قضت المحكمة الدستورية العليا في جلستها المنعقدة برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، بعدم دستورية نص البند (ج) من (ثانيا) من المادة (75) من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، حيث لم يتضمن وضع ضوابط وأسس موضوعية لنظام التحري عن القيمة الحقيقية للأراضي المعدة للبناء الكائنة في ضواحي المدن، وتحصيل رسم عن الزيادة التي تظهر في هذه القيمة. وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أن مؤدى نص البند (ج) من (ثانيا) من المادة (75) من قانون الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، أن الرسوم النسبية - في الأحوال التي تقدر فيها على أساس قيمة العقار - إنما تُقدر مبدئيا بالنسبة للأراضي المعدة للبناء في ضواحي المدن وفق القيمة التي يوضحها الطالب، وأن إجراء التقدير على هذا النحو لا يعني أن يصير نهائيا، بل يجوز إعادة النظر فيه من قبل قلم كتاب المحكمة، الذي له أن يتحرى عن القيمة الحقيقية للأراضي المشار إليها، بما مؤداه أن القيمة التي يوضحها الطالب، إنما تمثل حدا أدنى لقيمة العقار التي تحصل الرسوم النسبية على مقتضاها، وهي قيمة يجوز تكملتها بما قد يظهر من زيادة فيها، لتنسب تلك الرسوم إليها. وأوضحت المحكمة أن البند (ج) من المادة (75) المطعون عليه، في النطاق المحدد لم يضع معيارا تُحدد على أساسه قيمة الأراضي المعدة للبناء الكائنة في ضواحي المدن، التي تُحَصْل الرسوم النسبية التكميلية على أساسها في الأحوال التي لا يقنع قلم الكتاب بالقيمة التي أقر بها المكلف، معتدًّا فقط بنظام التحري، إذ أناط قلم الكتاب تحديد هذه القيمة بناء على ما يقوم به من تحريات عن القيمة الحقيقية للأراضي المشار إليها، تمهيدا لإخضاع ما قد يظهر من زيادة في هذه القيمة لرسوم تكميلية تفرض بعد الحكم في الخصومة القضائية، واستكمال إجراءاتها دون أن يضع معايير دقيقة تنضبط بها أسس التقدير، وتتيح لمن ووجه بها المنازعة فيها للوقوف على أسس هذا التقدير، متوخيا أن يوفر عن طريقها - وعلى غير أسس موضوعية - موارد للدولة تعينها على إشباع جانب من احتياجاتها، وهو ما يعنى ملاحقتها للممولين من أجل طلب أدائها تأمينا لمبلغها، بعد أن أدرجها بموازنتها على ضوء توقعها الحصول عليها من خلال الرسوم القضائية، وجنوحها بالتالي إلى المغالاة في تقدير رسومها متخذا من الجباية منهاجا له، فكان طلب تلك الرسوم التكميلية من ذوى الشأن مصادما لتوقعهم المشروع، فلا يكون مقدارها معروفا قبل انعقاد الخصومة القضائية، ولا عبؤها ماثلا في أذهانهم عند التقاضي، فلا يَزِنُون خطاهم على ضوء تقديرهم سلفا لها، ولا يعرفون بالتالي لأقدامهم مواقعها، بل يباغتهم قلم الكتاب بها، ليكون فرضها نوعا من المداهمة التي تفتقر لمبرراتها، وعدوانا على الملكية الخاصة من خلال اقتطاع بعض عناصرها دون مسوغ.