وزير قطاع الأعمال العام يتفقد مصانع النصر للسيارات في زيارة مفاجئة.. صور    لبنان: أيام وتنتهي المرحلة الأولى من حصر السلاح بيد الدولة    وزير الخارجية: إجماع روسي إفريقي على أهمية التحضير لقمة 2026 وخطة عمل حتى 2029    الأدلة الجنائية في غزة: التعرف على جثامين 101 شهيد من 345 سلمها الاحتلال    إحصائيات مثيرة لمباراة مصر وزيمبابوي قبل أمم أفريقيا 2025    رفع اسم علاء عبد الفتاح من قوائم الممنوعين من السفر    اكتشاف مقبرة ملكية غربي الأقصر ضمن قائمة أهم 10 اكتشافات أثرية بالعالم    السفير صلاح حليمة: المنتدى الوزارى الروسى الأفريقى آلية مهمة لتعزيز الشراكة قبل قمة 2026    تشيلسي ينجو من فخ نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي    محافظ البحيرة: نعمل على إنهاء 52 مشروعا استثماريا بتكلفة 6 مليارات جنيه    8 أطفال شهداء لقمة العيش بحادث "أكتوبر".. إهمال الدولة يحوّل معصرة الفيوم إلى بيت عزاء جماعي    خسارة بلدية المحلة والمنصورة، نتائج مباريات اليوم السبت بدوري المحترفين    ناشئات يد الزمالك يهزمن الأهلي في بطولة دوري المرتبط 2008    المركز القومي يطلق مسابقة زكريا الحجاوي لدراسات الفنون الشعبية    أهالى البلد اتبرعوا بسيارة هدية فوزه بالمركز الأول عالميا فى حفظ القرآن.. فيديو    رئيس جامعة بنها يحيل طبيبين بالمستشفى الجامعى للتحقيق    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    وزير الرياضة يفتتح ملعب قانوني بمركز شباب البرشا بملوي    متحدث النيابة الإدارية: التصويت الإلكتروني للأندية الرياضية ضمانة قضائية للتعبير عن آراء الناخبين    صفاء أبو السعود تنعى سمية الألفي: صديقة عزيزة وراقية قدمت مسيرة فنية خالدة    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتفقدون تطوير كورنيش ومناطق إسنا    مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع في جنوب كردفان    أمن الجيزة يلقي القبض على "راقص المطواة" بالبدرشين    وزير الصحة يتفقد مستشفى الخانكة للصحة النفسية ويوجه بسرعة الانتهاء من أعمال التطوير    وزير التعليم العالي: الجامعات الأهلية تحظى بدعم كبير من القيادة السياسية    خبير: إسرائيل حولت الهدنة إلى حرب صامتة ومخطط قوة الاستقرار تخدم أهدافها    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    اتحاد الكرة يحتفي ب أيمن منصور: أسرع هدف فى تاريخ أمم أفريقيا مصري    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    حقيقة فيديو تجاوز إحدى الرحلات الجوية طاقتها الاستيعابية من الركاب    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    رئيس هيئة التأمين الصحى فى زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    ظهر عاريا فى التسريبات.. بيل كلينتون فى مرمى نيران جيفرى إبستين.. صور    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    الدفاع الروسية: تحرير بلدتي فيسوكويه في مقاطعة سومي وسفيتلويه بدونيتسك    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    السجن 17 سنة لعمران خان وزوجته في قضية فساد    محاكمة 37 متهما بخلية التجمع.. اليوم    قفزة قياسية متوقعة لأسعار الذهب في 2026.. وتراجع محتمل للنفط    إنبي في مواجهة خارج التوقعات أمام طلائع الجيش بكأس عاصمة مصر    البحوث الفلكية: نشهد غدا ظاهرة الانقلاب الشتوى وبعدها يبدأ النهار فى الازدياد    إزالة 10حالات تعد وبناء مخالف في الغربية    أوقاف الإسماعيلية تنظم مقارئ قرآنية للأئمة    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ينتصر النقاء الثورى على أخطبوط الفساد؟
نشر في المصري اليوم يوم 29 - 03 - 2011

تتميز الثورات الشعبية فى التاريخ بالنقاء الأخلاقى والتمسك بالمبادئ الإنسانية الرفيعة، الكرامة، الحرية، العدالة، الصدق، ألم تكن هذه المبادئ هى الشعارات التى رفعتها الثورة المصرية 25 يناير 2011؟ تنفجر الثورات الشعبية ضد فساد الحكومات وكذب السلطات المطلقة بجميع أشكالها، فالسلطة المطلقة لا تقوم ولا تستمر فى الدولة والعائلة إلا على الاستبداد والخديعة والتحكم فى ملايين البشر بالقوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية والفكرية والدينية، أصبحت الصحافة والإعلام المرئى والمسموع من أهم الاسلحة لإجهاض الثورات فى العصر الحديث وما بعد الحديث،
يقوم الإعلام الحكومى الدولى والعربى والمصرى بحماية الحكومات الفاسدة، تتعاون القوى الدولية الاستعمارية مع الحكومات المحلية التابعة لها فى التربص بأى انتفاضة شعبية لتحويلها عن أهدافها الثورية العميقة من أجل التغيير الجذرى الشامل لتصبح حركة إصلاحية سطحية، تقوم بعمليات شكلية تجميلية للنظام السابق الفاسد دون اقتلاع لأسس الفساد ذاته.
يكفى أن نتابع ما ينشر اليوم فى الصحف الحكومية المصرية (ما يسمونها الصحف القومية الكبرى) لنكتشف كيف تسعى فلول النظام السابق الساقط بقوة الثورة المصرية إلى إجهاض أهداف الثورة تحت اسم الثورة العظيمة ذاتها، نقرأ فى الصفحة الأولى مانشيتا كبيرا يؤكد ضرورة محاكمة الرئيس السابق وتجميد أرصدته وأسرته وأعوانه فى البنوك وإعادتها للشعب المصرى، ثم نقلب الصفحة لنقرأ مانشيتا عريضا يناقض المانشيت السابق،
يؤكد أن رجل مبارك العظيم يلقى خطابا فى ميدان مصطفى محمود، نرى صور بعض الموظفين حاملين لافتات تأييد لمبارك بطل النصر، وترشيح ساعده الأيمن فى الانتخابات المقبلة، وفى صفحة أخرى نرى وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس فى زيارته للقاهرة مع المجلس العسكرى الأعلى ورئيسه المشير، ثم نقرأ مقالا لرئيس التحرير الذى كان أحد أبواق مبارك وأحد فلاسفة الفساد وتبريره، يكتب مقالا ضخما لا نفهم منه شيئا، يدعى الأستاذية وإعطاء دروس للشباب، يمدح ثورتهم العظيمة بنبرة خطابية إنشائية تفتقد الصدق، ثم يقول: هل الثورة تعنى الفوضى وانعدام الأمن والاستقرار وإيقاف عجلة الإنتاج وقتل السياحة؟ ثم يشكك الشباب فى ثورتهم ويقول، من السهل أن يحشد الشباب مظاهرات مليونية،
لكن من الصعب عليهم أن يقوموا بعمل إيجابى يساعد الوطن على الخروج من الأزمة الراهنة، كان منذ لحظات يقول عنها الثورة العظيمة، تحولت بسرعة فى نظره إلى الأزمة الراهنة، يعلن عن خوفه من غياب الأمن، مع أن غياب الأمن لم يحدث من الشباب الثائر بل من بوليس النظام السابق، يحذر من الفتنة الطائفية وحرق الكنائس، يعرف أن الشباب الثائر لم يحرق كنيسة واحدة ولم يتحرش بفتاة واحدة، تم حرق الكنائس والتحرش بالنساء بواسطة بوليس النظام السابق وأعوانهم فى أمريكا واسرائيل، يحذر من تدهور الوضع الاقتصادى،
يطلب من الشباب العودة إلى بيوتهم، ينصحهم بالعمل على زيادة الإنتاج، تنشيط السياحة بدلا من تنظيم مظاهرات مليونية، تناسى أو نسى الكاتب الكبير أنه لولا هذه المظاهرات المليونية ما سقط رأس النظام وما استمع أحد لمطالب الشباب، وما تم خلع عدد من وزراء النظام والكشف عن سرقاتهم البلونية، ويمضى السيد رئيس التحرير فى مقاله الكبير يضرب الثورة بكلمات مراوغة معسولة، يدس السم فى العسل، يقلده فى ذلك جميع رجال ونساء الصحافة والإعلام السائد.
كنا نتوقع سقوط رؤوس الصحافة والإعلام الذين ساندوا الفساد وبرروه، أو على الأقل تستروا عليه ولم يكشفوه، لكنهم لا يزالون جميعا فى مواقعهم يخدمون النظام السابق، يعملون معه فى الخفاء والعلن على حد سواء، أصواتهم عالية مسموعة كما كانوا، أرباحهم مستمرة كما كانت، أصبحوا يلقنون الشباب (الذى صنع الثورة العظيمة) الدروس والنصائح، لا يخجلون، لا يتذكرون أنهم عجزوا عن الثورة بل خانوها، مع ذلك يتشدقون بالوطنية والثورية أكثر من الشباب الثائر، من يحميهم؟
من يبقيهم فى مناصبهم، أهو المجلس العسكرى الأعلى؟
أم الحكومة الجديدة الظاهرة أم الحكومة الخفية الكامنة فى الظل؟
عرفنا من التاريخ أن كل ثورة لها أعداء، يتربصون بها لإجهاضها، لاستعادة ما فقدوه أو ما يمكن أن يفقدوه لو نجحت الثورة وحققت كل أهدافها ومنها عزلهم عن مواقعهم، لهذا يمارسون نفاقهم الذى أصبح بحكم العادة جزءا من شخصيتهم، وطريقهم الأمثل للتربح من كل من يملك السلطة، لكنى أثق فى قدرة الشباب والشابات الذين صنعوا الثورة وأسقطوا رأس النظام أن يسقطوا جسده وأذرعته وأصابعه وأذياله، لن تقف فى وجه الثورة أى قوة داخلية أو خارجية، وإن حشدت أمريكا وإسرئيل جيوشها، وإن جاء وزير الحربية الأمريكى روبرت جيتس إلى ميدان التحرير، وإن خطط لضرب الثورة من تحت الحزام، وإن تم حرق كنيسة فى مصر لإحداث فتنة بين المسلمين والأقباط، الذين اتحدوا وتآخوا فى ظل الثورة، وإن تم إرسال بالطائرة رجل دين مدرب على فلسفة الاستعمار «فرق تسد»، جاء بالطائرة فجأة بعد نجاح الثورة يخطب فى الملايين، ما هى القوى الخارجية التى أرسلته؟
جاء ليتسلق الثورة، يحاول قيادتها دون أن أن يكون له أى دور فيها، يحاول إجهاضها لتكون دينية رغم أنها سياسية اقتصادية اجتماعية ترفع شعارات العدالة والحرية والكرامة وتغيير الدستور، ليكون مدنياً خالياً من البنود الدينية والأبوية التى تفرق بين المسلمين والأقباط وبين الرجال والنساء.
سألنى صحفى أمريكى: هل يمكن للإخوان المسلمين أن يجهضوا الثورة ويحولوها إلى ثورة دينية، كما حدث فى إيران بعد ثورة 79؟ قلت لن تتحول الثورة المصرية إلى ثورة دينية، لأن الشباب والشابات الذين صنعوا الثورة المصرية على وعى كامل بضرورة أن تصبح مصر دولة مدنية، تفصل بين الدين والدولة، أن يتساوى فيها الجميع أمام الدستور والقانون، حتى الأجيال الجديدة من الإخوان المسلمين يؤمنون بالدولة المدنية وليس الدينية، تعلم الشباب المصرى من تجربة إيران وكيف أجهضت ثورتها السياسية الاقتصادية الاجتماعية الثقافية لتصبح ثورة دينية دموية مدمرة لإيران،
أدركوا كيف تعاون الاستعمار الفرنسى مع الأمريكى والبريطانى لإرسال الخمينى بالطائرة إلى طهران لإجهاض الثورة، هذه القوى الاستعمارية تدرك خطورة الثورة المدنية الساعية للقضاء على النظام الطبقى الأبوى، وعلى الاستعمار الخارجى وأعوانه فى الداخل، يفضل الاستعمار الثورة الدينية عن الثورة المدنية الاشتراكية، بل تخدم الثورات الدينية المصالح الطبقية الأبوية فى الداخل والخارج، يستخدم الاستعمار الخارجى والداخلى الأديان لتبرير الظلم والقهر تحت اسم الله، يخدع الملايين ويتاجر بالله فى حلبة السياسة والنهب والقتل، تلعب الدول الدينية (على رأسها الدولة اليهودية فى إسرائيل) دوراً فى استخدام النصوص فى كتب الله لاحتلال البلاد ونهبها وإبادة أهلها، لهذا تصبح الثورات الدينية أقل خطراً على الاستعمار (والحكومات المحلية التابعة له) من الثورات المدنية السياسية والاقتصادية،
لكن الثورة المصرية لن تنخدع ولن تتحول إلى ثورة إسلامية، كما تخطط لها القوى المعادية لها فى الخارج والداخل، كما أن الثورة المصرية لن تستسلم للحكم العسكرى من خلال المجلس الأعلى للجيش، الذى يتولى السلطة مؤقتا فى مصر، ولن تستطيع أمريكا أو إسرائيل أو أى قوة استعمارية خارجية أن تجهض الثورة المصرية لصالحها، لقد أعادت الثورة توحيد الشعب المصرى وأذابت فى ميدان التحرير كل الخلافات الدينية والسياسية والجنسية والطبقية الأبوية، لهذا لن تجهض الثورة وسوف تستمر وتحقق كل أهدافها للتغيير الجذرى وليس الشكلى فقط، المعركة مستمرة والثورة مستمرة، وسوف ينتصر النقاء الثورى على خدع المتآمرين داخليا وخارجيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.