لندن: بعد تزايد الخسائر في صفوف القوات البريطانية بأفغانستان ، خرجت الصحف البريطانية بحملة انتقادات واسعة لحكومة براون ، حيث أكدت الكاتبة البريطانية ماري ريديل أنه لا ينبغي لأية أمة متحضرة إرسال أبنائها للموت بأفغانستان في سبيل تحقيق أهداف عسكرية غامضة ، حيث تسكب الدماء والأموال في حفرة سوداء ليس لها قرار. وأضافت ريديل في مقال نشرته صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية الأربعاء أن القوات البريطانية تتكبد خسائر بالأرواح لأهداف غير واضحة ، متهمة الحكومة البريطانية بعدم تجهيزها للقوات كما ينبغي. وبدورها ، شددت صحيفة "التايمز" البريطانية على أن الحرب البريطانية في أفغانستان تفتقر إلى إستراتيجية واضحة وأنها غامضة الأهداف وتضع سمعة القوات البريطانية على المحك في ظل عدم تحقق وعود السياسيين في الغرب عموما إزاء هذه "الحرب العبثية". وقالت : "إن الأهداف التي يقاتل الجنود البريطانيون وغيرهم من القوات الأجنبية من أجلها في أفغانستان لا تزال مجهولة وإن الإرباك على المستوى الشعبي بشأن تلك الأهداف أجبر بعض الوزراء والمسؤولين على محاولة تقديم تفسيرات بشأنها". وأضافت الصحيفة " أن من بين الأهداف التي سيقت هو حرمان تنظيم القاعدة من استخدام أفغانستان ملاذا آمنا مرة أخرى لعملياته الإرهابية التي قد تلحق الضرر بالأمن القومي البريطاني ، في حين أن القاعدة نقلت ثقلها ومركز عملياتها إلى باكستان إثر الإطاحة بحكم حركة طالبان في كابول عام 2001". وأشارت "التايمز" إلى أنه لا أحد في العالم قال إن طالبان تشكل تهديدا للمدن والبلدات البريطانية سوى الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في خطاب أدلى به قبل سنوات. وقالت : "إن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير كان قد حدد هدفا يتمثل في القضاء على زراعة وتجارة الهيروين في أفغانستان وقال إنه يهدد الشعب والأسواق البريطانية في حين أن الأموال التي منحت للأفغان لزراعة القمح والذرة والخضار إنما أنفقت دون جدوى في ظل استمرار حصاد الخشخاش بمعدلات عالية". وأضافت "أنه إذا كان من بين الأهداف البريطانية مساعدة الحكومة الأفغانية على فرض سيطرتها على إقليم (هلمند) الجنوبى وعدم تمكين طالبان من التشويش أو تخويف سكان المنطقة خلال الإنتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها 20 أغسطس القادم فإن الجنود يقولون إن المخاطر كبيرة وإنهم بالكاد يستطيعون حماية أنفسهم فضلاً عن تزايد أعداد القتلى بينهم". وفندت "التايمز" أقوال رئيسة مجلس العموم البريطاني هاريت هارمان بأن الهدف الحيوي للقوات البريطانية هو توفير المدارس لأطفال أفغانستان ، حيث أن "الأطفال الأفغان مازالوا يتلقون الدرس في فصول مؤقتة في الخيام وتحت حرارة الشمس في العراء". ومن جهتها ، قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية: "يجب على جوردون براون رئيس الوزراء البريطاني أن يعيد التفكير بشأن مهمة قواته في (هلمند) في ظل مقتل أكثر من 12 عسكريا بريطانيا خلال الأيام ال 12 الماضية". وتساءلت "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها عما إذا كانت الإستراتيجية التي يتبعها الغرب عموما في الحرب صائبة وعما إذا كانت القوات البريطانية التي تمثل ثاني أكبر تعداد بعد نظيرتها الأمريكية في أفغانستان مجهزة بالمعدات اللازمة للمهمة ، مجيبة في الوقت نفسه ب "لا" صريحة ، مؤكدة على أن "سمعة قوات المملكة المتحدة باتت على المحك". وعلى صعيد متصل ، أشارت صحيفة "الجارديان" البريطانية إلى أن رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون يستطيع حفظ ما تبقى من ماء وجه الجيش البريطاني عبر إقراره موعدا محددا للإنسحاب من أفغانستان. ووصفت الصحيفة البريطانية التحالف العسكرى بين واشنطنولندن فى أفغانستان بأنه "غارق في فوضى عارمة دون وجود بارقة أمل في إحراز أي نصر متواضع". وأضافت في عددها الصادر الأربعاء أن "حجة الحرب في أفغانستان لا تختلف كثيرا عن العراق فكل الحروب الأمريكية المتميزة بمساندة بريطانية تهدف كما يقولون إلى جعل العالم مكانا خاليا من الإرهاب لكن واقع الأمر في أفغانستان ينفى هذا". وأوضحت أن "وزير الدفاع البريطاني اليائس بوب إينسورث أقر هذا الواقع بقوله للجنود البريطانيين إن الإنسحاب لن يتم إلا بعد قضاء حكومة الرئيس الأفغانى حامد كرزاى على حركة طالبان واعترافه بأن ذلك بعيد المدى إن لم يكن مستحيلا". وأشارت إلى أن ما تحاول حكومة براون نشره حول حماية بريطانيا من الإرهاب "مهين" لذكاء البريطانيين لكون الإرهاب لا يحتاج لقاعدة كي ينطلق منها ، مشيرة إلى تحذيرات وكالة الإستخبارات البريطانية السياسيين من حدوث هجمات إرهابية فى بريطانيا نتيجة تدخلاتها العسكرية الخارجية و"وزراء حكومة براون على علم بذلك لكنهم مستمرون بالكذب". وتابعت بالقول: "إن صم آذان وزراء حكومة براون عن سماع حقيقة ما يجرى في أفغانستان يعود لإرتباط لندن بحلفها مع واشنطن التي تعيش بدورها حالة إنكار الواقع ، فخطة الرئيس الأمريكي تتلخص بزيادة عدد الجنود والعمليات الحربية". واستشهدت المطبوعة البريطانية ذائعة الصيت على صحة كلامها بما قاله ريتشارد هولبروك مبعوث أوباما إلى أفغانستان والذى يرى "فيتنام أخرى للولايات المتحدة فى أفغانستان ويرى حربا أهلية باكستانية لا تحمد عقباها نتيجة الوجود العسكري الأمريكي البريطاني". وأكدت "الجارديان" أن فكرة نشر الديمقراطية الغربية سقطت في أفغانستان والعراق وغيرها من البلدان وحل محلها الدمار والخراب والموت رغم الدعم العسكري والإنفاقات المالية الضخمة. وذكرت الصحيفة أن "على بريطانيا أن تحذو حذو كندا فى تحديد موعد إنسحابها من أفغانستان في 2011 لإيقاف هدر دماء الجنود البريطانيين".