الرباط: يستعد المغرب والجزائر إلى مصالحة بعد توتر استمر لأكثر من عقدين وذلك مع الإعلان الجمعة عن زيارة رسمية يقوم بها وزير الخارجية المغربي سعد الدين عثماني إلى الجزائر الاثنين المقبل. وقالت الخارجية المغربية في بيان الجمعة: "إن هذه الزيارة تندرج في إطار تعزيز اللقاءات والتشاور التي بدأها البلدان "لرفع مستوى علاقاتهما إلى مستوى تطلعات الشعبين الشقيقين". وأشار موقع "راديو سوا" الأمريكي إلى أن زيارة عثماني الاثنين والثلاثاء، للجزائر ستكون الزيارة الرسمية الأولى لوزير خارجية مغربي منذ 1989، كما أنها الزيارة الرسمية الأولى للخارج لوزير الخارجية المغربي الجديد وهو أحد أبرز قيادات حزب العدالة والتنمية "إسلامي معتدل" الذي سيتباحث مع نظيره الجزائري مراد مدلسي وسيستقبله الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. والعلاقات بين المغرب والجزائر متوترة منذ عقود بسبب نزاع الصحراء الغربية، وتأخذ الرباط على الجزائر دعمها لجبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال هذه المستعمرة الاسبانية السابقة التي ضمها المغرب في 1975. وحصل تحول في الموقف المغربي في الآونة الأخيرة حيث طلب المغرب من الجزائر وضع قضية الصحراء جانبا، خصوصا وأنها في عهدة الأممالمتحدة وإجراءاتها الطويلة، والتركيز على تدعيم العلاقات الثنائية، وتظهر مؤشرات إيجابية أن البلدين بصدد التفكير في تبني هذا النهج. وقال عمار بلاني المتحدث باسم الخارجية الجزائرية: "إن هذه الزيارة تندرج في إطار الديناميكية البناءة التي التزم بها البلدان من خلال تبادل الزيارات الوزارية والتشاور من أجل تعزيز علاقات الأخوة والتعاون التي تربط الشعبين الشقيقين". وأضاف بلاني بحسب المصدر ذاته أن الوزيرين سيعكفان على بحث السبل والوسائل الكفيلة بإعادة دفع اتحاد المغرب العربي من خلال إعادة تنظيم بعض مؤسساته وآلياته من أجل تحقيق فعالية أكثر. واتحاد المغرب العربي الذي تأسس في فبراير/ شباط 1989 يضم ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، لكن هذه المنظمة الإقليمية تعاني من الشلل منذ سنوات بسبب الخلافات بين أعضائها، وكان اتحاد المغرب العربي عقد آخر قمة له في 1994. وقال مصدر مقرب من الحكومة المغربية لوكالة الصحافة الفرنسية: "إن المغرب يعلق أهمية كبيرة على تحسين العلاقات الثنائية، المرحلة المهمة في بناء اتحاد المغرب العربي". وسجل تقارب في الأشهر الأخيرة بين المغرب والجزائر بفضل تصريحات هادئة وتبادل زيارات الوفود الوزارية. وقال العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني: "إن المغرب يؤكد استعداده، سواء على الصعيد الثنائي، وخاصة مع الجزائر الشقيقة، إلى انبثاق نظام مغاربي جديد، يتجاوز الانغلاق والخلافات العقيمة، ليفسح المجال للحوار والتشاور، والتكامل والتضامن والتنمية". وأعرب العاهل المغربي عن أمله في أن يشكل هذا النظام بدوله الخمس، محركا حقيقيا للوحدة العربية، وفاعلا رئيسيا في التعاون الأوروبي - المتوسطي وفي الاستقرار والأمن في منطقة الساحل والصحراء، والاندماج الإفريقي. وأوضح مراد مدلسي وزير الخارجية الجزائري في تصريحات في الآونة الأخيرة بدت صدى لتصريحات العاهل المغربي، أن إغلاق الحدود البرية بين الجزائر والمغرب "لم يكن أبدا قرارا لا رجعة فيه" وأن "المصالحة مع المغرب ستتعزز مع الحكومة المغربية الجديدة". وكان مدلسي أعلن في 3 يناير/ كانون الثاني الحالي أن وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي سيجتمعون نهاية فبراير/ شباط في المغرب. وأوضح أن "اتحاد المغرب العربي يعد صرحا يستدعي تنظيما جديدا لعلاقاتنا وتعديلا للبعض من مؤسساتنا فضلا عن استحداث آليات جديدة". أما عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربية فدعا في ديسمبر/ كانون الأول إلى تقارب مع الجزائر من شأنه، كما قال، حل مشكلة الصحراء الغربية. وقال بنكيران: "إذا ما سويت خلافاتنا مع الجزائر من خلال فتح الحدود، ستحل مشكلة الصحراء الغربية. والإخوة مع الجزائر تحل جميع المشاكل". وأغلقت الحدود البرية بين البلدين البالغ طولها 1500 كلم وتمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الصحراء، في 1994 إثر اعتداء متطرفين إسلاميين في مراكش عزته الرباط للاستخبارات الجزائرية.