حالة من الهجوم على القرآنيين سادت أجواء مؤتمر "السنة النبوية بين الواقع والمأمول"، والذى نظمته جمعية "المكنز" بإشراف ورعاية الأزهر الشريف، وتداول كبار العلماء منصة الحديث معبرين عن احترامهم وتمسكهم الشديد بجناحي الشريعة الإسلامية "القرآن والسنة" ونعرض فيما يلي ملخص حول ما دار بين العلماء من أحاديث وأراء خلال فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الأول لخدمة السنة النبوية، ظهر أمس الأحد بقاعة مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر، حيث من المقرر أن يختتم المؤتمر فاعلياته غدا الثلاثاء بإذن الله. شيخ الأزهر الدكتور" أحمد الطيب"
أكد الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، فى كلمته التى ألقاها عنه مستشاره الفنى الدكتور حسن الشافعى، أن الأزهر يدرك الشريعة الإسلامية ويحفظها من أى تدليس أو تحريف، خاصة بعد أن تكفل الله بحفظها فلم تحرف أو تبدل، ويتضح ذلك فى قوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".
وأوضح "الطيب" أن اللغة العربية، التى هى لسان الشرع، كانت أطول اللغات عمرًا، وستبقى ما بقى الكتاب والسنة المطهرة، ومعربا أن الأزهر يلتزم دائمًا بحمل لواء الحفاظ على الشريعة الإسلامية واللغة العربية، والاعتناء بالقرآن الكريم والسنة النبوية، موضحًا أن ذلك متمثل فى مناهجه الدراسية والدراسات العربية،وهذا هو سر شموخ الأزهر وارتقائه ومكانته العالمية".
وأكد "الطيب" أنه أشرف على هذا المؤتمر إيمانًا بأهمية مثل هذه المؤتمرات لتفعيل وحفظ السنة النبوية، وأن الأزهر يشرف برعاية السنة النبوية، وطلابه، ومد يد العون لكل من يريد القيام بهذه المهمة للنهوض بواقع الأمة المعاصر، وحفظ السنة النبوية فى ظل حملة الهجوم التتارى ضدها من أعداء الإسلام، الذين يريدون الإيمان ببعض الكتاب والكفر بالبعض الآخر بدعوى شرعية القرآن دون السنة النبوية، ولا يلتفتون إلى قوله تعالى "من يطع الرسول فقد أطاع الله".
وشدد أن مواجهة الطغاة والظلمة بلا رفع سلاح ولا إراقة دم ليس من الخروج فى شيء على الحاكم، ولا من الضلالة التى تقود إلى النار، بل إن مواجهة الظلم من الأمور التى لابد من تفعيلها فى حياتنا.
وصرح أن الهدف من إقامة مشروع لنشر السنة هو أن تأخذ بأيد الناس إلى رحاب الوسطية والاعتدال، مؤكدًا أن التحريف الذى طرأ على السنة كان نتيجة إقحام غير المتخصصين فى هذا العلم.
وأعلن رفض الأزهر الشريف وعلماء السنة لدعوات الاستغناء عن السنة والاكتفاء بالقرآن، وأكد أن السنة متلازمة للقرآن الكريم.. ولا يجوز أن يستغنى مسلم عن السنة بدعوى الاكتفاء بكتاب الله، بدليل قوله تعالى: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم"، وقوله صلى الله عليه وسلم:" إنى أوتيت الكتاب ومثله معه"، فحفظ السنة التى هى بيان للقرآن هو جزء من حفظ القرآن الذى تعهد الله بحفظه إلى يوم الدين.
وقال الطيب إن الأزهر ملتزم بحمل لواء حفظ جناحى هذا الدين، وهما القرآن والسنة النبوية، كما يعتنى اعتناءً كاملاً بهما بتدريس المواد الكفيلة بحفظ القرآن والسنة.، مشيرا إلى أنه فى ظل العولمة الكاسحة والظلم المستشرى والحصار التى تشهده الأمة بحاجة إلى تفعيل مصادر تلك الأمة المتمثلة فى كتاب الله وسنته، وأن الأزهر على استعداد للمشاركة بمد يد العون فى أى مشروع يسهم فى تفعيلهما.
وختم الطيب حديثه مطالبا بتفعيل دور السنة النبوية لتصنع ثقافة الأمة الإسلامية وتجدد جوانب حياتها المعاصرة والمستقبلية ومواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التى تواجهها من عولمة وانفتاح ثقافى وفكرى، إضافة إلى الحد من المحن التى تعتصر المسلمين.
الدكتور"أحمد عمر هاشم"
أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، على أنه لم تحظى ثقافة في الوجود بالاهتمام والتدقيق والاستيعاب كما حظيت السنة النبوية، مشيرًا إلى أنها هي العلاج والحل لكل الشئون الحياتية والعبادة.
وأشار إلي أن حياة أي رسول أو عظيم من عظماء البشر لم تحظ باهتمام مثل ما حظيت به حياة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) بالجمع والتوثيق والتدقيق، فنقلت حياته برمتها وأسرارها، في السلم والحرب والمأكل والمشرب وحتى حياته الخاصة، مشيرًا إلى أن السنة النبوية نُقلت بأدق طرق النقل عبر منهج المحدثين.
حذر هاشم مما أسماها التحديات العظيمة وبعض الشغب التي تواجهه سنة الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم، برغم أننا نجد توصية الله عز وجل بأن من أطاع رسول الله فقد أطاعه، مشيرًا إلى أن ذلك أبلغ رد على منكري السنة النبوية، وكذلك في قوله تعالى "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا".
رئيس جامعة الأزهر الأسبق جدد تحذيره من الاستمرار في التطاول على مقام رسول الله صلي الله عليه وسلم من بعض الجهلاء، موضحًا أهمية مثل هذا المؤتمر للرد على منكري السنة والمتطاولين، وأضاف "هذه السنة تحوى جميع الحلول لكل المشاكل التي تواجهنا، وأدعوكم أن تأخذوا من صيدلية السنة العلاج للمشاكل الاجتماعية للأمة"، فهي قادرة علي استيعاب ومواجهة مشاكل المجتمع والتعامل معها وتذليلها باعتبارها أساسا للتشريع، مبينا أن السنة تضمنت نقلا صحيحا لكل حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) لتكون لنا نورا فى حياتنا، مطالبا بالحفاظ عليها وتعظيم الاستفادة منها.
مفتي الجمهورية الدكتور "علي جمعة"
من جانبه أوضح الدكتورعلى جمعة مفتى الجمهورية أن هناك عددًا من المشروعات التى تتم لحفظ السنة، وأن من أكبر المشروعات التى أقيمت لحفظ السنة هو مشروع المكنز، حيث تم الاتفاق فيه على قواعد نوثق بها نصوص السنة، ونجعلها محورًا لحضارتنا وننطلق بها للعالم، مشيرًا إلى أنه لا ينبغى فقط التوثيق للسنة وتأكيد حجيتها.. لكن علينا أن نخرج بها للعمل.
وقال جمعة لقد بحثنا عن أوثق المخطوطات عن السنة فكانت فى القرن السادس، فحرصنا أن نجمع نسخًا كثيرة لكل كتاب للسنة، مؤكدًا أنه بالبحث وجدنا أنه لم تفقد الأمة الإسلامية شيئًا من السنة النبوية، حيث إن التوثيق ألهم الله به أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأوضح أن السنة النبوية والقرآن الكريم هما جناحا الشريعة الإسلامية ولا يمكن التنازل عنهما، بل أيضا جناحا الحضارة الإسلامية التى سادت العالم وأنهما صالحان لكل زمان ومكان، مشيرا إلى ضرورة توثيق مصادر السنة النبوية لتعظيم الاستفادة منها ولمعالجة المخاطر التى تواجه الأمة الإسلامية".
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن السنة النبوية هى الحصن الذى يحمى التشريع الإسلامى من تهم التعصب والجمود، فنجد النصوص النبوية تفسر ما أُشكل وتبين ما أُجمل من نصوص القرآن، وتكشف صلاحية التشريع الإسلامى لكل زمان ومكان، مضيفًا أن الدعاوى التى يثيرها البعض حول الاكتفاء بالنصوص القرآنية فقط لا أصل لها من الصواب، وإن محبى السنة النبوية لن يسمحوا لأحد يحاول الاعتداء على نصف التشريع الإسلامى.
وفى نهاية كلمته قال المفتى إننا فى مؤتمر تحفنا فيه الملائكة، وسوف نختم لقاءنا بتعريف بالشيخ معوض عوض إبراهيم، الذى يبلغ من العمر الخامسة بعد المائة، والذى انتقل إلى أسفل المنصة بصعوبة، وبدأ كلامه قائلاً: حضرنا إلى هذا المؤتمر لنلقى التراب فى وجوه الذين يقولون حسبنا كتاب الله تعالى، مشيدًا بالشيخ أحمد الطيب وما لقيه الأزهر فى عهده من استعادة دوره إقليميًا ودوليًا، كما أشاد الشيخ معوض بمفتى الجمهورية، معتبرًا أنه صاحب فضل فى جمع الحضور بعد 25 يناير.