نشعر بالمرارة في وقت نرى فيه عناصر مارقة وشاذة المنطق والسلوكيات وناكرة للجميل، تلك العناصر تستقوي بالخارج وتتلقي تمويلا أجنبيا، وتتخذ من واشنطن وحلفاء لها قبلة تولي وجوهها شطرها وتحج إليها من وقت إلى آخر. ولا مانع عند تلك العناصر أن تسجد لغير الله في الخلاء، ونحن نشعر بالمرارة أيضا بينما نرى من ينتمون لمهنة الكتابة ويوصفون بالكبار ظلماً باتوا ساقطين يعملون خدما في فضائيات المارينز الناطقة بالعربية، وهؤلاء الكتاب والذين تحولوا إلى مقدمي برامج على شاشات تلك الفضائيات، يحاولون امتطاء صهوة ثورة طاهرة بريئة منهم ومن سلوكياتهم المنحرفة.
ذلك لأن ثورة 25يناير المجيدة منحة من الله، لا تقبل أن يتحدث باسمها سوى المتطهرين وأصحاب الأيادي المتوضئة من أبناء شعبنا العظيم دون تفرقة أو تمييز.
وليست سلوكيات هؤلاء الصغار في عيوننا المعادية للوطن وأمنه القومي هي التي تجعلنا نشعر بالمرارة، وإنما لأن تلك المهزلة التي تحدث في مصر ما كان لها أن تستمر لولا سعة صدر الإخوة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والنبل الذي يتحلي به السيد المشير القائد محمد حسين طنطاوي، هذا النبل جعله ورفاقه يتحلون بالصبر ويؤثرون مصلحة مصر، حتى وإن كانت تلك المصلحة تقتضي ترك هؤلاء الأوغاد، الذين يحاولون أن ينتسبوا للثورة والثوار، يعربدون ويتراقصون فوق أشلاء الوطن وأشلاء القانون.
ومن ثم يعود هؤلاء الأوغاد لأوكارهم؛ لكي يشربوا الخمور و"الويسكي"، ويأكلوا "السيمون فاميه" و"الكافيار"، وأجود أنواع اللحوم ويراقصوا نساءً من نوعهم، على حساب العم سام وباسم ثورة بريئة منهم ومن سلوكياتهم ومن منطقهم الشاذ.
لقد أجمع الضمير الوطني على أن ثورة 25يناير المجيدة يسير بها الإخوة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة في طريقها الذي يعلي من شأنها ويعلي من شأن مصر، وكلما كان يري هذا الضمير نوعا من التعثر في طريق الثورة كانت مليونيات تخرج للميادين، وكان إخواننا في المجلس الأعلى للقوات المسلحة يستجيبون لإرادة الشعب.
بيد أن عناصر موجهة أو ضالة وغير واعية رأت أن تجرنا بإصرار غير مسبوق إلى صدام بين الجيش والشعب، وإلى وقيعة بين جيشنا وشعبنا، وافتعلت مواجهات مع وحدات من الجيش بدأت من أمام ماسبيرو وتكررت في شارع محمد محمود ثم أمام مجلس الوزراء، وللأسف كادت تحقق تلك العناصر نوعا محدودا من هذا النجاح في مسعاها المشين، لولا الوعي الذي يتمتع به أبناء الوطن وثوار مصر الحقيقيون.
ولأننا نرفض مصادرة حرية الآخر وحقه في التعبير تحفظنا على طريقة التعامل مع تلك العناصر التي أدت لسقوط ضحايا، ويبدو أن تلك العناصر فهمت تحفظاتنا بشكل خاطئ، واعتقدت أننا مثلها ونقف في خندقها اللعين المعادي لجيشنا.
حاشا لله، نحن مع جيش الشعب قلبا وقالبا، وضد تلك العناصر التي آن الأوان للتعامل معها بالقانون.
ووالله يوم وقعة الجمل لولا الجيش رقم واحد، ويليه جماعة الإخوان المسلمين، لكان نظام مبارك قد قضي تماما على تلك العناصر التي تعتقد زورا وظلما وبهتانا أنها هي الثورة، وتستهين بإرادة غالبية الشعب، وتدعي لنفسها امتلاك الوعي والمعرفة. تبت يدا تلك العناصر؛ وتب وعيها؛ وتبت معرفتها.
يقول هؤلاء الأوغاد إن الجيش تواطأ يوم موقعة الجمل، ولا يعلم هؤلاء الأوغاد أن جيشنا منع الحرس الجمهوري أن يهاجم التحرير بالمصفحات، وألقى القبض على قائد الحرس الجمهوري، والذي لا يزال معتقلا حتى الآن، ولا يعلمون أن مبارك تم عزله من قبل الجيش لتلبية مطالب الثورة، وأن مبارك لم يتخلى عن السلطة طواعية أو تحت ضغطهم كما يعتقدون، وربما لا أذيع سرا إن قلت إن أولاد مبارك وزوجته تم جلبهم من خارج الوطن عقب هروبهم في عملية استخبارية تدرس في تاريخ الثورات.
كتاب كبار ومحللون ومدعو سياسة وصبية، تنقصهم المعلومات والرؤية الكاملة للحقائق وتنقصهم المعرفة، يعتمدون على تحليلاتهم الفاسدة الأدلة، تجمعوا كلهم بإيعاز من الخارج، وجمعتهم المصالح، بعضهم يحاول أن ينسب نفسه للثورة وباسمها يسب الجيش، وبعضهم الآخر فلول تخريبية، وجانب منهم مضلل.
هؤلاء يحتشدون الآن على شاشات فضائيات ممولة من الخارج، يحتشدون تحت زعم الدفاع عن الثورة، وهم في الواقع يحاولون أن يقتلوا الثورة ويتآمرون عليها، يريدون أن يستولوا عليها، ويقدمونها على طبق من ذهب لقوى خارجية تدعمهم وتدعم مخططات لإيصالهم للحكم؛ لكون أن من أوصلهم الشعب المصري في انتخابات حرة للحكم لا يروقون للدوائر الأجنبية، وبالتالي تحالفت الفلول مع تلك العناصر التي تدعي الانتساب للثورة لتخريب العملية الانتخابية التي تجري في مصر الآن.
وكنا نتمنى أن ينظر هؤلاء الصغار حولهم ليروا كيف فعلت جيوش دول الجوار في قادة بلدانها، فالجيش التونسي الذي يروق لهم الاستشهاد به، قام بتهريب رئيسه زين العابدين بن علي للخارج، والجيش الليبي ضرب الشعب الليبي وقتل منه الآلاف بل عشرات الآلاف حتى تدخلت قوى خارجية أبادت هذا الجيش وقتلت قائده، حيث وصل الثوار للسلطة في ليبيا ممتطين طائرات حلف الأطلنطي.
وفي اليمن لا يزال الجيش هناك يقتل الشعب اليمني حتى الآن، أما في سوريا فالمذابح اليومية ضد السوريين "على عينك يا تاجر"، ولكن في مصر جيشنا العظيم انحاز إلينا كثوار منذ اللحظة الأولى لاندلاع ثورتنا، وحمانا من حرس مبارك الجمهوري، وتسلم الحكم في البلاد بشكل مؤقت، ومنع عنها كل المخططات المعادية لها حتى الآن، بفضل وعي أجهزته وإدراكها لإبعاد تلك المخططات.
لذلك يفقد أعداؤنا توازنهم، ويحاولون افتعال معارك دموية بين جيشنا وشعبنا لكي يتدخل أسيادهم في الغرب الأوروبي الأمريكي ويعتدون على هذا الجيش.
لذلك نقولها بوضوح لهؤلاء الصهاينة الجدد الذين ظهروا في وطننا، إن جيشنا العظيم الذي أصر أن يواجه الانفلات الأمني بالمحاكمات العسكرية، وهو محق في ذلك من أجل مواجهة الإفساد في الأرض عقب الثورة، هذا الإفساد الذي تصل عقوبته في القرآن إلى تقطيع أيادي المفسد وأرجله من خلاف أو قتله .
أصر جيشنا أن يحاكم مبارك ورجاله محاكمة لم يشهد لها العالم مثيلا في التحضر والرقي والضمانات؛ لأسباب منها أن ثورتنا العظيمة لا يليق بها إلا أن تنظم محاكمة لمبارك ورجاله كهذه المحاكمة، ومنها أيضا أن مبارك ورجاله لديهم عشرات المليارات من الدولارات في البنوك الأجنبية، وتلك الأموال لا يمكن أن تعود إلى مصر بدون تحقيق أقصى درجات العدالة في تلك المحاكمات.
ومن ثم فإن التهور في المحاكمات وقتل مبارك ورجاله بمحاكمات صورية، لن تستفيد منه مصر، ولن يستفيد منه الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل حياة كريمة لشعبهم وأهلهم، فالتشفي آخر ما يمكن أن يفكر فيه من يديرون الأمور الآن؛ لأنهم يتحركون بعقول واعية وضمائر حية ومتيقظة؛ وحرصا على مرضاة الله.
وأخيرا نقولها بوضوح لكل مصري خارج وداخل مصر، إن من يسب الجيش وقياداته صهيوني، وإن من يحاول أن يوقع بين الجيش والشعب صهيوني من الطراز الأول، وإن ثورة 25يناير المجيدة ستنتصر وتحقق كل أهدافها، وتقضي على الصهاينة الجدد الذين برزوا معادين لجيشنا في وطننا، وستصل مصر طالما ظل الجيش يقودها إلى بر الأمان، واثقين بأن الله سيمنحنا ما وعدنا به. E-Mail: [email protected]