكنولوجية لبرنامج التسليح الأمريكي لمصر.

ب- المعونة الاقتصادية وتبلغ 250 مليون دولار يذهب أكثر من 50% منها للإنفاق على مرتبات وأجور وتكلفة إعاشة لموظفي إدارة المعونة الأمريكية في مصر أما الباقي فيتم توجيهه لمشروعات تنموية مرتبطة بالتعليم والصحة والبنية التحتية في مصر.

و بالتدقيق نجد أن المعونة الأمريكية حيال الاستغناء عنها نهائيا فهى لا تمثل أى تهديد على الموازنة العامة المصرية اذ تبلغ نسبة المعونة الامريكية من الناتج القومى الاجمالى أدنى من 0.05% ، بالاضافة الى أن الشق العسكرى منها هو أسلحة و معدات أمريكية تقليدية قديمة؛ فى حين أن المعونة الامريكية التى تذهب لاسرائيل تساوى 3.2 مليار دولار كلها نقدية دون أى استقطاعات و أى تدخل أمريكى فى توجهات انفاقها ، بالاضافة الى حصول اسرائيل على أسلحة أمريكية متطورة لكى تستمر فى تفوقها العسكرى على مصر. و مشروع المساعدات الامريكية لمصر و اسرائيل عامة ارتبط باتفاقية كامب ديفيد المبرمة عام 1978-- 1979 و يجدر الاشارة الى أن المساعدات الامريكية لمصر لا تنص عليها اتفاقية السلام التى تم التوقيع عليها فى 17 سبتمبر 1978 بين الرئيس المصرى محمد أنور السادات و رئيس وزراء اسرائيل مناحيم بيجين فى المنتجع الرئاسى كامب ديفيد فى ولاية ميريلاند بالقرب من ولاية واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الامريكية و بحضور الشاهد الرئيسى جيمى كارتر رئيس امريكا فى ذلك الوقت.

و هذا ما أوضحه وزير الخارجية المصرية محمد كامل من أن المعونة الامريكية ليست جزءا من اتفاقية السلام بين مصر و اسرائيل كما علق السيناتور الديمقراطى باتريك ليهى رئيس اللجنة الفرعية المسئولة عن المساعدات الخارجية فى مجلس الشيوخ الامريكى على تصريحات رئيس حزب الحرية و العدالة المصرى "محمد مرسى" بشأن اعادة النظر فى معاهدة السلام مع اسرائيل اذا ما قطعت المعونة الامريكية وهنا أوضح ليهى "أن المعاهدة لم تكن مشروطة أبدا بالمساعدات الامريكية.

ثانيا: صندوق العزة والكرامة بين الواقع و الخيال
طالعتنا الصحف اليومية بأن هناك اتجاه لتأسيس صندوق لدعم الاقتصاد المصري وأُطلق عليه اسم "العزة والكرامة" حيث كان هناك رؤية تفاؤلية أشبه بالخيال لدعوة المصريين في الداخل والخارج لجمع مبلغ يتراوح من 500 إلى 1000 مليار جنيه مصري وذلك بعد اللقاء الذي تم بين الشيخ محمد حسان وشيخ الأزهر أمس، وهنا نجد أن هناك تطوير لفكرة استبدال المعونة الأمريكية بالمعونة المصرية لتتسع دون تقنين ودون توجيه ؛ حيث نعنى بالتقنين قانونية ذلك حتى يكون هناك اطمئنان من فئات الشعب لحقوقهم ، ثم في ماذا سوف توجه هذه الأموال؟ وذلك تحت افتراض أن هذا المبلغ أو جزء منه سوف يُجمع بالفعل، فقد دار الحوار عن مشروعات قومية ومشروعات دعم الاقتصاد المصري و لكن هذا مجرد كلام وجمل عريضة دون إيضاح التفاصيل و حقوق المساهمين فى هذا الصندوق من أبناء الوطن. و قد قام أحد رجال الأعمال المصريين أمس بالتبرع بمبلغ 40 مليون جنيه مصري كما أن هناك بعض الشركات المصرية ساهمت بمبلغ 20 مليون جنيه ، هذا بالإضافة إلى أن الحساب الخاص بتبرعات المصريين الذي تم فتحه تحت رقم 25- 1-2011 لا يزال يعمل، بمعنى أن هناك من يدفع أموال من المصريين في الداخل و الخارج لدعم الاقتصاد المصري من خلال هذا الحساب الذي تم إنشاؤه في ابريل 2011 في ظل حكومة د. عصام شرف.

ثالثا: مبادرة المصريين بالخارج للتنمية
حيث جاء وفد تابع لاتحادات المصريين العاملين بالخارج في دول عربية وأجنبية في شهر يناير 2012 و طلب مقابلة الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء لكي يساهم المصريين في الخارج في عملية دعم وتنمية الاقتصاد المصري كرد فعل لما أعلنه رئيس الوزراء من أن الأشقاء العرب في الخليج أداروا ظهورهم عن مساعدة مصر اقتصاديا، بالإضافة إلى الاتجاهات السلبية حيال ما طلبته مصر كقرض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في هذه الفترة وقد طلب رئيس وفد المصريين بالخارج السيد أحمد العطار "إصدار مذكرة من مجلس الوزراء والمجلس العسكري أو البرلمان القادم تلزم الحكومات المتعاقبة بعدم المساس بما يتم الاتفاق عليه في ذلك الاجتماع (يشير إلى الاجتماع بين وفد المصريين بالخارج و مجلس الوزراء الذي قرر له الانعقاد في منتصف فبراير 2012) والإعلان الرسمي عن هذه المذكرة فى الجرائد العامة" هذا بالإضافة إلى انه تم الاتفاق فيما بين رئيس الوفد ورئيس الوزراء وبعض الوزراء على إصدار سندات حكومية دولاريه يقوم بشرائها العاملين بالخارج ويتم تحديد موعد إصدارها وقيمتها وأوجه استثمار حصيلة السندات والخطة الإعلامية.

وقد تم من أسبوع أو أكثر الإعلان رسميا عن أن البنك المركزي المصري اتفق مع البنك الأهلي المصري على طرح صكوك إسلامية بقيمة ملياري دولار على أن يتبنى بيعها فروع البنك الأهلي فى دول الخليج للمصريين العاملين هناك.

أما عن مشروع بيع الأراضي السكنية للمصريين العاملين بالخارج فقد أُعلن منذ يومين عن أماكنها في مصر وأسعارها التي تتراوح ما بين 200 إلى 500 دولار أمريكي للمتر، فهنا و كاستطلاع للرأي من قبل المصريين العاملين بالخارج وجد أن نسبة 80% منهم اعترضوا على الأسعار بشكل ينذر بفشل هذا المشروع. لذلك نوجه عناية السيد وزير الإسكان إلى مراجعة أسعار هذه الأراضي ، كما نذكر الحكومة بما تفعله مع المستثمر الأجنبي من تشجيع للاستثمار وبيع أراضى الدولة بأسعار متدنية فبعضها تم بيعه بسعر 1 جنيه للمتر وبعضها 1 دولار للمتر ، والآن توجد مشروعات لاسترداد فروق الأسعار والمصالحة فيما بين رجال الأعمال والحكومة لتوفيق الأوضاع.

رابعا: من أين جاءت احتياطات مصر من العملة الأجنبية و فيم أنفقت؟
انطلاقا مما أثير بشأن احتياطيات البنك المركزي المصري من الدولار الأمريكي والمخاوف المرتبطة بإفلاس الدولة وبالتالي تخليها عن سداد الديون الخارجية (أقساط وفوائد) من جانب وتراجع الاحتياطيات عن الحدود الآمنة لتغطية واردات الدولة خلال ثلاثة أشهر نجد الآتي:

أ‌- بلغت قيمة الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي 7.5 مليار دولار عام 2009, وهنا السؤال كيف وصل الاحتياطي قبل الثورة مباشرة (يناير 2011) إلى 36 مليار دولار؟ وهنا الإجابة ببساطة ان زيادة الاحتياطيات من 7.5 مليار إلى 36 مليار كان عن طريق الاقتراض من الخارج والاستدانة وهذا انعكس على جملة الديون السيادية الخارجية لمصر بزيادتها إلى 35.9 مليار دولار قبل الثورة.

ب‌- انخفض الاحتياطي لدى البنك المركزي من 36 مليار في يناير 2011 إلى 15.6 مليار بنهاية يناير 2012 وهذا الانخفاض بسبب ثلاث بنود رئيسية:

1- سياسة البنك المركزي في حماية قيمة الجنيه المصري (العملة المحلية) من الانهيار مما يتطلب ضخ عملة أجنبية من الاحتياطي لدى البنوك و شركات الصرافة العاملة في البيئة المصرفية المصرية.

2- سداد أقساط الديون الخارجية والفوائد بالعملة الأجنبية وهذا يحدث مرتين في السنة (يناير – يونيو).

3- الواردات السلعية لتغطية الاحتياجات الإستراتيجية من الغذاء وفي مقدمتها القمح ثم السلع التموينية ثم مواد الطاقة من المحروقات.

ج - تجدر الإشارة إلى أن سياسة تدخل البنك المركزي المصري في الدفاع عن العملة المحلية على حساب استنزاف الاحتياطي الرسمي من العملات الحرة ثبت فشلها عالميا كإستراتيجية في مواجهة عجز ميزان الحساب الجاري ولنا في ذلك أمثلة حيث استخدمت بريطانيا عام 1992 هذه السياسة ثم تخلت عنها بعد تآكل كل الاحتياطي لديها، أيضا استخدمت نفس السياسة تايلاند عام 1997 و أدت إلى إفلاس الدولة ، أما عن ماليزيا عام 1997 والتي واجهت نفس المشكلة فقد تخلت عن سياسة حماية العملة المحلية وطبقت سياسة التعويم الكامل .

خامسا: الديون السيادية المصرية بنهاية حكومة أحمد نظيف أي بعد سقوطها في أواخر يناير 2011 كانت الديون المصرية كالآتي:
أ‌- الديون الخارجية = 34.9 مليار دولار ب‌- إجمالي الدين الداخلي = 962.2 مليار جنيه مصري و يلاحظ أن الديون الخارجية ارتفعت بعد عام من الثورة لتصل إلى 36.2 مليار دولار أما الدين الداخلي ارتفع حتى يناير 2012 ليصل إلى 1044.2 مليار جنيه أي بزيادة 82 مليار جنيه مصري

سادسا: علاقة تراكم الديون السيادية و عجز الموازنة
1- أن إتباع سياسة الدين الداخلي في مصر بدأت منذ عام 1991 واعتمد تمويل عجز الموازنة على الدين الداخلي خلال عشرين سنة ماضية مما أدى إلى تراكم الديون الداخلية ووصولها إلى هذه الأرقام وتضاعفت ثلاث مرات حيث نجد أن:
أ‌- عام 1996 ← 107 مليار جنيه مصري
ب‌- عام 1999 ← 217 مليار جنيه
ج - عام 2004 ← 434.9 مليار جنيه
د‌- يناير 2011 ← 962.2 مليار جنيه .

2- أن إتباع سياسة تمويل عجز الموازنة عن طريق الديون مع تجاهل وضع أي استراتيجيات لزيادة إيرادات الدولة السيادية والاعتماد ليس فقط على الاستدانة من المصادر الداخلية والخارجية بل أيضا استخدام المنح والإعانات والتبرعات الخارجية لدعم الوضع الاقتصادي بالإضافة إلى الاعتماد على الاستثمارات من الخارج للداخل سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة وتم تجاهل أن مخرج مشاكل عجز الموازنة يكمن فى تنشيط قطاعين لا بديل لهما وهما السياحة والتصدير.

وعند قيام الثورة و تداعيات الانفلات الامنى و استمرار الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات أدى إلى هروب جزء كبير من الاستثمارات الأجنبية (مباشرة وغير مباشرة) للخارج و ما أصاب قطاع السياحة من تدنى نسب الإشغالات بالإضافة إلى الصناعات المغذية لهذا القطاع والتي تصل إلى 70 صناعة والانعكاسات السلبية لجزء من عجلة الإنتاج المرتبط بشكل مباشر وغير مباشر برجال الأعمال التابعين لنظام مبارك وأيضا توقف المنح والإعانات والمساعدات الخارجية التي لا نعلم حتى الآن أين كانت تذهب، هذا بالإضافة إلى حصيلة الخصخصة التي لا يعلم عنها أحد وما ارتبط بها من فساد.

وفي ظل ضغوطات المطالب الفئوية التي ارتبطت بالمطالبة بزيادة الأجور (الحد الأدنى للأجور) ومحاولات حكومات الثورة علاج ما يمكن علاجه للتوازن فيما بين مستوى الأجور وأسعار السلع الاستهلاكية أدى إلى زيادة عجز الموازنة 2011—2012 إلى 144 مليار جنيه.

3- مشكلة الدعم التي فشل حلها عبر حكومات النظام السابق و حكومات الثورة إذ بلغت جملة الدعم في موازنة 2011—2012 إلى 140 مليار جنيه مصري (يبلغ دعم المحروقات 98 مليار بينما رغيف العيش و السلع التموينية 42 مليار).

4- انعدام وجود إستراتيجية اقتصادية في مصر والاعتماد على الخطط المستوردة من أمريكا واشتراطات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في الشأن الاقتصادي المصري أدى إلى فقدان استقلالية العقلية المخططة اقتصاديا في مصر وقيامهم بدور المنفذ للخطط الأمريكية والغربية مما انعكس تدميريا على الوضع الاقتصادي الراهن.

5- في ضوء أن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة فهذا زاد من تفاقم المشاكل الاقتصادية المتجذرة ووصول مستويات الديون السيادية إلى هذا الحد. سابعا: من أجل نجاح مبادرة الدعم الذاتي للاقتصاد المصري لتحقيق نجاح ما يدور من فكر ارتبط بالاستغناء عن المعونة الأمريكية، في حين أننا نجد أن المشكلة ليست في المعونة الأمريكية بل في كيفية إنقاذ الاقتصاد المصري والعبور به إلى ما بعد المرحلة الانتقالية ووضع الأساسات لمؤسسات الدولة من (برلمان أو مجالس نيابية – دستور – رئيس منتخب) حيث أوضحنا أن الاستغناء عن المساعدات الأمريكية لا يمثل أي تهديد حقيقي للاقتصاد المصري بل التهديد والتحديات تتمثل في كيف يتم تنفيذ المشروعات القومية لعلاج المشاكل الاقتصادية والاجتماعية لكي تنجح الثورة المصرية وهذا يتطلب أولا إستراتيجية كلية يتم وضعها بطريقة علمية وعملية تأخذ في الاعتبار المشاكل الداخلية والتحديات الخارجية وتعمل على استغلال الفرص ونقاط القوة لعلاج نقاط الضعف ومواجهة التهديدات حاليا ومستقبلا .

* لذلك قمنا بوضع رؤية إستراتيجية من جزئين

الجزء الأول: ما هي المشروعات المطلوب تنفيذها؟
1- مشكلة البطالة : يتطلب ذلك إنشاء صندوق إعانة بطالة للطبقات الفقيرة والمهمشة حتى يمكنهم رفع مستوى المهارة عن طريق تعلم اللغات وبرامج الكمبيوتر وإعطائهم برامج تدريبية لإعادة الهيكلة التحويلية حتى يمكن تكيف هؤلاء داخل أسواق العمل محليا وإقليميا ودوليا، أما عن الفئات الشبابية متوسطة الدخل فيتم توجيهها إلى ثقافة العمل الحر من خلال المشروعات متناهية الصغر والصغيرة.

2- المشروع القومي للإسكان: هناك بدايات تمت في حكومة د. عصام شرف ومستمرة في حكومة د. كمال الجنزورى ارتبطت بمشروع المليون وحدة سكنية على خمس سنوات بنظام الإيجار التمليكى ، فمن أجل زيادة عدد الوحدات إلى 5 مليون وحدة في عشر سنوات يمكن فتح باب الاكتتاب لصندوق مستقل بهذا الشأن يشترك فيه جميع قطاعات الدولة وأفراد الشعب ويجدول زمنيا في ضوء أولوية الاحتياج خلال العشر سنوات وبذلك يطمئن أفراد الشعب من أن أموالهم سوف يتم استثمارها في علاج مشاكلهم ، ونحقق الثقة والمصداقية فيما بين الحكومة والشعب.

3- وصول الغاز الطبيعي إلى أكبر عدد ممكن من المناطق والأحياء السكنية إذ ينعكس ايجابيا على المواطنين وتقليل معاناة عجز غاز البوتاجاز وما يرتبط بها من مشاكل اجتماعية لسلعة إستراتيجية ترتبط بالأمن القومي حيث أن تكلفة توصيل الغاز الطبيعي للوحدة السكنية الواحدة تصل إلى 2500 جنيه تتحمل الدولة 1000 جنيه ويقع على عاتق المواطن 1500 جنيه وهناك فئات كثيرة غير قادرة، فالحل هو التقسيط وتحميل الأقساط على الفواتير الشهرية ، إذن يحتاج الأمر الى تمويل، بالإضافة إلى أن دعم البوتاجاز للأسرة سنويا يفوق 2000 جنيه

4- الاتجاه نحو الاكتفاء الذاتي من السلع الإستراتيجية وفي مقدمتها القمح من أجل توفير الخبز لمحدودي الدخل وفي نفس الوقت نتلافى مشاكل الاستيراد وإهدار العملة الأجنبية وارتفاعات الأسعار عالميا فيمكن تفعيل الاستثمار الزراعي في دولة شمال السودان حيث يتوافر الأرض الخصبة والمياه والأيدي العاملة الرخيصة وهنا نحتاج إلى أموال من أجل استثمارها

5- بعد أن ثبت نجاح مشروع مترو الأنفاق وما ارتبط به من علاج لاختناق المرور ومعاناة المواطن المصري يوميا وإهدار الوقت فيجب أن يعمم ذلك ليس فقط في مناطق الكثافة السكانية بل أيضا فى المدن الجديدة تلافيا للمشاكل المستقبلية وهنا يمكن تمويل ذلك عن طريق الاكتتاب العام من قبل أفراد الشعب وتكون القيمة الاسمية للسهم جنيه واحد إعمالا بمبدأ المشاركة وعدم تحمل الدولة لمزيد من المديونيات.

6- إعادة النظر في آليات تحفيز المصريين العاملين بالخارج لكى تكون مشاركتهم في دعم الاقتصاد المصري و بناء دولتهم ايجابية حيث أنه سوف يعود إلى الوطن أن آجلا أو عاجلا و يحتاج الجدية و أن تراعيه حكومة بلده و تعلم أنه يعانى في الغربة من أجل حياة كريمة له و لأسرته حين يعود لبيت العائلة.

7- التوجه نحو سداد جزء من الديون الداخلية من قبل الحكومة و قد يمكن بيع جزء من الدين لصناديق دعم الاقتصاد حتى تتوافر سيولة لدى الشركات التي تعمل داخل أجهزة الدولة يمكن بذلك إنعاش الاقتصاد عن طريق تدوير الاستثمارات بشكل حقيقي و ليس ورقى.

الجزء الثاني: مصادر التمويل المرتبطة بالدعم الذاتي
1- لابد أن توجه المبادرة أولا نحو الفئات الغنية ماديا والميسورة مثل رجال الأعمال، المشاهير من مجتمع الفن والرياضة، الإعلاميين، وأصحاب القنوات الفضائية، رجال الدين والدعاة الذين يمتلكون قنوات فضائية، القضاة والسياسيين، جزء من أموال الزكاة وأموال وزارة الأوقاف

2- جزء من الأموال المجمدة لدى البنوك التي تعمل في مصر وتخص رجال نظام مبارك ممن يتم التحقيق معهم الآن في قضايا غسيل الأموال والفساد المالي والإداري إلى حين البت في القضايا المرتبطة بهم قانونيا.

3- يجب على الاقتصاديين وضع التصورات لهذا المشروع تلافيا لتأثيره سلبيا على السيولة لدى الأفراد ومواجهة مشكلة الركود الاقتصادي ، أيضا يجب على القانونيين داخل الحكومة المصرية تقنين الاكتتاب العام لمشاركة الشعب المصري في الداخل والخارج فى عملية تمويل هذه المشروعات ولا تكون في شكل تبرعات أو صدقة لأن هذا ليس عدالة ، فكيف يتحمل الشعب أخطاء حكومات النظام السابق وتبعات ذلك من إهدار للمال العام و سرقات وفساد مالي ارتبط بنهب أموال التبرعات والمنح (مكتبة الأسكندرية – معهد السرطان – دعم المرأة الريفية – تطوير التعليم) بالإضافة إلى الأخطاء المرتبطة بتجربة خطط اقتصادية داخل النظام الاشتراكي ثم خطط التحول للنظام الرأسمالي وما ارتبط بذلك من فساد وعمولات ورشاوى داخل أعضاء الحكومات التي تعاقبت، ولنا في ذلك أدلة: ما صرحت به "كاثرين أشتون" المفوضة العليا للاتحاد الاوروبى بتاريخ 15 فبراير 2012 من "أن مصر لديها ثروات تكفى لمساعدة ربع أوروبا .. ونظام مبارك سرق خمسة تريليون دولار من المصريين" وهناك أدلة أخرى، ما صرح به أحد مسئولي البنك المركزي المصري عن انه لا أمل في استعادة الأموال المهربة في الخارج لأنها تتبع نظام إيداع "حسابات الثقة" وهذا النوع يصعب تتبعه إذ انشئ حديثا في سويسرا لإخفاء أموال الرؤساء والمسئولين.

4- ومن جانبنا نقترح بدلا من صندوق "العزة والكرامة" أن يتم إنشاء بنوك إحداها متخصص في مشروعات الشباب وآخر متخصص للفقراء وأخيرا بنك للمشروعات القومية، ويمكن استغلال بعض فروع بنك القاهرة وبنك مصر وتحويلها إلى بنوك متخصصة في هذه الأغراض.

نهاية:
بذلك كله يمكن تحقيق التوازن فيما بين إنقاذ الاقتصاد المصري وتحقيق العدالة الاجتماعية للشعب انطلاقا من مبدأ الثقة والحفاظ على أموال الشعب لكي تعود للشعب من خلال قنوات شرعية حتى لا تحدث انتكاسة (لو قامت الإدارة الأمريكية بدفع المعونة لمصر وتراجعت عن غطرستها) أو أي شبهات تجعل الشعب والرأي العام يفقد الثقة وروح المشاركة مستقبلا وتتجه أصابع الاتهام لمن أطلقوا هذه المبادرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.