المنظمات الدولية والحقوقية: لا مخالفات جوهرية تؤثر على سلامة العملية الانتخابية    رواتب تصل ل 45 ألف جنيه.. وظائف جديدة في محطة الضبعة النووية    الجيش السوداني يعلن سيطرته على منطقتين في شمال كردفان    مدير الإعلام بحكومة إقليم دارفور: المليشيات وثقت جرائمها بنفسها    يوسف إبراهيم يتأهل لنهائي بطولة الصين المفتوحة 2025    تعديلات منتظرة في تشكيل شبيبة القبائل أمام الأهلي    وفاة سائق ميكروباص حادث صحراوي المنيا والنيابة تصرح بالدفن    ضبط أنصار مرشح برلماني أطلقوا أعيرة نارية في قنا ابتهاجا بفوزه    «المسار الأزرق».. سحر الواقعية فى مواجهة الاستسلام لقانون العزلة من الحياة    من مقلب قمامة إلى أجمل حديقة.. مشاهد رائعة لحديقة الفسطاط بوسط القاهرة    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    حسن غانم رئيس بنك التعمير والإسكان: تحقيق أولى خطوات تنفيذ استراتيجية 2025-2030 امتدادا لمسيرة النجاح خلال الأعوام الماضية    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    تشكيل إسبانيا الرسمي أمام جورجيا في تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم    ذكرى اعتزال حسام حسن.. العميد الذي ترك بصمة لا تُنسى في الكرة المصرية    الزراعة: تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    برلمانى: الصفقات الاستثمارية رفعت محفظة القطاع السياحي لأكثر من 70 مليار دولار    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    عبور سفن عملاقة من باب المندب إلى قناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    المخرج الصيني جوان هو: سعيد بالأجواء في مصر وأحلم بتصوير فيلم على أرضها    خبير أسري: الشك في الحياة الزوجية "حرام" ونابع من شخصية غير سوية    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    أسامة ربيع: عبور سفن عملاقة من باب المندب إلى قناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    جيراسي وهاري كين على رادار برشلونة لتعويض ليفاندوفيسكي    المصارعة تشارك ب 13 لاعب ولاعبة في دورة التضامن الإسلامي بالرياض    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    اليابان تحتج على تحذيرات السفر الصينية وتدعو إلى علاقات أكثر استقرارًا    المجمع الطبى للقوات المسلحة بالمعادى يستضيف خبيرا عالميا فى جراحة وزراعة الكبد    التعليم العالي ترفع الأعباء عن طلاب المعاهد الفنية وتلغي الرسوم الدراسية    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    للأمهات، اكتشفي كيف تؤثر مشاعرك على سلوك أطفالك دون أن تشعري    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    «‏رجال سلة الأهلي» يواجه سبورتنج في إياب نصف نهائي دوري المرتبط    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    فلسطين.. جيش الاحتلال يعتقل 3 فلسطينيين من مخيم عسكر القديم    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد المصري‏..‏ نظرية الحصان العربي ومقومات الانطلاق الخمسة

انقسمت الآراء بشأن الأداء المتوقع للاقتصاد المصري في ظل التركيبة الوزارية الجديدة‏.‏ فبينما يري فريق أن تركيبة المجموعة الوزارية الاقتصادية تبدو تقليدية التفكير لكونها من وزارات سابقة.
ومن ثم لن تقدم حلولا مبتكرة لمشكلات مصر الاقتصادية المزمنة‏.‏ لكن في المقابل فان ثمة فريقا آخر يعتقد أن التركيبة الجديدة تود إيصال رسالة للداخل والخارج باستقرار إدارة دفة الاقتصاد المصري‏.‏أعباؤها الاقتصادية والاجتماعية تشكل تركة أكثر من ثلاثين عاما لنظام سياسي جائر خلعته واحدة من كبري الثورات في تاريخ مصر الحديث‏..‏ إنها أول حكومة يشكلها أول رئيس مدني منتخب علي الإطلاق في التاريخ المصري‏..‏ فما الذي يمكن استشفافه من تركيبة المجموعة الاقتصادية في أول حكومة فيما يسمي بالجمهورية الثانية للدولة المصرية‏.‏
آثر رئيس الوزراء الجديد هشام قنديل بقاء وزير المالية السابق ممتاز السعيد في منصبه وهو شخصية مخضرمة في القطاع المالي المصري وعرف عنه أنه قاد جهودا للحصول علي معونات عاجلة تمس الحاجة إليها في مصر وتردد أن قيمتها قد تصل إلي خمسة مليارات دولار‏.‏
كما جري اختيار أسامة صالح رئيس الهيئة العامة للاستثمار لتولي وزارة الاستثمار التي أعيد احياؤها وهو ماقد يعكس اهتمام الحكومة البالغ بإشكالية طمأنة المستثمرين بشأن أفق الاقتصاد المحلي‏.‏
مؤيدو هذه التركيبة الوزارية يعتقدون أن رئيس الوزارء الجديد تعمد اختيار شخصيات رسمية مخضرمة يغلب عليها الطابع التكنوقراطي أكثر منها السياسي بهدف إيصال رسالة للداخل والخارج بأنه سيكون هناك نوع من الاستقرار في إدارة دفة الاقتصاد المصري‏.‏
أما الفريق المعارض لهذه التركيبة فيري أن سابق الأيام برهن أن هذه التركيبة تبدو تقليدية التفكير وقد لاتقدم أي حلول جديدة مبتكرة للمشكلات المزمنة التي يعانيها اقتصاد أكثر البلدان العربية سكانا‏.‏
وفي مقال له في مجلة فورين بولسي الأمريكية وصف محمد العريان الذي يعد واحدا من أكبر الخبراء الماليين في العالم وأكبر مستثمر في السندات السيادية في العالم الاقتصاد المصري بأنه كالحصان العربي الذي يكافح كي يعدو بسرعة كبيرة‏.‏ وأوضح العريان أنه عندما تكون الأرض ممهدة والوجهة محددة لهذا الحصان العربي فانه ينطلق بثبات ورشاقة والعكس بالعكس‏.‏
ومحمد العريان خبير اقتصادي مصري‏/‏ امريكي يشغل حاليا منصب الرئيس التنفيذي لأكبر شركة تتعامل في السندات في الأسواق العالمية‏.‏
وقد ولد العريان من أم فرنسية وأب مصري‏,‏ هو عبدالله العريان‏,‏ الذي كان أستاذا للقانون ثم قاضيا في محكمة العدل الدولية‏.‏ وعمه كان أحمد العريان‏,‏ أستاذ هندسة المواد في كلية الهندسة‏,‏ جامعة القاهرة‏.‏ ويعد العريان أحد الخبرات والكفاءات المصرية النادرة التي نالت اهتماما دوليا عالميا وحصدت مكانا مرموقا في مجال المال والاقتصاد‏.‏ وبفضل خبرته العريقة‏,‏ تلقي محاضراته التي يلقيها في أنحاء عديدة من دول العالم اهتماما من نخبة المجتمع والسياسيين والخبراء الاقتصاديين وأهل الصناعة‏.‏
وحصل العريان علي شهادته الجامعية في الاقتصاد من جامعة كامبريدج‏,‏ ثم حصل علي شهادتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة أكسفورد‏.‏
وشغل محمد العريان منصب الرئيس التنفيذي لمؤسسة بيمكو الاستثمارية العالمية التي تدير أصولا تزيد قيمتها علي تريليون دولار أمريكي‏,‏ وذلك منذ عودته إليها في عام‏2008‏ وذلك بعد أن عمل لمدة عامين رئيسا تنفيذيا في وقف جامعة هارفارد الذي يتولي إدارة صندوق المنح الجامعية والحسابات التابعة لها‏.‏ ورغم أنه لم يطل مكوثه هناك‏,‏ فإنه خلال سنة مالية كاملة من قيادته استطاع الصندوق أن يحقق عائدا نسبته‏23‏ في المائة‏,‏ هو الأعلي في تاريخ الجامعة‏.‏
وعمل العريان لمدة‏15‏ عاما لدي صندوق النقد الدولي في واشنطن قبل تحوله للعمل في القطاع الخاص‏.‏ ويقول العريان في مقالته في مجلة فورين بوليسي أن معيار نجاح الثورة المصرية سيكون الاقتصاد بمعني انه إذا نجح الاقتصاد فان هذا يعني نجاح هذه الثورة وإذا فشل فان هذا يعني نجاح الثورة المضادة‏.‏ ووصف العريان الوضع الاقتصاد الراهن في مصر بأنه غير مطمئن إلي حد بعيد للغاية‏.‏ فمعدلات النمو الاقتصادي في مصر غير كافية والمصانع تعمل دون طاقتها الإنتاجية والاستثمارات في الصناعات الجديدة ضعيفة للغاية والسياحة ضربت في مقتل مع صعود في معدلات البطالة والبطالة المقنعة لتشكل تحديا اقتصاديا واجتماعيا ضخما مع بلوغ معدلها بين الشباب إلي أكثر من خمسة وعشرين في المائة‏.‏ وحتي هؤلاء الذين ينعمون بفرص عمل فانهم يشعرون بالإحباط جراء أجورهم المستوي المتدني لأجورهم وعدم مسايرة هذه الأجور البائسة لتطلعاتهم وهو الأمر الذي يضرب في الصميم علاقات العمل بسبب الإضرابات التي ينظمها العمال للمطالبة بحقوقهم‏.‏ كما لاتمتلك مصر مدخرات يمكن الاعتماد عليها لانجاز تحولها الاقتصادي الراهن كما تعاني من شبكة أمان اجتماعي ضعيفة للغاية مع عجز مالي تعادل نسبته أكثر من عشرة في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي جراء صعود تكاليف الاقتراض واستنزاف أكثر من ثلثي الاحتياطي النقدي الاستراتيجي‏.‏ باختصار فان الاقتصاد المصري يبدو وكأنه جري سحب الأكسجين منه وهو يناضل من أجل البقاء‏.‏ ويؤكد العريان انه كلما طالت فترة هذه الاضطرابات الاقتصادية كلما تعرضت الثورة لمزيد من المخاطر بصورة قد تتسع دائرة تداعياتها السياسية إلي بقية أنحاء منطقة الشرق الأوسط‏.‏ وأضاف أن الدول الأوروبية تخشي بشدة هذه الأيام من أن تتحرك من مصر موجات هجرة واسعة النطاق إلي أراضيها سواء بشكل مشروع ان غير مشروع‏.‏ وتابع العريان قائلا إن هناك حالة من الإحباط المتنامي بدأت تتفشي الآن في الشارع المصري وأن هناك مخاوف من تفشي روح التشاؤم‏.‏ وقال العريان كذلك أن معيار نجاح الثورة لايتمثل في الإطاحة برأس النظام وإنما في النجاح في تفكيك الماضي لصالح مستقبل أفضل‏.‏
المقومات الخمسة‏:‏
لكن في المقابل يقول العريان أيضا أن هناك خمسة أسباب أو مقومات تدعو إلي التفاؤل بشأن وضع الاقتصاد المصري والمشهد السياسي المصري إجمالا وهي‏:‏
‏1‏ اعتراف كل القوي السياسية والشارع المصري برمته بأهمية الملف الاقتصادي‏.‏
‏2‏ تمتع الاقتصاد المصري بمميزات وموارد اقتصادية وبشرية يمكن من خلالها تحقيق معدلات نمو مرتفعة وإرساء معالم سوق عمل ديناميكية‏.‏
‏3‏ أن مصر تتمتع بسوق محلية ضخمة كما أنها تشكل معبرا استراتيجيا للمنطقة برمتها ومن ثم فانه من السهولة بمكان بالنسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة‏.‏
‏4‏ رغبة المصريين العاملين في الخارج والمهاجرين في المشاركة في دعم الاقتصاد المصري‏.‏
‏5‏ أما العامل الخامس فيتمثل في احساس المصريين للمرة الأولي منذ عقود طويلة بأنهم في بلدهم وان لهم كلمة في صنع مستقبل هذا البلد‏.‏
تحذيرات
وفي استطلاع أجرته صحيفة فاينانشيال تايمز‏,‏ أجمعت ثلة من بيوت المال العالمية علي أن الاقتصاد المحلي سيكون من أكبر الخاسرين في خضم التوترات السياسية الراهنة التي أعقبت أول انتخابات رئاسية بعد الثورة وذلك جراء التوقعات بأن تطول الفترة الانتقالية الراهنة واحتمال أن تشهد هذه الفترة مزيدا من التعقيدات السياسية والاقتصادية مما قد يلقي بظلال كثيفة للغاية علي الأداء الكلي لاقتصاد الدولة المصرية التي تتمتع بأكبر اقتصاد في شمال أفريقيا‏.‏
فقد حذر بنك باركليز البريطاني الذي تبلغ قيمة أصوله تريليونا ونصف التريليون جنيه إسترليني من أنه يتعين علي مصر سداد أقساط ديون تبلغ قيمتها أكثر من ملياري دولار خلال ماقد يصل إلي أربعة أشهر‏.‏
ومن المتوقع أن يتسبب هذا الأمر حسبما يري البنك في الضغط علي احتياطيات مصر الإستراتيجية النقدية المتهاوية أصلا ومن ثم علي سعر صرف الجنيه الذي قد يخسر ما قد يصل إلي خمسة وعشرين في المائة من قيمته خلال شهور حسب تقديرات مجموعة سيتي جروب الأمريكية التي تعد أكبر مؤسسة خدمات مالية في العالم والتي تبلغ قيمة أصولها أكثر من تريليون وثمانمائة مليار دولار‏.‏
كما أن هذا الأمر والكلام مازال هنا لبنك باركليز قد يضغط علي البورصة المصرية التي خسرت أكثر من سبعة وثلاثين مليار دولار من قيمتها السوقية خلال العام الماضي فقط‏.‏
الاحتياطيات والواردات‏.‏
أما مصرف رويال بنك اسكوتلاند البريطاني الذي تبلغ قيمة أصوله أكثر من تريليون ونصف التريليون جنيه إسترليني فقد حذر من أن احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي التي تهاوت بأكثر من خمسين في المائة بعد الثورة لاتغطي واردات البلاد إلا شهرين ونصف الشهر فقط‏.‏
كما حذر البنك من أن حجم هذه الاحتياطيات تقل عن حجم الالتزامات المالية الخارجية التي يتعين علي مصر تسديدها خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة والتي تبلغ حوالي سبعة عشر مليار دولار‏.‏
أما مؤسسة كابيتال إكونومكس المالية العالمية‏,‏ فقد حذرت من ان الاقتصاد المصري قد لاينمو بأكثر من واحد ونصف في المائة خلال العام الحالي‏,‏ وذلك بعد انكماشه بنسبة ثمانية أعشار في المائة في العام الماضي للمرة الأولي مند ستينيات القرن المنصرم‏.‏
هذا الأمر قد ينذر حسب مؤسسة كابيتال إكونومكس بمزيد من الانفجارات الاجتماعية التي قد تصل إلي حد اندلاع ثورة جديدة إذا مافشلت المساعي الرامية إلي إصلاح الوضع الاقتصادي‏.‏
أما مؤسسة ميرل لينش الأمريكية التي تعد أكبر بيت سمسرة في العالم والتي تدير اصولا تبلغ قيمتها أكثر من تريليوني دولار فتؤكد أن هناك مايشبه الهروب الجماعي من السندات السيادية المصرية إذا تهاوي حجم الاستثمارات الأجنبية في هذه السندات من أكثر عشرة مليارات دولار في ديسمبر من عام ألفين وعشرة إلي ثلاثمائة مليون دولار فقط‏.‏
وضع الاحتياطيات الاستراتيجية
لكن الاحتياطيات النقدية الأجنبية‏,‏ واصلت ارتفاعها حيث أعلن البنك المركزي زيادة صافي احتياطي النقد الأجنبي بنحو‏300‏ مليون دولار‏,‏ أي بنسبة‏9.1‏ في المائة‏.‏
وقد حدث ذلك خلال شهر مايو الماضي لتصل قيمة هذه الاحتياطيات إلي‏5.15‏ مليار دولار مقابل‏2.15‏ مليار دولار في ابريل الماضي‏.‏
وأرجع خبراء اقتصاديون ارتفاع الاحتياطي النقدي إلي ارتفاع العائدات السياحية‏,‏ وقيام المملكة العربية السعودية بضخ‏3‏ مليارات دولار في صورة أموال سائلة‏,‏ وشراء أذون خزانة وسندات مصرية‏.‏
كما يقول الخبراء إن حصيلة الصكوك التي طرحتها الحكومة المصرية للمصريين في الأسواق الخليجية أسهمت في زيادة إيرادات البلاد من العملة الأجنبية‏.‏
كما أسفر تحويل العراق لقيمة الحوالات الصفراء للعاملين المصريين والبالغ حجمها‏500‏ ملون دولار فضلا عن طرح أراضي للمستثمرين المصرين بالخارج بالعملة الأجنبية ساهمت أيضا في زيادة احتياطي النقد الأجنبي‏.‏
ويشار في هذا الصدد إلي أن إجمالي مافقده الاحتياطي النقدي الأجنبي لدي البنك المركزي المصري بعد ثورة‏25‏ يناير بلغ نحو‏6.21‏ مليار دولار‏.‏
قطاع السياحة
أما بالنسبة إلي قطاع السياحة فانه من المتوقع حسب التقديرات الحكومية الرسمية أن يعود عدد السياح هذا العام إلي مستواه الذي كان عليه قبل الثورة الذي كان يدور حول‏5.14‏ مليون سائح قبل أن يهبط في‏2011‏ عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك وإن كانت هناك تقديرات مستقلة تشكك في هذا الأمر‏.‏
وتقول الحكومة إن هناك بالفعل بعض علامات التحسن حيث ارتفع عدد السياح الذين وصلوا البلاد بنسبة‏40‏ في المائة في الأشهر الأربعة الأولي من هذا العام مقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق‏.‏
ويذكر في هذا الصدد أن السياحة تشكل أكثر من عشر الناتج المحلي الإجمالي أي قيمة ماينتجه المجتمع المصري من سلع وخدمات في سنة ويعمل فيها واحد من كل ثمانية عمال في مصر التي كان ارتفاع نسبة البطالة فيها من العوامل التي سببت الثورة‏.‏
وتقول وزارة السياحة إن نمو أعداد السائحين ستدفعه منتجات جديدة تعرضها مصر مثل إعادة تشغيل الرحلات النيلية من القاهرة إلي أسوان‏.‏
وأوضحت الوزارة أن‏7.14‏ مليون سائح زاروا مصر في‏2010‏ وحققت السياحة‏5.12‏ مليار دولار لكن العدد انخفض الي‏8.9‏ مليون سائح في‏2011‏ وحققت السياحة في ذلك العام‏8.8‏ مليار دولار‏.‏
من المتوقع ان تنخفض الإيرادات هذا العام مقارنة مع‏2010‏ نظرا لانخفاض أسعار الغرف منذ الثورة‏.‏ وانخفض متوسط إنفاق السائح الي‏72‏ دولارا في اليوم العام الماضي من قرابة‏85‏ دولارا في اليوم في عام‏.2010‏
ومن الجوانب الايجابية أن أعداد السائحين القادمين من روسيا وأوروبا الشرقية ظلت علي مستوياتها حيث لم يتأثر هؤلاء بالاضطرابات التي تعصف بالمنطقة‏.‏
معضلة الحكومة
وتتمثل المعضلة المالية الكبري للحكومة في اضطرارها إلي الاقتراض بأسعار فائدة كثيرا ماتكون كبيرة لتمويل عجز الميزانية وذلك بعد أن وصلت البنوك المحلية إلي طاقتها القصوي في الاقتراض‏.‏
وحتي الآن فان الجنيه المصري مازال صامدا إذ لم يتراجع إلا بنسبة أربعة في المائة بعد الثورة‏.‏
لكن الاقتصاد الكلي للدولة نما بنسبة طفيفة بلغت ثلاثة أعشار في النصف الثاني من عام‏2011‏ لكن محللين يرون أنه انكمش العام الماضي لأول مرة منذ ستينيات القرن الماضي وسط الأزمة التي دخلت فيها البلاد بعد الثورة التي أطاحت بحكم مبارك في فبراير من عام‏2011‏
وتشير التوقعات الي أن الاقتصاد سينمو بنسبة ثلاثة في المائة تقريبا خلال‏2012‏ أي أقل من المتوسط الذي حققه خلال العقد الماضي والبالغ خمسة في المائة‏.‏
مخاوف المستثمرين
وذكرت وكالة رويترز في تقرير لها إن قرار حل مجلس الشعب الذي انتخب بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في العام الماضي تسبب في انزعاج المستثمرين الذين يخشون أن تنزلق مصر بسرعة صوب أزمة في ميزان المدفوعات وانهيار عملتها‏.‏
وأوضحت الوكالة أنه علي مدي حوالي‏16‏ شهرا منذ انهيار حكم مبارك الذي استمر‏30‏ عاما تقلصت معدلات النمو في مصر صاحبة أكبر اقتصاد في شمال افريقيا علي مستوي متدن وتقلصت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي إلي النصف‏,‏ مما أضعف قيمة الجنية المصري‏,‏ وأربك الدائنين الخارجيين الذين يستحق علي مصر سداد مليارات الدولارات لهم علي مدي الأشهر المقبلة‏.‏
وقد تسببت التوترات السياسية في تأخير المساعدات من صندوق النقد الدولي وإبعاد المستثمرين الأجانب‏.‏ وفي الوقت نفسه تضخم العجز في ميزان المدفوعات المصري إلي‏11‏ مليار دولار في الأشهر التسعة الأولي من السنة المالية‏2011‏ 2012‏ أي أكثر من مثلي مستوياته في العام الماضي‏.‏
وذكر مصرف بنك أوف أمريكا ميريل لينش إنه من الصعب توقع أن يتشكل توافق سياسي وفي غيابه من الصعب توقع كيف يمكن الحصول علي دعم لسد الاحتياجات المالية الخارجية‏.‏
وأدت أنباء قرارات المحكمة الدستورية العليا إلي ارتفاع تكاليف التأمين علي ديون مصر إلي أعلي مستوي منذ ثلاث سنوات أي أن المستثمرين يضطرون لدفع مبالغ أكبر للتأمين علي استثماراتهم في ديون مصر‏.‏
كما قررت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني التي تقوم بتصنيف الديون السيادية لبلدان العالم خفض تصنيفها للديون السيادية علي مصر درجة أخري وأبرزت احتمالات اتخاذ قرارات أخري مماثلة خلال فترة تتراوح بين‏12‏ و‏18‏ شهرا مقبلة
وأوضحت الوكالة أنه أيا كانت النتيجة النهائية للأحداث في مصر فإن العملية السياسية وعملية وضع السياسات تعقدت مما يرجئ التطبيق المحتمل لإصلاحات الاقتصاد الكلي الشاملة والإصلاحات الهيكلية الضرورية لدفع الانتعاش وتخفيف الضغوط التمويلية‏.‏
وضع الجنيه
وعلي الرغم من صمود الجنيه المصري حتي الان فان هذا الصمود بدا هذه الأيام وكأنه يترنح أو يكاد‏,‏ إذ هبط سعر صرف الجنيه إلي أدني مستوي له في ثمانية أعوام ليستأسد عليه الدولار ولتكسر العملة الأمريكية حاجز ستة جنيهات وذلك للمرة الأولي منذ تعويم العملة المصرية في عام ألفين وثلاثة‏.‏
فالجنية بدا وكأنه يواجه ضغوطا اقتصادية وسياسية أقوي من قدرة أية عملة علي الاحتمال‏...‏ ضغوطا وصلت إلي حد تنامي جدل حول احتمال إفلاس الدولة ربما خلال أشهر‏.‏
جاء ذلك بعد أن قفز الدين الداخلي إلي أكثر من تريليون جنيه كاسرا كل الخطوط الحمراء المتعارف عليها دوليا‏.‏ وبعد أن تهاوي الاستثمار الأجنبي بأكثر من تسعين في المائة‏.‏
هذا بالإضافة إلي تفاقم العجز في الميزانية وتعطل جانب لافت من عجلة الإنتاج جراء حالة الغليان السياسي والعمالي التي تموج بها الدولة‏.‏
هذا الغليان فاقم مايعرف بظاهرة الدولرة في سوق الصرف الأجنبي وهي الظاهرة التي تعني التحول عن شراء الجنيه إلي شراء الدولارات‏.‏
ووصل الأمر الي تحذير مصرف سيتي جروب الأمريكي من احتمال أن تهوي العملة المصرية بما قد يتراوح بين عشرين وخمسة وعشرين في المائة خلال العام المقبل إذا ماظل الحل علي ماهو عليه‏.‏
ولكن في المقابل هناك شبه إجماع بين المحللين علي أن الثورة يمكن أن تكون في نهاية المطاف في صالح الاقتصاد المصري برمته ومن ثم في صالح الجنيه شريطة خروج المشهد السياسي المحلي من عنق الزجاجة الراهن ونجاح هذه الثورة في إرساء قواعد ديمقراطية ليبرالية سريعا‏..‏ قواعد تطلق مايوصف بالقدرات الخلاقة للمنظومة الاقتصادية في الجمهورية الجديدة الثانية للدولة المصرية‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.